يعبر هذا الوضع عن حالة شبه مستمرة من عدم الاستقرار لا تسمح بتراكم حصيلة النشاط المنتج للمجتمع. وهو مناخ مناسب لبروز الثقافات الفرعية والانتماءات المذهبية والمناطقية والقبلية وما إلى ذلك على حساب الثقافة الجامعة وعلى حساب مفهوم المواطنة المتساوية بل على حساب وجود الدولة ذاتها. وفي ظل مثل هذه الأوضاع لن يخرج اليمن من الحلقة المفرغة من عدم الاستقرار وجولات الصراع المتكررة.
فى إطار الجدل المطروح حاليًا – حول أهمية تطوير التعليم بوصفه القاطرة الحقيقية لتحقيق التقدم، وفى ظل اهتمام الرؤى المستقبلية لمصر بضرورة الارتقاء برأس المال البشرى بوصفه عنصرًا محوريًّا فى بلوغ التقدم – حاول مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء بالتعاون مع كلية الآداب جامعة القاهرة إجراء دراسة طموح فى الفترة بين 2009 – 2010 حول اكتشاف ورعاية الموهوبين فى مصر. وقد حالت ظروف ثورة الخامس والعشرين من يناير دون إتمام المفاوضات التى جرت فى ذلك الوقت لوضع نتائج هذا المشروع البحثى موضع التنفيذ بمشاركة وزارة التربية والتعليم ومحافظة 6 أكتوبر ووزارة الثقافة والمجلس الأعلى للشباب. ولكن الثورة أتاحت لنا جميعًا قدرًا كبيرًا من الأمل فى أن يُسفر التحول الديمقراطى الجارى إلى ضرورة التفكير فى النهوض بالتعليم عن طريق تطبيق إستراتيجية اكتشاف ورعاية الموهوبين باعتبارهم القاطرة الحقيقية للنهوض الاجتماعى والاقتصادى والثقافى لمصر.
يلحس الذكريات المرَّة يتمسَّحُ بأطراف حذائي المهتريء من الغُربَةْ، حتى هنا في المنفى. المخبر الذي عذَّبني ذات يومْ أنتقم منه يا جفرا... بقلبي وأنا أستطيع، أكثر من ذلك. يمرُّ في مطاعم الغربة، مقهورًا مثلي هل تصدقين يا جفرا، أنَّ الأرض تدور. رأيتُهُ في آخر الليلِ، يُلملم القِمامةَ، ينبشها كالكلبْ أشفقُ أحيانًا عليه، في سرّي، لأنّه أصبح غريبًا، مثلي.
الأغنية الوطنية تأريخ للأحداث لسياسية التى مرت بها مصر وأثرت وتأثرت بالمتغيرات السياسية والاجتماعية وكانت ولا زالت لها دور كبير فى تعبئة الشعور الوطنى والقومى فى جميع المتغيرات والأحداث السياسية واستطاعت تجسيد الواقع المصرى منذ بدايات لقرن العشرين وحتى نهايته فى صياغة لحنية عذبة وكلمات هادفة وهما انعكاس صادق لما واجهته البلاد من أحداث ومتغيرات سياسية كما لعبت الأغنية دورًا هامًا فى شحذ الهمم والعزائم وبث روح الأمل وتأصيل حب الوطن وتربية وتنمية الروح الوطنية فى مختلف الأجيال كما كانت رسالة تحذرية تردع المحتل الغادر حين يستهين بالقوانين أو المواثيق الدولية وتاريخ مصر الحديثة حافل بالمتغيرات السياسية التى أدت أثراء وتطور الأغنية الوطنية فى شكلها ومضمونها وترجع أهميتها لتأثيرها على مجريات الأحداث فى السلم والحرب سواء فى مصر أو خارجها كما أنها مصدرًا قويًا وملهمًا للمناضلين من أجل التحرير والاستقلال من الاحتلال والاستعمار كما أن نجاح الثورات والحركات السياسية فى مصر كان مرتبط بعدد الأغانى الوطنية التى تؤزراها وتؤيدها حيث يعود نجاح ثورة 1919 وثورة 1952 لانتشار الأغنية الوطنية واذاعتها بشكل دائم ومستمر على الشعب المصرى فكانت الأغنية تأريخ لجميع الأحداث والمتغيرات التى مرت بها مصر فى النصف الثانى من القرن العشرين.
هذا الكتاب عبارة عن عرض بانورامى يحتوى على جزأين: الجزء الأول يحوى عناصر الدراما التليفزيونية، ومع ذكر أوجه التشابه والاختلاف بينها وبين الأنواع الأدبية والفنية الأخرى مع عرض تفصيلى لكل جزء، وأهم رواده من الكُتَّاب والمخرجين والمبدعين. أما الجزء الثانى من الكتاب فيمثل الجانب التطبيقى على كل عنصر درامي؛ حيث يتضمن المقالات النقدية التى واكبت عرض تلك الأعمال الدرامية، وكيف أبرزت المقالات التى نشرت فى الصحف العناصر الدرامية، واستعرضت إيجابيات العمل وسلبياته وفق المعايير النقدية والمدارس الحديثة فى النقد الحديت؛ أى من منظور النقد الموضوعى الأكاديمي، وليس النقد الشخصى أو ذلك الانطباعى الذى يحدد قيمة العمل وفق معايير الأجواء الشخصية اختلافًا أو اتفاقًا أو شخصيًا أو دفاعًا. وفى الخاتمة تقدم قائمة ببليوجرافية بالمراجع النقدية والأعمال الدرامية التى تضمنها البحث العلمى التطبيقى.
تعد مدينة السويس واحدة من المدن القديمة الحديثة التى شهدت عصر الرأسمالية الأوربية بمرحلتيه التجارية والصناعية، وتأثرت بالعصرين سلبًا وإيجابًا؛ حيث أصيبت المدنية وحركتها التجارية بكبوة مع نجاح الرأسمالية التجارية الأوربية فى اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، وانتهاء أزهى عصورها التجارية فى العصر المملوكى. لقد استعادت السويس مكانتها بعد طول انتظار مع مطلع القرن التاسع عشر، مع طرح مشروع لشق قناة تربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط فى فترة الحملة الفرنسية، ونجاح محمد على باشا فى إعادة الحياة إلى طريق التجارة بين الشرق والغرب عبر الأراضى المصرية، حتى إن سفن شركة الهند الشرقية الإنجليزية بدأت فى تنظيم رحلات بين الهند والسويس لنقل السلع والمسافرين بين منطقة المحيط الهندى وأوربا عبر الأراضى المصرية، لاسيما بعد أن وفَّر محمد على باشا الحماية على الطريق الصحراوى الذى كان يربط السويس بالقاهرة.
مصطلح "السينما الرقمية" معناه ببساطة شديدة : استخدام التقنية الرقمية، التى تعتمد على نظام العد الثنائى، والذى يتكون من رقمين فقط هما (0,1)، وهى اللغة التى تفهمها أجهزة الحاسب الآلى، فى تصوير، وإعداد، وتوزيع، وعرض الأفلام السينمائية، وذلك باستخدام وسائط رقمية بديلاً عن استخدام شريط الفيلم التقليدى، والذى يتكون من دعامة من السليولوز اسيتات أو البوليستر عليها عجينة (Emulsion) من مادة جيلاتينية بها حبيبات من هاليد الفضة الحساس للضوء، ويحتاج إلى معالجة كيميائية فى معامل تحميض الأفلام من أجل إظهار الصور الكامنة بها، وهى تعتمد على التقاط للصور المتحركة، وتسجيلها على أقراص صلبة، ذاكرة فلاش، أو وسائل التخزين الرقمية الأخرى التى يمكنها تسجيل البيانات الرقمية.
الصدفة عينها التى قادتنى عند نهاية يوم بدأت شمسه تذوى تاركة وراءها نورًا برتقاليًا رهيفًا هو الأكثر مخاتلة وتمنعًا بالنسبة لأى فوتوغرافى مهما بلغت درجة براعته وشدَة مرّاسه؛ لأنه احتجز فى وضع عين الكاميرا رجلاً طويل القامة والبنية. بعهدة يديه حقيبة سفر جلدية وعصا من تلك التى يستعين بها العميان على مكر الطريق ومطباته. على الأرجح، كان فى العقد السابع من عمره، ويرتدى معطفًا مرتفع الطوق ونظارات شمسية وقبعة مستديرة الحواف، جميعها تطنب فى اللون الأسود الشامل باستثناء حذائه الذى اعترته حمرة سافلة.
ترتبط دراسة المجلات الأدبية ارتباطًا وثيقًا بالأدب العربى وتطوره، ومن هنا تتميز دراسة المجلات الأدبية بخصوصية؛ فهى ليست تاريخًا صحفيًا لهذه المجلات فى فترة معينة فسحب، بل تكمن أهميتها فيما تقدمه هذه المجلات الأدبية للحياة الفكرية والثقافية، فى مصر؛ إذ إن مظاهر نشاط هذه المجلات يشكل مقياسًا للتنوير الفكرى، ومن خلالها يمكننا التعرف على التكوين الأولى لجملة الآثار الأدبية التى يتألف منها الأدب العربى المعاصر فى أطوار تشكله وظروف نموه، وهى الحافظ الأمين لهذا التراث، ومن هنا كانت أهمية هذا الكتاب الذى يتناول فترة مهمة من تاريخ الصحافة الأدبية والأدب العربى فى مصر من 1954 إلى 1981.
المسرحية صورة تمثل المجتمع المصرى فى تلك المرحلة حيث انفرط العقد الذى كان يجمع الكل فى واحد وأصبح هناك فى الأسرة الواحدة أفرادًا تشكلهم مصالحهم الخاصة وانتماءاتهم العقائدية المتطرفة ما بين الدينية والدنيونية.. وحيث الظاهر أصبح بمثابة الملابس الخارجية التى تخص الداخل.. إنهم "أولاد ثريا" أو "أولاد مصر" من الخارج والداخل معا.
لم ينل سليمان فياض ـ موضوع الدراسة التطبيقية ـ حظه الكافى من البحث والدراسة، ولم يلق من الاهتمام والتقدير ما يناسب قدره بوصفه كاتبًا كبيرًا؛ لذلك تحاول هذه الدراسة إلقاء الضوء على واحد من أبناء هذا الجيل الذى سعى لكى يثبّت لنفسه مكانًا بين هؤلاء العمالقة، وقد نجح سليمان فياض فى ترسيخ معالم عالمه القصصى بين هؤلاء الكبار؛ فهو تارة ـ كما فى مجموعة "عطشان يا صبايا" ـ يرسى دعائم البيت بالغوص فى أعماق القرية المصرية, وتسجيل أدق تفاصيلها, ورصد حياة من يعيشون فيها، مع الأخذ فى الاعتبار أن ذاته الثانية ككاتب - أو على حد تعبير واين بوث: المؤلف الضمنى ـ تحاول بقوة تغيير بعض الأوضاع التى تئنُّ منها القرية المصرية, وهو فى الوقت نفسه من الذين عاشوا الحلم العربى وثورته، وكذلك كان من الذين عاشوا انهيار هذا الحلم وتداعياته ـ كما فى مجموعة "أحزان حزيران" ـ كل تلك العوالم وغيرها رسمها سليمان فياض بلغة فنية عالية المستوى جيدة الصياغة.
وهكذا كان فنان الشعب بيرم التونسي.. ثائرًا بمعنى الكلمة... ثائرًا اجتماعيًا يعمل على هدم العادات والتقاليد البالية.. وثائرًا سياسيا يحاول إيقاظ الناس والتصدى لسيئات وسوءات النظام الفاسد.. ونادى بالحرية فى صرخات مدوية أشبه بتلك الصرخات التى أطلقها فولتير ومونتسكيو وجان جاك روسو من أجل تحرير فرنسا من تسلط طبقة النبلاء.. وقد آمن التونسى بأن الفن أداة للتغيير والتحرر، وأن الفن الذى لا يهدف إلى تحرير الإنسان فن زائف.. والأدب الذى لا يسمو بالإنسان أدب رخيص.. وقد تحمل من أجل الكلمة الشجاعة الشريفة مرارة الجوع والتشرد والنفى.. لدرجة حرمانه من بيته وأولاده ووطنه ما يقرب من العشرين عامًا.. ورغم هذا ظل صامدًا ومعبّرًا فى كل أعماله عن وجدًان الشعب وضمير الأمة.. وكان نموذجًا للشخصية المصرية الصلبة.
يقدم هذا الكتاب دراسة لمجموعة من الأعمال المسرحية التى يؤدى أدوار البطولة فيها مجموعة من أبطال التاريخ فى العصور المتتالية، وذلك بهدف تقديم دراسة ذات محورين: يهتم أولهما بكيفيات التحويل الجمالى المسرحى لهذه الشخصيات التاريخية ومقارنة ما جاء فى التاريخ بما قدمته هذه المسرحيات، بينما يدور المحور الثانى للدراسة حول القضايا التى حوّل الكتاب الشخصيات التاريخية فى مسرحياتهم لمناقشتها، مثل: قضايا الحرية والعدالة والسلام.
تجمع المعاجم اللغوية والأدبية على أن كلمة "شعر" مأخوذة من الكلمة اليونانية poiêsis، ومعناها فعل الإبداع أو عملية الإبداع. ومنذ العصور القديمة، وهذه الكلمة تعنى الإبداع الأدبى بصفة عامة، وكان (أرسطو) فى كتابه الشهير (Art poétique)، الذى شاعت ترجمته تحت عنوان "فن الشعر"، يعارض بين الشعر من ناحية، والتاريخ من ناحية أخرى (التاريخ هنا بمعنى الكتابة غير الأدبية التى تعتمد على الواقع أو التاريخ، بمعنى "السالف" أو "ما سلف" أى ما حدث ووقع بالفعل)، ويرى (أرسطو) أن الشعر هو إبداع بصفة أساسية، بحكم أنه لا يستقى مادته من الواقع المحسوس أو الملموس أو "السالف" كما قلنا، وإنما من الخيال أو الخيالى أو المتخيّل، بشرط واحد، وهو أن يكون هذا الخيال ممكن الحدوث أو يشاكل الواقع.
إن تقدم الأمم مرتبط بتقدم أفرادها، وذكاء الأمة فى إدارة مواردها مرتبط بالذكاء الجمعى لأفرادها. والذكاء الجمعى يفرز قيادات قادرة على تحقيق آمال شعوبها، وبارتفاع مستوى الذكاء الجمعى يرتفع توقعات المجتمع.. وبالتالى السؤال: كيف يمكن الارتقاء بمستوى ذكاء المجتمع وذكائه الجمعى وتنمية قدراته ومقدراته؟! فتوقعات المجتمع ترتبط بتوقعات أفراده وآمالهم فى الارتفاع بمستوى الجودة فى حياتهم؛ وإذ إنها هى القوى الدافعة، وإحباط هذه التوقعات يعد القوى المضادة لنموهم ونمو مجتمعاتهم.
لقد سبق الفنَّان المصرى فى العصور الفرعونية جميع القمم الفنية المعروفة فى عصرنا الحالي، أمثال مايكل أنجلو، أو دافنشي، أو بول كلي، أو جوجان، أو بيكاسُّو! بل إن جميع هؤلاء الفنَّانين المحدَثين قد تأثَّروا بهذا الفن المصرى العريق، وأيضًا بالفنون الإسلامية، ويكفى أن ننظر إلى بعض لوحاتهم وأعمالهم لنتأكد تمامًا من هذه المؤثرات الفعلية. وها هى ذى متاحف العالَم ومعارضها تُشِيد وتتغنى بالقطع الفنية المصرية الفرعونية والإسلامية التى تُعرَض فى جنباتها.. إنها تتحدث أبلغ حديث عن فن وحضارة بلغت القمة، وتربعت فوقها دون منازع، بإبداعاتها الفنية رائعة الجمال فى المجالات كافّةً، دون استثناء.
دقة على بابل يا أبى كافية لأن ألج إلى هذا البيت فهل تسمح لى بالدخول؟ دقة واحدة تكفى لأن تخرج روحى من عزلتها أريد – الآن – - وبشغف طفولى – أن أحتضن حريتى القديمة ربما تهبنى صرخة أطلقها فى الشوارع التى حرمتنى من الحنين
أبداً يابا فى بالى وخيالك فى خيالى ع السرير بارد وخالى جنبى يا با مطرحك أنا جسّيته وسابت من عيونى دموع وسالت ويا باب مقفول وساكت إمتى بابا يفتحك أنا فى الظَلْمه باسلّم على نفسى وباكلّم نفسى يا بيتنا المظلّم إمتى بابا يرجعك وانت يا سلّم يا سلّم إمتى بابا يطلعك وانت يا شارع يا شارع اللى خدته ردّ راجع واللى نزلك شفته طالع حاجه يا با بتمنعك حاجه جوّه والاّ برّه حاجه لو أعرفها مرّه مهما كانت يا با مُرّه علمى يمكن ينفعلك فؤاد حدّاد
ذكر الجاحظ فى مدونته: إن عجائب الدنيا ثلاثون: عشر منها فى سائر الدنيا والباقى فى مصر وهما الهرمان وصنم الهرمين، وبربا سمنود وبربا أخميم، ومنها المنار والسلسليان وبربا دندره وعمودا الأعياء والقبة الخضراء التى تضيء فى الليل المظلم، ومنها العمودان بمدينة عين شمس، والنيل، وهو من أعظم عجائبها، ومنها شجرة من السنط متوحدة، ولها شكلها المختلف من دون غيرها من الشجر إذا تهددت بالقطع تذبل أوراقها؛ فإذا قيل لها عفونا عنك اخضرت إلخ.. إلخ.. إلخ.. وأضيف: ومن عجائبها أيضًا كبير المقام المدعو نجيب محفوظ الذى مهنته أديبٌ، وهو فى كل أحواله المنضبط كالساعة، صاحب الإرادة القصوى، وصاحب الروح الإنسانى المحتشدة بمحبة الفقراء من أهل وادى النيل، الذى أمضى عمره المــديد يكشــف عن كنـــوزه، ويغوص فى متن وجوده، كتابة ومحبة، وهو الذى قال يومًا عن مصــر: إنه لا يريد أن يغـادرها إلا منفيا أو محمولاً إلى أبديته.. مصر التى قال عنها يومًا كعب الأحبار: من أراد أن ينظر إلى شبه الجنة فلينظر إلى أرض مصر.
على مدى خمسة عشر قرنًا، يزدحم المتن الإسلامى والغربى بوقائع ونصوص سجالية، وممارسات وتصورات عدائية متبادلة، تعبر عن أبعاد الخلاف القائمة فى التصور الإسلامى للغرب، وتمثل الغرب للإسلام وعالم المسلمين، ما كرَّس صوغ أفكار نمطية سالبة، فى إطار المشاعر العدائية بين الطرفين، وترويج مخاوف تتم تغذيتها حولها. ما الذى نعنيه بمصطلحى "الإسلام" و"الغرب"؟ هل يمكن أن يرصد العلاقة بينهما توجه نظرى يلم تفاصيلها ويفسر وقائعها؟ ما الذى قدمه تراث البحث حولها؟ كيف تشكَّـلت صورة الغرب فى المخيال الإسلامي؟ وماذا عن الوجه الآخر: تمثل الإسلام فى المخيال الغربي؟ ما أهم القضايا المثارة والصور النمطية التى كرست حولها؟ ماذا عن واقعة الرسوم الدانمركية: تداعياتها وسياقها باعتبار حداثتها؟ ما سبل تحرير العلاقة بين الدول والمجتمعات، واستتباعًا بين الإسلام والغرب؟ وأخيرًا، ماذا عن التوجهات التى ينتظر أن يترسمها مستقبل علاقتهما؟
قالوا عن الكتاب « إن رمسيس يونان يسعى للبحث عن معانٍ سريّة فى تآلف الخطوط والألوان، لكن الإرادة تتدخل عند هذا الرسام المرموق فتحمله على خلق عالم خيالى يتميز بدقته الشاعرية حتى آخر المدى » . جاك لاسين، المدير الأسبق لمتحف الفن الحديث فى باريس « أجد لوحات رمسيس يونان مثيرة تكتنفها الأسرار، إن الفنان يستخدم وسائله الفنية طريقًا لتصوير عالم متفدِّع تمامًا، لا يمكن أن نحدد فيه هويّة شئٍ بعينه، ولكن كل ما فيه يلوح كأن فيه تداعيات غريبة. يمكن للمرء أن يقول إنه يستدعى عالمًا باروكيًا من عمائر هائلة ومشاهد عريضة وحشودٍ ورؤَى شاسعة، وفيه أيضًا علاقات بالإيحاءات الغامضة المنذِرة للوحات أسبق من قبيل لوحات چيروم بوش الذى كان مصدر إلهام للسيرياليين » . ستيفن سبندر « من أجل هذا كان رمسيس السيريالى فنانًا بنّاءً يحترم الشكل، ويصبر على معالجته، بالتصميم العام لهيكله، والاستكشاف البطىء الحذِر لحبكة الألوان حتى ولو كانت مجرد سبيكة من البياض والسواد، وهو يواجه لغز الوجود بفكره ووجدانه معًا، ويضع على اللوحـة - وفى أعماقها أزمة الضمير - الحديث فى تعبير مأساوى يحسم دوامة الوجود » . بدر الدين أبو غازى - وزير الثقافة الأسبق «عالم لونى خصيب من مياه وصخور ونبات وبقايا من كل الأشياء التى تتحرك وتنمو فى هذا الكون الكبير الذى يعيش فيه الإنسان . الكون كله بسمائه وصحرائه وغيومه ومدنه وكائناته جميعًا، فى التراكم المنظّم» . توفيق حنا « دؤوبٌ عاكف على العمل بلا وَهَن، قام بإنجاز لوحاته الكبيرة يغمرها اللون الذهبى المحمر الأكهب، ورماديَّاته، وبُنيّاته التى تخترقها زرقةٌ خفية مرهَفة، فى تجريديةٍ معمارية صَرْحية ترفدها قوة الخيال الجليٌة. لوحاته جميعًا تتضافر فى خلق مناخ تكتنفه الأسرار والشاعرية والَروَغان، ما أقوى انسجام هارمونية تضوِيئها العنبرى الذى يغلّفها ويحيطها. لقد ظل رمسيس يونان فى تكويناته الشاسعة « مصريًا » عميق المصرية » ديمترى دياكوميديس
إن العلاقة التبادلية بين المحيط الحيوى حولنا، وبين وسائل الاتصال المرئية وسحر التناول الفنى لمعطيات مشكلات البيئة كمنظومة حياتية؛ فالبيئة هى الإطار الذى يحيا فيه الإنسان مع غيره من الكائنات الحية بما يضمه من مكونات فيزيائية واقتصادية وسياسية، ويحصل منها على مقومات حياته واستمرار بقائه. على هذا الأساس؛ فإن السينما الروائية يمكنها أن تقوم بدور تربوى وإعلامى وتثقيفى عالى القيمة، بل تساهم فى تكوين رأى عام فى عدة قضايا، لكونها قادرة على رصد وحشد مكونات وخصائص الواقع البيئى زمانًا ومكانًا، ومن ثم تقوم بدور مهم فى تنمية هذا الوعى المدرك بصريًا وحسيًا، خاصة إذا ما قدمت النموذج الأمثل والأفضل جماليًا للارتقاء بالذوق العام، وتدعو بذلك المتلقى للاحتذاء بهذا السلوك، أو تجنبه، أو تجاوزه إذا كان مؤشرًا ومؤثرًا سلبيًا فى الأحداث المرئية، فتصبح بذلك نظامًا تربويًا وثقافيًا وجماليًا فاعلاً، ومن ثم أصبحت السينما الروائية واحدة من أعمدة القوى التربوية داخل المجتمع، شأنها شأن وسائل الإعـلام الأخرى وسائر مؤسسـات المجتمع.
لا شك أن صعود جماعة "الإخوان" إلى السلطة فى مصر فى أعقاب سقوط حسنى مبارك فى 11 فبراير 2011م بفعل ثورة 25 يناير بعد (18) يومًا من الاستمرار الجماهيرى فى ميادين مصر، كان - ولا يزال، وربما يظل - لغزًا محيرًا، والأكثر حيرة هو ذلك السقوط والانهيار المدويين لهذه الجماعة بكل رموزها. لذلك عبر اثنى عشر فصلاً، وعلى مدار (مائة وسبعين) مبحثًا، يقدم الدكتور جمال زهران رأيه فى حقيقة هذه الجماعة الإرهابية، وهى جماعة الإخوان المسلمين، مؤكدًا أنها خرجت من التاريخ نهائيًا، وما كان لها أن تخرج بهذه الصورة، إلا لأنها صعدت إلى السلطة عبر الصفقات، وفشلت فشلاً ذريعًا فى خدمة الشعب المصري، كما فشلت فى تقديم نموذج أخلاقى للحكم يؤكد رؤيتهم الدينية فى تقدم البلاد ونهضتها وتطورها، بل قدمت أسوأ النماذج؛ فكان القرار الشعبى بالانقضاض عليها وتقديم قياداتها للمحاكمات، وإخراج هذه الجماعة العميلة للخارج فكرةً وسلوكًا، من التاريخ بشكل أبدى.
لعل ما أكسب عاطف الطيب أصول المهنة وتقنياتها تتلمذه على أيدى الجيل الثانى من رواد السينما المصرية؛ حيث عمل مساعدًا للإخراج مع شادى عبد السلام فى فيلم "جيوش الشمس" عام 1973، ومع يوسف شاهين فى "إسكندرية ليه" 1979، ومع محمد شبل فى فيلـم "أنياب" 1981، وقد تلقى الطيب فن السينما على أيدى الغرب، واكتسب أصوله مثله فى ذلك مثل بدرخـان، ونيـازى مصطفى فى العقد الأول من القرن العشرين، ولكنه تلقاه فى مصر، ولم يذهب للغرب ليدرسه مثل المخرجين السابقين؛ حيث عمل مساعدًا للإخراج مع الأجانب الذين صوروا أفلامهم فى مصر مثل لويس جلبرت فى فيلم "الجاسـوس الذى أحبـني"، وجون جيلر في"جـريمة على النيـل"، ومايكل بانويل "الصحوة"، و فيليب ليلوك "توت عنخ أمون"، وفرانكلين شاخر "أبو الهول". ولعل هذه الخبرة الواسعة التى اكتسبها فى هذه الفترة بعمله مساعدًا للإخراج سواء مع جيل الرواد من المصريين، أو مع المخرجين الأجانب أكسبته مهارة واضحة فى إدارة عمله كمخرج لأفلامه حتى اشتهر من بين أقرانه بقدرته على التحكم فى أوقات التصوير، وعدم تجاوز الميزانية، وعدم تجاوز الجدول الزمنى لإنهاء الفيلم، بالإضافة إلى مهارته فى التعامل مع الممثلين أو غيرهم من العاملين معه، الفنانين أو الفنيين.
يرصد المؤلف- فى هذا الكتاب - أحدث التيارات العالمية فى السياسة والثقافة، وهو الاهتمام الذى ظهر فى العديد من كتبه؛ حيث يربط بين السياسة والثقافة وغيرها من الموصوعات المهمة، كما أنه يخصص فصولاً لرصد الثورات والانتقاضات العربية من منظور فلسفى، ومناقشة جذور الربيع العربى، كذلك يتناول القوى الكبرى التى لها تأثير قوى فى العالم كالولايات المتحدة الأمريكية ودورها فى الشرق الأوسط، وهل هى تمر بلحظتها الأخيرة فى الشرق الأوسط أم لا؟ أما الجزء الثانى من الكتاب فيعالج قضايا ثقافية؛ حيث يتناول اثنين من الكُتاب هما: جورج أوريل، وجون ميلير فى الكتابة، كما يتعرض لفكر عميد الأدب العربى طه حسين وتصوره لعلاقة مصر بالغرب والحضارة الغربية، وخاصة فرنسا . ويختتم هذا القسم بتجربة الكاتب وبحثه عن المعرفة والثقافة خلال مراحل حياته المهنية والأكاديمية على مدى خمسين عامًا .
يتناول هذا الكتاب هاتين الحادثتين الأخيرتين اللتين تعرض لهما كتاب «ألف ليلة وليلة» وحكاياته فى محاكمتين؛ حيث كانت الأولى عام 1985، حين اتُّهم الكتاب وطولب بمصادرته، كما اتُّهم ناشره الأستاذ محمد رشاد - صاحب الدار المصرية اللبنانية ورئيس مجلس إدارتها - وطالب بمحاكمته أحد ضباط شرطة الآداب؛ لأن صفحاته تتضمن ألفاظًا مكشوفة وخادشة للحياء، وعليه فقد وضع الكتاب وناشره فى قفص الاتهام أمام القضاء؛ لتطالب النيابة - يومئذٍ - ليس بمصادرة الكتــاب فحســب، وإنما بحرقه فى ميدان عام ليكون عظة وعبرة لغيره من الأعمال المنافية للآداب، إلا أن القضاء العادل حكم ببراءة الكتاب وناشره. وكانت المحاكمة الثانية عام 2010، حين اتَّهم اثنان من المحامين كتاب «ألف ليلة وليلة» بالتهمة نفسها - لاحتوائه على ألفاظ مكشوفة خادشة للحياء - يخشى منها على الشبيبة من البنين والبنات، مع اتهام كل من رئيس مجلس إدارة هيئة قصور الثقافة، رئيس تحرير السلسلة التابعة للهيئة التى نشرت الكتاب، والكاتب الكبير الأستاذ جمال الغيطانى بتهمة إصدارهما لكتاب على هذا النحو. وعليه كانت المطالبة بمصادرة الكتاب ومحاكمة المسئولين عن نشره، ومرة أخرى حكم القضاء ببراءة الكتاب.
يتناول هذا الكتاب لسجلات مصلحة الضربخانة المصرية فى الفترة من (1260ھ - 1844م/ 1331 - 1913م) دراسة أرشيفية دبلوماتية، وقد كانت الضربخانة إبَّان تلك الفترة من أهم وأكبر المصالح الحكومية فى عصر محمد على لما لها من أهمية اقتصادية وسياسية كبيرة. أنشأها محمد على باشا عام 1234ھ/1819م؛ للاستعانة بها فى محاولة الإصلاح النقدى بمصر، والذى كان قد بلغ حدًا كبيرًا من الاضطراب, وهى تتبع إداريًا لنظارة المالية, وتقوم بسك العملات على اختلاف أنواعها وصنع الأختام, ويتم تصنيع دمغة المشغولات بها وصنع التدويغ للأغنام ونتعرف من خلال سجلاتها على تاريخ وتطور النشاط الاقتصادى لمصر, وكان يرأسها ناظر الضربخانة, وبها عدد كبير من الموظفين على اختلاف فئاتهم.
منذ آلاف السنين عندما تجاسر أصحاب الفكر الظلامي, وأشعلوا النيران فى مكتبة الإسكندرية وما بها من كنوز التراث الإنساني: هل دار بخلدهم –آنذاك- أن ذلك الرماد يمكن له أن يبعث من جديد؟ وإذا قدر له هذا البعث فعلى أية صورة يكون؟! وها هى اليوم- من موقع قصر البطالمة القديم, وأمام شاطئ الشاطبي- تستقبل مكتبة الإسكندرية اليوم زوارها من جميع أنحاء العالم بعد انتظار دام عدة قرون مرت خلالها الإنسانية بأطوار حضارية متعددة. جاءت مكتبة الإسكندرية - فى هذا الوقت تحديدًا - لترد على مزاعم الكثيرين بأن هذا العصر هو عصر المادة وتراجع المعرفة الإنسانية، وتخجل آخرين ممن يدعون أن مصر تستورد الثقافة ولا تنتجها, وتؤكد أواصر الصداقة, وتعمق مفهوم التعاون بيننا وبين الكثير من بلدان العالم, فكانت المكتبة الجديدة خير خلف لخير سلف.
تعود القيمة الكبرى للحركات الاجتماعية فى أمريكيا اللاتينية إلى كونها قدمت نماذج ريادية فى صنع البدائل والبناء من تحت، ودمقرطة المجتمع بدءًا من أصغر وحداته . والأكثر من ذلك أن بعض هذه الحركات قد تحوَّلت بالفعل إلى أحزاب سياسية، مثل حركة ميس تيرا الفلاحية البرازيلية التى تطورت إلى نوع من الحزب الفلاحى، وكذلك حركة الزاباتستا المكسيكية التى تطورت إلى نوع من الحزب "الهندى" الذى يتولى الدفاع عن مصالح السكان الأصليين؛ ليقدما معًا نموذجًا جديدًا للحزب – الحركة.
تهدف هذه الدراسة إلى بيان موقف القوى السياسية فى مصر من قرار الاشتراك فى حرب فلسطين عام 1948، وفى مقدمة تلك القوى القصر والحكومة المصرية. وعلى الرغم من عدم وجود اختلاف جذرى بينهما حول خطورة قيام دولة يهودية على الأمن المصرى، فإنه كان بينهما خلاف فى سياسة المواجهة. وقد كانت هناك خطتان للمواجهة: خطة علنية تبنتها الحكومة المصرية، وقد اتسمت بطابع سلمى قانونى فى إطار يتفق مع ميثاق هيئة الأمم المتحدة من أجل الوصول إلى حل عادل. وخطة سرية تبناها القصر، وذلك بوضع خطة للتقدم شرقًا دون علم السلطات العليا – الحكومة المصرية والبرلمان - وفرض وصاية عربية على فلسطين بإنشاء إدارة مدنية عربية مؤقتة تحت رعاية الدول العربية وفق ما اتفق عليه خلال مؤتمر أنشاص من أجل الحفاظ على الأمن المصرى وتحقيقًا للزعامة على الدول العربية، وما إن نجح الجيش المصرى فى السيطرة على صحراء النقب، فقد تصدى له المجتمع الدولى دبلوماسيًا وعسكريًا. ولهذا يجب النظر إلى المشكلة على أنها مشكلة عسكرية بحتة، بل إن الناحية السياسية فيها أدق وأعقد، وإن أى حل لا يرضى عنه المجتمع الدولى محكوم عليه بالفشل حتمًا.
يستنكر الكثير من المفكرين السياسيين عملية ربط الديموقراطية بتحقيق مصلحة القوى الكبرى فى العالم، لأن هذه القوى تغض الطرف عن بلاد استبدادية ولكنها حليفة، وتقيم الدنيا وترسل الجيوش إلى بلاد أخرى لأنها تختلف معها. ولكن علينا أيضا أن نلتفت إلى أن تلك الهجمات تبررها هذه القوى باسم الدفاع عن الديموقراطية. وهو ما يطرح سؤالا هاماً وجديداً على الفلسفة السياسية لم يكن مطروحاً عليها من قبل وهو : هل يمكن فرض الديموقراطية على الشعوب بقوة السلاح ؟ ألا يعد هذا تناقضاً فى مفهوم الديموقراطية التى تعنى سيادة الشعب ؟ ثم ما هو موقف الفلسفة السياسية من محاولات فرض الديموقراطية بطرق أخرى ؟ وهذا أمر نلاحظه الآن فى سياسات الأجهزة المالية العالمية المرتبطة بمسار العولمة واتفاقية التجارة الدولية حيث تربط القروض والمعونات بإجراء " إصلاحات ديموقراطية "
أخذ يقلب أوراقًا أمامه، وهو يتمتم: - عادل .. عادل .. عادل شاكر. أيوه يا سيدى. ثم رفع رأسه ليثبت عينيه فى وجهى مثل زوجة عمى: - بس إحنا آسفين يا أستاذ. وانتابنى قلق عميق. سألته، وقد بدأ حلقى فى الجفاف: - آسف على إيه، إنشاء الله؟! هز رأسه. - ملكش كرنيه. صرخت: - مليش كرنيه إزاى! أنا دفعت المصاريف وسلمتك الإيصال! نظر إلىَّ فى ضيق وملل. - ولو يا زميل: إنت مبعد بأوامر القلم السياسى. ووجدت نفسى أصرخ وأنا أغادر الطابور: - لصوص، لصوص، سرقتوا ذهب أمى يا ولاد الكلاب.
عندما تقرأ كتابات الراحلة/ فتحية العسال، تشعر أنك أما كاتبة عامرة الروح، تحمل عبء رسالة إنسانية عادلة، تدعو إلى تحرير المرأة المصرية من قيود التقاليد البالية، وتنادى بالصدق فى كل العلاقات، وتدين الزيف والنفاق، وكل ما هو متخلف فى حياتنا. وتتصدر الكاتبة المناضلة قائمة التأليف المسرحى فى مصر، وهى لا تمثل هذه المكانة استنادًا إلى حجم إبداعها المسرحى فقط مقارنة بزميلاتها، بل أيضا بسبب تميزها الفنى الواضح. لقد بدأت فتحية العسال مشوارها مع المسرح عام 1969م بمسرحية "المرجيحة"، وتبعتها عام 1972م بمسرحية "الباسبور" التى قُدمت على مسرح الجمهورية، وكتبت فى الثمانينيات مسرحيتين هما "نساء بلا أقنعة" و"البين بين"، وبعد تجربة الاعتقال السياسى خرجت علينا بمسرحية جديدة فى التسعينيات هى "سجن النساء" التى عُرضت على خشبة المسرح القومى.
يأتى هذا الكتاب العاشر الذى أشبهه بالكنز الذى عثرت عليه متناثرًا فى أوراقى وأنا أجرد دفاترى القديمة - كما يقال- لأكتشف أننى أمام ثروة من كتابات مبدعين ونقاد أعرف بعضهم عن قرب، وأكرمنى آخرون بأقلامهم من دول عربية شقيقة أعرف قلتهم معرفة شخصي، وعرفت أكثرهم من أقلامهم ومودتهم على سنوات العمر، لعل أبعدها زمانًا هو حوار غازى الخالدى فى صحيفة الجندى الدمشقية عام 1958م فى أثناء وحدة مصر وسوريا فى عهد عبد الناصر وشكرى القوتلى. والكتاب مقسم إلى ثلاثة أقسام: مختارات من قراءات فى الرحلة الإبداعية، فمختارات من حوارات، فمختارات من قراءات فى كلمات، ويختتم بمختارات من كتابات لم يسبق نشرها فى كتاب.
قد تبين لى من خلال هذا العمل أننى أمام باحث سوسيولوجى يجيد اختيار المشكلات البحثية التى يدرسها، ليس ذلك فقط ولكنه متمكن حقا من مناهج البحث المختلفة؛ لأنه يختار لكل مشكلة بحثية المنهج الملائم لها. فى هذا البحث الذى خصصه المؤلف للخطاب السياسى للطبقة الوسطى المصرية نراه متملكا ناصية منهج تحليل الخطاب، وهو منهج حديث لم تستقر قواعده المعرفية بعد، وتتعدد مسالكه وتتنوع مدارسه. والواقع أن هذا البحث يعد دراسة أصيلة للخطاب السياسى للطبقة الوسطى، تكشف عن عمق معرفة الباحث بالتحليل الطبقى للمجتمع المصري. وهو فى اختياره للطبقة الوسطى بالذات يكشف عن استبصار دقيق بأهميتها على المستوى التاريخى فى مجال تقدم المجتمع المصرى وبث أنوار النهضة فى جنباته، بالإضافة إلى الدور الاستراتيجى الذى تلعبه فى مجال السياسة المعاصرة. بحث عميق يمثل إضافة متميزة للمكتبة السوسيولوجية المصرية فى مجال مناهج البحث، وفى إطار المعرفة السوسيولوجية العميقة بالطبقة الوسطى.
هذه دراسة نقدية لنظرية الجمال والتعبير فى الفن الإسلامى، وقيمتى التوازى والالتقاء بين فنى التصوير والشعر، وطبيعة كل منهما، وأثر الفكر الرياضى لفلسفة الإحداثيات فى الهندسة التحليلية فى تصميم المنمنمة، بهدف استخلاص القيم الجمالية والتعبيرية فى منمنمات "المنظومات الخمسة" للشاعر "نظامى الكنجوى" فى الالعصر الصفوى، فى مدرستى "تبريز" و"أصفهان" من خلال الأبعاد الأدبية والثقافية والتشكيلية والرياضية؛ لتصبح عيارا يؤكد على قيمتى التوازى والالتقاء بين المنمنمة والقصيدة، أو بين منمنمات التصوير الإسلامى، ومثنويات الشعر الفارسي، والتى يمكن الاعتماد عليها فى استخلاص القيم الجمالية والتعبيرية فى المنمنمات موضوع الدراسة.
إن الاهتمام بتكريم من يستحقون من أبناء الأمة من شأنه أن يرفع من شأن هذه الأمة، وخاصة فى مجالات الشعر والأدب والفن والفكر، وهو مقياس حاسم لمدى تقدمها ورقيها وحضارتها، كما أنه عامل مؤكد فى تحقيق نهضتها فى المجالات المادية والمعنوية؛ ذلك لأن النابهين من أبناء الأمة – وخاصة الشعراء والكتاب والفنانين – هم رصيد من أرصدة ثروتها البشرية، والمادية والمعنوية. كما أن هذا التكريم يعود بالخير العظيم – المادى والمعنوى – على هذه الأمة، من حيث أنه يساهم مساهمة فعالة فى تهذيب نفوس المواطنين، وفى الارتفاع بمستويات السلوك – الوطنى والاجتماعى والأخلاقى – لتلك المجتمعات.
فى هذا الكتاب يتبع المؤلف منهجا خاصا به، وهو محاولة دراسة أى موضوع لغويا وتاريخيا، والربط بين ما كان عليه فى القديم ثم وضعه الحالي؛ فمثلا إذا تناول موضوع الاحتفال بعيد من الأعياد عند الإيرانيين فلا بد من الحديث أولا عن المصطلح اللغوى ودلالته فى اللغة الفارسية، ثم كيف كان الإيرانيون يحتفلون به قديما، وتطور هذا الاحتفال وما طرأعليه، ثم كيفية الاحتفال به فى العصر الحديث والمقاربة بين الماضى والحاضر. وعادة ما يقوم بتسليط الضوء على العلاقات الثقافية بين مصر وإيران، ودور مصر فى الحفاظ على كثير من التراث الإيرانى فى متاحفها ومكتباتها. ويتضح من قراءة هذا الكتاب أنه يحرص على الربط بين الأخبار التى تطالعنا فى الصحف عن إيران وتراثها ومناسباتها المختلفة وبين المعلومات المتاحة حو الموضوع نفسه بصورة علمية وموثقة، وكتابة أبحاث تُجلى كثيرا من غموض هذه الموضوعات، ومن ذلك ما ذكرته الصحف حول المخطوطات الفارسية فى مصر وتسجيلها ضمن ذاكرة العالم، وهو العمل الذى أشرفت عليه هيئة اليونسكو. ولا شك أن دراسة ثقافة شعب من الشعوب إنما تتيح فرصة كبيرة للتعرف عليه، وتسهل طرق التعامل معه، ومخاطبته بالأسلوب الذى يناسبه، ونحن فى عالمنا العربى أحوج ما نكون إلى مثل هذه المؤلفات عن شعوب العالم أجمع بصفة عامة، وعن الشعوب الإسلامية والشعوب المجاورة لنا على وجه الخصوص، حتى تزداد معرفتنا بهم وتواصلنا معهم.
لم تستهدف هذه الدراسة تقديم حصر كلّى شامل لأوضاع العلم والتكنولوجيا فى إسرائيل، وإنما يتحدد مقصدها، بالأساس، فى توفير صورة "بانورامية" لرؤية المجتمع الإسرائيلى لدور العلم والتكنولوجيا الحديثة فى تحقيق سيطرته على الأرض الفلسطينية بالكامل، وفى دوام وضعيته المهيمنة بالمنطقة، المستندة إلى التفوق النوعى على المحيط العربى، الذى يشكّل بيئة معادية، ومقاومة لمشروعه الإحلالى الاستيطانى. إن هذه الدراسة لا تبتغي، من قريب أو بعيد، الدعاية إلى مَن يعتبره الكاتب العدو الأساسى لوطنه وأمته، ولا تنطلق من موقع الدونية أو الإعجاب المفرط به، وبـ"إنجازاته" ، أو الجهل بالعناصر التى أسهمت فى تحقيقه لما حققه، بل على العكس، ينطلق الدافع الأساسى لتأليف هذا الكتاب، من الوعى بضرورة التنبيه إلى خطورة امتلاك عدونا لهذا السلاح الفتا، الذى يمنحه وضعًا متفوقًا علينا، يساعده على استمرار نهبه لثرواتنا، واحتلاله لأرضنا، وتهديده لمصالحنا، ومن الواجب العلم بما بين يديه من قدرات، حتى يمكن التهديد لردم الهوة بيننا وبينه، واجتياز الفجوة التيتفصل بين مواقعنا، وهو أمر ممكن ومتاح، لو أحسنا التدبر، وتوسلنا السبل المؤدية إلى إنجاز هذا الهدف.
هذا الكتاب شهادة على العصر، كتبها شاهد من أهلها. أحداث هذا العصر (الممتد من منتصف سنة 1981 إلى يناير 1914) متداخلة؛ أحداث العالم تغلف أحداث مصر، والفئتان من الأحداث تغلفان معًا أحداث حياة الكاتب / الشاهد، من هنا جاء عنوان الكتاب : "عوالم متداخلة".
وللقارئ أن يختار زاوية النظر التي يتناول منها هذا المركب : فقد يمضي في التفكر في مادته من العالم ليصل في نهاية المطاف إلى الكاتب / الشاهد، ومن المؤكد أنه سيرى الكاتب عندئذ أقرب إلى المفعول به وسط أنواء عاتية . وقد يختار القارئ أن يمضي في تفكره من موقع الشاهد، وسيرى عندئذ أن هذا الكاتب / الشاهد فاعل بكل ما لهذه الكلمة من معنى، فهو كالفنان المصور (في اختلافه عن آلة التصوير) ، يحتكم إلى ميزان للدلالة جدير بثقته، يختار من خلاله ما يبرزه، دون أن يجافي الحقيقة أو يشوهها – هذا من ناحية . أضف إلى ذلك أن هذا الكاتب / الشاهد / الفاعل يسهم بأحداثه الشخصية في تشكيل المشهد متكاملاً، وهي أحداث لاتقل في مشروعية وجودها بهذا المعترك عن أحداث العالم، والوطن.
في الوقت الذي كانت تشد انتباهي أحداث العالم الكبير، وأحداث الوطن، كانت وقائع أخرى من دنيا الهم الخاص تحتل بؤرة الانباه وتستبد به من حين إلى آخر، تتعلق بخطواتي المبكرةفي مشروع بحثي الجديد أضعه في مرتبة رفيعة بين مشروعاتي البحثية.
وكان أن تعرفت إلى فرحان صالح، وتحدثت إليه، ولكن من يومها (قبل نحو ثلاثين سنة) أدركت أن هناك رجلاً يحمل همًّا. الرجل فرحان صالح، والهم الأدبي الشعبي. لقد عمل صالح على وضع هذا الأدب أمام الناس، لا العامة فحسب ولا الأميين فقط، بل أمام الجميع موضحًا أهدافه، متابعًا تطوره.
د . نقولا زيادة
هذا الكتاب .. هو قصة إنسان وأرض ووطن، الإنسان فيها يعشق الأرض، والأرض فيها تشتهي أن تكون وطنًا، وهو أيضًا قصة إنسان صار اثنين : العقل في المدينة والحداثة، والقلب مغمور بالقرية والتراث والحرية
د . زاهي ناضر
من حق فرحان صالح، بعد سنواته العنيدة والطويلة، أن يروي لنا قصته التي تشمل الوجه الآخر من كفاحه وتجربته الفريدة والخاصة.
د . خالد زيادة
أضاف فرحان صالح حاسة سادسة إلى القارئ، حاسة القلب وهي الأولى من حواس فرحان، يكتب بالقلب ومنه، يكتب عن الألم العبقريلكي يبقي النبض حيًّا في الأرض والإنسان والوطن، فرحان حر في عنوان سيرته، هي عندي (مشهد الطير).
د . منذر جابر
الأستاذ فرحان صالح رجل من رجالات الأدب والفكر في لبنان، ونحن ننتظر دائمًا عطاءه الفكري والأدبي، وقراءاتي لما يكتبه يجعلني أقول إن كتابه الأخير يتميز بإضافات مهمة، وتستدعي التأمل والمراجعة لواقعنا. لقد عرفت فرحان صالح إنسانًا يتمتع – إلى جانب عصاميته ومثابرته – بخلقية إنسانيّة تجعله إنسانًا فاضلاً يستحق التقدير والمحبة.
د . سامي مكارم
هذا الكتاب هو سجل حياة ورؤية مشاهدات عاشها الكاتب، وشريط أحداث شاهدها يافعًا وخبرها شابًا وهي جديرة في التسجيل والنشر؛ ففيها بقايا من قبل، ولها تاريخ في نفسه، وقد عرف سحر العيون، ورأى جمال الينابيع، وقضى الأصباح بين الرياحين، وقطع الأماسي في سمر الليالي في القرية السمحى القانعة الطاهرة، المبرأة من أدران الرياء ورذائل الحضارة .
د . عبد اللطيف فاخوري
إن انهيار التجربة السوفيتية عام 1991 أدى إلى قيام حربين داخليتين، وانهيار اقتصادى شبه كامل. وبصرف النظر عن الاتفاق والاختلاف حول انهيار التجربة السوفيتية، فقد تمكن الروس بعد 10 سنوات كاملة من استرداد عافيتهم. ما يحدث في مصر الآن لا يساوى عشر ما حدث في روسيا. فالأجهزة الأمنية عاثت فسادًا في تلك الدولة المترامية الأطراف والغنية. وكان قطاع كبير من العاملين في أجهزة الشرطة يرتدون زيهم الرسمي نهارًا، ويستبدلون به ثياب اللصوص ليلاً. وكان القتل يتم في عز الظهر وفى أي مكان في موسكو والمدن الأخرى. اخترعوا لروسيا أيضاً مشكلة المسيحيين والمسلمين، فكانت حربا الشيشان، وما سمعنا عنه وشاهدناه من أحداث مأسوية للأطفال والنساء في المدارس والمسارح.
عصفورة طايرة مرفرفه
فوق نسمة رايقة مهفهفه
غنت وقالت للسحاب
ابعد وقرب يا دفا
...
موجة رقيقة حنينة
حدفت حنانها لشطنا
قالت لعشاق الهوى
الحب كله عندنا
...
خضرة جميلة مزهزهه
مليانه أزهار كلها
بتعشق النور والهوى
وكل العيون بتحبها
...
جاءت ملحمة "رأس العش" نتيجة منطقية لذلك التماسك السريع للقوات المسلحة المصرية، فعلى الرغم من انهيار القيادة العسكرية المصرية في حرب يونيو – مما أدى إلى ذلك الانسحاب، وتفاقم الخسائر في المعدات والأرواح – فإن تراجع الزعيم جمال عبد الناصر عن قرار التنحى، وتعينه للفريق محمد فوزى وزيرًا للحربية، وللجنرال الذهبى عبد المنعم رياض رئيسًا للأركان، وذلك في يوم 11 من يونيو 1967، أدى إلى سرعة تماسك القوات المسلحة، بعد أن بدأت على الفور عملية إعادة بناء الجيش استعدادًا للثأر وعودة الأرض والكرامة، وبعد تمام انسحاب الجيش المصرى إلى غرب القناة، تم تسكينه في مواقع جديدة وإعادة هيكلة وبناء كل التشكيلات، وكانت قوات الصاعقة الأكثر جاهزية والأكثر قدرة على التعامل مع قوات العدو؛ ولذلك انتفضت كل الدولة المصرية بمجرد أن أبلغ أحد المرشدين في هيئة قناة السويس، بأن بعض القوات المدرعة والميكانيكية للعدو الصهيوني قد بدأت تتحرك في منطقة الكاب باتجاه مدينة بور فؤاد.
هذا الكتاب يضم كل ما كُتب عن نجيب محفوظ في الاتحاد السوفييتي قبل وبعد فوزه بجائزة نوبل: دراسات المستشرقين وردود أفعال الصحافة، وما اشتملت عليه الموسوعات الكبرى حول أديبنا، ومقدمات ما تُرجم من رواياته، ورسائل الدكتوراه التي أعددها المستشرقون عن العام الروائي لكاتبنا الكبير، وبذلك يفسح الكتاب لعقل القارئ مجالين للتأمل في آن واحد: مكانة الثقافة والرواية العربية في عيون الخارج، وصورة واضحة لما بلغه المستشرقون من إحاطة وتعمق.
وضعت بعض فصول هذا الكتاب في أواخر عام 1938 عندما كنت في باريس، على أنها جزء من كتابى "خريف في باريس" بيد أننى عندما أعددته للطبع بعد سقوط فرنسا، وجدت أن هذه الفصول التي كتبت في المساء الأخير لدخول فرنسا الحرب، أصلح ما تكون مقدمة لكتاب يصور قصة باريس منذ أسبوع ميونخ المشهود، معتمدًا في رسم صور هذه القصة على مشاهداتى الشخصية وعلى مشاهدات بعض الكتاب الفرنسيين والإنجليز والأمريكيين الذين اطمأنت نفسى إلى مذكراتهم. ولا شك عندى في أن هذه الفصول المؤلفة أو المقتبسة منها، سوف ترسم صورة حقيقية لما "حدث في باريس" إبان هذه الفترة الخطيرة التي مرت على العاصمة الفرنسية.
لم أكن أعرف
أن غياب الحبيب
يزيد من كثافة الحضور
وأن الطيور
تهاجر في غير أوقاتها
وتترك أعشاشها في الخواء
وأن رصاص الأسى
يتسرب في الروح
يوجع القلب
وأن عناء البنفسج لا حد له !
احترق كيفما شئت يا قلب !
وليكن ما يكون !!
لإيماني بأن التقدم صناعة تحققها قيادات مؤمنة وعلى علم ومعرفة تمكنها من تقدم الأمة في جميع مجالات العمل، ما زلنا نعمل ونصارع؛ المشكلة الأساسيّة لدينا هي مشكلة الاختيار، والاختيار هو القرار، وهو قضية العصر والديمقراطية والحريّة، وللأسف سِباقنا مع العالم قادة وأفراد يتسابقون وهو ينظرون إلى الخلف ويتعلقون بأشباح الماضي، ومجموعة المقالات في هذا الكتاب أقدمها لأبناء بلدي (مصر الغالية) لتساعد من يديرون ويفكرون في مستقبل مصر كمنهج لحل المشكلات وإدارة المستقبل.
لم تكن تجربتي مع الأراجوز وخيال الظل مجرد دراسة أتقدم بها لنيل درجة علمية أو أقدمها للقارئ، بل كانت تجربة حياة بدأت منذ عشر سنوات واستمرت حتى هذه اللحظة، أحيا بها ومعها محاولاً إعادة هذه الفنون إلى الحياة مرة أخرى، وذلك لإيماني بأن التراث الشعبي أحد مصادر تشكيل الوعي وكذلك التأريخ للذاكرة المصريّة. إن اختفاء النموذج المحلي لصالح النموذج الغربي خطر حقيقي يكرس مفاهيم العجز وثقافة عدم الرضا عن الذات ومن هنا تأتي أهمية الأراجوز وغيره من النماذج المصريّة. ومن ثَمَّ كان شعاري لإحياء هذه الفنون "إن لدينا ما يستطيع أن يعبر عنا".
وأخيرًا "فمصر لا تمتلك منتجًا بحجم الثقافة نستطيع أن نسوقه ونعتمد عليه" لذا فإنني أدعو من خلال تجربتي لمزيد من الاهتمام بتفعيل اقتصاديّات التراث.
يعد الدكتور لويس عوض نموذجًا فذًّا في ثقافتنا المعاصرة؛ فهو كاتب غزير الإنتاج. قدم للمكتبة العربية نحو خمسين كتابًا في النقد والإبداع. وهو شخصية متعددة الجوانب، فهو معلم من طراز نادر يربط بين المعرفة والحياة، كما يربك بين التعليم وبين تحرير العقل من الخرافة وتحرير الفرد من التسلط والقهر. شديد الحضور في أذهان تلاميذه ومريديه. يتصارع في داخله المفكر العقلاني الباحث عن الحقيقة، والأديب الفنان الجانح إلى الحرية والتجديد، لكنه يظل دومًا رائدًا من أكبر رواد التنوير في تاريخنا الحديث .
كانت حياة الرجل مليئة بالخصب والعطاء، كان مثيرًا لحب الاستطلاع، مثيرًا للأفكار الجريئة والتناقضات؛ لا من أجل المخالفة أو التناقض، بل من أجل إثارة حركة الفكر، وهذا ما جعله الشريك المخالف في الثقافة المصرية.
كان الجدال حول أفكاره غاضبًا عنيفًا في حياته، تغلب عليه الانفعالات الهائجة والسهام الطائشة، وقد حان الوقت لكي يأخذ هذا الجدال موقع الحوار المتحضر الذي يعتمد الأسلوب العلمي والموضوعي.
هذه مجموعة سير أو قصص حياة خمسة من الفلاسفة، وهم نماذج من عصور مختلفة وحضارات وثقافات مختلفة، أحدهم من اليونان قبل الميلاد (في عصرها الذهبى) سقراط أبو الفلسفة كما يقولون.
وسينيكا من روما (في بداية التاريخ الميلادى وعصر القياصرة) وأستاذ نيرون (الإمبراطور الذى حاز على أكبر شهرة في التاريخ والعالم).
والثالثة هيباثيا الفيلسوفة وعالمة الرياضيات ابنة الإسكندرية التي عاصرت تحول الإمبراطورية البيزنطة إلى المسيحية وشاهدت نهاية المكتبة والجامعة الشهيرة (الميوزيم).
والرابع هو السهروردى الفيلسوف المقتول، كما اعتادوا أن ينعتوه في كتب التاريخ الإسلامى، والذى عاصر الناصر صلاح الدين الأيوبى وزمن سقوط عكا تحت سيطرة الصليبيين.
أما الأخير فهو المهاتما غاندى ابن القرن العشرين والفلسفة الشرقية وضحية الاستعمار والتعصب والتقسيم وتعقيدات الهند العرقية والدينية.
ورغم اختلاف العصور والحضارات والثقافات بينهم، فإن القاسم المشترك بين هؤلاء الفلاسفة كان السياسة حيث وقفت كسبب مباشر وراء موتهم أو اغتيالهم، لذا رحت أرصد حياتهم وأحاول تقديم أفكارهم في الوقت الذى أرسم فيه صورة للمجتمع والأحداث والآراء حولهم وصولا إلى نقطة الصدام بينهم وبين أهل السياسة
استطاع مجدي العفيفي أن يجمع بين كونه صحفيًّا ناجحًا، وبين كونه باحثًا أكاديميًّا ناجحًا، فقد كتب رسالة ماجستير أجمعت عليه لجنة المناقشة أنها جديدة، وأنها تستحق أن تكون أطروحة لنيل درجة الدكتوراه، كان إخلاصه ومثابرته، هما سر تفوقه في عمله، لقد رسم صورة يوسف إدريس كفنان وكاتب قصة قصيرة بشكل يجعله متجسدًا بيننا. لقد كتب دراسة سيظل فخورًا بها، وبما أنجزه فيها، وستظل مرتبطة باسمه وباسم الكاتب العظيم يوسف إدريس، على أنها واحدة من الدراسات الحيّة التي تقدم عن القصة القصيرة، وعن رائدها رحمه الله، بكل جماله وسحره و .. سحره.
أدخل الباحث مجدي العفيفي لأول مرة، منهج دراسة خطاب العتبات النصيّة في أدب يوسف إدريس، بل هو أول باحث يقدم على طرح هذه الرؤية النقدية الأكاديميّة، إلى جانب دراسته للشخصية عند يوسف إدريس دراسة تعتمد على أحدث المناهج النقديّة، لا سيما السردية، فتوقف عند معالجته لقضية الحريّة في كل جوانبها السياسيّة والاجتماعيّة والشخصيّة، وكيفيّة تحقق العدل والعدالة في المجتمع، هذا إلى جانب العديد من القضايا الأساسيّة التي تعرّض لها يوسف إدريس.
كما تطرق الباحث إلى الوظيفة أو الدلالة الأساسيّة، فلا عمل ليوسف إدريس إلا وله وظيفة مهمة يكتب من أجلها للشعب، ولم يكتب عملاً إلا لرسالة يريد أن يوصلها لقرّائه، وتحدث أيضًا عن الرؤية الدينيّة في قصص يوسف إدريس، الذي لم يسخر أبدًا من الدين في أي نص من نصوصه القصصيّة والروائية والمسرحيّة، وإنما كان ضد المتاجرين بالدين، وغير ذلك مما يعرض له هذا الكتاب.
توضح لنا تلك الوثائق بدايات التغلغل الأجنبي في بلاد الشام، فمن ناحية عمل القناصل والسفراء على الحصول على امتيازات عديدة لبلادهم، ومن ناحية أخرى بدأت المؤسسات التنصيريّة في العمل مع بداية هذه الحروب مستفيدة من تلك التسهيلات التي قدمتها حكومة محمد علي، رغبة في كسب ودّ الأجانب.
وتضافرت جهود التنصير والاستشراق والتغريب مجتمعة على التكريس للأفكار الغربيّة، في مواجهة الإسلام كعقيدة وحضارة، ونجحت إلى حد بعيد فيما أرادت، لذا لا نبالغ لو قلنا إن هذه الفترة على قصرها، ثماني سنوات، كانت من أهم الأسباب المباشرة في تشكيل التاريخ اللاحق لهذه المنطقة، وما زالت تلقي بظلالها حتى الآن.
من هنا تأتي أهمية نشر هذه المجموعة من الوثائق التي لم تُنشر من قبل، وقد عملنا على استخدام المنهج العلمي في النشر والتحقيق، فما يزال مجال نشر الوثائق أرضًا "بكرا" في عالمنا العربي.
يشتمل هذا المجلد الثاني على ديوان الطائر الجريح الذي صدر عن دار المعرف عام1957 بعد أن جمع قصائده الشاعر الكبير أحمد رامي وقدم له الشاعر الأستاذ محمد عبد الغني حسن، وإلى جانب الطائر الجريح يشتمل هذا المجلد الثاني على ما صحّت نسبته لناجى من قصائد الديوان الذي قام بجمع قصائده كلّ من صالح جودت والدكتور أحمد هيكل وأحمد رامي ومحمد ناجي، ونلتقي بعد ذلك مع قصائد مجهولة التي بلغ عددها في الطبعة الأولى مائة قصيدة وقصيدة، لكني في هذه الطبعة الجديدة أضفت إليها ثلاث قصائد أخرى مجهولة، كان الشاعر حسن توفيق قد عثر عليها بعد صدور الطبعة الأولى.
لقد تناول أدب نجيب محفوظ العديد من القضايا التربوية، مثل المعرفة الإنسانية، من حيث مصادرها وإمكانياتها. وتعمق في التنقيب عن جذور الشخصية المصرية، وأدرك العديد من مزاياها وعيوبها، وعكس أهم سماتها في أدبه، كالتناقض والتدين والاعتزاز بالشرف والاعتقاد في الخرافات وروح المرح الممزوجة بحزن دفين.
وأدرك نجيب محفوظ الصراع بين التقليد والتجديد بين الوافد والأصيل، وأثر التعليم في الحراك الاجتماعي والثقافي، وموقف السياسة من المفكر والمفكرين، والتزم بنزعة سلامة موسى التجديدية الليبرالية، ونهلة من الحضارة الحديثة، وحماسه الفكري للعلم والعدالة الاجتماعية، والبحث عن أصول وجذور الشخصية المصرية.
يعرض هذا الكتاب لهندسة المعمار التي أقام عليها نجيب محفوظ صرحه الروائي البديه الذي لا يكف عن البوح بمكنوناته، وإذا كان كثير من الدارسين قد التفت إلى شخصياته الرئيسيّة محملا إياها بمضامين أيديولوجية، فإن هذا الكتاب يعرض للشخصيات الثانوية التي تلعب دورًا لا يقل خطورة عن أبطاله الرئيسيين، فهي إما مكوّنة لها أو متفرعة منها أو شاملة للصفتين معًا في حركة جدليّة تعكس حركية الواقع وجدليّته، وأظن أن كثيرًا منها كان سببًا في تعلق القراء، سواء كانوا متخصصين أو غير متخصصين، بإبداع عبقري الرواية نجيب محفوظ.
فهارس الشيوخ – أيًّا كانت التسميات التي أطلقت عليها في العصر الإسلامي – عبارة عن ببليوجرافيا تحصر وتسجل وتصف الكتب أو أجزاء الكتب التي درسها الطلبة (أو التلاميذ) خلال مراحل الدرس والتحصيل على أيدي أساتذتهم (شيوخهم) كنوع من أنواع التوثيق والأمانة العلميّة والتأكيد على المستوى الأكاديمي الذي حصّله الطالب التلميذ قبل أن يصير عالمًا يُشار إليه بالبنّان.
في هذا العمل يسلّط الدكتور شعبان عبد العزيز خليفة الضوء على نشاط ببليوجرافي ضخم، انفرد به المسلمون مما قد لا نجده عند أي شعب من الشعوب أو ثقافة أخرى من الثقافات سواء في العصور القديمة أو في العصور الوسطى أو العصور الحديثة؛ بل كان نشاطًا إسلاميًّا بحتًا.
جرت العادة على إصدار سجل الإنتاج العلمي للجغرافيين المصريين كل عشر سنوات، فكان الإصدار الأول في عام 1967م، وفي كل إصدار كان هناك الجديد من الإنتاج العلمي للجغرافيين، حيث اتسع مجال المدرسة الجغرافية المصريّة، وكثر أبناؤها في شتى فروع المعرفة التي استجدت على الساحة.
أما هذا الإصدار الجديد فهو إعادة طبع بعد التنقيح لكثير مما ورد في الإصدارات الثلاثة السابقة، إضافة إلى ما استجد من أعمال الجغرافيين في بعض الفروع الجديدة التي ترعرعت في شجرة الجغرافيا السامقة، مثل جغرافيا التنمية والسياحة، وجغرافيا البيئة، وجغرافيا الجريمة، كما تم ضم فرع الجيمورفولوجيا في سياقه المنهجي مع الجغرافيا الطبيعيّة.
في أزمنة الأزمات، وحين يصل الاستقطاب إلى مداه. غالبًا ما تتصدر الساحة ثنائيّات، هذه الثنائيّات لها جذورها الموغلة في أعماق الماضي، وأبرزها في عصرنا الحاضر ثنائية الشرق والغرب، وثنائية الشمال والجنوب. وأبرز تجليات الثنائيّة الأولى (الصراع – الحوار)، وأبرز تجليّات الثنائية الأخرى (التخلف – التقدم).
ترتبط هذه الندوة بالثنائيّة الأولى، وتعود في أصولها إلى غزوة الإسكندر الأكبر التي تُعد في نظر البعض إرهاصة مبكرة بالعولمة التي نعيشها اليوم، لكننا حددناها بالغرب والعالم الإسلامي، أي أنها تستغرق مساحة زمنيّة، تُقدر بأربعة عشر قرنًا.
"السياب .. كنت أحلم بأن يزور مصر، لكي يقدر لي أن ألقاه، لأن فكرة السفر إلى العراق للقياه كانت أمنيّة عسيرة المنال، وقد اكتشفت – فيما بعد – أن السياب نفسه كان يحلم بزيارة مصر، لكي يلتقي بأدباءها وشعراءها، مثلما قدر له أن يلتقي بأدباء لبنان خلال فترة مرضه، وهذا ما يتضح في بعض رسائله التي نُشرت بعد رحيله، وكنت – إمعانًا في تأكيد تعلقي به – أسجل اسمه هو في كشوف المترددين على دار الكتب المصريّة عندما ارتادها، وأذكر أني زُرت الشاعر هلال ناجي (وكان مقيمًا بالقاهرة في الستينيّات من القرن العشرين) لكي يزودني بما يعرفه عن السياب، ففوجئت بقوله : لماذا لا تذهب للسياب بنفسه خاصة أنه موجود في القاهرة، بدليل أنه يسجل اسمه في كشوف المترددين على دار الكتب وقد اطّلعت على هذه الكشوف بنفسي؟"
هذا الكتاب أول دراسة أكاديميّة عربيّة متخصصة تتناول موضوع "صورة اليهودي في الأدب الشعبي العربي". ولا تنبع أهمية هذا الكتاب في ريادته لمعالجته هذا المجال، الذي اكتفى فيه الدارسون العرب بتقديم أوراق بحثيّة صغيرة حينًا آخر، أو لكونه يحاول البحث عن الصورة التي رسمها الأدب الشعبي العربي لليهودي، وعمّا إذا كانت صورة إيجابيّة أو سلبيّة. وإنما تنبع أهمية هذا الكتاب – إلى جانب كل هذا – في سعيه إلى التعرف على الصورة التي رسمها الأدب الشعبي العربي في مدوناته الشعبيّة، والصورة التي يرسمها له في رواياته الشفاهيّة المتناقلة حتى وقتنا الراهن؛ وذلك بهدف التعرف على مدى التغير الذي لحق بتلك الصورة ما بين الماضي والحاضر. بين ماض، كانت اليهوديّة فيه مجرد ديانة، تعيش جنبًا إلى جنب مع الإسلام والمسيحيّة، وحاضر تداخلت فيه الديانة اليهوديّة مع المصالح السياسيّة الصهيونيّة.
"القارئ المعاصر" الذي يضيق أفقه عن الشعر العربي القديم ظاهرة جديدة نسبيًّا في مصر. فلو أنني كتبت عن امرئ القيس، أو عمّن هو أقل شهرة منه في عصر طه حسين والعقاد وأحمد أمين وغيرهم من أبناء ذلك الجيل الناهض، لما أثارت مقالتي أي استغراب و لاندرجت بسهولة في تيار الاهتمام الأدبي العام، وهو عكس ما يحدث الآن.
وتدل جدة الظاهرة المذكورة على تردي الأوضاع الثقافيّة منذ أن رحل أولئك الأعلام. فلم يعد الاهتمام بالأدب العربي القديم جزءًا من الوعي العام، وهو الآن حبيس الأسوار الجامعيّة وأسير الكتابات الأكاديميّة. ويخيل إليّ أن هذه الكتابات لا تصلح للقراءة أصلاً لأنها ذات أهداف نفعيّة عاجلة، وفي مقدمتها طبعًا تلقين الطلاب معلومات يسهل حفظها وتفريغها في ورقة الامتحان. والنقد الأكاديمي يخنق عادة العمل المنقود ولا يحييه. ونظام التعليم كما نراه اليوم لم يعد يصلح لتخريج إنسان مثقف. من هنا كان اضمحلال عدد القرّاء – في الأدب أو غير الأدب – على الرغم من زيادة عدد السكان.
تمثل دراسة العلاقات السياسية بين مصر ولبنان 1943 – 1958م حالة خاصة في مجال العلاقات العربية خلال حقبتي الأربعينيّات والخمسينيّات من القرن الماضي، وتكمن خصوصيّة الدراسة في أن الباحث يجد فيها نفسه، وقد وقف بين قطرين عربيين أحدهما – مصر – قد حسم أمره وأكد هويته العربية ومن ثَمّ راح يبحث عن الزعامة والريادة بين أشقائه العرب، بينما القطر الآخر – لبنان – ما زال يتلمس الطريق إلى ذلك، وهو في ذلك يتنازعه تيّاران مختلفان؛ أولهما : التيار العربي الذي يؤمن بانتماء لبنان إلى محيطه العربي ومن ثَمَّ يضع التعاون العربي على قائمة أولوياته، أما التيار الآخر – التيار الغربي – فهو على النقيض تمامًا مما سابقه، فهو لا يؤمن بروابط لبنان العربية بل يرى أن الروابط التي تربط لبنان بالعالم الغربي أقوى من تلك التي تربطه بالعالم العربي، ومن ثَمَّ فإن مصلحة لبنان تكمن في ترك التعاون العربي، والانفتاح والتعاون مع الغرب فقط.
لم تعد النوبة في نظر الحكومة المصريّة مجرّد إقليم حدودي ينبغي حمايته بالقلاع والحصون كما كان الحال في عصر الدولة الوسطى، وإنما اعتبرتها امتدادًا طبيعيًّا للأراضي المصريّة، تسري عليها النظم الإدارية التي كانت مطبقة في سائر أنحاء الدولة، وعدّتها إقليمًا إداريّا مساويًا للوجه القبلي والوجه البحري، وشكّلت له هيكلاً إداريًّا مدنيًّا، مع بداية عصر الأسرة الثامنة عشرة، واستمر قائمًا طوال عصر الدولة
هذا الكتاب محصلة عشر سنوات أو يزيد قليلاً، من المتابعة النقدية للعديد من العروض المسرحيّة سواء المصريّة أو العربيّة أو الأجنبيّة، وذلك من خلال مشاهدتها على مسارح القاهرة في أثناء عرضها أو مشاهدتها في إطار مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، وفي أثناء تجوال الباحث بين العروض المسرحيّة المصريّة لم يفته عروض مسرح الهواة سواء من خلال مهرجانهم السنوي الذي تقيمه الجمعيّة المصريّة لهواة المسرح أو من خلال عروضهم في إطار الأنشطة الثقافيّة والفنيّة المصاحبة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب كل عام، كما أنه لم يفته أيضًا بعض عروض مسرح الطفل وبعض الحوارات مع شخصيّات مسرحية عربيّة وعالميّة.
محاولة الولوج إلى الشعر العماني شائكة وعصيبة، والاقتراب منه محفوف بالمحاذير، ربما لأن الشعر – عموما – عالمه صعب ومعقد، ولأن الشعر العماني – بخاصة – لا يكاد الدارس يجد تاريخًا منهجيًّا يعينه على السير في أحراشه وغاباته، بيد أن ذلك ربما يجعل للمغامرة مذاقًا في ذاتها؛ بحثًا عن ثمرة لعل مذاقها يحلو بعد مرارة وعناء.
عام على الثورة التي بهرت العالم بسلميتها وبما أظهره المصريون من تلاحم واتحاد غير مسبوق...
عام على الثورة التي تحرر خلالها المصريون من شعورهم بالخوف والاستعباد وخرجوا يهتفون "عيش.. حرية... كرامة إنسانية... عدالة اجتماعية..."
عام مرت فيه مصر بكثير وكثير من الأحداث، ومن المؤكد أنه عام لا ينسى...
وفى خضم كل هذه الأحداث، كانت هناك متابعة مستمرة من مركز استطلاع الرأي العام بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء لآراء المصريين بشأن كل ما يطرأ على الساحة من قضايا وأحداث على مدار عام 2011، ويلقى هذا الإصدار الضوء على عديد من التساؤلات.
ابتداء من: كيف يرى المصريون الثورة؟ وهل مازالوا يؤيدونها؟
مروراً بـ: هل حققت الثورة أهدافها؟ ووصولاً إلى توقعاتهم تجاه الرئيس القادم:
صفاتهم، انتماءاته، عمره، بالإضافة إلى عشرات الأسئلة المهمة والملحة.
إن الرواية بمعنى ما، هي بحث عن فهم "كلي" وسعي إلى التعبير عن شتات الواقع وتشظيه، تتخذ كل أشكال الروح في تبدل حالاتها، طموحًا منها إلى الملحمية لاكتساب هوية كونيّة، عابرة للقارات والأفكار و الأجناس. من ثَمَّ فإن ارتباطها - وهي جنس تخيلي بامتياز – بتنويع أشكالها والتجريب المستمر، وبحميميّة الذاتي والمجتمعي والتاريخي، منحها "حقًّا مقدسًا" في توسيع حقول استثمارها، وصولاً إلى دفع التخييل إلى التخفي في القول، والتعبير عن هوية الدلالات المفقودة بصيغ جديدة، وهي "لا تحقق وجودها إلا عندما تصبح تلك المرآة التي تندس في تضاعيف النفس ملتقطة في ذبذباتها الكامنة"، وفي تفاصيل المرئي الجزئي والكلي، وفي الا مرئي والمحتمل الغيبي والنسبي والمطلق والواقعي.
ومن غير شك، فإن خصوصية الرواية العربية هي ما تمدها بالاستمرارية وبالعناصر المشتركة مع الرواية العالميّة، فإن واقعيتها تتعدد إلى واقعيات فنيّة واجتماعية وسياسيّة وعجائبيّة، وربما واقعيّات تتخذ شكل روح كاتبها وهيئته وشكل الأمكنة الحميميّة ذات اللبوس الرومانسيّة.
إن الوعي النقدي الروائي العربي يدرك – مع أسماء كثيرة في الوطن العربي وتأليفات ذات أهمية بارزة – بُعد التفاعل بين النص الروائي وباقي النصوص الأخرى، خصوصًا التاريخ والذات والمجتمع باعتبارها مرايا للمعارف الإنسانيّة ولتأويلات الرموز التي تؤطر الخطابات والرؤى.
من خلال فصول الكتاب نستطيع أن نميز ثلاث مراحل في تطور السياسة الخارجيّة للسادات، المرحلة الأولى منذ توله السلطة في أكتوبر 1971 وحتى أكتوبر 1973 وفيها ظل السادات ملتزمًا بالخطوط الرئيسيّة لسياسة ناصر الحديثة، والمرحلة الثانية مرحلة حرب أكتوبر والتي كانت مرحلة فاصلة في مسار العلاقات المصرية السوفيتية حيث اتخذ السادات قرار الحرب دون تنسيق مسبق مع موسكو، والمرحلة الثالثة مرحلة عملية السلام بين مصر وإسرائيل والتي تمت برعاية أمريكيّة كاملة، ولقد اتّسمت هذه المرحلة بتدهور حاد في العلاقات المصريّة السوفيتيّة حيث تم إلغاء معاهدة الصداقة وانتهت بقطع العلاقات الدبلوماسيّة بين البلدين.
تاريخ مصر ذو طبيعة خاصة في تاريخ العصور الوسطى الإسلاميّة، فقد تميزت مصر – طوال تلك العصور التاريخيّة – بحدود معروفة، وحقب تاريخية معلومة، وتمتعت مصر بكينونة سياسيّة متميزة؛ لما لها من تاريخ عريق في عمر الزمان، ووحدة جغرافية واضحة، وتماسك إداري متين، واستمراريّة لحلقات تاريخيّة متواصلة بدون انقطاع، بشكل لا تجد له نظيرًا في تاريخ العالم الإسلامي، فقد مَصَّرت مصرُ الغزاة وصبغتهم بصبغة امتزجت فيها رقائق حضاريّة مختلفة من فرعونيّة وإغريقيّة ومسيحيّة وإسلاميّة.
شَاهَ الخيالُ وماتت ريشتي الخَضرَا
وما تَبوأ كوخي النُّورُ يا سَمرَا
وحدي أُغردُ والأوتار ضارعة
كأن عَودِي لوجدي أية.. كُبرَى
أنا مع الليلِ والأوهامِ.. مفتقَد
كالزهرِ والأسل العاتي به أدري
وأنت كالخطرةِ الصفراءِ ساهمة
على مُحَيّاك خط الموتُ ما يُقَرا
إن سير الأشخاص وعطاءاتهم هي سير وعطاءات العلم والإبداع والدول، والإنسان.. خليفة الله في أرضه هو صانع الحضارة والتقدم والرقي، والمورد البشري هو أساس بناء مجتمعات المعرفة في القرن الحادي والعشرين.
ومصر غنية بأبنائها الذين رفعوا رايتها على مرّ العصور، منذ آلاف السنين وحتى اليوم، فمنهم من قاد العالم في فترة من الفترات، ومنهم من قاد ابتكارات واختراعات استفاد منها المجتمع العالمي، ومنهم من ساهم في إسعاد الملايين من البشر. ومنهم أيضًا من حصل على جائزة أو جوائز عالميّة مثل جائزة نوبل، ولذلك فإن تسجيل سيرة ومسيرة الأشخاص له قيمته الكبيرة، فهو بمثابة تقدير لإسهام الشخص ودوره في العلم والفكر والعمل، وهو من ناحية أخرى بمثابة لوحة حيّة مضيئة تنير الطريق للآخرين.
والشخصيات في هذا الكتاب موزعة على ثلاثة قطاعات:
الأول هو قطاع الأدب، والثاني قطاع الفنون والاجتماع والعلوم، والثالث يختص بالمكتبات والوثائق والنشر.
تأتي هذه الدراسة بعد ثلاث دراسات تقدمتها في مشروع المعجم اللغوي للشعر العربي القديم، نشر الجزء الأول منها في حوليات كليّة الآداب وهي (أوس بن حجر ومعجمه اللغوي)، وطبيعي أن يكون المنهج المتبع في إعداد هذا المعجم هو المنهج ذاته الذي اعتمد في إنجاز المعاجم اللغوية لثلاثة شعراء هم (أوس بن حجر، والنابغة الذبياني، والأعشى).
إن الهدف من هذه الدراسة هو تقديم شعر أوس بن حجر بصورة شاملة ودقيقة شكلاً ومحتوى، وأوس بن حجر واحد من عشرة شعراء جاهليين أعددنا لكل واحد منهم معجمًا لغويًّا، حتى وصلت مادة هذا المعجم – التي أدخلت الكمبيوتر – ما يقارب (30) ألف كلمة.
حظيت رحلة العائلة المقدسة باهتمام الكثيرين، سواء من الداخل أو الخارج، ونظرًا لطول المدة التي قاربت على أربع سنوات وتعدد الأماكن التي زارتها العائلة المقدسة في عموم مصر إلى تصدي كثير من مؤسسات الدولة مثل وزارة السياحة ووزارة الآثار للاهتمام بهذه الأماكن وتنميتها بيئيًّا وأثريًّا وسياحيًّا.
وسوف نتناول في بحثنا هذا المصادر التاريخية التي أرخت لهذا الحدث وبعض المواقع الأثريّة التي ترصد هذه الزيارة.
إن مستقبل التاريخ لن يكون في كتب تعتمد على النصوص فقط، بل سيعتمد على نوع جديد من الكتب الخارجيّة تقوم بالأساس على الصورة والرسومات (الجرافيك) الشيقة، هذا النوع يُعرف بكتب القهوة؛ لأن الفرد يتصفحها للتسلية والمعرفة في أوقات الفراغ، ولأنها ستكون منافسًا حقيقيًّا لشاشات التلفاز والإنترنت في جذب عين القارئ لمشاهدتها وقراءتها، وقد يلحق بهذا النوع من الكتب (CD) أو ( (DVDعليه فيلم أو لقاء أو تسجيل لحدث مرتبط بموضوع الكتاب. أما الكتب التاريخيّة المحققة كالمخطوطات سيكون موضعها المكتبات الرقمية على شبكة الإنترنت؛ لذا سنحصر دور المؤرخ مستقبلاً في الدراسات الأكاديميّة أو المجلات المتخصصة أو في المساعدة لتقديم المادة التاريخية على شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى دور المؤرخ في تفسير التاريخ والبحث في ثغراته.
من هنا يقول مؤلف هذا الكتاب: "سوف يستغرب الكثيرون من عنوان هذا الكتاب (مستقبل التاريخ) لكني سأدع القارئ لكي يستكشف، من خلال ما سأقدمه سواء عبر المدخل والرؤية أو عبر الشرح المفصل للنموذج، وهو ذاكرة مصر المعاصرة، طارحًا سؤالاً أساسيًّا: هل للتاريخ مستقبل في العالم الرقمي؟!".
المشاركون:
الدكتور/ إبراهيم العسيري
الدكتور/ إبراهيم العيسوي
الدكتور/ أحمد البرعي
الأستاذ/ أحمد السيد النجار
المستشار/ أشرف البارودي
الدكتور/ جودة عبد الخالق
المهندس/ حسام الزيات
الدكتور/ زكريا الحداد
الدكتورة/ سلوى العنتري
الدكتور/ عبد السلام جمعة
الدكتور/ عبد العال حسن عطية
الدكتور/ كمال نجيب
الدكتورة/ ميرفت التلاوي
الدكتور/ محمد حسن خليل
الدكتورة/ نادية رمسيس فرح
يحتوي هذا المجلد على أربعة كتب من مؤلفات المازني ضمنها كتاب الديوان الذي كان قد بدأ تأليفه مع الأستاذ العقاد، ولكنهما لم يتمّاه، وهذه الكتب هي :"شعر حافظ"، "الشعر غاياته ووسائطه"، "الديوان، كتاب في الأدب والنقد(بالاشتراك مع العقاد)"، حصاد الهشيم".
وكلها قائمة على تجميع مقالات نُشرت أولاً متفرقة ثم تمَّ جمعها في كتب. يقول المازني في مقدمة كتابه "شعر حافظ": "لا ننكر ما لدراسة الأدب القديم من النفع والفائدة، وما للخبرة ببراعات العظماء قديمهم وحديثهم، من الفائدة والأثر الجليل في تربية لروح، ولكنه لا يخفى عنا أن ذلك ربما كان مدعاة لفناء الشخصيّة والذهول عن الغاية التي يسعى إليها الأديب والغرض الذي يعالجه الشاعر، والأصل في الكتابة بوجه عام.
على أنه مهما يكن فضل القدماء ومزيتهم فليس ثم مساغ للشك في أنك لا تستطيع أن تبلغ مبلغهم من طريق الحكاية والتقليد".
في هذا الكتاب إطلالة على أعمال أدبيّة متميزة لجيل جديد من المبدعين والمبدعات .. إطلالة على عوالم أدبيّة مغايرة، وأفكار مثيرة للتأمل والدهشة.
وهذه الأعمال الإبداعيّة هي مختارات متنوعة مما قدمه شباب المبدعين في ندوة "تواصل" وهي الندوة الشهريّة التي تعقدها لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة.
وتهدف الندوة إلى التواصل بين الأجيال الأدبيّة والفنيّة، وتغذية التيار الثقافي بأصوات لم تُسمع من قبل، وعرض التجارب الإبداعيّة والثقافيّة المغايرة، كما حرصت الندوة على تنوع وتراسل الفنون، فتمَّ تقديم القصة القصيرة في عناقها مع الشعر، والأفلام الروائيّة القصيرة والغناء والعزف الموسيقي.
البحر الذي كنت دائمًا أحجّ إليه أثناء غروب الشمس، متأملاً القرص الذهبي الكبير وهو ينزل على سيف الأفق؛ لينطفئ رويدًا رويدًا مانحًا ذهبه لسطح الماء الشاسع، موجات رقيقة من ذهب سائل يتموّج بهدير صوت بحر يودّع شمسَه.
البحر الذي دائمًا قبل أن أصل إليه يترامى إليّ صوته بلغته الغامضة، وصمته الأكثر غموضًا، صوته المؤنس، صمته المُقلِق، وطيوره التي تطبع على رمال شواطئه آثار اكتمال هجرتها، وكلما اجتاحت المدينة رياحه الباردة يضمُّها البحر بحنوٍ بالغٍ، نافخًا في أطرافها دفء قلبه الذي اختلسه واكتنزه لأجلها من شمس النهار.
إذا كانت كتابة المرأة العربيّة هي إشارة وعي، وعلامة خروج، ودلالة تحرر، فإن خوف المرأة من الكتابة وفي الكتابة هو : إشارة استلاب، وعلامة انزواء، ودلالة انقسام واضح في الهوية! فعبر هذه الجدليّة : الخروج/ الانزواء أو الكتابة / الخوف، يبدو الدافع إلى الكتابة متعددًا ومتداخلاً، حاضرًا وملتفًا، يصعب حصره، فقد يُرد إلى الحافز ونقيضه، وقد يأتي وليد الرغبة في إعطاء معنى للحياة، أو لنقل أنه قد يكون ثمرة الرفض لما هو سائد، والتوق إلى مستقبل أفضل، لكنه قد يأتي نتاج الخوف من خطر الموت أو الانزواء..
فالكتابة من حيث هي حضور متجدد فاعل ومنفعل مع الذات الكاتبة، نجدها تنطوي على جدليّة التشكيل والتشكل بفعل هذه الذات، وفيها، ومعها، وفي المقابل يأتي وعي الخوف من المجتمع، ومع الآخر منعكسًا على الكتابة وفيها؛ فتتأثر الكتابة ويتغير النص.
يعالج هذا الكتاب معضلة مهمة تتمثل في السؤال المطروح نقديًّا، ومصاحبًا لكل منهجًا نقديًّا جديدًا ألا وهو ما الحدود المسموح بها في قراءة النص؟
هل يمكن أن يطرح التأويل نصًّا مغايرًا؟ وإذا كان هذا ممكنًا فهل يكون هذا الطرح انطباعيًّا أو مؤسسًا على أصول وقواعد؟ هذا ما يجيب عليه ابن عربي في قراءته للنصوص الشعريّة.. وتتجلى عبر صفحات هذا الكتاب.
من خلال التجربة والمعايشة، وجدنا أنه ينبغي أن يسبق الجهد الحصري التأريخي لدواوين الشعر جهد آخر دراسيّ، هو تأمل هذا الرصيد الضخم من الإنتاج الشعري الحديث الذي يؤكد أن الشعر العربي ما زال ديوان العرب في حاضرهم كما كان في ماضيهم، يرصد واقعهم وآمالهم وآلامهم.
من خلال التجربة والمعايشة، وجدنا أنه ينبغي أن يسبق الجهد الحصري التأريخي لدواوين الشعر جهد آخر دراسيّ، هو تأمل هذا الرصيد الضخم من الإنتاج الشعري الحديث الذي يؤكد أن الشعر العربي ما زال ديوان العرب في حاضرهم كما كان في ماضيهم، يرصد واقعهم وآمالهم وآلامهم.
منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا مضت، لم يكن معسكر الاعتقال متلبو أو متلبو دورا MITTELBAU-DORA، الشهير باسم دورا، معروفًا في العالم الناطق باللغة الإنجليزيّة.
تميز معسكر دورا بالعمل لفترة قصيرة حيث أن عمره لم يزد على العشرين شهرًا الأخيرة من زمن الحرب العالمية الثانية. وقد تعمدت حكومة الولايات المتحدة ووسائل الإعلام الغربيّة تجاهله بسبب علاقة هذا المعسكر بمهندس الصواريخ الألماني الكبير براون (1912 – 1977) WERNHER VON BRAUN الذي ساعد أمريكا في وضع أول قمر صناعي أمريكي في مداره وهبوط أول رواد فضاء أمريكان على سطح القمر.
أقيم معسكر اعتقال ماثاوزن النازي في النمسا، وكان بين نزلائه اثنان من السجناء الإسبان هما جارسيا وكاسيمير كليمنت الذي كتب سرَّ مذكراته المفصلة عن هذا المعسكر. وأيضًا كان جارسيا يعمل مصورًا لمعسكر ماثاوزن الذي احتفظ ببعض اللقطات التي أمرته وحدة البوليس الخاصة بأخذها. ويعتبر رجل المخابرات البريطاني واسمه بيير لي شين العامل في فرنسا الواقعة آن ذاك تحت الاحتلال النازي واحدًا من أبرز شهود العيان بشأن معسكر ماثاوزن حيث استطاع جهاز البوليس السياسي...
يذهب الدارسون إلى أن استحداث النظام النازي لبرنامج القتل الرحيم المعروفة باسم T4 أي الإجهاز على الألمان ذوي العاهات العقلية والجسديّة مهد الطريق لنشوء فكرة إبادة ألمانيا النازيّة ليهود أوربا.
وفي كتاب هتلر المعروف "كفاحي" نراه يعلن بكل وضوح وجلاء أنه ليس هناك مكان للضعفاء في الدولة النازية يقول : "سوف تقوم الأنواع القوية بطرد الأنواع الضعيفة لأن الرغبة في الحياة، في شكلها النهائي، سوف تحطم القيود المضحكة المفروضة على من يسمى بالفرد المعطوف الرحيم لتفسح الطريق أمام الطبيعة البشريّة ، ولتحطم كل ما هو ضعيف وتمكين الأقوياء من أن تكون لهم الغلبة".
قرأت كتاب" القوى الاجتماعيّة المؤيدة لجماعات العنف السياسي الإسلامي" بتمعن فوجدته دراسة علميّة رصينة تتضمن إبداعًا فكريًّا أصيلاً، فقد اكتشفت أن الباحث يتملك تمامًا ناصية موضوعه، وهو – كما يظهر في البحث – ستند إلى ثقافة سوسيولوجيّة عميقة، تدل عليها النظريات المتعددة التي استند إليها في وضع مشكلة البحث بكل أبعادها، أو في تفسير مختلف أبعاد الظاهرة.
وقد بدأ بحثه بتحليل نقدي للكتابات والدراسات السابقة للعنف الإسلامي، ثم ثني في الفصل الثاني باستعراض النظريّة الاجتماعيّة وتفسير ظاهرة العنف، ثم تحدث في الفصل الثالث عن تأثير التحولات الاجتماعيّة والاقتصاديّة على تنامي القوى الاجتماعيّة المؤيدة للتيار الإسلامي، ودرس بعد ذلك القوى الاجتماعيّة المؤيدة لجماعات العنف وخصائصها الاجتماعيّة والاقتصاديّة والدينيّة وموقفها من عوامل العنف، وموقف القوى الاجتماعية المختلفة من التيار الإسلامي، وأخيرًا القوى الاجتماعية المؤيدة لجماعات العنف.
لقد اكتشفت من قراءة المخطوط أنه يمثل إنتاجًا علميًّا رفيع المستوى لباحث ينتمي إلى الجيل الجديد من علماء الاجتماع المصريين الذين سيكوّنون بإبداعهم إضافة حقيقية للمعرفة السوسيولوجية المعاصرة.
إعادة إنتاج الثقافة الشعبيّة تعبّر عن قدرة أساليب الحياة في أي مجتمع على استمرار أهم ملامحها عبر التغير. وهذا يعني أن انتقال العناصر الثقافيّة الشعبيّة، رأسيًّا عبر الأجيال أو أفقيًّا من خلال التواصل الإنساني، لا يعني استنساخًا كاملاً وحرفًّا لكل ملامحها ولا يعني أيضًا فنائها واستبدالها كليًّا بعناصر أخرى جديد. فالبشر يواجهون الحياة بما لديهم من موروثات ثقافيّة، وبهذه الموروثات ومعها يغيرون حياتهم ويتغيرون. وتبرهن قراءة أساليب حياة الفقراء على شدة ارتباطهم بتراثهم الشعبي الذي يعد بمثابة رأسمالهم الحقيقي في ظل حرمانه. وأن أساليب حياة الفقراء تنطوي على قدر من الثراء ينبغي الكشف عنه لأنه يعبر عن سر بقائهم رغم الندرة والظروف البائسة.
هذا الكتاب الذي صدر عام 1925 للشاب الأزهري علي عبد الرازق قد أربك حساباتٍ وخططًا كثيرة كانت تُحاك لمصر، مثلما يحدث الآن، وهذا الكتاب الصغير الذي أطاح بأربعة وزراء دفعة واحدة، قد تجاوز أن يكون كتابًا، بل صار حدثًا ضخمًا تتناوله الجهات المختلفة، بداية من القصر الحاكم إلى الحاكم الإنجليزي، إلى مجلس الوزراء، إلى مشيخة وإدارة الأزهر، إلى مجموع الكُتَّاب والمفكرين والساسة الذين قلّبوا فيه وعدّلوا وكتبوا وسطّروا، وأخيرًا تم إخراج الشيخ علي عبد الرازق، بل طرده من بين العلماء، ولكن هذا لم يغير من الأمر شيئًا، بل زاد الكتاب انتشارًا وقراءة.
فهذا الكتاب ما هو إلا محاولة لاستعادة تراثنا الفكري الفاعل، والذي ما زال له حضوره القوي، رغم مرور عقود وعقود على صدوره.
عطيات الأبنودي، مخرجة الأفلام التسجيليّة ذات الأسلوب الذي لا ينتمي إلا إليها، تقدم لنا هذا الكتاب الفريد، المفيد، الممتع في آن، ذلك أنه يُغطِّي، بسخاء، منطقة واسعة غائبة في الثقافة السينمائيّة، فضلا عن أنه مكتوب بلغة جميلة، سَلسَة، تعبر عن وجهات نظرها، على نحو يجمع بين البساطة والحكم .. فإذا كانت عطيات – أصلاً – مخرجة منحازة فإنها أيضًا كاتبة منحازة، تعلن – بقوة وبوضوح – عن مواقفها وانتماءاتها .. أفلام عطيات الأبنودي، وكتاباتها، وحدة واحدة، بمثابة إضافات إبداعية، منسوجة على غرار حصان الطين، لذا كان من المنطقي أن تقدم السينما الثالثة، الذي يُعدُّ، في بُعدٍ من أبعاده، أنشودة تبجيل عذبة، لتاريخ السينما، بموجاته الفكرية وتطوراته الصناعية، وعلاقته بالقضايا المعتملة في الواقع، وهي في هذا لا تسرد مراحل ولا تُقارن بين اتجاهات، ولكن ترصد، بداية ومنابع التيارات الجديدة، وتتابع نضجها وتبلوُرها، وتحدد ملامحها فكريًّا وفنيًّا، وتحدد إنجازاتها، وأهم إبداعاتها ومبدعيها، ثم تتعقب ما آلت إليه.
"التياترجي" هو لقب كل من يعمل بالتياتروهات أي المسارح الصغيرة التي كانت تقدم كافة أشكال الفنون من تمثيل ورقص وغناء وإلقاء نكات واستعراضات وموسيقى وتقليد واستكشاف وقد كان "منير مراد" مغرمًا بفنون التياترو بشكل عام حتى إن أفلامه كانت تدور جميعًا حول متعدد المواهب اسمه "منير" يناضل من أجل العمل في التياتروهات.
وُلد منير مراد في يناير 1922 وتوفي في أكتوبر 1981، مثَّل دور البطولة في فيلمين هما (أنا وحبيبي) أمام شادية1953، و(نهارك سعيد) 1955، وفي العام نفسه قام بدور صغير في فيلم (موعد مع إبليس) أمام زكي رستم ومحمود المليجي، ثم مرت تسع سنوات كاملة إلى أن طلب منه صديقه حسن الصيفي أن يقدم استعراضًا في فيلمه الذي أخرجه عام1964 وكان بعنوان (بنت الحتة).
ولمنير مراد 3000 لحن كما أنه كان مساعد مخرج في 150 فيلمًا، وهو ابن زكي مراد، أشهر مطربي مصر بين أواخر القرن الـ 19 وحتى نهاية العشرينيّات من القرن العشرين.
الحب على المستوى الوجودي يكمن في استيفاء الأضداد، وأن سرَّ الحب العميق يكمن في موته وبعثه إلى عدد لا نهائي من المرات. فلكي يعيش الإنسان، ويستمر في فتوحاته في أرض المنفى والملكوت، لا بد لأجنحته أن تتساقط الواحدة تلو الأخرى، وأن تنمو مكانها أجنحة جديدة قادرة على الطيران والغربة والرحيل إلى أرض النوم والسحر واليقظة المرعبة، فمن القصائد المصريّة القديمة التي عبر بها شخص ما، عن عشق لا يقهره الموت :
إني أستنشق الهواء العذب الخارج من فمك
وأتأمل كل يوم في جمالك
وأمنيتي هي أن أسمع صوتك الحبيب
الذي يشمل حفيف ريح الشمال
إن الحب سيُعيد الشباب إلى أطرافي
إن الاجتهادات البحثية التي يتضمنها هذا الكتاب، تتنوع تنوعًا واضحًا، يتناسب مع تنوع السادة الباحثين في هذا الموضوع أنفسهم، كما أنها تشمل اتجاهات متعددة في مجال البحث ذاته، بما يسمح بقراءة هذه الأبحاث قراءة جمعيّة، تبحث في العلامات المعرفيّة المهمة التي يمكن أن تحتويها، فتقف على بعض الموضوعات المشتركة فيما بينها، أو بين عدد منها، وللمقارنة بين اتجاهات البحث في هذه الموضوعات أيضًا، وذلك من جهة، ومن جهة أخرى بما يسمح بتكوين نظرة خاصة لكل ورقة من هذه الأوراق البحثية للوقوف على محتوياتها.
ثمة مشاعل قليلة من الماضي لا تزال تحتفظ بوهجها وتضيء حياتنا، وأخرى كثيرة قد انطفأت وباتت رمادًا لا يجدي فيها النفخ لتشتعل من جديد في ظل المتغيرات الكاسحة، وربما يجد القارئ أن الكتاب يتركه في نهاية صفحاته، واقفًا وسط الساحة التشكيليّة المرتبكة حائرًا أمام أزمة مستعصية، دون أن أحاول رسم صورة ورديّة للمستقبل، لكن حسبي أنني حاولت قدر استطاعتي تشخيص هذه الأزمة وتحليل أسبابها ووصف الحلول الموضوعيّة للخروج منها إلى مستقبل أفضل.
قد حرصت على نشر بعض ما كتبته في سنوات ماضية تصل إلى العشرات أحيانًا دون حذف أو إضافة؛ لأنها عبَّرت بصدق عن فترتها التاريخيّة، والأهم من ذلك أنها لا تزال معبرة عمّا يحدث الآن على الساحة، فكأننا ندور في دائرة مغلقة منذ ذلك التاريخ رغم أننا – كما يقول الفلاسفة – لا نشرب من نفس النهر مرتين! ..
إذا كانت العلاقة المشبوبة والجارفة هي التي تقود مسيرة ناجي في شعره، فإن العقل المحلل والمتأمل هو الذي يقود مسيرته في نثره المتسم بالروح الموضوعيّة التي تتحرى الدقة ويبدو فيها الحياد العلمي جليًّا واضحًا.
وإنه من المفيد والممتع في آن واحد، أن يعكف أحد الباحثين المهتمين على قضية من القضايا التي شغلت ناجي وعبر عنها بالشعر والنثر؛ لأننا – في هذه الحالة – سنكتشف أن العاطفة المشبوبة والجارفة هي التي تقود مسيرة ناجي تجاه هذه القضيّة في الشعر، أما في نثره فإن العقل المحلل والمتأمل هو الذي يقود مسيرته تجاه القضية نفسها.
إن البحث في تاريخ الأدب والفن محفوف بمخاطر عدة، ليس أقلها تغليب الهوى، إما في قراءة الوثائق المتعلقة بالموضوع، وإما في تجاهلها والاعتماد على الشائعات أو الميول الشخصيّة، وتاريخ المسرح المصري موثَّق، ما زالت هناك وثائق مجهولة بالتأكيد، لكن ما توفر منها يكف للإحاطة بمسارات ركوده وازدهاره، وبخاصة ما تعلق بالفترة من 1956 إلى 1969، وهي الفترة التي شهدت ما يُدعى "مأساة باكثير" أو اضطهادة من قبل اليسارين بمنع مسرحياته من العرض، وإسقاط عرض مسرحية "حبل الغسيل" بعد تأليب المخرجين والممثلين والجمهور ضدها، ثم الهجوم عليها وعلى باكثير في الصحف، والمسرحيات "المضطهدة" وثيقة لا تقل أهمية عن وثائق العلاقة بين باكثير والمسرح.
يقدم هذا الكتاب (علوم البحار) للقارئ غير الاختصاصي، وهي ليست علمًا فردًا، بل مجموعة علوم، تخدم الدراسات البحريّة، ومنتهى أمله أن يكون مجرد (فاتح شهية) للقارئ الراغب في المعرفة. وقد اجتهد المؤلف في تبسيط المادة العلمية؛ لتستسيغها مختلف الأذواق والمشارب، كما قصد إلى ربطها بلمحات من حياة البشر اليوميّة؛ وهي موضوعة في شكلٍ غير تقليدي للكتاب، هو السؤال والجواب، وهو شكل شائع في كثير من الإصدارات الأجنبيّة في مجال الكتابةالعلميّة للعامة.
هي بكائيّات بدموع يذرفها عقل الفيلسوف وفؤاد الشاعر؛ حيث طيف"هيجل" وغيره من الفلاسفة، يلتبس بطيوف الشعراء من كل عصر وجنس، فمن الشاعر المصري القديم الذي غازل الموت قبل أربعة آلاف عام، إلى "شكسبير" و "فيون" من شعراء الغرب، مرُّوا بمن رثوا أنفسهم في تراثنا من شعراء الجاهلية وصدر الإسلام. وراء كل دمعة من دموع هذه البكائيَّات حس مأساوي فاجع بمصير الإنسان وقدره المحتوم؛ حين يظهر الموت وكأنه الوجه الآخر للحب! فتمحو الحدود بين اللذة والألم، بين اليقين والشك، تمامًا كما أمحت بين الشعر والقصة والمسرحيّة، وبينها جميعًا وبين النثر الفلسفي الخالص، في هذا النص الفريد الذي كتبه واحد من أشهر من جمعوا بين الأدب والفلسفة في قرن، وهو الدكتور عبد الغفار مكاوي، الذي ودّعنا وودعناه في ديسمبر الماضي.
من خلال هذه الدورة - دورة الزمالة للدراسات والفنون الإسلامية – يتضح أن دور جمعية المحافظة على التراث المصري ليس في الاهتمام بالآثار المصريّة والمسيحيّة فحسب، بل والآثار الإسلاميّة أيضًا، فكلاهما تراث على أرض مصر لا بد من المحافظة عليه؛ حيث تنقسم الآثار إلى آثار ثابتة كالعمائر الدينيّة والمدنيّة والجنائزيّة والدفاعيّة، وآثار منقولة تسمى بالتحف المنقولة.
أعماق الإنسان كرة زجاجيّة مسحورة، وأمام هذه الكرة نختلف ونتفق ونحاول أن نسبر الأعماق، وقد استطاع الفنان سيف وانلي خلال رحلة طويلة وصعبة أن يحطم ما حكموا به عليه قديمًا، استطاع أن ينجو من تراب الوظيفة الصغيرة إلى مكانته، تلك المكانة التي تنال شرف القدرة الفائقة للتعبير بالألوان، ولا بدّ لي من أن أقول: إني قد حاولت أن أعرف كل ما في كرة سيف الزجاجيّة. ففي شتاء 1964م أقنعت الفنان سيف بأن يكتب مذكراته، وقرأت المذكرات، واندفعت إلى كتب الفن والتاريخ أحاول أن أغزل من كل ذلك نسيجًا تسجيليًّا. حاولت أن أرى علاقة أي شيء بكل شيء منذ بداية هذا القرن حتى عام 1960م. رأيت الجزء يبدو وسط الكل مجود أسير وشهيد، ورأيت "الكل" يبدو شرسًا وجلادًا تحت دعوى الجوع الحاد إلى الأمل.
يحتوي هذا المجلد على ثلاثة كتب منشورة، هي: "قبض الريح"، و "بشَّار بن بُرد"، و "أحاديث المازني".
يقول المازني في مقدمة كتابه "قبض الريح":
"كتبت هذه الفصول وغيرها – كثيرًا غيرها – في الفترة الطويلة التي كان فيها شبح الماضي – أي نعم، طيف الماضي – يعايشني. وكان أقرب جيراني إلى نفسي، السماء. وكنت يومئذٍ – وما زلت – في رقعة من الأرض مدحوة للتفكير والأحلام والموت. قد طال عهدي بها وألفي لها ليكبر في وهمي – حين يستغرقني روحها – إني ههنا كنت قبل ميلادي، وأني بعضها، وقطعة منها، ولو علم الناس. وهي جمة الحالات، وإن كان ظاهرها لا يكاد يلحقه تغير، وأقوى ما يروعني من أطوارها، فقدانها الوعي، فلو نفخ في الصور ما تنبهت".
جمال عبد الناصر الزعيم في قلوب الشعراء
كانت مصر مركزًا هامًا، بل من أهم المراكز التي يعتمد عليها الحكم العثماني في كثير من المجالات وذلك لموقعها، واتساع رقعتها، لذا فإن مصر تزخر بالعديد من الوثائق والسجلات التركيّة المكتوبة متعددة الأنواع والأغراض، والتي ترجع إلى فترات مختلفة من التبعية العثمانيّة، ومنها ما دمرته الحرائق في القلعة أيام حكم محمد علي في 18 من يونيو عام 1820م، ومعظم الوثائق التي اختفت ولم يتم العثور عليها تعود إلى فترة الحكم العثماني لمصر.
قصص يوسف الشاروني ماكرة، وأسلوبها بعيد عن الصراحة المباشرة بعده عن الغموض المعقد، وفي بنائها المتقن صناعة الفن وليس صناعة الادعاء. والتوقف عند أسماء شخوص قصص الشاروني يكشف عن الكثير من مهارته ومكره، ويصلح مدخلاً عامًا مقيّدًا للتواصل مع عالمه الثريّ وإنتاجه المتميز.
ليست لندن عظيمة بعدد سكانها فحسب، بل هي عظيمة بما تحوي من ثروات هائلة - فنيّة وعلميّة وماديّة – إنها عظيمة بقِدَمِها، ذلك القِدَم الذي كساها رداء من الجلال والهيبة، عظيمة بجهودها القديمة والحديثة؛ لتظل محتفظة بمركزها العالمي الرفيع. فإن هذا الكتاب المتواضع يحمل في صفحاته القليلة الكثير من الأبحاث العميقة والملاحظات الدقيقة حول هذه المدينة الساحرة.
مجموعة قصصية تقدم مبدعًا شابًا في مجال القصو القصيرة، يفهم أصولها، ويعي قواعدها الفنيّة جيدًا، وبالإضافة إلى كل ذلك يمتلك أداة التعبير وهي اللغة التي يستطيع عبرها أن يقدم رؤيته للعالم أو وجهة نظره في ثوب فني متماسك ومتلاحم. وبناء فني محكم ينطلق من رؤية واضحة وموقف من العالم المحيط به وهو واقعه.
استطاع الأديب الشات أن يطرح هذه الرؤية في تشكيل جمالي سيطر عليه السرد القصصي وقل فيه الحوار إلا في المواضع التي استدعت وجود هذا الحوار، واللغة التي يمتلكها الأديب أسعفته في تشكيل رؤيته، وقد استخدم كل الإمكانات المتاحة من بلاغة تعبير مثل: "تحول إلى واحد من تلك التماثيل الشمعيّة دقيقة الصنع وقد تصلبت عيناه، بل وأطرافه، حتى وأفكاره وهو يراقب ذلك المشهد".
إنه يختصر الموقف في جمل تحمل فضاءات دلاليّة واسعة، وتتمتع بكل الخصائص البلاغية مع سهولة ألفاظها وخلوها من أي لفظ معقد، وهكذا في كثير من المواقف التي يصفها في قصص هذه المجموعة المتميزة.
ديوان لشاعر واعد يملك من الموهبة الشعريّة، ومن الأدوات الفنيّة ما يجعله جديرًا بصفة الشاعر المتمكن، والمبدع الصادق في إبداعه، المخلص له، على نحو يبشر باحتلاله منزلة فنيّة مرموقة في عالم الشعر في قابل الأيام بما يقدمه الديوان من تماسك نصي، وبناء فني جيد.
وواضح أن للشاعر لغته الشعريّة الخاصة به المتسمة بالجرأة والثقة، في مستوى جعله مِقدامًا في مجال المغامرة التعبيريّة والإشاريّة، والمغامرة التصويريّة والتخيليّة، ثابت الخطوة في نحته اللغة، وسعيه للمعنى، وتحليقه بالصورة الشعريّة، حيث لا يقتصر في تجلياته الفنيّة على السلامة والجمال الفنيين فحسب، بل يتجاوز ذلك القدر الفني المقبول والمناسب إلى ما وراءه وفوقه من إجادة لغويّة سارعت إلى عنوان الديوان بدلالاته الهامشيّة والمجازيّة والرمزيّة، بجمعه بين المحسوس في (خبز)، والمعنوي الشعوري في (الهواجس)، بما تعنيه المفارقة بين ما هو محسوس ومعنوي، من ناحية، وما هو مفرد وجمع، من ناحية أخرى، واستمرت مع ابتكار التراكيب في أبنيتها اللغوية، والتصوير في أبنيته وقصوره المشيّدة في عالم التخيّل.
تتضمن هذه الرواية أسباب حرب الاستقلال التي قام بها المصريون في مدة الأسرة السابعة عشر حتى تهيأ لهم طرد الهكسوس في أول عهد الأسرة الثامنة عشر على يد الملك أحمس بن سكنن رع الثالث الملقب بالفاتح، كما تتضمن كثيرًا من عادات المصريين القدماء ومعتقداتهم وطرق محاكمتهم وكيفية انعقاد المحاكم وتشريعهم في ذلك الوقت. وقد ضمنتها كثيرًا من الحوادث الشهيرة التي حدثت في مصر في عهودها الأخيرة فهي صورة حقيقيّة لأخلاق بعض الأشخاص المعاصرين وتأثير التطورات السياسيّة فيهم. وفيها كثير من المناقشات العلمية والأخلاقيّة التي يدور البحث فيها الآن، فهي صورة تاريخية للعصر الحالي طُبقت تمام التطبيق على عصر القدماء المصريين.
وبطلة الرواية نوب حتب تعتبر رمزًا لمصر في حالتها الحاضرة.
رماني"أبوللو" على لجج البحر
قال : هنا ستغني وتتبعك الكائنات ..
لك الآن هذا المدى الأزرق الأزليُّ ..
وهذا الفضاء الرحيب ..
على الماء عرشك..
ليس يشاركك المُلك إلا النجوم الزواهرُ حينًا ..
وحينًا تشاركك الملك تلك الغزالة ..
والأرض ليست لك ..
الأرضُ للبؤساء العبيد، وللآثمين الطغاة..
عندما أظلمت القاعة للمرة الثانية وانفتحت الستارة المخمليّة رأينا مشاهد لطائرات حربيّة أسرع من الصوت تُلقي شحناتها المتفجرة على جبال خالية وأطلال مدن وأكواخ متفرقة مسكونة بأناس تعساء غالبيتهم أطفال ونساء وشيوخ كبار أو شباب تنقصهم الحيويّة والقدرة على الفرار، وربما لأن القذائف كانت متسارعة بشكل خاطف كانت الأبدان تتحول إلى أشلاء مبعثرة، كان الدم ينزف ويلطخ الشاشة البيضاء ويوشك أن يلطخ وجوهنا التي تتأمل بأسى وعجز لأن الدانات المتفجرة لم يكن يصدر عنها أي صوت، وبمثل ما كانت الدبابات الضخمة تدمر البيوت وتقتحم الأبدان الساكنة داخلها كانت البنادق الآلية في أيدي جيوش تتلصص بحثًا عن بدن متحرك أو خيال لتصوب إليه الطلقات.
جمع هذا الديوان بين جانبي التعبير الشعري المتباعدين: الإيحائي، والمباشر معًا، وفي الوقت نفسه الذي اقتربنا فيه من القول القصصي، أو الصحفي، رأينا التعبير الموحي الرامز المصور منذ المفتتح، حيث الرمز الأول لمصر بــ (يا سمراء) تليه رموز: الجميلة – المعشوقة – المجنونة باللؤلؤ – هنا القاهرة .. إلخ. وحيث إبراز دال (النيل) منذ المفتتح، وفي(حين أتمتم باسمك/ وأخص النيل بحزني) أو التصوير، واستثمار إمكانات التخييل : يا أيها الشبق المسافر في ضلوعي – فتحت لنا الأشواق باب الرجوع- نعزف سيمفونية زمن مكتظ بالأوجاع – أفتح كل العواصم، وغيرها.
وكانت الخاتمة هي قمة التعبير الشعري عنده، لا لأنها (إبيجراما) مركزة مكثفة مكونة من أربعة عشر حرفًا فحسب، هي كل مكونات النص؛ بل لأنها في قمة التعبير المركز المكثف المكنز بالمعنى. ها هو النص كامل بعنوان (خاتمة):
"أخذك مني/ إعطاء لي". انتهى النص، وكان عندي أبلغ من نصوص الديوان كله.
ديوان" حين يعطي وصفها ليمامتين" يمثل ملامح التجديد والتجريب في أبنية الشعر المعاصر واتجاهاته، وتتنوع قصائده بين التفعيلي وقصيدة النثر، وتتخذ قصيدة الإبيجرام شكلاً لها، وهي قصيدة تعتمد التكثيف والإيجاز إلى أقصى مدى دون الإخلال بمتطلبات وشروط شعريّة، مع الاعتماد على المفارقة التي تمثل البنية الأكثر حضورًا في الديوان. ولعل أهم ما يميز القصائد أنها تستطيع الإمساك بمعطيات الشعريّة المعاصرة في تطورها الأخير بعد تخليها – نسبيًّا – عن شكلية الإيقاع الخارجي الرنانة، وتحولها إلى الإيقاع الداخلي من نبر وتنغيم ومدى زمني، وتوسيعها من بنية المجاز في مفهومه العام بما يشمله من آليات البلاغة القديمة وما يضمنه إليها من تقنيات البلاغة المعاصرة المعتمدة على منجز الدرس الأسلوبي والخطاب الحجاجي.
ويأتي دور المفارقة، التي تعتمدها قصائد الديوان بكل أنواعها : مفارقة اللغة، مفارقة الصورة، مفارقة الحالة، مفارقة الموقف، مفارقة الشعور، المفارقة الفكريّة، مفارقو الوعي، وغيرها من أنواع المفارقة التي غدت شرطًا من شروط الشعريّة وآلية من آليات إنتاجها.
يا نخل يا عالي
خليك تداري الحزن عن بالي
أخاف على أصحابي الكتار
يتأثروا بحالي
يا نخل يا للي الزمن طايلك
سيب الزمن
واسمع لموالي
ما فاضلش من باقي الحكاية كتير
راح الشتا..
بيجيب وراه أمشير
قبل الهلال ما يهل
الناس حتنساني
الروح بتطله زي جمرة نار على وداني
والنيل بيبعت لي رسالة شوق
آه..
يا للي أنا من دون الرجال مخنوق.
ديوان مكسوّ بالصمت ومع ذلك فإن الصوت هو الغالب : صوت .. همسات .. وأزيز الماء .. إلخ ومن النهج الأسلوبي نلتقي بطرافة تخيليّة تصويريّة في مثل قول الشاعرة في الديوان: أضغاث خطوط ونقوش وتراب.
في تناصية جيدة تمضي مع تناصيّات متعددة الوجوه بين:
ذي القرنين – يأجوج – سليمان – والطير – أسطوريّة – العرش – خلع النعلين – هيروغليفيّة – مريم – بلقيس. وأجمله قصيدة (الفرار إلى القمر)، وما دار حوله من أساطير حول غيابه أو اختفائه أو خسوفه أو محاقه، وما يكمل القناع والرمز من تناص في مجال التوظيف الحديث والمعاصر.
ويسيطر الإحساس بالرابط الإيقاعي الواصل إلينا من أعماق التراث من خلال أبنية القافية في صورة النون المردفة الموصولة: "أنقش سفر أحزاني/ أعشق دفء أوطاني/ أنا الفاني/ ألحاني/ ووجداني/ آذاني/ ولا اثنان. حتى ليسود ذلك الإيقاع الكلاسيكي في القافية في شكل حنين واضح في قصيدة (تمتمات) ؛ حيث يسيطر روى الميم المردفة بالألف؛ لنظفر في النهاية بصوت شعري واعد متجه بثقة في فضاءات الشعر.
مجموعة قصصيّة يدل عنوانها على ما يتمتع به الكاتب من جرأة علو تلوين طريقة السرد، وأنماطه، قدرة قد تفوق عمره الفني، وليس معنى هذا أننا نحجر على أفكاره ورؤاه، أو نتدخل في تيار إبداعه الشعوري أو اللا شعوري؛ ولكننا نشير – فحسب – إلى ما قام عليه السرد من سمات، وخصوصًا في القصص الأولى من تلقائيّة في السرد، وتلقائيّة في بناء الجملة السرديّة من الناحية اللغويّة؛ حيث نراه يسرد في قصة (قروش سيدي خلف) بطريقة لغويّة يعتمد فيها الجملة الاسميّة، لا الجمل الفعليّة، تلك الجمل الحاملة لإيقاع الزمن، وموقع المكان معًا.
كما نوّع طرق السرد، مفيدًا من تراسل الأجناس الأدبيّة وتمازجها، وما تم من تحولات سرديّة، وقدم للكثير من قصصه بنصوص موازية، بمثابة الإهداء، أو الاعتزاز بالذكرى، أو الجزع للفقد.
وقد تفاوتت القصص طولا وقصرًا، حسبما تراءى للكاتب فنيًّا، فمنها ما كان دون الصفحة، ومنها ما بلغ الصفحتين، ومنها ما زاد على ذلك، وهذا أمر تتطلّبه التجربة بطبيعتها، وطبيعة الحدث، وما يتضافر معه من أدوات فنيّة، يخبر بها الكاتب المتلقي، أو يسهم به في جلاء المعنى، وبيان القصد.
قصص(فلول وأنوف) واحدة من تلك المجموعات القصصيّة التي اختارت قالب السرد القصير في معالجة القضايا، وتصوير الهموم، ورسم النماذج البشريّة، وقد اختارت عنوانًا لافتًا يتساوق مع أصداء المرحلة وواقعها. أبرز ملامح السرد في قصص هذه المجموعة هو التكثيف والتركيز الشائعين بدرجة تبين عن قصديّة الكاتبة، وهو اقتصاد واضح بلغ حدًا جعل من بعض الأقاصيص نصًّا مختزلاً مكثفًا فيما اعتدت أن أطلقه على مثل هذا النوع من السرد، فهو مكثف العبارة : مفردة وتركيبًا، وتصويرًا تخييلاً، وهو مقتصد النماذج، سواء أكانت شخصيات بشريّة، أو كائنات أخرى، كما رأينا في (محيط الدلافين) ، وامتد التكثيف إلى معظم قصص المجموعة، ومنها : (خيام)، و(الكنبة)، و(كهوف)، وغيرها.
إن الكاتبة متمكنة من فنها، ومن أدواتها، محبة لهذا الفن الذي لا يسلم قياده بسهولة إلا لمن يعشقه ويفهمه، وهكذا كانت الكاتبة ساردة قادرة على الوصف والتحليل والاستبطان ورسم النماذج، والإحساس بالفضاء، أو الحيز، وتفاعله، وارتباطه بمكونات السرد جميعها.
رواية من روايات الخيال العلمي، وما أسميه أدب المستقبل، وقد نجحت الكاتبة في تحقيق الإيهام الفني الذي خلع على الأحداث حلّة واقعيّة، أو كأنها واقعيّة، فجاءت الأحداث ممنطقة، غير متصادمة، وتحددت ملامح الشخصيّات تحديدًا دون ترهل لفظي، أو وصفي، أو تحليلي، وتحققت في الرواية سمات لغة السرد، ولغة الحوار، وطرق رسم الشخصيّة، ونموها وتطورها، وأنماط الوصف والعرض في زمان السرد ومكانه، على نحو حقق للسرد أبنيته الأساسيّة، وعلى نحو خلا من المبالغات التي تجعل الحدث غريبًا، على الرغم من اتضاح سمات الفانتازيا، وإعلان الخيال العلمي عند وجوده صراحة:
وقعت عيني على إعلان بالجريدة ..
كان ذلك منظر السطر الأول من السرد، حتى اكتمل وتمّ، وبذلك ظهرت تلك الرواية الطريفة بهذا الشكل الفني الجيد.
مي زيادة أديبة لامعة عاشت في مصر كل عمرها، منذ قدمت للقاهرة بصحبة والدها إلياس زفور زيادة ووالدتها نزهة معمر، عام 1908م ، وحتى وفاتها عام 1941م.
كانت حياة مي حافلة بالنشاط الثقافي والاجتماعي، مما جعلها تبرز ويتسع صيتها الأدبي. كتبت في كثير من مجالات الأدب مثل القصة والشعر والمقال والخطبة الأدبيّة والتراجم الأدبيّة والرسائل المتبادلة بينها وبين أعلام عصرها نشرت بعد وفاتها وخاصة رسائل جبران خليل جبران وعباس محمود العقاد.
لقد حظيت مي زيادة بمكانة كبيرة في الثقافة العربية في عصرها وإلى الآن لما طرقت من مجالات الكتابة والموضوعات الفكرية والإنسانيّة التي أثارتها. ونستطيع أن نضيف إلى مجمل ريادة مي، كتاباتها للدراما ولو في صورة بدائيّة، ربما لو تفرغت لها بالقدر الكافي لكانت قد تركت بها بصمات ذات شأن مثل كتاباتها في المجالات الأدبيّة الأخرى.
ديوان شعري يقوم على الشعر الجيّد، حيث تحققت فيه أركان التجربة الشعريّة من: فكر، ووجدان، وعقل، وصورة، وتخييل، وأبنية، وتراكيب، وخبرة حياتيّة، ورؤية للعصر، حتى ليمكن القول بإيجاز، إنه يحقق سمات الشعر الجيد وخصائصه، إذ ينأى عن المباشرة والتقريرية والخطابيّة، ويتخذ التخييل الشعري طريقًا إلى بناء فنّي قوامه التصوير، ونسيج لغوي أساسه خدمة التراكيب لحركة المعنى وإثرائه.
لا لحيل فنيّة، أو زخرفة لفظيّة، لنظفر من ثَمّ، بإثراء وجدان المتلقّي، والتفاعل مع ذائقته الأدبية، وليتحقق، ثانيًا، تواصل حميم بين ركني التجربة الأدبية بين المبدع والمتلقّي، وليصبح استقبال النص بمثابة الإبداع الثاني له، أو إعادة خلقه من جديد، ويكفي أي مبدع شرفًا أن يحرك الطرف الآخر، الأمر الذي تبلغ فيه التجربة الفنيّة تحقيقًا لنبض الدائرة المشتركة بين الطرفين، وتلك مهمة الفنون جميعها في أكمل صورها.
ها نحن أما شاعر يكشف ديوانه الحالي حقًّا عن خبرة بتجربة شعريّة سابقة له، بما يجعلنا نطمئن إلى درجة من النضج الفنّي مبشّرة واعدة، حين نراه في هذا الديوان يقدم لنا تجربة جديدة هي من الشعر الحق في مكان لائق.
رواية شاب يرفض أن تضع الحياة في يديه قيودًا، ويأبى أن تهزمه وتقهره، حتى وإن سلبته كل أسلحته، وقيّدته بأصفاد لا يستطيع الفكاك من أمرها.
اعتمد الراوي على السرد بضمير المتكلم الذي يقوم به البطل بدور الراوي حميد، بدأ الرواية بمشهد النهاية، وعن طريق التذكر والتداعي استمر السرد بلغة محكمة قوية بلا أخطاء مُستخدمًا ألفاظ ذات دلالات متعددة وعبارات موجزة ومكثفة، يتسم البناء السردي بالإحكام، يعتمد فيع على الرمز، حيث اتخذ من الشرود – وهو ذكر الضأن – رمزًا لنزق الإنسان، واعتزازه بقوته وإعجابه بنفسه، دون أن يدري أنه سيُذبح – بعد ذلك – كما تُذبح الشرود عقابًا لها على قفزها المستمر، اعتمد في بنية السرد على التوليد، أي توليد حدث من حدث، حتى جاء النص نشطًا وسريع الإيقاع.
ديوان هذا تأويل رؤياي للشاعر محمد فهمي يتمتع ببناء فني محكم ومتماسك، وتتراوح قصائد الديوان بين كل ألوان الشعر التقليدي والتفعيلة والنثري الحر، وإن كان لا ينسى فيه جماليات الموسيقى، وكما تأتي تناصاته المكونة لنصه متماسكة وفي مواضعها الدالة ويخلق صورًا جميلة مؤثرة ومعبرة، وجاءت اللغة جميلة وسلسة ومتدفقة وتجري تعبيرات الديوان سليمة ومؤثرة.
رواية قلم فحم للكاتب وائل سعيد، استطاع فيها عبر تكثيف حقق كثيرًا من شروط الفن السردي، وإفادة من تراث سابق كان الكاتب فيه على وعي بما حققته الرواية العربية، وهو ما جعله يقيم نصه على أسس فنيّة لا يغفلها القارئ، وقد أحسن الكاتب في إدارة نصه وتحريك أشخاص واستثمار مساحات الزمن والمكان لتقديم نص متميز.
مجموعة قصصيّة تهتم باستكناة دواخل النفوس البشريّة وتفجير الأسئلة التي تواجه بها الشخصيات واقعها ووجودها، وهي قصص تحاول استغلال تقنيات تيار الوعي خاصة المونولوج الداخلي في تواز مع بنية تقترب مع التعبير الرمزي في جرأة واضحة خاصة فيما يتعلق بحالات خاصة وشفيفة من العلاقات بين الرجل والمرأة بوصفها نموذجًا لأشكال العلاقات الإنسانيّة في شكلها المعاصر.
والقصص ترصد تطورات الشخصيات التي تبني مواقفها في صورة فنية تؤكد أننا أمام صوت قصصي متميز.
العفة قوة؛ لأن العفيف يزجر نفسه فيصونها عن زجر الغير لها، ويراعي حقوق الناس طوعًا فيوقرها عن إكراههم له على مراعاتها.
والحلم قوة؛ لأن الحليم بحلمه لا يستفزه تطاول الناس، كأنه أقل من أن يؤثر على مكانته.
والحياء قوة؛ لأنه ينزل صاحبه منزلة الوقار، ويعصمه عن المهانة التي يلقاها أهل الوقاحة والابتذال.
والتبصر قوة؛ لأن المتبصر يسلم بالأمر الذي لا بد منه كأنه يفعله مختارًا قبل أن يُرغم عليه.
والرحمة قوة؛ لأنها لا تكون إلا من الأقوياء على الضعفاء، ومن الوادعين على المبتلين.
والتواضع قوة؛ لأن المتواضع يرى أن قدره أظهر من أن يتكلف إظهاره بنفسه.
إنك لن تستطيع أن تقاتل طواحين الحزن التي تطحن القلوب في الوجهين القبلي والبحري... (الطواحين) طالما سألت نفسي ماذا يريد هذا الحالم؟ هل يريد فتاة تصدّه عن الشعر والإلهام، أم يريد فتاة تلهمه الشعر والحب؟ (الغسق)
أطال الرجل في وصف حكمة الخالق، مؤيدًا كلامه بالآيات والنصوص الشعريّة، فالمولى خلق الخلق من الذكر والأنثى، ثم خلق لهم واجبات لدار البقاء وواجبات لدار الفناء. (المفك) حول القبة البيضاء كانت مساكننا، بيوتًا متداعية بناها الأجداد حول ضريح البيرقي، يطلق عليها البعض منطقة البيرقي، ويطلق عليها آخرون حي الجريد. (المنشد)
كعادته
وفي مكانه الأليف
كان الطفل النحيل
بائع البهجة ممددًا
وفي الجوار كنّا نتراقص
منتظرين أن يُنضِج الحبات
حبات البطاطا
وحدَهُ
ذلك الطفل
ذلك النحيل
كان يعلم
أننا لن ننالها أبدًا
أخيرًا بعد احتجاز تسعة أيام، أطلقوا سراح بعض المحتجزين.. عرفت أن باهر واحد منهم.. سمعته يقول إنه سيتوجه أولا إلى ميدان التحرير.. اتخذتُ لي موقعًا مع بعض الشباب الذين تعرفت عليهم مؤخرًا.. قرب منتصف الليل جاء صديقي باهر في صحبة واحد من كبار المسؤولين الحسبيين.. اختطفه الشباب.. لمنحنى وهو يحملونه فوق أعناقهم.. سالت من أعيننا الدموع وهو يلقي بكلماته المعدودة المخنوقة.. لم أشأ أن أبقي بعد معايشة هذا المشهد المعبر.. لقد تحققتُ بنفسي، وليس من خلال تقارير المباحث، من صدق وفاعلية الكلمتين اللتين سمعتهما من هذا الشاب لأول مرة.. هي رنة!!
نص الإقامة القاهرية ظل متماسكًا ومضيئًا في الذاكرة، وظل يمارس طغيانه العاطفي (الماضوي) رغم تغير الأحوال وفساد الزمان.
ومن ذلك الركام والحنين والتشظي وُلدت هذه الكتابات أو ما تبقى منها...، وهي كتابات تهمني على الصعيد الشخصي، أكثر مما تهم مشروعًا إبداعيًّا أو مسار تاريخ يتوسل الجدة والتناسق، كتابات لا يجمعها ربما إلا صفة الأدب والمكان القاهري الغائب، وربما تبعثرها في هذه المساحة الزمنيّة غير القليلة ترك أثر على الأسلوب، فقد تركتها هكذا، من غير مراجعة ولا ‘ادة قراءة، لتكون العفوية طابع الكتاب بخروجه بين دفتين وعنوان، كما كان طابع تلك المرحلة التي أضحت من الناي والضباب المحتشد في الذاكرة بمكان.
عندما صدر كتاب "مذكرات ثقافة تحتضر" للناقد غالي شكري عام 1970 كان يتضمن حوارًا مثيرًا مع الكاتب الروائي الصحفي فتحي غانم، وبدأ غالي وصفو لغانم كما يلي:
"في مخيلتي كان له وجهان، أحدهما لتلك الشخصية الهادئة التي تلوح لي كثيرًا في أسلوبه وتعبيراته وموضوعاته التي تكاد في همسها أن تصل إلى حدود المونولوج الداخلي، فلم أره يومًا في معركة حادة من معارك الفكر أو الأدب أو السياسة، حتى خلافاته مع الآخرين يكسوها هذا الهدوء الشفاف لا تصل إلى مستوى "الحوار" إلا في القليل النادر، فمعظم صراعاته - إن وُجدت – من طرف واحد لا يشتبك إلا مع كل ما هو عام ومجرد، اشتباكات أقرب ما تكون إلى لغة الاحتجاج المهذب، والتحفظ الوقور، وهي لغة تحيطه بسياج قوي سميج يحول بينه وبين التلاحم المباشر أو الاحتدام العنيف".
هذا الكتاب ليس في نقد الرواية، بل هو على العكس – كما يسجل العنوان بأمانة – قراءة مادحة لبعض الروايات والروائيين ممن أحببت بالطبع – وإلا لاحتاج الأمر كتبًا كثيرة، إنما كان للمصادفة وحدها فضل في تجميع هذه الفصول؛ فهي روايات كُتِب عنها في بعض الصحف والمجلات، أو تحدثت عنها في بعض الندوات، واحتفظت بما قلته عنها. وإذا لا تزعم هذه الفصول كونها نقدًا (ناهيك بأن تكون تأريخًا، أو انتقاءً لأفضل الروايات المعاصرة)، فقد يجد القارئ – مع ذلك – أنها تطرح في كل فصل من فصولها مسألة أو مسائل تتعلق بفن الرواية – نابعة من صميم العمل المقروء، لا من نظريات وأفكار مسبقة تزعم ما ينبغي أن يكون عليه الفن الروائي؛ إذ ليست هناك – في ظني – قواعد للرواية سوى أنها ما يكتبه روائيون موهوبون سواء جاء إبداعهم احتذاء لمثال سابق، أو ابتكارًا جديدًا على غير مثال.
في طفولتي
كنت أحب أن أصاحب البنات،
وكنت أحاول بشتى الطرق
أن أكسب قلوبهم
مثل رجل
ينبغي أن يحببنه بكلِّ مشاعرهن.
تأملت الجالسين في الصالة عادوا يحملقون أمامهم كان أغلبهم كبار السن. ربما يشعرون أنهم يعيشون آخر سنين العمر، لم أعد مختلفًا عنهم، أصبحت أرتاد عيادات الأطباء بحثًا عن وسيلة لترميم أجهزة الجسم. على مقربة مني امرأة انهارت بجسمها البدين الضخم على المقعد الذي احتلته. تشهق باحثة عن الأكسجين الذي ينقصها...
إنما نحن آمنون، إذا واجهنا الغد المجهول بعدته، وإنما نحن مستعدون له بخير ما نستطيع، وإذا خرجنا من الماضي الطويل بعبرته الوافية؛ وعبرته الوافية أن العقائد أثبتت من السياسات، وأن الأمم أثبت من الدول، وأن الجاهل أعدى لأمته من أعدى أعدائها، وما نُكِب الإسلام قط من حرب صليبيّة، أو حرب استعمارية كما نُكِب من أبنائه الجهلاء.
رغم صدور العديد من الأعمال الروائية لها، فإن الأديبة سلوى بكر لا تقطع صلتها بالقصة القصيرة، وتواصل الخوض بهذا الفن الصعب في عوالم متباينة لصنوف بشريّة شتى، قد تبدو عادية وباهتة الملامح على الأغلب، لكنها تُستدعى إلى بؤرة الضوء بما لديها من تناقضات إنسانيّة وعوالم مدهشة. ويظل الفقراء والمهمشون بصفة خاصة هم القاسم المشترك الأدنى لشخوص هذه المجموعة.
هل يتفق الفكر والدين؟ هل يستطيع الإنسان العصري أن يقيم عقيدته الإسلاميّة على أساس من التفكير؟
لقد أثبت لنا العقاد بالحجة والبرهان أن الإسلام دين يخاطب العقول ويدعو إلى التفكير وإلى الاجتهاد في الدين، وأن الإسلام قد انفرد بين الأديان بقبول نعمة الحياة وتزكيتها والحض عليها وحسبانها من نعم الله التي يحرم المسلم رفضها ويؤمر بشكرها. وسيتضح لك في هذا الكتاب المميز أهمية إعمال العقل والفكر في كل مناحي الحياة وأن عليك أن تفطن لهذا الحق وتتحراه في كل شيء.
مضى زمن كانت فيه أوربا تتلقى الحضارة العربية، ويقبل أبناؤها على كل ما هو عربي غريب، ثم دارت الأفلاك وأصبح أبناء الشرق يُقبلون على كل ما هو أوربي غريب، وتعلم الشرق الحديث كما تعلمت أوربا الشرق القديم. هذا ما يكشفه لنا العقاد بفكره الموسوعي المتميز وبعقليته المستنيرة؛ لتطلع الأجيال الجديدة من خلاله على حضارة العرب وأثرها الفعال في الحضارة الأوربية في مختلف مجالات العلم وشئون الحياة.
تلوم عليّ عشق الرمّان، ترمي بحجر في حجري وتمضي، وتعود لتسألني هل أنبت الحجر؟ أقول:
الحجر ينتظر فقط ماء الحياة لكي يُثمر. تضحك وتقول بعتاب: وهل كان رمانك نضب منه الماء؟ أعذرها ولا أهمس. تنحني وتقبل بطن كفي اليسرى وتلك عادتها عندما تُعلن مسامحتها لي عمّا فعلته أمس مع غيرها، وتعقّب دائمًا بكلمتها المفضلة "حريتي يا رمان"، وهذه الكلمة البسيطة التي تعبرني مثل نسيم لا أعتقد أنه يحمل شرًّا، وإنما يحمل قدرًا هائلاً من براح يضطرب بداخلها وبداخلي من أجل الخلاص من تفاصيل الحياة المتربة، هذه الكلمة البسيطة هي سر حياة سأعيشها أو عشتها، لا يهم ما قبل أو ما بعد بقدر ما تهمني هذه الكلمة ذاتها بكينونتها العبقريّة "حريتي يا رمان".
نحن لن نرث الأرض..
أو ما عليها..
إنها أتخمت بالدماء..
والخرائط تمتد..
أو تتقلص..
والأرض لم تزل مهرة..
يمتطيها لصوص الحقيقة..
تجار أزمنة العهر...
بعض سماسرة الدم...
يبدو كأن سكونًا مريعًا مخيم..
موتًا كئيبًا.. تسلل؛
فانتبهوا.. أيها الشعراء
والنجاء..
والنجاء..
والنجاء..
أيها الوطن المتثلج في كريات دمي..؛
والممدد بين جفوني..؛
كجثة حلم.. عفن.
معذرة يا وطن..
مثلك الآن.. مندثر..؛
في الفراغ
الذي حل فيه الزمن..
ضائعان معًا..؛
وحدنا..؛
والذين استراحوا على صهوات المحن..
أبحروا في النفاق..
وراياتهم تمخر الريح...
يا للرياح..
جرت في الزمن الأخير
بما تشتهيه السفن!!
وطن تجسد في هشيم!
وهناك..
في أفق السماء..
أرى سحائب من لهب..
لكأنها نذر القيامة..
مصر موعدها؛
وهذا صوتها يدوي؛
وها هو نهر نيل.. من حميم!
هجر الوداعة.. شاطئاه توهجا؛
وامتد فوقهما الجحيم..
يتناول هذا الكتاب دُرّة فريدة من درر التراث العربي، هي رسالة "طوق الحمامة في الألفة والأُلاّف" لصاحبها ابن حزم الأندلسي، من كبار علماء الإسلام والثقافة العربية. تقدم هذه الرسالة نظرية للحب، بكل ما يختلج في النفس من معان، ومشاعر، وعذابات ومباهج. وضعت سيزا قاسم "الطوق" في إطار كل من التراث العربي والغربي، وتوصلت إلى نتائج مثيرة تكشف أصالة هذه الرسالة وتفردها. وما زالت رسالة "الطوق" تحتفظ بنضارتها وبريقها وعالميتها، بعد ما يزيد على ألف سنة على كتابتها.
يقول ابن حزم الأندلسي في باب "الوصل" من رسالته:
"وقد جربت اللذات على تصرفها، وأدركت الحظوظ على اختلافها، فما للدنو من السلطان، ولا للمال المستفاد، ولا للوجود بعد العدم، ولا الأوبة بعد طول الغيبة، ولا الأمن بعد الخوف، ولا التروح على المال؛ من الموقع في النفس ما للوصل، ولا سيما بعد طول امتناع، وحلول الهجر، حتى يتأجج عليه الجوى، ويتوقد لهيب الشوق، وتتضرم نار الرجاء. وما إصناف النبات بعد غِب القطر، ولا إشراق الأزاهير بعد إقلاع السحاب الساريات في الزمان السّجسج، ولا خرير المياه المتخللة لأفانين النوار، ولا تألق القصور البيض قد أحدقت بها الرياض الخضر، بأحسن من وصل حبيب قد رضيت أخلاقه، وحُمدت غرائزه، وتقابلت في الحسن أوصافه، وإنه لمعجز ألسنة البلغاء، ومقصر فيه بيان الفصحاء، وعنده تطيش الألباب، وتعذب الأفهام"
يحكي هذا الكتاب عن صفحة مجيدة من صفحات النضال الوطني، مع بدء الألفية الثالثة، حينما تفجرت وقائع الانتفاضة الفلسطينية البطولية (انتفاضة الحجارة)، والتي تصدى فيها أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق، بالصدر الأعزل، لآلة القمع الصهيونية، ببسالة وبطولة، وهو الأمر الذي فجر - في المقابل – حالة من الغضب العارم في نفوس أبناء الشعب المصري على الممارسات الإرهابية الإجرامية الإسرائيلية، فخرجت المظاهرات من المدارس والجامعات، وتصاعدت الدعوات لمقاطعة البضائع الصهيونية والأمريكية، وارتفع النبض الوطني، في استعادة ملموسة لتقاليد النضال الشعبي التاريخي، حيث استرجع الشعب المصري من ذاكرته العميقة، أيام النضال المجيد ضد المحتل البريطاني، ودعوات المقاطعة لبضائعه ومعسكراته، فأحياها مجددًا في حركة بدأت خافتة، ثم نمت حثيثًا وتطورت بقوة، وانتشرت بسرعة في أنحاء "المحروسة" حتى أصبحت حركة ذات فاعلية وشأن، لفتت الانتباه، وكان لها أصداء كبرى في المنطقة العربية، حيث قادت مصر حركة المقاطعة الشعبية العربية للبضائع الصهيونية والأمريكية، وفي العالم أجمع حيث كانت فاتحة لمقاطعات "أكاديمية" طالت المعاهدات والجامعات الإسرائيلية، ومقاطعات جماهيرية أوروبية، رفضت منتجات المستعمرات الصهيونية المبنية اغتصابًا على الأرض الفلسطينية السلبية.
يشمل هذا الكتاب أربع حكايات عن أبو زيد بعربية الشوا
إن هذا الكتاب هو ناتج اتفاق الباحث وتعاونه خلال فترة زمنية تمتد من بدايات عام 2003 مع المعهد الثقافي الأفريقي العربي في باماكو، والتابع للاتحاد الأفريقي والجامعة العربية؛ استجابة لما جاء في اتفاقية إقامة المعهد ولوائحه (منذ1985) حتى قيامه الفعلي في بداية عام 2002 مؤكدًا الاهتمام بتفاعل التراث الأفريقي والعربي، لغة وأدبًا وفنًّا وعلومًا اجتماعية وطبيعية، وذلك لدعم عملية التعاون العربي الأفريقي الجارية.
يضم الكتاب مجموعة الأبحاث والمناقشات التي دارت في الندوة التي نظمها مركز حوار الحضارات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالاشتراك مع المجلس الأعلى للثقافة وأشرفت عليها الدكتورة "نادية مصطفى" والدكتور "محمد صفار" وذلك باعتبارها قراءة نقدية للمشروع الفكري للأستاذ السيد يسين.
والأستاذ السيد يسين هو أستاذ علما لاجتماع السياسي المعروف وقد شغل منصب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (1975 – 1995) كما تولى منصب الأمين العام لمنتدى الفكر العربي بعمان (1990 – 1992). ويشغل الآن منصب مدير المركز العربي للبحوث.. وله مؤلفات متعددة آخرها "الشعب على منصة التاريخ" تنظير مباشر لأحداث الثورة" القاهرة: المركز العربي للبحوث 2013.
حصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام (1996).
حصل على جائزة النيل في العلوم الاجتماعية (2007).
تعود فكرة هذه الدراسة وعلاقتي مع تاريخ الأرمن إلى سلسلة من المحاضرات التي ألقيناها في أماكن متعددة. وبعد سلسلة هذه المحاضرات نبعت فكرة دراسة مستقلة عن الجالية الأرمنية بمدينة القدس، وخاصة بعد تشجيع مجموعة كبيرة من رجال الفكر والثقافة في مصر وخارجها. وقد اهتمت معظم الدراسات العلميّة المتعلقة بمدينة القدس بتاريخها منذ القرون الأولى الميلاديّة وحتى يومنا هذا، إلا أنها اقتصرت على الدراسات الدينيّة والأثريّة والمعماريّة والسياسيّة، بينما أُهملت دراسة تاريخ الجاليات الوافدة إليها، ولم توفها حقها من البحث؛ مما استوجب منا رأبًا للصدع وتعميمًا للفائدة، وتتبعًا للمسار التاريخي للجالية الأرمنية، أن نشرع في هذه الدراسة التي نود أن تكون لبنة في صرح التاريخ، وعوضًا عمّا أُهمل سرده.
إن الحضارة العربية الإسلاميّة – على مر عصورها التاريخيّة عامة، وفي عصر سلاطين المماليك 148هـ – 923هـ / 1250 – 1517م خاصة – حافلة بكثير من المعطيات الدالة على مدى ما وصل إليه أبناء هذه الحضارة من رقي وازدهار، والدارس لكتب التراث المملوكي تستوقفه كثير من الحقائق الدالة على هذا الرقي في شتى ميادين النظم الإداريّة، والحربيّة، والاقتصاديّة؛ بل وفي المجالات الثقافيّة والاجتماعيّة.
ففي العصر المملوكي بشقيه، شهدت المجتمعات في مصر بوجه عام، وفي مجتمعات بلاد الشام والحجاز بوجه خاص، ازدهار فنون اللهو والطرب والغناء، نتيجة للرواج الاقتصادي الذي عمّ تلك البلاد معظم ذلك العصر، فضلا عن أن هذا العصر أثمر فنًّا جديدًا لم تعرفه الثقافة العربية الإسلاميّة من قبل، ألا وهو فن النقد الاجتماعي والدعوة إلى الإصلاح الديني والاقتصادي.
لا يزال مصطلح "التاريخ" ير الكثير من الجدل، سواء من حيث نصيب هذه الكلمة من العلم، أو من حيث تورط التاريخ في الكثير من أساليب السرد وأدواته. ومن ناحية أخرى فلو سلمنا جدلاً بأن التاريخ علم يتغلب فيه التحقيق على التخييل والإبلاغ على البلاغة.
لو سلمنا بهذا كله؛ فهل نستطيع أن ننجو من حقيقة أن السلطة هي التي تكتب التاريخ؟ هل نستطيع أن نفلت من المنظورات التي تسيطر عليه وتوجهه؟ ذلك سؤال لا يزال أيضًا يجعل من اصطلاح التاريخ معضلة تحتاج إلى حل. ومهما يكن الأمر؛ فلا بد أن التاريخ قصد يتوجه إلى تسجيل الحقائق. ومهما يكن الأمر؛ فالتاريخ مسألة شائكة تتصل بالذاكرة ومشكلاتها. ذلك كله هو ما دعا المؤلف إلى أن يعيد طرح هذه القضية حول مفهوم التاريخ وقضاياه ومشكلاته في عصر تتابعت فيه الثورات، واختلطت فيه الحقائق، واحتجنا فيه إلى من يقول لنا ماذا حدث، وكيف حدث. وتلك – بلا شك – قضايا التاريخ الأساسية.
السادة الحضور
اللي مش عارفينه ولازم تعرفوه
إن دافنشي ليه عشر أخوات
من أربع ستات
نكروه
وقالوا لقيط
أبونا مش أبوه
ولا دا أخونا
ولا نعرفوه
مقدمين مكتوب للمحكمة رسمي
هذا الكلام
المكتوب أهه
عايزين تقروه.. اقروه
جمع وتحقيق: الدكتور عبد السلام حيدر
يحتوي هذا المجلد من أعمال إبراهيم عبد القادر المازني على ثلاثة أعمال هي: "رحلة الحجاز"، و "قصة حياة"، و "سبيل الحياة". نشر المازني نص رحلة الحجاز في جريدة "السياسة الأسبوعية" بانتظام، ثم أصدره بهذا العنوان، وهكذا يذكر اسم الرحلة في أحاديثه. والمازني في هذه الرحلات يجمع الأقوال والحكايات، التي تؤيد رؤيته في الحياة والتقارب الذي يأمله بين أقطار المشرق العربي. ولقد كان المازني مسكونًا بفكرة الروح العربية وضرورة استكشافها. ففي الوقت الذي وُجدت فيه تيارات تدعو للفينيقية والفرعونية نجده يطور من خلال الرحلة انفتاحًا على المشرق العربي بهدف الاستكشاف والتعارف والتقارب تمهيدًا للتعاون.
"قصة حياة" هو أحد الكتب التي أعدها المازني في حياته ولكنه لم ينشر إلا بعد وفاته وهو يحوي فصولاً نشرها في سلسلتين في نهاية الثلاثينيات في البلاغ والرسالة والراديو المصري. أمال كتاب "سبيل الحياة" فيحتوي على مجموعة من المقالات والصور نُشرت في الفترة ما بين 1928 و 1947، ففيه يشير المازني إلى معلومات وتواريخ أخرى تزيدنا فهمًا للخطوط الرئيسيّة في حياته.
لم يكن لويس عوض مجرد كاتب أو ناقد يعيش في برج عاج، بعيدًا عن المجتمع والناس، بين الأوراق والكتب. ولكنه كان قيادة فكرية متفتحة للجمال، لا تغيب عنه هموم الوطن، والثقافة، والإنسانية. اختلفت حوله الآراء إلى حد التناقض، وإن اتفقت على أنه مثقف موسوعي لا يُشق له غبار. ضرب بقوة في التراث العربي والأجنبي، وعرف كيف يستخلص منه، ومن معايشته للتاريخ الإنساني.
الحقائق الماديّة والقيم الفنيّة التي انحاز إليها والتزم بها، وطرحها في إنتاجه الذي يقبل عليه طلاب العلم والمعرفة من كل مكان، منذ عاد من البعثة سنة 1940م. وبدأ بتقديم كتبه الثلاثة الأولى: "فن الشعر" لهوارس (1945م)، و "برومثيوس طليقًا" لشيلي (1946م)، "في الأدب الإنجليزي" (1950م)، التي تعد – بمقدمتها العلمية – من معالم النقد الأدبي الذي لا يزال يحتفظ بتوهجه إلى اليوم.
بدأ العمل في إنشاء معسكر صوبيبور في مارس 1942، أي في الوقت نفسه الذي بدأت عمليات الإبادة في معسكر اعتقال بلزيكBelzec وأسندت إلى ريتشارد تومالا Richard Thomalla العامل في الإدارة المركزية للمباني في لوبلين مهمة تشييد معسكر صوبيبور، واستخدم النازيون العمالة المحلية التي تقطن المدن والقرى المجاورة في إقامة هذا المعسكر، وتم إحضار ثمانين يهوديًّا من سكان المناطق المجاورة إلى قرية صوبيبور للقيام بأعمال البناء وجاءت من ترافينيكي Trawniki فرقة من الحراس تتكون من الأوكرانيين لمراقبة هؤلاء العمال وبعد انتهاء اليهود من عملية البناء تخلص منهم الأوكرانيون بضربهم بالرصاص.
لقد عاشت الأرض الزراعية في مصر حقبًا طويلة وهي تخضع لنظم وأوضاع محددة، وبخاصة من حيث حيازتها وزراعتها وطرق ريّها وأحوال العاملين فيها وبعض هذه الأوضاع من صنع الدولة نفسها، اتخذ شكل نظم وقوانين، وبعضها من صنع التقاليد، بل من صنع البيئة المصريّة نفسها، ريًّا ومناخًا وموقعًا.
كمن يبني بيتًا من حبات السمسم تنجز الأعمال الببليوجرافية، كل حبة سمسم هي كلمة تسهم في إنتاج الجملة الببليوجرافية التي تسهم بدورها في رسم خارطة كاملة لموضوع ما أو لقضية تعتمد على كم من المعلومات، العمل هنا يعتمد على معلومات دقيقة تشكل كيانًا يكون بمثابة الصورة الحاوية آلافَ التفاصيل المعتمدة لتشكيل وعي الباحث العلمي في قراءته للمشهد كاملاً غير منقوص.
منم هنا كانت هذه الببليوجرافيا المتخصصة خطوة في الاتجاه نحو إنجاز أعمال معلوماتيّة تسعى جاهدة لتشكيل هذا الوعي، جاءت معتمدة اجتهادًا وطموحًا خاصين لخدمة البحث العلمي.
تقديم السيد فليفل
يهدف هذا الكتاب إلى محاولة إلقاء الضوء على جانب هام من جوانب الصراع العربي الإسرائيلي، ألا وهو الصراع المائي، من خلال محاولة فهم وتتبع المخططات الصهيونية للاستيلاء على المياه العربية التي تمثل شريان الحياة لمن أراد صنع مستقبل مشرق، وبمباركة ومساندة تواطؤ دولي من الأمم المتحدة، والاستعمار البريطاني والولايات المتحدة، وذلك في مواجهة موقف عربي متخاذل وجامعة عربية مفككة، لتساعد وتساند إسرائيل بطريقة غير مباشرة من تحقيق أهدافها.
ولعل قراءة الماضي تجعلنا أكثر فهمًا للحاضر في محاولة لاستشراف المستقبل، حتى لا نكون ضحية جهل فكري يضعنا في النهاية في مأزق لا يمكن تبريره، لذلك فالكتاب ما هو إلا رسالة لمن أراد معرفة ما حدث لفهم ما يحدث، ومحاولة استنتاج ما سوف يحدث.
ملأتُ أيّامَكُم شعرًا
وأدعيةً،
وعدتُ خَجلانَ
من شعري،
وأدعيتي...
كيفَ انطَفَأنا؟
كأنّا لم نُضِيء أبدًا
ولم تُغَنِّ لغيرِ الريحِ
حنجرتي..
يا نيلُ أحكمت الخُطط
ألَّفتَ من شتى الدماء عشيرةً
ومن العشائرِ دولة
وبنيتَ مملكة فأرسَيت البناء
ولم تزل
حتى رأيتَ دمَ العشائرِ يختلط
فأشعتَ فيها الأمنَ.. واستخلفتَ فيها شعبَها
أسستَ دينًا واحدًا للمسلمين وللقِبِط
وكتبتَ: إن الحاكميةَ لي
لأوّلِ مرةٍ ظهر الإله
فخِيفَ قبلُ الموتِ من عدلِ الإله
وخيفَ بعدُ الموت..
أولَ مرةٍ صعدَ الدعاءُ إلى السماءِ.. وجاءَ
أولَ مرةٍ وحي هبط
أفمحضَ نهرٍ كنتَ؟ أنتَ مزيجُ خمرٍ سالَ؟
أم ماء فقط !
من قصيدة : (الحاكمية للنيل).
كانت لمصر طبيعة متميزة في علاقتها بالدولة العثمانية خلال القرن التاسع عشر، حيث كانت لها شخصيتها شبه المستقلة، مما دفعها إلى قيام نهضة شملت مختلف مناحي الحياة، والتي كانت نتاج عوامل فكريّة وحضاريّة واقتصادية، ومن ثم اتجه إليها أنظار الرحالة الأتراك، وأصبحت محط اهتمامهم، فقصدها الكثيرون منهم.
ويتناول هذا الكتاب بالدراسة إبراز صورة مصر في كتابات أولئك الرحالة الأتراك الذين قدموا إلى مصر خلال هذه الفترة، والتي اتسمت بتعدد المجالات التي تطرق إليها مؤلفوها من خلال رحلاتهم وفقًا لتعدد اهتماماتهم واختلاف دوافعهم، مما أتاح فرصة تنوع مادتها ومناهجها وثرائها. وبناء على هذا، سوف يلمس قارئ هذا الكتاب وجود تنوع في مستويات الرؤية لهؤلاء الرحالة، فمنهم من انصرف إلى إبراز صورة تحليلية نقديّة انطباعيّة لمصر من الناحية الاجتماعية، ومنهم من حرص على إعطاء صورة صادقة ودقيقة عن مصر وأحوالها الاقتصادية، ومما يلفت النظر في هذا الكتاب حرص الرحالة الأتراك أصحاب النظرة الانطباعيّة الذين اهتموا بالجانب الاجتماعي فقط، على إبراز الجوانب السلبيّة دون مراعاة للجوانب الإيجابيّة، في حين أن أصحاب النظرة الموضوعيّة جنحوا إلى إبداء إعجابهم الشديد وانبهارهم بما وصلت إليه مصر من تقدم وازدهار في تلك الفترة، وتفوقها في كثير من المجالات إلى حد أن تمنى بعض الرحالة أن تستفيد تركيا من ذلك النموذج الرائع الذي حدث في مصر فتحذو حذوها.
فكرة المسارات الثقافيّة للتاريخ تُثبت أن التاريخ لا يعيد نفسه إذ أنه ليس تيّارًا أو مسارًا واحدًا بل هو مسارات مختلفة يسير بعضها مع بعض دون توازن تام أو اتفاق كبير في أغلب الأحيان: مسارات سياسيّة واقتصاديّة واجتماعية ودينيّة وفكريّة، تتحد وتتفاعل مع خلفيّة ثقافيّة وحضاريّة تكاد تكون مشتركة فيما بينها، ومع ذلك فهي مسار واحد؛ ولذلك لا يمكن أن تتكرر فترة من فترات التاريخ إلا في الظاهر فحسب.
ملأتُ أيّامَكُم شعرًا
وأدعيةً،
وعدتُ خَجلانَ
من شعري،
وأدعيتي...
كيفَ انطَفَأنا؟
كأنّا لم نُضِيء أبدًا
ولم تُغَنِّ لغيرِ الريحِ
حنجرتي..
عندما ننظر الآن في النصوص الإبداعية التي تصدر في شتى الأقطار العربية، ندرك أهمية حركتين إبداعيتين، حركة بلغت أوجها وهي حركة التجريب الروائي بنصوصه المختلفة، وحركة ناشئة ولكنها تبهر بنصوصها التي تستقطب قراء لم تستطع حركة التجريب أن تستقطبهم، ولكنها حركة تواجه التجريب الروائي بمروق على مقولاته، ورفض لمستنداته الجماليّة، إنها لحظة تحول مفصليّة في مسيرة الرواية العربيّة المعاصرة، وهي التي سيحاول هذا العمل استجلاء تجلياتها والوقوف عند خصائصها والإشكاليات التي تطرحها.
محافظة الوادى الجديد (بين الحاضر والمستقبل)
هذا الكتاب شهادة على العصر، كتبها شاهد من أهله. أحداث هذا العصر (الممتد من منتصف سنة 1981 إلى يناير سنة 1914) متداخلة؛ أحداث العالم تغلف أحداث مصر، والفئتان من الأحداث تغلفان معًا أحداث حياة الكاتب/ الشاهد، من هنا جاء عنوان الكتاب: "عوالم متداخلة".
وللقارئ أن يختار زاوية النظر التي يتناول منها هذا المركب: فقد يمضي في التفكر في مادته من العالم ليصل في نهاية المطاف إلى الكاتب/ الشاهد، ومن المؤكد أنه سيرى الكاتب عندئذ أقرب إلى المفعول به وسط أنواع عاتية. وقد يختار القارئ أن يمضي في تفكره من موقع الشاهد، وسيرى عندئذ أن هذا الكاتب/ الشاهد فاعل بكل ما لهذه الكلمة من معنى، فهو كالفنان المصور (في اختلافه عن آلة التصوير)، يحتكم إلى ميزان للدلالة جدير بثقته، يختار من خلاله ما يبرزه، دون أن يجافي الحقيقة أو يشوهها – هذا من ناحية.
أضف إلى ذلك أن هذا الكاتب/ الشاهد/ الفاعل يسهم بأحداثه الشخصية في تشكيل المشهد متكاملاً، وهي أحداث لا تقل في مشروعية وجودها بهذا المعترك عن أحداث العالم، والوطن.
في الوقت الذي كانت تشد انتباهي أحداث العالم الكبير، وأحداث الوطن، كانت وقائع أخرى من دنيا الهم الخاص تحتل بؤرة الانتباه وتستبد به من حين إلى آخر، تتعلق بخطواتي المبكرة في مشروع بحثي جديد أضعه في مرتبة رفيعة بين مشروعاتي البحثية.
يضم هذا الكتاب مجموعة من البحوث المنتقاة التي شاركت في المؤتمر الدولي الثاني لقسم الفلسفة حول: الفلسفة وحقوق الإنسان، والذي عُقد يومي 22 و 23 مارس 2010، وقد توزعت البحوث على المحاور العديدة للمؤتمر التي شملت الآتي:
عندما تقرأ كتابات الراحلة/ فتحية العسال، فإنك تحس أنك أما كاتبة عامرة الروح، تحمل عبء رسالة إنسانية عادلة، تدعو إلى تحرير المرأة المصريّة من قيود التقاليد البالية، وتنادي بالصدق في كل العلاقات، وتدين الزيف والنفاق، وكل ما هو متخلف في حياتنا.
وتتصدر الكاتبة المناضلة قائمة التأليف المسرحي في مصر، وهي لا تمثل هذه المكانة استنادًا إلى حجم إبداعها المسرحي فقط مقارنة بزميلاتها، بل أيضًا بسبب تميزها الفني الواضح. لقد بدأت فتحية العسال مشوارها مع المسرح عام 1969 بمسرحية "المرجيحة"، وتبعتها عام 1972 بمسرحيّة "الباسبور" التي قُدمت على مسرح الجمهوريّة، وكتبت في الثمانينيّات مسرحتين هما "نساء بلا أقنعة" و "البين بين"، وبعد تجربة الاعتقال السياسي خرجت علينا بمسرحية جديدة في التسعينيّات هي "سجن النساء" التي عُرضت على خشبة المسرح القومي.
ترجمة نسيم مجلى
هو كتاب بمثابة مقدمة نقدية للتعريف بحياة كافكا وأعماله ومشكلاته النفسيّة من خلال عملية مسح شاملة ودقيقة لكل كتاباته وظروف عصره، وفي هذه الدراسة يربط جراند جراي بين الفكر النظري عند كافكا وعملية الإبداع، أي أنه لا بتناول (الأفكار) بمعزل عن (الكتابة) الإبداعية، ومن ثَمَّ نراه يخصص لكل رواية من رواياته الشهيرة مثل (القلعة)، (المحاكمة)، (أمريكا)، فصلاً مستقلاً، بالإضافة إلى عدد من الفصول لدراسة قصصه القصيرة خاصة قصة (التحول) التي يزعم رونالد جراي أنه أكمل أعماله وأعظمها دقة وإحكامًا، حيث وجد فيها كافكا الشكل الذي يلائم حالته، ثم خصص فصلاً لدراسة أسلوبه الأدبي، وفصلاً آخر لفكره الديني.
ومما يزيد من أهمية هذا الكتاب بالنسبة إلينا أن رونالد جراي قد وضعه (لهؤلاء الذين يقرأون كافكا مترجمًا على وجه الخصوص؛ لأنهم يحتاجون إلى دليل حاذق وأمين لكي يعينهم على فهمه). ويتيح لهم فرصة لمعرفة صحيحة عن كافكا وتطوره الشخصي والفني.
لم يكن لويس عوض مجرد كاتب أو ناقد يعيش في برج عاج، بعيدًا عن المجتمع والناس، بين الأوراق والكتب. ولكنه كان قيادة فكرية متفتحة للجمال، لا تغيب عنه هموم الوطن، والثقافة، والإنسانية. اختلفت حوله الآراء إلى حد التناقض، وإن اتفقت على أنه مثقف موسوعي لا يُشق له غبار. ضرب بقوة في التراث العربي والأجنبي، وعرف كيف يستخلص منه، ومن معايشته للتاريخ الإنساني.
الحقائق الماديّة والقيم الفنيّة التي انحاز إليها والتزم بها، وطرحها في إنتاجه الذي يقبل عليه طلاب العلم والمعرفة من كل مكان، منذ عاد من البعثة سنة 1940م. وبدأ بتقديم كتبه الثلاثة الأولى: "فن الشعر" لهوارس (1945م)، و "برومثيوس طليقًا" لشيلي (1946م)، "في الأدب الإنجليزي" (1950م)، التي تعد – بمقدمتها العلمية – من معالم النقد الأدبي الذي لا يزال يحتفظ بتوهجه إلى اليوم.
يعتبر عيد النوروز الذي خلقته البيئة الإيرانية منذ أقدم العصور، وظل خالدًا على الدهر في العهود الإسلامية حتى وصل إلى عصرنا الحاضر. أكثر الأعياد شهرة في التاريخ، وأبعدها صيتًا، وأقواها تأثيرًا في الشعوب الإسلاميّة عربية كانت أم تركية أم فارسيّة. وإذا كان هذا العيد قد اتخذ لونًا إسلاميًّا مناسبًا لروح العصر، فإنه على الرغم من هذا ظل محتفظًا بتقاليده وسننه التي كان يسير عليها الإيرانيون منذ آلاف السنين، وقد سرت عادات هذا العيد وتقاليده في العهود الإسلاميّة وآثرت في المجتمع الإسلامي، وشارك الخلفاء رعاياهم في الاحتفاء بالأعياد الفارسيّة حتي جاء العباسيون فبلغت الدولة على أيديهم أوج ازدهارها ورقيها من حيث سعة الملك ورغد العيش، وبسبب ما توفر لها من حضارة ماديّة تفوق حد الوصف، ولما خطته في حياتها العقليّة وحركتها العلميّة، وما أقدمت عليه من نقل التراث الأجنبي إلى العربية، والوقوف على تقاليد البلاد المفتوحة ومعرفة عاداتها، مما جعل هذه الأعياد تستعيد رونقها وأبهتها القديمة، بل لقد بالغ الخلفاء أنفسهم وكُتّابهم ورجالات بلاطهم في الاحتفال بها، وصاحبها البذخ والترف والتعقيد. واحتفلت به مصر منذ عهد الفراعنة، مرورًا بالعصور التاريخية المتعاقبة حتى عصرنا الحاضر وما احتفالنا اليوم بيوم شم النسيم إلا مظهر من مظاهر الاحتفال بهذا العيد. وكان للنوروز أثر في أدبنا العربي الإنساني الذي أفاد من الثقافات الشرقيّة والغربية وهضمها وعبّر عنها أحسن تعبير. وعلى هذا نكون على صواب إذا اعتبرنا النوروز عاملاً فعّالاً من عوامل التقاء العرب بالفرس كما كان جامعة تجمعهم على البر والخير والمعاني الإنسانيّة النبيلة التي تقوم على الحب والإخاء والتعاطف.
كان عاجزًا تمامًا عن الفعل وليس أمامه إلا مصيران يتهاديان كأرجوحة صغيرة.. أن يمد يديه بسرعة ويخنقها مختتمًا حياته بالسجن، أو تكون هي الأسرع وتفصل الرقبة.. هنا في الغرفة التي لم يدخلها رجل.. ولعلّها كانت تقصد لم يخرج منها رجل أبدًا.. ووجد نفسه يبكي. يُنهنه كالأطفال ويبكي.. ثم ارتفع صوته بالبكاء مع إغماض عينيه في صدرها وعادت إليه صورهم وهم مندهشون.. يحدّقون.. وجسدها الثعباني.. والساحة الكبيرة الممتلئة والسيف إذ يشق الفضاء ثم يهبط فاصلاً الرأس عن الجسد والتهليل والجن والعفاريت.
رحلة مع أفلام أوروبية وأمريكية
وجاءت كتاباته التاريخية؛ لتعطي المؤرخ صورًا أكثر مصداقية عمّا حوته الكتابات ذات الصبغة الرسمية، وكإضافة حقيقية إلى تاريخ مصر، بكل ما تضمنّه من إيحاء ودلالة وصدق لجزئيات الواقع الحياتي المجتمعي، في وقت ساد اغتراب العلم التاريخي وتجاهله وتهميشه لدور الناس والجماعات الشعبية في صنع التاريخ. فوجّه تلاميذه في الدراسات العليا إلى التركيز على دور الصنَّاع الحقيقيين لتاريخ مصر والعرب ولثورات التحرر في الوطن العربي، ودراسة القوى الشعبية، ورؤيتها لذاتها وللأحداث من حولها وفي إطار ذلك الفهم والوعي تحركت ثوابته الحضارية ورسالة المؤرخ العلمية؛ لتتفاعل وتخرج أجندته البحثيّة، التي حار البعض في تفسير مكوّناتها أو مكنوناتها.. تعرّض للظلم أحيانًا فلم يستسلم.. دخل السجون وخرج منها أشد عزيمة وأكثر مضاءً؛ ليواصل مسيرته متفائلاً من نجاح إلى آخر، حتى أصبح أحد أهم رواد المدرسة التاريخيّة منذ الربع الأخير من القرن العشرين.
تقديم لطيف سالم
يعرف الجميع أن إبراهيم باشا هو ابن محمد علي باشا، الرجل الذي حظي باهتمام الغرب والشرق على السواء. وعلى الرغم من أن إبراهيم باشا كان اليد التي نفذ بها محمد علي مشروعاته وطموحاته، والقائد الذي قاد جيوشه وغزواته، فإن معرفتنا به تتوقف عند هذا الحد؛ فمن هو إبراهيم باشا القائد؟ وما الدور الذي لعبه بالضبط في تنفيذ خطط الباشا الكبير؟ وهل كان هو مجرد أداة يحركها الباشا كما يشاء أم أن له من الشخصية والنفوذ ما مكنه من أن يتجاوز دور الأداة إلى دور القيادة والإدارة؟ وما الجوانب التي يمكن أن تتكشف لنا من تاريخ مصر وتاريخ محمد علي بالكشف عن دور إبراهيم باشا؟
تلك أسئلة يحاول هذا الكتاب أن يجيب عليها، وأن يلقي على جانب مهم من جوانب تاريخنا لا يزال محاطًا بالغموض، لا سيما ونحن في أمسّ الحاجة إلى إعادة مثل هذه الأدوار القيادية إلى الأذهان في تلك المرحلة الحرجة من تاريخنا.
هذا الكتاب أهديه للشباب والفتيات وكل الراغبين في إنشاء مشروعات صغيرة أو متوسطة في بداية حياتهم العملية؛ ليكون طريق نجاح لهم ينير تفكيرهم في عمل مشروع اقتصادي أو خدمي مستوف دراسة الجدوى المبدئية والتفصيليّة، ويتم تنفيذه بعد اجتيازه النجاح في الدراسة الاقتصادية.
سيثير هذا الكتاب من جديد قضية التواصل الشعري، وقضية العلاقة بين الشعر والجمهور ودور الأجهزة الثقافية والإعلامية في مجال الشعر والتلقي، وقضية اللغة في التعليم، باعتبارها ركيزة الشعر الأساسيّة، وقضية التذوق الشعري.
إن أصحاب المرجعيّة الدينيّة تُحرّكهم أخطر آفة واجهت البشر: أي أحادية الفكر. لقد أثبتت تجارب البشر أن الأحادية تعني الجمود، الذي يعني عدم التفاعل مع الطبيعة ومع المُتغيرات الاجتماعيّة، ومع بني الإنسان. وأن عدم التفاعل يؤدي إلى الاستسلام للثبات، وبهذا الاستسلام تكون البشريّة توقفت عند المجتمع (قبل الإنساني).
يتناول هذا الكتاب الحديث عن تشكيل المتخيل في شعر محمد آدم، وذلك من خلال الكشف عن أنساقه الثقافيّة وتحديد جدليّة الاستمرار والتفرد في هذه الشعريّة، ومن هنا كان المنطلق لقراءة تجربة الشاعر العربي المصري محمد آدم، وذلك لِما تتميز به من فرادة في بناء عوالمها المتخيلة، وتشكيل هذا المتخيل انطلاقًا من وعي حيوي بأهمية الإبداع والتجديد في اللغة والصورة والبناء الفني للقصيدة، وفي الأنساق الثقافيّة التي تختزنها في إشاراتها وإيحاءاتها الرمزيّة، وهذا ما يجعل هذه التجربة الشعريّة تنحو منحى متميزًا عن شعريّة تجارب أخرى سابقة أو مجايلة لتجربة محمد آدم.
إن مواجهة ضعف وسائل نشر الثقافة الأفريقية في مصر، يكون بالاقتراب من القارة الأفريقيّة، وسد فجوة المعرفة الدقيقة بالحلم الأفريقي، وما يجب أن يكون عليه دور مصر في السنوات المقبلة من أجل استنهاض مكانتها الرائدة في أفريقيا وفي مسيرة العمل الأفريقي المشترك مستقبلاً. ومصر ترتبط بأفريقيا ليس فقط جغرافيًّا وتاريخيًّا وحضاريًّا وإنما أيضًا عضويًّا بالنيل الخالد شريان حياة مصر وقلبها النابض ومن الضروري إيلاء عناية خاصة لعلاقتنا مع قارتنا الأفريقيّة لما لهذه العلاقة من أهمية بالغة على اقتصادنا الداخلي وقضاياه ومستقبله ولتعويض ما لاقته هذه العلاقة من إهمال متعَمَّد وضعف على مدار العقدين الماضيين.
وتأتي أهمية هذا الكتاب من كونه يسلط الضوء على التحديات الراهنة التي تواجه القارة الأفريقيّة التي عانت طويلاً من الاستغلال والتهميش، والركائز الأساسيّة لمستقبل الشعوب الأفريقيّة لمجابهة التحديات التي تعرقل نهضتها، وضمان وصول القارة إلى أهدافها المنشودة مستقبلاً لكي تصبح قوة عالميّة لا يُستهان بها سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا.
أجل أعشق الترحال، الأمكنة والفضاءات والمدن والشوارع طالما كانت هاجسًا يراودني منذ الوهلة الأولى التي بدأت أخطو فيها فوق بلاط صاحبة الجلالة. وتوّجت خطواتي قبل عشر سنوات بكتاب "في العراق.. الملائكة تموت" ثم كتاب "إيطاليا التي أحببتها".. وأخيرًا صفحة "ترحال" الأسبوعية بمجلة الإذاعة والتلفزيون..
الأديب الحق ضمير أمته، وله رسالة ينقلها إلى الناس، وعلى هذا يجب على الأدباء والمبدعين أن يلتمسوا الطريق إلى القيم التي ترفع من شأن أمة الأديب – بخاصة – وعالمه البشري بعامة، ويكون تعبيرهم عن هذه القيم – شعرًا أو نثرًا – في صورة منظومات أو قصائد أو مقالات أو قصص أو مسرحيات أو غير ذلك من فنون الأدب وأنماطه المتعددة.
تضمنت فصول هذا المؤلف الجهود الحثيثة التي قام بها المسئولون والمعنيون بشئون الوطن في المجال الثقافي بصفة خاصة والمشكلات التي اعترضت المسيرة الثقافية سواء على المستوى الرسمي، أو على المستوى الأهلي والتطوعي لرصدها وتحليلها والاستفادة منها عند وضع الاستراتيجيات والسياسات في مجال العمل الثقافي الذي يُعد من أهم وأبرز المجالات في عصرنا الحاضر.
لم تقف كاتبة هذه السطور في هذا الكتاب عند الطرق المختلفة التي سلكها النقاد في الإجابة على أسئلة تدور حول ماهية فن الباليه وحول قيمته.
وقد نرى كيف كان النقاد يقدمون آرائهم في ماهية فن الباليه وفي معنى الجودة فيه، بقوة رغبتهم في الدفاع عنه ضد هجمات من يرونه معدوم الفائدة، أو منافيًا للأخلاق، أو غير مرغوب فيه. وقد جاءت عصور يكون فيها فن الباليه بمنجاة من ذلك الهجوم.
يتناول هذا الكتاب التنشئة الأسريّة والمدرسيّة كمتغير أساسي قادر على التأثير في عملية التحصيل الأكاديمي، وربط ذلك بالمشكلات النفسيّة والتربويّة لدى الأبناء من خلال شرح النظريات والأسباب المفسرة لهذه المشكلات، وتوضيح وسائل الوقاية من هذه المشكلات حتى تكون خير دليل على نضوج الرأي العام في مصر والعالم العربي، الأمر الذي يبشر بالخير ويجعلنا نأمل في مستقبل أفضل يتمتع فيه شباب أمتنا العربيّة بحياة سعيدة خالية من المشكلات والاضطرابات النفسيّة.
إن وجود أرشيف قومي، يضم إبداع الثقافة الشعبية المتنوع، فيم اصطلح على تسميته المأثورات الشعبية في ثقافتنا، يصبح ضرورة لا يجوز التنصل منها أو التقليل من أهميتها. والحفاظ على المأثورات الشعبيّة – في حقيقة الأمر – هو خير وسيلة للحفاظ على ذلك الجانب الثري من ثقافة الفرد والجماعة أو المجتمع، أي الثقافة الشعبيّة، والعكس أيضًا صحيح. أنه قبل كلّ شيء، وبعد كلّ شيء، فرض عين ثقافيًّا ووطنيًّا.
واللي يحبي يقطعها جبال.
إن هذا العمل الذي بين يدي القارئ، ليس بحثًا أو دراسة، كما يكتب الباحثون أبحاثهم ودراساتهم، في موضوعات يرونها هامة للمجتمع ولأنفسهم أو للعلم الذي يبحثون فيه، كنا أنه ليس مجرد نصوص شفاهية وتاريخيّة وحيّة جمعتُها بنفسي من مصادرها التاريخيّة ومن مختلف الشوارع والميادين المصريّة، وأرجو أن أكون قد جمعت فيه أغلب ما هتف به المصريون ضد طغاتهم من الساسة والحكام، كما أنه ليس مجرد ذكريات أحداث هامة شاركتُ فيها مع الآلاف من الرفاق ثم مع الآلاف من الأبناء ذُقنا فيها حلاوة الظفر والانتصار وتجرعنا فيها مرارة الهزيمة والانكسار ولوعة الفقد، هؤلاء الرفاق والأبناء من الثوار الذين سعوا لتغيير وجه الحياة في بلدنا بحيث يصبح أكثر عدلاً وإنصافًا وجمالاً.
عندما أعد يوسف نوفل رسالته للماجستير عن صورة المجتمع المصري في الرواية... كان لنجيب محفوظ مكان ومكانة في الدراسة. ونظل معه إلى الدكتوراه التي كانت عن محمد عبد الحليم عبد الله روائي الدلتا، الذي كان مجايلاً لنجيب محفوظ وشكّلا معًا مع أبناء الجيل تيارًا مهمًا من تطور الرواية العربية في مصر. يوسف نوفل قبل كل هذا وبعده ناقدًا إنسان، ناقد يبحث عن الجواهر الكامنة في الإبداع العربي، كما يبحث عن الإيجابيات في شخصيات الكتاب الذين كتب عنهم. كان يوسف نوفل وما زال وسيظل يغمس قلمه في حبر قلبه ليكتب به سطورًا من نور. سعدت بقراءة هذا الكتاب البديع عن نجيب محفوظ، ومن المنتظر ممن سيقرأ الكتاب الشعور بحالة من متعة العين ... وهي المتعة التي افتقدناها حديثًا. لو كان نجيب محفوظ حيًّا وقرأ هذا الكتاب كان سيسعد به كثيرًا، وسيدرك أن حربه وجهاده لم يذهبا سُدى.
محمد مندور قمة شامخة في صرح أدبنا العربي، وقامة شامخة بين العمالقة الأعلام. حياته مثل نضالي رفيع. ومثال يحتذيه كل نجيب وكل راغب في المضي على درب النابغين. حين طلب العلم أقبل عليه ونهل حتى ذهل عن كل شيء إلاه، وحين تلفت صوب وطنه ومواطنيه بذل وضحى، سجن وطرد، وهو ماض في سبيله لا يعبأ بسطوة سلطان أو فقر أو ظلم، فالرسالة التي رضي أن يحملها مقدسة يهون في سبيلها كل غال. وحين تعين عليه أن يعلم فاض وروى، ومن أعماق قلبه أعطى جهده وفكره ووقته وروحه أيضًا.
لقد حرص أبناء جيلي ونحن في مرحلة الصبا والشباب على مطالعة كل ما كتب مندور فور صدوره، وتطلّعنا أن يكون إلى نهاية أعمارنا، كما هو أبرز أعمدة حياتنا الثقافية، ولكنه ومض كالشهاب ورحل، وحسبه ما بذل. وأخذت السنون تمعن في الفرار، والمساحة التي خلت بغياب مندور تتسع، وأثر هذا الغياب يغوص في قبل حياتنا كسكين.
الشعر يشتمل على الأفكار والتماعات الذهن، وعلى الوقائع والحكم والأمثال، وفي الوقت نفسه، فهو يشتمل على بيان لنزعات العاطفة والوجدان، وينقل الإحساس بها من الشاعر إلى القارئ أو السامع، بحيث يحس بها وكأنها تحدث له هو.
والشعر يُغلّف كل هذه الأفكار والصور والأحاسيس بغلاف شفاف من الموسيقى – موسيقى ظاهريّة ناتجة عن الوزن والقافية، أو موسيقى داخليّة تتصاعد بطريقة غامضة من التراكيب الداخليّة للأبيات، ومن معاني الكلام، لا من الآلات الموسيقيّة الوتريّة أو النحاسيّة.
ماذا كان محمد مندور؟ لماذا يلح على ذاكرتنا النقديّة والأدبيّة إلحاحًا يعيده إلى الأذهان المرة تلو الأخرى؟ ذلك هو السؤال الذي يدفعنا إليه أو يدفعه إلينا؛ فنبصر – تارة – تفسيراته الثاقبة لثقافتنا الشرقيّة وإنتاجنا الفكري الذي يطرح تساؤلاته المتكررة على تراثنا القديم والحديث على السواء. ونلمح – تارة أخرى – كَرَّاته المتواصلة على التراث اليوناني محاولاً أن يُلقي الضوء على الوشائج الخفيّة التي تربطنا بمنابعه وروافده المتباينة، فكأنه في التفاته إلى الشرق يلتفت إلى الغرب، وفي التفاته إلى الغرب يكشف عن وجه الشرق الخفي الذي يتوارى خلفه.
وأشد الآلام : عدم نيل الغرض. وقد روينا أن الله يقول للملَك : "لا تقض حاجة فلان في هذا الوقت، فإني أحب أن أسمع صوته" وإن كان يتألم ذلك الشخص من فقد ما يسأل فيه ربه، فهذا منع مؤلم، عن رحمة إلهية ... فما عند الله باب يُفتح إلا أبواب الرحمة، غير أنه ثمّ رحمة ظاهرة لا ألم فيها، وثم رحمة باطنة يكون فيها ألم في الوقت، لا غير، ثم يظهر حكمها في المآل. فالآلام عوارض، واللذات ثوابت، فالعالم مرحوم بالذات، متألم بما يعرض له. (والله عزيز حكيم) يضع الأمور مواضعها، وينزلها منازلها.
محيي الدين بن عربي؛ الفتوحات المكية، ج. (8).
أردت بإذن الله أن أمنح عباد الله شربًا من عُباب المعارف، وأظهر لهم حلاوة العلم بترتيب الحكمة في الآلاء والعوارف؛ وكانت (الفتوحات المكية) – التي ألفها الولي الأكبر، والقطب الأعظم الأفخر، مظهر الصفة العلمية، ومَجلي الكمالات العينية والحكمية؛ لسان الحقيقة وأستاذ الطريقة، المتبوع والتابع لآثار الشريعة، محيي الدين، قدامة الأولياء المقرَّبين : أبو عبدالله محمد بن علي بن محمد بن العربي الحاتمي الطائي المغربي الأندلسي، قدَّس الله سرَّه، وأعلى عنده مقامه وقدره – أعظم الكتب المصنَّفة في هذا العلم نفعًا، وأكثرها لغرائبه وعجائبه جمعًا، وأجلّها إحاطة ووسعًا؛ تكلم فيها بـألسنة كثيرة، وأفصح عن معان غريبة خطيرة؛ فصرح تارة عن حالة، ورمز أخرى عن حال؛ وأفصح طورًا عن مقصود، وأدمج أخرى عن مُراد في مقال.
عبد الكريم الجيلي (ت. 826 هـ).
العالم كله جماله ذاتي، وحسنه عين نفسه، إذ صنعه صانعه عليه؛ ولهذا هام فيه العارفون، وتحقق بمحبته المتحققون، ولهذا قلنا فيه في بعض عباراتنا عنه: "إنه مرآة الحق" ، فما رأى العارفون فيه إلا صورة الحق. وهو – سبحانه – الجميل؛ والجمال محبوب لذاته، والهيبة له في قلوب الناظرين إليه ذاتية؛ فأورث المحبة والهيبة؛ فإن الله ما كثّر لنا الآيات في العالم وفي أنفسنا – إذ نحن من العالم – إلا لنصرف نظرنا إليه: ذِكرًا، وفكرًا، وعقلاً، وإيمانًا، وعلمًا، وسَمعًا، وبصرًا، ونهى، ولُبًّا. وما خُلقنا إلا لنعبده ونعرفه، وما أحالنا في ذلك على شيء، إلا على النظر في العالم؛ لجعله عين الآيات والدلالات على العلم به: مشاهدة وعقلاً.
محيي الدين بن عربي؛ الفتوحات المكية، ج. (9).
إن ابن عربي لا تُعرف أهميته في عالم الأدب والأخلاق؛ إلا إذا فكرنا جيدًا فيما ترك من الثروة الأدبية والأخلاقية. يجب أن نتذكر أنه ترك ألوف الصفحات ومئات القصائد، وأنه راض اللغة على الطواعية للرموز والإشارات؛ وأنه علّم الناس كيف يخوضون في أخطر الأحاديث، ثم يُسلمون؛ وأنه هضم ما درس من الفلسفة اليونانية، ومن أصول الديانة اليهودية والديانة النصرانية والديانة الإسلامية، ثم أحال ذلك كله إلى مِزاج من الفكر الفلسفي الدقيق، يعز على من رامَهُ، ويطول.
يكفي أن يتذكر القارئ أن ابن عربي سيشغل الناس، ما دام في الدنيا إنسان، يهمه الوقوف على ما صنع الذكاء في درس أسرار الوجود. لا تقولوا أخطأ ابن عربي أو أصاب؛ ولكن قولوا إنه رجل قضى العمر كله في محاورة العقل، ومناجاة الروح.
د. زكي مبارك
هذا الكتاب يقدم نجيب محفوظ الأديب النابغة للقارئ تقديمًا يقربه إليه، ويشعره بعظمته، ويستجلب تلك الحلوى التي ذاقها القارئ من أدبه لينفثها من خلال الكلمات والسطور، فقد سحر عالم نجيب محفوظ الكثيرين؛ خاصة من ولجوه عبر عبر باب السينما أولاً قبل التفرغ لقراءته في في مظانه الورقية، فتجلت عظمة ذلك الأديب الذي استطاع أن يرسم بريشته صورة للمجتمع المصري على مرّ عصوره منذ الفراعنة وإلى العصر الحديث، وقد عبر نجيب محفوظ عن طبيعة الشعب المصري التي عاينها وعاصرها بنفسه أجلّ تعبير وأوفاه؛ نظرًا لعينيه اللاقطتين، وعقله المتوثب، وذاكرته الحديدية، ولغته الطيعة، وقد حولت معظم روايات نجيب محفوظ إلى أعمال سينيمائية ضمها هذا الكتاب الذي من خلاله يتم تقديم رؤية نجيب محفوظ الروائية، ورؤية المخرج أو كاتب السيناريو للعمل من الوجهة السينيمائية ، مع الحرص على تقديم العملين بصورة تقريبية تامة للقارئ، بحيث إن من لم يقرأ الرواية أو يشاهد الفيلم يستطيع بعد القراءة أن يتخيلهما جيّدًا، ويقتربان من ذهنه وكأنه قرأ الرواية أو شاهد الفيلم. وبالمقارنة بين الفيلم والرواية، نجد أن الرواية بقد ما تحتفظ بخصائصها الأدبيّة والجماليّة الخاصة باللغة الروائيّة باعتبارها منجزًا شخصيًّا، فإن الفيلم لا يستطيع أن يحافظ على المشاهد العديدة للوصف الروائي مثلاً، بل يختصرها إلى لقطة طويلة أو متوسطة، ثم تدخل الكاميرا على الموضوع. لذلك تفقد الرواية خلال عملية التحويل الكثير من خصائصها الأسلوبيّة عندما تصبح فيلمًا سينيمائيًّا، وإن كان للفيلم السينيمائي جمالياته التي يمكن أن تضاف إلى رصيد الرواية كفن متطور؛ مما يؤكد أن الرواية فن قائم بذاته أي أن لديها المرتكزات التي تجعل منها رواية وليس شيئًا آخر، والحال ينطبق على الفيلم السينيمائي أيضًا . لذا كان من الأهمية بمكان أن يكون الأديب العالمي نجيب محفوظ هو موضوع توضيح العلاقة بين الفيلم والرواية؛ لأنه خير من قدم الرواية كفن متكامل، كما أن أعماله الروائية لها الأيدي البيضاء على السينما المصرية والعربية.
يشهد هذا العام 2015 مئوية ميلاد رائد الواقعية في تاريخ السينما العربية، وواحد من أهم المخرجين السينمائيين، ليس في مصر وحدها بل في العالم العربي أجمع .. حمل الفن السيمائي على عاتقه كرسالة فنية تعي مشكلات المجتمع، وتعمل من أجل إصلاح كثير من القضايا المهمة في الواقع المرير .. هذا الفنان لم يعتبر السينما مورد رزق ولا وسيلة لتحقيق المكاسب الماديّة، لكنها ظلّت الحلم الذي يرافقه طوال سنواته كرسالة تبغي تحقيق أهدافها، وطيلة هذا المشوار الفني الذي تجاوز النصف قرن .. استطاع مخرجنا العبقري المبدع أن ينطلق إلى العالمية بعدد من أفلامه، فعلق بأذهان السينمائيين في الخارج، وكان خير سفير للسينما المصرية أينما كان بأفكاره الفلسفيّة وإيمانه بالمبادئ الأخلاقية التي حاول إرساءها في إبداعاتهبتزاوج عمق الفكر مع متعة إبداع الصورة التي ولدها على الشاشة الفضيّة بمنتهى الحرفيّة والتقنية والإبداع، فأنجب لنا واحدًا وأربعين طفلاً يُعدُّ أغلبهم بصمات في تاريخ فن السينما .
وجدير بالذكر الإشارة إلى أن كثيرين كتبوا عن قضية فلسطين وعن حرب 1948، كما قدمت رسائل علمية عديدة تناولت هذه القضية، لكن ظل كثير من الحقائق العلمية غائبًا، ولذلك فقد حرصت اللجنة على إعادة كتابة تاريخ هذه الفترة برؤية تحليلية نقدية اعتمادًا على ما توفر من وثائق حتى الآن، وعلى ضوء ما تم كشفه ورصده من حقائق ومعلومات؛ ولذلك يمكن القول في اطمئنان أن هذه الموسوعة التي ستصدر في عدد من المجلدات تبدأ مع الحرب العالمية الأولى، وتشمل موقف مصر من نضال عرب فلسطين: مصر الرسمية، ومصر الشعبية بأحزابها المختلفة، والهيئات والجماعات الدينية، والأزهر الشريف، والمؤسسة الكنسيّة، والطائفة اليهودية، والشبان المسلمون، والإخوان المسلمون، وأخيرًا المؤتمرات الشعبية والرسمية التي شاركت فيها مصر من أجل فلسطين.
كأني وسط العالم طير
يمام قفص
نازل في هديل
وكأني سرب
من العصافير
نبات بيطلع، فوق النيل
كأني في الكون
عصفورة
وزهره في وسط الأزاهير
باقول في غنوه صغيُّوره
من فوق شجر
أو حبل غسيل
وكأني قمصان منشورة
وفي الأراضي البور
محاصيل
كأني أغصان مضفوره
وقطن في مرايل
أو تيل
ومصر طوال تاريخها القديم بهرت الإغريق، وتودد الإسكندر الأكبر إلى شعبها حين زعم أنه ابن الإله آمون، وتبنى البطالمة الديانة المصرية القديمة بكل ما تحمله من أساطير، وذابت السلالة البطلمية وتمصرت وصارت ثقافتها هي ثقافة كل المصريين. وحين جاء الإسلام، تصحبه اللغة العربية، امتزج ما جاء به الإسلام بتراث مصر العريق. ولم يتنكر العلماء والباحثون المسلمون لتراث مصر القديم – كما يفعل بعض السفهاء اليوم بزعم أنه تراث وثني – وإنما ابهرا به وتبنوه، وأظهروا إعجابهم بالحضارة المصرية القديمة ونسجوا حولها الأساطير التي أضافوها إلى رصيد مصر الثقافي، ولأن الأساطير تحمل الذاكرة الاجتماعية، وتعبّر عن العقلية التي صاغتها فقد كان طبيعيًّا أن نجد في الأساطير العربية التي حملتها كتب المؤرخين المسلمين أصداء تتعلق بأرض مصر، ونيلها وأصول شعبها، ورؤية المصريين لأنفسهم.. وما إلى ذلك.
ومن هنا تأتي أهمية الدراسة التي يقدمها الدكتور عمرو عبد العزيز منير في هذا الكتاب، وهي بالتأكيد الدراسة الأولى التي بحثت في منطقة الحدود بين التاريخ والموروث الشعبي. وفي هذه الدراسة يقارن الدكتور عمرو بين القراءة الأكاديمية العلمية للتاريخ والقراءة الشعبية للتاريخ. وفي هذه الدراسة الفريدة في بابها أظهر الدكتور عمرو موهبة وقدرة تنبئ بباحث واعد في مجال لا يزال جديدًا إلى درجة البكارة.
كان الكابوس السابع ممددًا بتراخ واطمئنان وأنا ألهث تحت ثقله، وبين يديه الكابستين على صدى ألتقط أنصاف أنفاسي، أنهج بصوت مسموع لي وله، وأحاول الانفلات من ثقل قبضتيه لكنه لا يتزحزح، وبيني وبين روحي المتهالكة كلفت روحي بمحاولة رسم أو تسجيل بعض ملامحه لأتأكد أنها متشابهة لحد التطابق مع ملامح الكوابيس التي سبقته، وأنهكتني من أول أيام الأسبوع الصعب بالتتابع إن كانت للكوابيس ملامح مثل البشر، وربما ليتأكد لي أنهم سبعة كوابيس تتشابه في كل تفاصيلها وأساليبها الكابوسية لو كانت تلك التفاصيل أو التفاصيل ستعلن لي عن وجودها بملامحها التي لم ألمحها أبدًا، لكننا ونحن نكابد حصارها الشرس للبدن أو المشاعر كنا نحاول، ربما كنت أتمنى أن أكتشف وأتأكد بيني وبين روحي – كما حاول البعض منكم وباح – من كونها سبعة كوابيس لها نفس الخصال على نحو جعلني أتوصل إلى قناعة مؤداها أنهم سبعة كوابيس توائم.
ولقد ألقت ظروف المجتمع المصري على الحركة العمالية في مصر الحديثة مسئولية مزدوجة: الدفاع عن مصالح العمال أنفسهم، والدفاع عن مصالح الوطن عامة في مواجهة السلطان المطلق والإمبريالية الغريبة. ومضت الحركة العمالية تحمل هذا العبء المزدوج، ومن هنا جاء ارتباطها بالحركات السياسية والحزبية في مصر حتى قيام ثورة 1952.
الكتاب مجموعة من الدراسات النقدية التطبيقية حول إبداعات عدد من الفنانين المصريين والأجانب ينتمون إلى أساليب فنية مختلفة تجمعهم المحاولة – بشكل متفاوت – في التمرد على الثوابت لاكتشاف جمالية مغايرة للسائد.. ومناقشة المسلمات.. وكشف الزيف.
ومجموعة دراسات تشكل تلك المحاولة للاكتمال. والكتاب دعوة إلى القارئ/ الناقد للحوار أملاً في إثراء الحياة التشكيلية المصرية.
لن يعود مرة أخرى.
قالت أختي، بدموع حارة على خديها وصوت متداع مكسور من فرط الخوف على حبيبها. قلت وقلبي يوجعني عليها، لكنني أخفي وأتماسك كي لا أكسر صورة أبي الذي لم يعط أهل محمود موافقة واضحة على الزواج، أو كلامه :
لا تقلقي، سيعود.
كانت ثمة مشكلة تافهة من مشكلات الزواج في الريف، في السنوات الأخيرة أصبح العراك على من يكتب اسمه أولاً في بطاقة دعوة العرس. لم تعد المشكلة اسم العروس أو العريس أو اسم أبيه أو أبيها، المشكلة أصبحت في عمها المهم أو خاله الضابط في نقطة المرور على الطريق السريع.
لقد كانت ظروف لقائي بأديبنا العظيم يحيى حقي الذي تصادف حديثي معه ليلة سفره الأخير للعلاج في فرنسا قبل وفاتهما جعلني أتمسك بمواصلة عملي الذي أصبح دافعي له يزداد كلما فقدنا عَلَمًا من أعلامنا، علنا نهتدي بالمنارة في داخل كل منهم والمتبقية وإن رحل الجسد. ولعل جهدي المتواضع هذا يجسد حاجة جيلي الملحة في التواصل الإيجابي، ليس فقط بجيل الآباء، ولكن بكل ما يمنحنا هوية نبحث فيها عن ثوابت قِيَمنا نحقق به إضافة لرصيد هذا الوطن العظيم.. موقنًا بأن أفضل ما وصل إليه جيل الآباء هو نقطة الانطلاق الحقيقية لجيلنا.
وبعد.. عزيزي القارئ، فلن يُسعد قلبي، ويزيل عني عناء العمل إلا شعوري بأنني نجحت بحقن القراء ببعض عوامل ومقومات النجاح والتفوق المُستمدة من العظماء من جيل الآباء.
تُرى هل نجحت؟
سؤال أنتظر إجابته منك!!!
يأتي الفن التشكيلي لتكون إبداعاته بمثابة حقيقة تعبر بصدق عن أحوالنا. ومن هنا.. فإننا إذا تتبعنا وجود المرأة (أو غيابها) في ساحة الفن التشكيلي في هذا البلد العربي أو ذاك، وأمسكنا بهذا الخيط وسرنا معه للتعرف على الطريقة التي عبرت به الفنانة التشكيلية العربية عن ذاتها، سنجد أنفسنا أما إعادة كتابة موضوعية لتاريخ الأقطار العربية، فالمرأة لها باع في إثراء حركة الفن التشكيلي العربي سواء كملهمة أو مبدعة، وأن هذا الوجود ليس ثابتًا أو مطلقًا، إنما يشهد تذبذبات بين الصعود والهبوط. وحيث إن صعود وجود المرأة، كفنانة أو ملهمة، في الوطن العربي يتزامن مع حقب النهضة، بينما يرتبط هبوط وجودها بعصور الانحطاط، وأن محاولة تعليق انزواء دور الفنانة على شماعة موقف علاقة الفن بالإسلام بشكل عام، والتصوير بشكل خاص، محاولة ليست فوق مستوى الجدال. فالإسلام ثابت في كل العصور منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا، والعامل الثقافي الإسلامي كان موجودًا عندما ظهرت فنانات لهن قيمة فنية عظيمة في بلاد إسلامية، ولم يمنع وجوده من قيامهن بإبداع ذخائر من تراثنا الفني الجميل. إن دور المرأة كفنانة، وأساليبها في التعبير عن ذاتها، ليس متطابقًا في كل أرجاء العالم العربي، بل إنه يكتسب هوية خاصة في كل إقليم، تأثرًا بالأنساق الثقافية الفرعية، ويضيف المدى الذي يمكن تفسير مثل هذا الفن من خلاله كفن نسائي.
ربما كان الأمر لا يليق بجلال عبقرية، وربما كان منهمكًا في الأهم من الأمور. وهكذا دون أن أقترف الذنوب ودون أن أكون عالة على حقوله ولو لساعة، احتقرني بقسوة إلا إذا كان كلام البيولوجيين دسيسة للوقيعة بين نسخة زائفة وخالق عبقريّ.
في بداية مشواري أدركت أهمية فن الرسم الكاريكاتوري وقيمته وما يمكن أن يؤديه في تطوير الحياة وتوجيه الإنسان بأسلوب يتقبله راضيًا وربما مبتسمًا في كثير من الأحيان، وفي قراءتي حول هذا الفن، اكتشفت قصصًا لرسوم من تاريخنا الفرعوني أرخت وسجلت أحداثًا عرفناها عن طريق هذا الفن الذي كنا أول من ابتدعه منذ فجر التاريخ، والمتأمل في تراثنا الفرعوني يقف مبهورًا أمام التماثيل واللوحات الكاريكاتورية التي أبدعها الرسام المصري القديم!
وتلخيصًا لقصتي مع الكاريكاتير، فإن بدايتي فيه مبكرة، ففي عام 1942 كانت مصر ضمن نطاق الإمبراطورية البريطانية التي كانت في حرب مع ألمانيا، والجيش الألماني يتقدم باكتساح في مختلف ميادين الصراع، وفي مصر وصل الألمان إلى العلمين وفيها وقعت القوات البريطانية في الأسر، واضطر المستر تشرشر رئيس وزراء بريطانيا للتسلل في البحر، وجاء إلى مصر ودرس الموقف، بعدها عاد إلى بريطانيا وجمع رسامي الكاريكاتير الإنجليز، وقال إنهم يملكون السلاح الماضي في المعركة وحملهم مسئولية رفع الروح المعنوية المنهارة، فقام الرسامون بواجبهم وانتشرت لوحاتهم الكاريكاتورية في جميع أنحاء الإمبراطورية، وضمنها كل نواصي الشوارع والحواري والمنتديات في مصر، وعلى الرغم من أن عواطفي كانت مع الألمان أملاً في أن يخلصونا من الإنجليز فإنني أعجب برسوم الإنجليز فكرًا وأسلوبًا، ومن هذه الرسوم أدركت أهمية وقيمة الكاريكاتير!
وعلى صفحات الكتاب الذي بين يديك قدمت ما استطعت جمعه من رسومي الكاريكاتورية لفترة مليئة بأحداث عشتها وانفعلت بها وعبرت عنها إيمانًا مني بواجبي كرسام كاريكاتير.
في بداية مشواري أدركت أهمية فن الرسم الكاريكاتوري وقيمته وما يمكن أن يؤديه في تطوير الحياة وتوجيه الإنسان بأسلوب يتقبله راضيًا وربما مبتسمًا في كثير من الأحيان، وفي قراءتي حول هذا الفن، اكتشفت قصصًا لرسوم من تاريخنا الفرعوني أرخت وسجلت أحداثًا عرفناها عن طريق هذا الفن الذي كنا أول من ابتدعه منذ فجر التاريخ، والمتأمل في تراثنا الفرعوني يقف مبهورًا أمام التماثيل واللوحات الكاريكاتورية التي أبدعها الرسام المصري القديم!
وتلخيصًا لقصتي مع الكاريكاتير، فإن بدايتي فيه مبكرة، ففي عام 1942 كانت مصر ضمن نطاق الإمبراطورية البريطانية التي كانت في حرب مع ألمانيا، والجيش الألماني يتقدم باكتساح في مختلف ميادين الصراع، وفي مصر وصل الألمان إلى العلمين وفيها وقعت القوات البريطانية في الأسر، واضطر المستر تشرشر رئيس وزراء بريطانيا للتسلل في البحر، وجاء إلى مصر ودرس الموقف، بعدها عاد إلى بريطانيا وجمع رسامي الكاريكاتير الإنجليز، وقال إنهم يملكون السلاح الماضي في المعركة وحملهم مسئولية رفع الروح المعنوية المنهارة، فقام الرسامون بواجبهم وانتشرت لوحاتهم الكاريكاتورية في جميع أنحاء الإمبراطورية، وضمنها كل نواصي الشوارع والحواري والمنتديات في مصر، وعلى الرغم من أن عواطفي كانت مع الألمان أملاً في أن يخلصونا من الإنجليز فإنني أعجب برسوم الإنجليز فكرًا وأسلوبًا، ومن هذه الرسوم أدركت أهمية وقيمة الكاريكاتير!
وعلى صفحات الكتاب الذي بين يديك قدمت ما استطعت جمعه من رسومي الكاريكاتورية لفترة مليئة بأحداث عشتها وانفعلت بها وعبرت عنها إيمانًا مني بواجبي كرسام كاريكاتير.
للبنت الخايفة من إمبارح
فَتقَضّي نهارها بتدفن فيه
وعشان تمحيه
بتضيّع بكرة برعشة وخوف
وما ليها كسوف
إكمنّها شالت حرف ال(ة)
في بلاد ممنوعة من التأنيث!!!
كارل بوبر من كبار فلاسفة القرن العشرين، ومن المؤثرين الرئيسيين في فلسفة القرن الحادي والعشرين، ذلك لأن فلسفته أتت نتيجة لتأثره بعدة تيارات فلسفية وعلمية سمح لها بأن تشكل منعطفًا أساسيًّا على المستوى الإبستمولوجي.
استوعب بوبر اتجاهات العصر العلمية والفلسفية ابتداء من استخدام آلات تكنولوجية فائقة التطور لرصد المتغيرات والمؤثرات الدقيقة والبسيطة، والتراكمات الكمية الصغيرة، كما تأثر بالعديد من الثورات العلمية التي تركت بصماتها على رؤيته الفلسفية النقدية، وليستنتج من ذلك عدم قابلية أية نظرية للثبات على أسس نهائية. بدأت هذه التطورات العلمية مع العالِم شارلز داروين واكتشافه للنزعة التطويرية في حياة الكائنات، والتي وصلت إلى الإنسان بشكله الحالي بعد تطور وعيه عن سائر المخلوقات الحية، وأدى اكتشاف العالِم إرنست ماندل أيضًا إلى تطور مبحث جديد من مباحث البيولوجيا، وهو علم الوراثة، ووصوله في زماننا إلى الاكتشافات الثورية المذهلة على صعيد الجينوم (الشجرة الجينية) التي تحمل الخصائص الوراثية للإنسان من بدايات الحياة إلى يومنا هذا، وما ستقوم به هذه الخصائص من تأثير على حياة الإنسان المعاصر والإنسان المستقبلي.
الموسيقى كما نعرفها الآن، فن له خصائصه الثقافية والترفيهية، ولكنها لم تكن على هذا النحو عند الإنسان البدائي أو إنسان ما بعد البداوة، وأيضًا الإنسان الذي وصل إلى مرتبة كبيرة من الرقي الحضاري، ولكنها كانت بالدرجة الأولى أحد الأنشطة الإنسانية المتميزة التي يمارسها البشر في أي زمان ومكان ولها وظائفها الاجتماعية والطقوسية المختلفة تمامًا عن الهدف الترفيهي أو الثقافي الذي يدركه الإنسان المعاصر.
آلات النفخ الخشبية هي الآلات التي تُصنع بالضرورة من الخشب، وتتميز عن الآلات النحاسية وغيرها بالصوت الهادئ الناعم الوقور، وعلى الرغم من أن بعض آلات هذه الفصيلة تُصنع من مواد أُخرى غير الخشب مثل الفلوت الذي يُصنع حاليًا من الفضة والمعادن الأخرى، كما أن بعض أجزاء آلات النفخ الخشبية قد تُصنع من المعادن كذلك، إلا أنها جميعًا تندرج تحت مجموعة وفصيلة آلات النفخ الخشبية الأوركسترالية.
لقد كان سقراط "يسأل" ويطرح أسئلة "حول" القضية و "في" القضية، كما كان يطرح أسئلة "من" الأسئلة ولم يكن سقراط يطرح أسئلة كغاية في ذاتها، ولكن كوسيلة لتحقيق غاية محددة تنطوي على فعل معين يتسم بالمسئولية.
وانطلاقًا من هذه البداية طرح هيدجر منهجه "الهرمنيوطيقي" الذي تناول من خلاله قدرات الإنسان الطبيعية فكشف عن كرامته وعن موقفه من الوجود باعتبارهما تأسيسًا لم يتأسس، ومع ذلك يُنشد الإنسان تأسيسه كمسئولية تجاه ذاته وتجاه ما يتجاوز ذاته وهو يدين في ذلك كله إلى أساس وجوده، ومن هنا يتضح أنّ تجرُّع سقراط للسم لم يكن دليلاً على فشله واستسلامه، ولكنه كان مجرد "تذكرة" أو بالأدق "تذكرة بالفعل الإنساني".
لا أدري إذا كان سقراط ما زال في حاجة إلى تجرُّع السم في أيامنا هذه. بيد أنني أود التأكيد على أن سقراط هو نقطة البداية التاريخية التي انطلقت منها الفلسفة الحديثة والتربية المعاصرة.
جنح إلى الاستبداد، غلا في الاستئثار بالسلطة، وتمكين حكمه المطلق، استلب الملك سلطانه وحقوقه، لا يقضي أمرًا إلا أن يشير عليه أبو القاسم، أو يأذن له، استأثر بجميع السلطات والرسوم، عمل على إقصاء، أو محو، مَن يراه عقبةً في طريقه، أيًّا يكن قربه منه، أقصي الكثير من خواص الملك ووزرائه عن المناصب المهمة، لم يعد لهم سلطات فعليّة، أو اختفوا.
بلغ ذروة النفوذ في قصور الحمراء، انفرد بالحل والعقد، كلمته مقضية، وأوامره لا تُرد يجيد إخفاء أفكاره خلف قناع من الهدوء وادعاء الجديّة، يرى أن الفوز بالقليل المضمون، أفضل من ضياع الكثير.
هذا هو المجلد الرابع من موسوعة "مصر والقضية الفلسطينية" الذي يشمل خمسة محاور؛ المحور الأول يتناول أوضاع مصر العامة قبل حرب 1967م اقتصاديًا واجتماعيًّا وسياسيًّا وعسكريًّا. والمحور الثاني يبيّن كيف ركز العمل السياسي على حلِّ المشكلة الفلسطينية من خلال عرض دور التنظيم السياسي ومجلس الأمة والدبلوماسية المصريّة. والمحور الثالث يتناول دور الإعلام والفن والأدب في دعم القضية الفلسطينية، ويأتي المحور الرابع متناولاً الموقف العربي والأفريقي من القضية الفلسطينية وأثر مصر فيه، وأخيرًا يتناول المحور الخامس موقف دول العالم من القضية الفلسطينية وردود فعل مصر تجاهه.
وكما تم في المجلدات الثلاثة السابقة حرصت اللجنة العلمية التي قامت بإعداد الموسوعة على كتابة الموضوع برؤية تحليلية نقدية، كما حرصت على تقديم إضافات عديدة إلى تاريخ مصر والقضية الفلسطينية.
هذا هو المجلد الرابع من موسوعة "مصر والقضية الفلسطينية" الذي يشمل خمسة محاور؛ المحور الأول يتناول أوضاع مصر العامة قبل حرب 1967م اقتصاديًا واجتماعيًّا وسياسيًّا وعسكريًّا. والمحور الثاني يبيّن كيف ركز العمل السياسي على حلِّ المشكلة الفلسطينية من خلال عرض دور التنظيم السياسي ومجلس الأمة والدبلوماسية المصريّة. والمحور الثالث يتناول دور الإعلام والفن والأدب في دعم القضية الفلسطينية، ويأتي المحور الرابع متناولاً الموقف العربي والأفريقي من القضية الفلسطينية وأثر مصر فيه، وأخيرًا يتناول المحور الخامس موقف دول العالم من القضية الفلسطينية وردود فعل مصر تجاهه.
وكما تم في المجلدات الثلاثة السابقة حرصت اللجنة العلمية التي قامت بإعداد الموسوعة على كتابة الموضوع برؤية تحليلية نقدية، كما حرصت على تقديم إضافات عديدة إلى تاريخ مصر والقضية الفلسطينية.
من الطبيعي أن يمتد تأثير "ألف ليلة وليلة" إلى مجتمعات الشرق والغرب؛ حيث استلهمها الكثير من المبدعين عبر الوسائط الفنيّة المختلفة. من هنا نرى – في هذا الكتاب – كيف استلهمت السينما المصرية بتاريخها الطويل صراع الحكاية الإطار بين شهرزاد و شهريار عبر أعمالها المختلفة، سواء بشكل مباشر معلن، أو غير مباشر ومتوارٍ قليلاً، أو غير مباشر ومتوارٍ كثيرًا، وذلك بمنطق الاستفادة من كل أو بعض أو لمحات أو المفهوم العام لملابسات الحكاية الإطار، ثم تتبع وتحليل عملية الالتفاف والاستلهام والاقتباس الحر دون الإخلال بالمصدر الأدبي الشعبي الأصلي؛ مع الاعتراف بتشعب درجات هذه الحرية الإبداعية المكفولة للجميع.
يبدو أنه قد يلتبس عنوان هذا الكتاب على القارئ، فيظن أن وراءه سرّ، وقد يظنه لونًا من ألوان الابتكار التي أخذ بها الناس، من كُتَّاب وغير كُتَّاب في بث آرائهم في هذه الأيام، ولكن الحقيقة غير هذا؛ إذ ليس وراء هذا العنوان سر مكنون أو قصة خفية، وليس هو بمحاولة في ابتكار العناوين الطريفة؛ إذ أن عنوان هذا الكتاب هو الكتاب نفسه.
وليس هذا "اليوم" الذي تخيرته مادة لهذا الكتاب من الأيام الممتازة المشهودة، بل هو ككل يوم قضيته في أوربا، بل إنه على الأصح صورة سريعة لعشرات الأيام، بل لمئات الأيام التي عُرفت بها أوربا.
قبل عشرات السنين من إعلان الكيان الصهيوني، صرّح بعض الحاخامات علانية بحق إقامة الكيان الإسرائيلي في الأراضي الممتدة من النيل إلى الفرات، ولكن "هرتزل" وغيره من القادة الذين اتخذوا العلمانية نهجًا، أعلنوا أنهم يريدون أرضًا صغيرة يعيشون عليها، ثم يتوسعون بعد ذلك، وهذه الأراضي تشمل عدة دول عربية هي مصر وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين والعراق، وعندما ظهر البترول في السعودية والكويت بدأت الأطماع الإسرائيلية هناك أيضًا، بمنطق القوة، ورُغم أن أسلافهم عاشوا في المدينة المنورة من قبل، ومن كلّ هذا نستنتج أن صراعنا مع الكيان اليهودي صراع وجود لا صراع حدود.
علينا أن نوقن أن الكيان الإسرائيلي في طريقه للزوال، وقد يستغرق الأمر وقتًا، ولكنه ليس بالطويل في عمر الشعوب؛ فقد انتصر الكيان في حروب 1948، 1956، 1967، ولكن لم ينتصر بعد ذلك في حرب الاستنزاف التي انتهت بالتعادل، وانهزم في حرب أكتوبر وخسر أجزاء من سيناء، ثم انهزم في الانتفاضة الأولى، وأُجبر على توقيع اتفاق أوسلو، ثم انسحب من لبنان، وانهزم في الانتفاضة الأقصى المباركة، والملاحظ هنا أن مَن رفع راية الجهاد في الانتفاضة الأولى والثانية هما منظمتا حماس والجهاد الإسلامية حتى منظمة فتح العلمانيّة انبثق منها تنظيم كتائب شهداء الأقصى الذي بدأ في اتخاذ نهج إسلامي.
لم أبكه،
ما استرحمت عيناي ساعاتِ الوداع
فلتشهدي يا أرض
أنَّا ما أكلنا من مواسم عشقنا غير الفتات
هادنتُ ساعة موته شمس الضحى
وأكلت خبز غنائه اليوميّ،
طالعت النساء بثوبه وعباءته
راقصت خيل فصوله في الريح،
طامنتُ الثمارا
ضاحكتُ نسوته العذارى
يا بلاد غدوِّه ورواحه
كفّاي ساقيتان تنهمران
عبر مساءه وصباحه
ما اسم الذي لا تشتهيه الأرض
في عرس الفصول الأربعة؟
أراجيح دائرية خلال أسماء
روح شفافة، وقلب صاف، ونفس مطمئنة. كلامها بسيط جدًا، ومؤثر للغاية؛ إذ أخذت آذننا جميعًا، تتحدث بعاطفة وحرارة وحب عن جدها العظيم، سيدي العريف؛ فهو وليّ من أولياء الله الصالحين الذين لم يأسرهم شيء في هذا الوجود كله، ولا الموت ذاته! فهم عباد خُلَّص للرحمن وحده، ولم يبق للدنيا منهم شيئًا، ومن ثَمَّ هم أحياء عند ربهم يُرزقون، وأكدت لنا أن لسيدي العريف حضرة روحية قائمة ومستمرة، ويمكن لمن يريد أن يحضر هذه الحضرة الذكية أن يأتي إليها، وما عليه سوى أن يحضر بنفس صافية، وقلب مفتوح، وسيجد ما يسره، وما يفيده؛ فالعطاء الرباني لا ينقطع أبدًا عن مريد مُخلص لوجه الله وحده لا شريك له – سبحانه وتعالى – عما يشركون.
لم أكتب هذه الرواية إلا لتكون عبرة للقارئ ودرسًا من دروس الحياة، يستفيد من ورائه أبناء وطني العزيز بوجه عام والفلاحون بوجه خاص، والذي دفعني إلى نسج بُردها بالشكل الذي هي فيه هو ما رأيت الفلاح عليه من التعاسة والشقاء، وما هو منغمس فيه من الجهل الدامس؛ حتى إنني جعلت مقر الحادثة قرية من قرى الفلاحين وبطل الرواية واحدًا منهم. ولم يكن غرضي من ذلك أن تكون مجرد فكاهة للفلاح يصرف فيها زمنه على غير طائل، ولكن حكمة بالغة تدفعه إلى تحسين حاله وترقية شأنه، وتبث فيه روح الكمال والفضيلة، فتهديه إلى طريق الرشاد وسواء السبيل.
تدور محاور هذا الكتاب حول العلاقة العضوية بين الإبداع والمستقبل؛ فالإبداع تجسيد للمستقبل وليس امتدادًا للماضي عبر الحاضر. ولهذا فالماضي أو الحاضر هو الوضع القائم الذي نتجاوزه إلى وضع قادم، والمجاوزة فعل مبدع، والموضوع المبدع هو ظهور جديد، ولكنه يسبقه قصد.
الإبداع إذن معطى كمشروع في المستقبل. وهذا المشروع أو، إن شئت الدقة، هذه الأيديولوجيا عندما تتجسد في الواقع تتحول إلى ثقافة، ولكن عندما تتحول الثقافة إلى "دوجما" dogma تمتنع الرؤية المستقبلية، وبالتالي يمتنع الإبداع، ومع أن الإبداع ضروري ضرورة حضارية فإن علماء النفس لم يهتموا بدراسته دراسة علمية إلا مع بداية القرن العشرين، أما قبل ذلك فالاهتمام كان منصبًا على الذكاء.
إن الإبداع هو قدرة العقل على تكوين علاقات جديدة بحيث يحدث تغييرًا في الواقع. وهنا تحضرني تجربة حبيب جورجي. فقد جمع هذا الفنان عددًا من الأطفال، وهيّأ لهم وسائل التعبير التلقائي بمنأى عن أي نوع من أنواع التدريب التقليدي إلا ما يستوحونه من خيالهم متروكين لكي يستنبطوا التعبير الذاتي المبدع من أنفسهم.
إن الدراسات التي تناولت سيكولوجيا الطفولة من جميع نواحيها لم تتسع دائرتها إلا في القرن العشرين.
وعندئذٍ تأسس علم نفس الطفل، ومن أبرز مؤسسيه جان بياجيه وهنري فالون.
قلت: النجاة.. النجاة..
ساقوني إلى ساحة إعدام، مقاصل ثلاث متجاورة تتمدد تحت أسلحتها الباترة رقاب ثلاث، تنبض ارتعاشاتها بدفقات رعب انتظار الموت.. وجهان مكشوفان، أما الثالث فمحظور أن أفكر في رفع قناعه لأعرف مَن صاحبه أو صاحبته، قيل لي: عليك باختيار واحد من بين الثلاثة. زر واحد تضغط عليه وتنتهي المسألة، فتصير حرًّا طليقًا ناجيًا بالخلاص سعيد الأزل والأبد.. قالت ابنتي الجميلة ذات العشرين ربيعًا ودموعها تكوي أرجاء قلبي:
المشوار العظيم
رواية الجزء الثاني
(باغة وأنصاره)
موج ومساعدوه)
في هذا الزمان ينبغي أن نعيد قراءة بهاء طاهر؛ لأنه يُقدم بمؤلفاته الإبداعية والفكرية والنقدية تصورًا مختلفًا لموقع الكاتب ومكانته في حياة مجتمعه.
إن الكاتب – عند بهاء طاهر – يلعب دورًا بالغ الأهمية في ترسيخ وتطوير القيم: الأخلاقية والوطنية والحضارية والإنسانية.. تلك القيم التي تصنع منّا أمة تعيش في وطن. مثل كلّ الكتَّاب الكبار يتمثل بهاء طاهر عبر أطوار عمره رحلة الإنسانية من الخرافة إلى الأسطورة، ومن السحر إلى الميتافيزيقا، ومن الانبهار بإنجازات العلم إلى معاناة البحث عن معنى الوجود، ومن تجاوز تلك الحيرة الوجودية إلى التطلع إلى نسق من القيم والعلاقات الاجتماعية، يرقى بالواقع الإنساني، فيصبح أقل بؤسًا وأقل ظلمًا وقهرًا، ويرقى بالإنسان فيصبح أقل غلظة، وأكثر تحضرًا وتسامحًا ورحابة.
تكتسب الرواية المخابراتية أهميتها من عدة مصادر، لعل في مقدمتها أنها رواية قضية، تُبرز الصراع الدائر بين المجتمعات الإنسانية الذي يُعد ركنًا أساسيًّا في بناء أحداثها، وهو صراع يتشكل من بواعث عدة، كحفاظ تلك المجتمعات على أمنها، ودرء المخاطر التي تُهددها، وحماية مصالحها المشروعة، أو رغبة بعض القوى الاستعمارية في فرض الهيمنة والاستحواذ وتحقيق مطامعها التوسّعية، أو التأثير في سياسات الدول وقراراتها الذي يمكّن منه اختراق أمنها المعلوماتي والوقوف على مواطن القوة والضعف لديها؛ ومن ثَمَّ فهو أدب يُظهر معه الصراع الحضاري القائم بين القوى المتنافرة، والاستجابة للأطماع البشرية التي ستبقى تهديدًا لمفهوم التعايش الإنساني.
ويسعى هذا الكتاب في محاوره المطروحة إلى رصد مسار تلك الروايات ونشأتها في حركة الإبداع العربي، والبحث عن خصوصيتها، وحدود العلاقة بينها وبين بعض الاتجاهات الروائية الأخرى، وما يتوفر لها من رسائل تتجاوز بها مجرد تحقيق المتعة الفنية لجماليات الإبداع، ورصد ما يقف أمامها من معوقات الحضور في ساحة الإبداع العربي.
هذا الكتاب لواحد من جيل الرواد، لم يترك لنا مالاً لننتفع به، ولم يترك لنا قصرًا مشيدًا لنسكن فيه، بل ترك لنا ما هو أكثر من هذا وذاك، ترك لنا علمًا غزيرًا نتوقف أمامه ونرصد من خلاله التحولات المختلفة للقصيدة الشعرية المصرية عبر أكثر من نصف قرن، أعود لأكرر أن أمامي العديد من المداخل، وأنا في حيرة، أيهما تكون بدايتي مع هذه القصائد الشعرية التي تحمل رصيدًا هائلاً من التاريخ المصري والعربي عبر فترة من أخصب مراحل النضال الوطني في تاريخ مصر والعالم العربي، هل أبدأ بقصائده الشعرية المعنونة تحت مظلة مفردة واحدة معرّفة بالألف واللام، عسى أن نكون بمجاورة قصائد شعرية مطيعة تسلمنا زمامها من نماذج.
كان الشعر الذي قيل في مدح الرسول – صلى الله عليه وسلم – والدفاع عن الإسلام، والرد على كفار قريش والقبائل العربية، شعرًا غنيًا بالمفاهيم الهادفة العالية، زاخرًا بالجوانب الفنية، وكان في مقدمة الشعراء الذّابّين عن الإسلام حسان بن ثابت الذي عاش حياة طويلة مليئة بالأحداث والتغييرات، تراوحت بين عصرين من أكثر العصور التي مرت على أهل العربية تناقضًا في السياسة والدين والاجتماع؛ إذ عاش نصف عمره الأول في الجاهلية يستلهم من صحراوتها قيم الفتوة ، وعنجهية البداوة، وضراوة القتال، مثلما عاش نصفه الآخر في الإسلام يستمتع بحلاوة العقيدة ونعيم الأمن والسلام معًا، وهو في هذا وذاك شاعر مبدع، متأثر ومؤثر، مطبوع بطابع الجاهلية والإسلام، مؤرخ في كثير من الصدق والدقة، منشد أجمل الصور لواقع النبي العظيم في إيمانه وجهاده وكفاحه، وقد نستطيع تلمس عظمة الإسلام في شعره المتميز بصدق تعبيره، وحرارة عاطفته.
البلاد كالناس، منهم الحبيب الودود، ومنهم من تعرفه لتنساه، ومنهم من تمجه وتمج الحياة من أجله! وهكذا البلاد، منها القريب إلى النفس الذي ينعطف إليك منذ أن تطأ رحابه، وتتركه مصهور القلب، تفكر متى تعود إلى أحضانه. ومن بينها ما تقضي بين جنباته الأيام والشهور، ولا يخلف في نفسك أثرًا. فلا أنت تحن إليه، ولا أنت تزور عنه. ومن البلاد ما لا تجد في صدرك سعة لقبوله...
وبرلين لها أحباؤها وعُشّاقها، وأنا من بين هؤلاء الأحباء، فقد هبطتها ضاربًا في أرض الله، فَفَتَحت لي صدرها، فسكنتُ إليها. وتركتها بعد أن طرقت فيها كل باب، وقضيت أيامها منذ الصباح الأول، وسهرت ليلها حتى الهزيع الأخير.
إن لقاءات التكريم تزخر بقيم سامية، وتغلفها معان ومشاعر راقية وطيبة. فالإجلال لمن أضافوا المعرفة وأثروا العلم، والعرفان لمن علموا الأجيال ولا يزالون يعملون، والولاء لمن أسسوا مدارس علمية ومناهج فكرية يسير طلاب العلم في دروبها وعلى مداها، والتقدير والاحترام لمن أرسوا أخلاقيات البحث العلمي لدى الباحثين وطلاب العلم. هذه باقة عطرة نهديها إلى كل من سبق تكريمهم، وإلى من نكرمهم اليوم.
لقد بدأت لجنة التربية تكريم رواد التربية وعلم النفس، عام 1994؛ حيث عُقدت ندوة التكريم يوم 22 من يونيو واستهل د. عبد الفتاح جلال صاحب فكرة التكريم ومقرر اللجنة آنذاك كلمته في هذه المناسبة بكلمات لا تُنسى قائلاً:
"الولاء لأرض مصر الغالية، والحفاظ على قيم الأصالة، والبر بالآباء في العلم والدم من الأبناء، والعرفان بالفضل لأصحابه، والتواصل في المعرفة بين الأجيال.. تلك جميعًا بعض القيم التي كانت وراء قرار اللجنة بعقد ندوة علمية لتكريم الرواد الأوائل في مجالات التربية وعلم النفس".
اهتمت النظريات الأدبية، قديمًا وحديثًا، باستجابة الجمهور للأدب، ولكن طبيعة النظرة إلى هذه الاستجابة اختلفت من مدرسة إلى أخرى، ومن حقبة إلى الأخرى، ففي الوقت الذي تركز فيه الاهتمام عند أرسطو بالأثر الذي يحدثه عمل أدبي على مستقبله، انحصر الأمر على وسائل وتقنيات إحداث هذا الأثر، وليس على كيفية استقبال القراء والجمهور له. لقد تعاملت النظريات الكلاسيكية مع اللغة بوصفها شكلاً من أشكال القوة التي تؤثر في العالم، أكثر من كونها سلسلة من العلامات التي يمكن حل شفراتها؛ فعندما يتحدث أرسطو عن الشفقة والخوف بوصفهما عواطف أصيلة في التراجيديا، فإنه يرى أن ما يُميز الإنتاج الشعري هو التأثير المركز، فما يهمه هو درجة التأثير وليس طبيعته.
تمثل أعمال عبد الحكيم قاسم مجالاً تطبيقيًّا غنيًّا لدراسة المروى عليه، حيث تطرح تساؤلات نقدية حول حدود وظيفة الراوي، ومدى الحرية المتاحة له داخل الفضاء السردي؛ إذ يتشابك في روايات عبد الحكيم قاسم أحيانًا صوت الراوي وصوت بطله والصوت الخاص بالكاتب بطريقة تقترب في بعض الروايات من السيرة الذاتية، مما يجعل من سؤال: من يحكي الرواية سؤالاً مشروعًا، ويظل واحدًا من الأسئلة التي يصعب الاستقرار على إجابة قاطعة عنها.
ها نحن بعد اكتمال الحلقات الثورية المتنوعة التي شهدت صعودًا وهبوطًا وتعثرًا في المسار الثوري كان الوقت قد حان ليخرج كتابنا السادس والأخير في سلسلة كتبنا عن ثورة 25 من يناير وعنوانه "ما بعد الثورة: الزمان التنموي والتحديث الحضاري". وهو يتضمن نظرية متكاملة عن عودة الدولة التنموية وأهمية التجديد المؤسسي للأحزاب السياسية ولمنظمات المجتمع المدني، وضرورة التجدد المعرفي للنخبة السياسية والنخبة الثقافية المصرية.
في هذا الكتاب لم نقنع بعرض الملامح الأساسية للدولة التنموية، ولكننا تعرضنا بالتحليل للمشكلات الأساسية الخاصة بالتحديث الحضاري للمجتمع المصري، الذي لا يحتاج فقط إلى جهود علمية متكاملة لنقله من حال التخلف إلى التقدم، ولا يقل أهمية عن ذلك تبني رؤية استراتيجية كفيلة برسم ملامح المستقبل الذي يضمن للأجيال الجديدة – في ظل تنمية مستدامة – الحق في العيش والحرية والكرامة والإنسانية، وهي الشعارات الأساسية لثورة 25 من يناير 2011 المجيدة.
إن مرتكزات السيطرة الغربية باتت تعمل اليوم في بلدان شرقية بفاعلية كانت فيما مضى حكرًا على بلدان الغرب، ولا بد من أن نشير هنا إلى أن أبرز هذه البلدان التي تضم اليوم اليابان والبرازيل والهند هي الصين؛ فبلاد كونفوشيوس تعتمد الحركة المفتوحة والنابذة في غير مجال، كما أنها قادرة، فيما يخص الهيمنة، من أن تنافس مستقبل الغرب بغير رضاه أو بالتنسيق معه، لا ندري.
فلا شيئًا نهائيًّا فيما يتعلق بفاعلية المحركات الذهنية عند أي شعب من الشعوب. كما أنه لا حتمية في هذا المجال. الأمر يتعلق بالإرادة المصيرية عند الشعب الذي يعنيه الأمر بأن ينتقل بحركة أفكاره وممارساته من صيغة البلّاعة إلى صيغة النافورة، مع كل ما يفترض ذلك من تضحيات بعضها استراتيجي وبعضها الآخر تاريخي ومعتقدي.
فمن هي، يا ترى، الشعوب التي تمتلك الشجاعة الفكرية والمادية للقيام بعملية من هذا النوع؟
لقد تم وضع هذا الكتاب من منطلق تنبيه الأنظار والتأكيد على الدور الفعّال والمحوري لتخصص العمارة الداخلية وما يمكن أن تقوم به من دور فعال في مجال من أهم مجالات التنمية، وذلك من خلال "توظيف" إمكاناتها، وما يمكن أن يُثمر تعاون ذلك التخصص مع التخصصات الهندسية والعلمية الأخرى – كالعمارة، والهندسة المدنية، والهندسة الكهربية والهندسة الصحية، وهندسة التكييف والتهوية، إضافة لفروع العلم المختلفة كالكيمياء، وهندسة المواد، والعلوم المرتبطة بالتطبيقات الإشعاعية، والتخصصات المختلفة المرتبطة بالعلوم البيولوجية... إلخ.
ويهدف هذا "التوظيف" إلى تهيئة البيئة والمناخ الصحيحين في توفير البيئة المناسبة من خلال المعامل والأماكن البحثية للعلماء والباحثين، وتسهم في رفع كفاءة العمل البحثي بهدف الوصول إلى نتائج علمية – بحثية ذات مستوى عالٍ من الدقة، وذلك بتصميم وإنجاز المعامل والأماكن البحثية بالاعتماد على أسس علمية صحيحة انطلاقًا من الاستفادة لما توصل إليه العالم المتقدم من أسس ومعايير لتصميم وإنجاز تلك النوعية من المنشآت العلمية.
الدراما هي الحياة، نسخة من الحياة، محاكاة للحياة، عن طريق المحاكاة يكون الإنسان قادرًا على التعلم، وهذا مردود إلى أن المحاكاة وسيلة من وسائل المعرفة، والمعرفة في حد ذاتها مطلب إنساني.
ها هنا ترتبط الدراما بالتربية؛ لأن الدراما مع تطورها لا تعكس الواقع فحسب، بل عليها أن تسعى إلى تغييره، وهي لا تقلد الحياة، بل إن مسيرة الحياة في بعض جوانبها تقلد الدراما وتتأثر بها، وتلتقي الدراما مع التربية في أن الإنسان عبر مسيرته الحضارية تعلم من المحاكاة: من محاكاة الطبيعة والكائنات الأخرى.
والدراما بطبيعتها وسيلة للتواصل الإنساني؛ فهي التي تحدد الإطار الذهني، والنسيج الوجداني، وطريقة العبور من الماضي إلى الحاضر، ورؤيتنا للآخرين وقدرتها على التعامل مع رموز الثقافة القومية عندما نتسلح برؤية مستقبلية، تعبر عن قيم السعي والاستمرارية والتطلع إلى المستقبل، وتجاوز ما هو كائن إلى ما ينبغي أن يكون، عند ئذِ تكون الدراما المصرية إبداعية النزوع والتوجه؛ فما الإبداع إلا تجسيدًا للمستقبل.
إن الحركة النسائية رسالة عظيمة، والعمل فيها لا بد أن يكون عقيدة عند العاملين في مجالاتها لقدرتها على رفع شأن وطننا العربي كله إلى الأمام والعمل على انتصاره في معاركه العديدة في مجالات السياسة والتعليم والبناء والاقتصاد والتصنيع وما إليها، ومن هنا – كما ترى – يجب أن تقوم على أكتاف أناس ينظرون إليها على أنها عمل وطني بل عمل سماوي يحتمه الخالق لإصلاح هذه المنطقة ونجاحها والعاملين فيها، والماضي يؤكد هذا القول، فالبنت كانت تخرج إلى الحياة وهي تؤمن أن من الواجب خدمة الوطن وحبه كحب الله سبحانه، وأنها بشخصيتها وسلوكها تصور هذا الحب وما يدعو له، ومن ثَمَّ كانت تسعى إلى أي عمل تشعر أن المجتمع في حاجة إليه دون نظر إلى جزاء أو حتى كلمة شكر؛ فالحركة النسائية الجادة والهادفة إنما هي الأساس الأول في نجاح مشروعات البلاد في القطاعات المختلفة، ومن ثَمَّ فهي أملنا على طريق التقدم الحضاري والبشري والثقافي في الوطن العربي، وهي المنارة الثابتة للأجيال القادمة على درب القومية العربية.
إنني عرفت في فؤاد حداد ثلاثة كائنات نورانية جميلة:
الكائن الأول هو فؤاد حداد الإنسان.
الكائن الثاني هو فؤاد حداد الشاعر.
والكائن الثالث هو فؤاد حداد الشعر.
وعرفت – في ست سنوات مرّت كلمح البصر – أن من المستحيل أن تجلس إلى واحد أو اثنين منهم (الكائنات النورانية الثلاثة).
إنك دائمًا مع الثلاثة..
والثلاثة دائمًا معك..
والثلاثة هم الأجمل..
لا فارق بين فؤاد حداد وشعره..
ولا فارق بين الشاعر والإنسان في فؤاد حداد.
لا فارق بين الإنسان والشاعر والشعر في فؤاد حداد.
وإذا كان الكائن الثاني (الشاعر) موجود في شعره.
وإذا كان الكائن الثالث (الشعر) موجود في دواوينه.
لذا فإن من أفتقده في فؤاد حداد حقًا هو الإنسان.
كتب سعد الدين وهبة مذكراته على مراحل متباعدة وفترات متباينة معظمها لم يُنشر ولم يكتبه كتلة واحدة بسبب مشاغله الكثيرة خاصة في سنواته الأخيرة، إلا أن القدر لم يمهله ليقوم بتجميعها؛ حيث رحل عن دنيانا في 11 من نوفمبر عام 1997م.
أما لماذا هذه المذكرات الآن؟ هذا لأن مصر اليوم في أمسّ الحاجة إلى أن تقرأ تاريخها الحديث لكي تستطلع معالم الغد، لأن ما نمر به الآن من مفترق طرق، كان في أشد الحاجة إلى كاتب موسوعي مثل سعد الدين وهبة؛ ذلك الرجل الذي ترك آثارًا خالدة لن يمحوها الزمان.
لم أبحث عن الحب أبدًا
لكنه كان دائمًا
ما يجدني!!
الوقوع في الحب
كالقفزِ من الطائرة
صدقني
ستنعم بما لم تره من قبل
مطمئنًا إلى مظلّتِكَ
التي لن تنفتح
عندما تكافي!!!
إحنا المحاكم اللي بتحاكم الشعوب وتدينها وتطخها في عناوينها.
ما يهمناش اسمها ولا لونها ولا دينها دنشواي...؟
عارفينها...
احنا اللي عاملينها.
شيكاغو...؟
فاكرينها...
احنا اللي صنعناها
احنا اللي فابريكناها.
واحنا اللي عادلينها.
كفر الدوار...؟
خميس والبقري.
ناسيينها...
احنا اللي ناصبينها.
احنا اللي موتناها.
واحنا اللي دافنينها.
طَرْق على الباب لا يَكفُّ.. دقات قلبي تتصاعد.. ذهبت لأفتح الباب فلم أجد أحدًا..
لا، قد يكون هناك وهم.. لكن من المفروض أنني على موعد.. ومهيأة لوصول الأصدقاء في أي لحظة.. مرَّ الوقت ببطء.. تكررت الواقعة.. بدأ الخوف يتسرب إلى نفسي.. فقررت أن أتخلص منه ومن شعور الانتظار، وقبل أن أشعر باقتراب خطوات، فتحت الباب على مصراعيه، فوجدت عامل النظافة يقوم بعمله.
صوت بكاء طفولي يجلجل في الشقة.. أنهض لأتأكد من إغلاق المذياع.. لكن البكاء يزيد.. أوصد النوافذ والأبواب.. يطنُّ الصوت في أذني.. أفتش بين الحجرات.. أبحث في الأدراج والدواليب.. أبعثر قطع الأثاث.. أتأمل الجدران... لا أجد ثمة أحدًا غيري.
كأنكِ
دكّة بيتي
كأنك سجادة
زُخْرفت بخيوط من اللؤلؤ
الساحلي
على نمنمات الجدار
كأنك زغرودة
من فم طيب المسك
في عرس جاري!!!
كأنك جميزة
فاض ظل لها
واستطال
وظلل كل بيوت بكت....
واكتسبت
بالسواد
يدور هذا الكتاب حول جدلية الرمزية والنثر، بوصفها قضية ترددت كثيرًا في كتب الأدب والنقد، وأهمية النزعة الرمزية في تشكل النص الروائي، ونحاول من خلال هذه الجدلية البحث عن مقياس موضوعي؛ ليكون مرجعًا في تحديد إطار المصطلح في النثر كما تبدّى في الشعر.
ولعل هذا الكتاب يكشف لنا حقيقة الرمزية وحقيقة صناعتها، التي مرت بمراحل طويلة سبقت مرحلة وصولها إلينا في أعلى درجاتها؛ فإذا كانت الرمزية بطبيعتها ونزعتها المثالية أقرب إلى الشعر منها إلى النثر حيث كان من أهداف الرمزيين أن ينتشلوا الشعر من الصبغة النثرية التي تتجلى في الوضوح والمباشرة والتقريرية، فإن الرمزية التي قامت رسالتها الأولى على تخليص الشعر من الطابع النثري لم تلبث أن غزت النثر كما غزت الشعر، وكان غزوها للنثر – حتى في فرنسا التي نسب إليها هذا المذهب – مبكرًا جدًا.
على الرغم من تزايد الاهتمام في السنوات الأخيرة بقضية الإتجار بالبشر، والذي يُعد العمل القسري أبرز أنواعها باعتبارها قضية قومية وحضارية تتصل في الأساس بمستقبل المجتمع المصري وبخطط تنميته وبنائه وتطوره، فإن هناك نسبة كبيرة من البشر في بلادنا يعيشون في ظروف صعبة لا إنسانية، ويتعرضون للاستغلال والعبودية، وهذا يعني أن طائفة كبيرة من أبناء المجتمع المصري في طريقهم إلى عالم الجريمة والانحراف، وبمعنى أدق دخلوا بالفعل عامل الجريمة بمختلف أنواعها، وهذا بالطبع يترتب عليه آثار سلبية في شتى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، كما أنه يكشف عن خللٍ واضح في أجهزة وأساليب التنشئة والرعاية الاجتماعية، يُضاف إلى ذلك مشكلات عدم التكيف والفقر والجهل والمرض واعدام الوعي والبطالة وعدم وجود مأوى، كل ذلك يؤدي بدوره إلى زيادة مشكلة العمل القسري وتفاقمها كأحد أنواع الإتجار بالبشر.
يرتبط مصطلح "المنتج الثقافي" بمصطلح آخر هو "الصناعات الثقافية"، وحسب تعريف اليونيسكو، فإن المنتجات الثقافية تكون حاملة للهوية والقيم والدلالات، وفي الوقت نفسه عوامل تنمية اقتصادية واجتماعية. ويقتضي صون التنوع الثقافي وتعزيزه تشجيع قيام صناعات ثقافية مزوّدة بوسائل إثبات ذاتها على المستويين المحلي والعالمي.
ويتصل ذلك أيضًا بمفهوم الإبداع الثقافي، ويُقصد به إنتاج رؤى وأفكار ومبادرات جديدة في مواجهة التحديات والتحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
في عالمنا العربي يعاني المنتج الثقافي بمختلف أنواعه من مشكلات تسويقية كبيرة، وينعكس ذلك على معظم المؤسسات الثقافية الحكومية والخاصة ودور النشر والتوزيع؛ لذلك تتجه الأنظار حاليًا في ظل الطفرة المعلوماتية، ومع التقدم التكنولوجي الكبير، وزيادة الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي ومحركات البحث إلى أهمية تفعيل دور التكنولوجيا في المجال الثقافي.
يتميز فن القرن العشرين بتعدد الاتجاهات إلى حد أن كل فنان كان له اتجاهه الخاص، بل ظهر من الفنانين مَنْ ابتدعوا واتبعوا عدة اتجاهات أو مراحل مختلفة.. لكن فناني القرن العشرين هم أكثر الفنانين إلى الشرح والتحليل؛ لأنهم انغمسوا في التجريب واكتشفوا متعة الابتكار والمغامرة، وهذا جعل مبتكراتهم في حاجة إلى قراءة متعمقة حتى يتحقق للمُشاهِد متعة مماثلة للتي استشعرها الفنان خلال إبداعه العمل الفني.
ومن بين مئات الفنانين الذين ظهروا وتألقوا خلال القرن العشرين اخترنا ثلاثة نجوم أحدهم مثّال سويسري من مدرسة باريس، والثاني رسّام وملون شديد التفوق بين فناني الولايات المتحدة الأمريكية، والثالث زعيم ومؤسس حزب الخضر في ألمانيا ومتطرف في اتجاهه الفني الذي يجعل من أي فعل للفنان "فنًّا" حتى لو اقتصر الأمر على توقيعه فوق قطعة خشب قديمة.
ثلاثة نماذج متباينة توضح مدى عمق التناقضات وتباعد الأمزجة خلال القرن العشرين.. قرن الحرب واكتشاف الفضاء والعصر الذري ثم عصر المعلومات.
يدور هذا الكتاب حول مفهوم الثقافة التي كثيرًا ما بحثنا عنها وسط المعرفة الكلية التي صنعها الإنسان، باحثين عن مخرج لنا وسط هذا الخضم الفكري، باحثين عن أهم ما نصنعه من أجل بقائنا حول مفهوم هذا المدرك الذي قد يكون صغيرًا بالنسبة لمحتواه العلمي، وكثرة البحث عن ملتقى فكري يُعيد لنا التزامنا نحو إيجاد أفضل المعرفة الكلية والكونية عن مفهوم معنى ودلالة كلمة الثقافة ما لها وما عليها، والتي كانت هي محور مُلتقانا فكريًّا وأخلاقيًّا، حول إيجاد وسيلة بسيطة حول إبداع فكر قد يكون صائبًا نحو إيجاد الوسيلة العلمية والكلية حول اكتشاف مرمى حقيقي لمكتمل أفكارنا مع أفكار غيرنا الذين سبق لهم البحث والتنقيب عن فكرة جديدة لمفهوم الثقافة التي تتمثل في قدرة الإبداع، وبدونها تكون هباءً لا وجود لها.
يتناول هذا الكتاب القوى السياسية والاجتماعية في سوريا وكيفية وطريقة تكوينها وتشكيلها، وانعكاسات وجود هذه القوى على السياسة الخارجية السورية، والمشكلات التي تعرضت لها سوريا، والأزمات الداخلية والخارجية، والمؤامرات المتعددة التي كادت تعصف باستقلالها، خاصة بعد زيادة حدة الصراع الأمريكي السوفييتي على المنطقة العربية، ومحاولات إسرائيل الصيد في الماء العكر، ووقوف مصر إلى جانب سوريا ومساندتها في الدفاع عن استقلالها، الأمر الذي مهّد لقيام الوحدة المصرية السويرة عام 1958م، والتي كانت بداية الأمل لقيام وحدة عربية شاملة.
وقد اعتمد الكتاب على العديد من الوثائق التي لم تُنشر والمحفوظة في الأرشيفين البريطاني والأمريكي، هذا بالإضافة إلى مجموعة من وثائق الجمعية العامة للأمم المتحدة، ووثائق جامعة الدول العربية،.. وغريها.
يضم هذا الكتاب دراسات عن أعمال اثني عشر فنانًا عالميًّا ممن احتف بهم المدينة عبر معارض متحفية أقامتها لهم، وكنت قد رصدتها نقدًا في مقالات كتبتها على مدى ست سنوات تقريبًا (من 2006 إلى 2012)، والفنانون على التوالي، هم: المعماري الإيطالي رينزو بيانو، النحات السويسري البيرتو جياكوميتي، المصور الفرنسي فرنان ليجيه، المصور الأمريكي جان ميشيل باسكيا، النحات الروماني قسطنطين برانكوزي، النحات الأمريكي ريتشارد سيرا، المصور الأمريكي جاسبر جونز، الفوتوغرافي الألماني أندرياس جورسكي، المصور الروسي واسيلي كاندينسكي، النحات الألماني يوزف بويز، فنان الكولاج الأمريكي جوزيف كورنيل، والمصور الألماني ميخائيل بوته. إلى جانب المرور السريع على أسماء وأعمال أكثر من عشرين فنانًا آخرين شاركوا في معارض جماعية. والأسماء المذكورة هنا، والأخرى غير المذكورة، تبين أن هذا الكتاب يرصد طبيعة الحراك الفني الكبير في هذه المدينة الصغيرة، ولا يستهدف وصفًا لطبيعة "الفن السويسري" عبر الفنانين المحليين لسبب بسيط، وهو أنه لا يوجد اليوم شيء اسمه الفن السويسري أو الفن الأمريكي أو الألماني.. إلخ.
المشوار العظيم
رواية
الجزء الرابع
(أجير والأجراء)
(ناصع وثلثه)
تقوم فصول هذا الكتاب على دراسة الجولات العربية الإسرائيلية الأربع التي دارت على مدى ربع قرن؛ حيث شهد مسرح العمليات تنوعًا في حجم ونوعية القوات والأسلحة المشتركة في القتال لكلا الجانبين المتصارعين والتعرف بالبحث والتدقيق على أسلوب القتال المستخدم لكلا الجانبين المتصارعين، وكيف تطور هذا الأسلوب في كل جولة عن نظيره في الجولة السابقة لها، وكذلك دراسة الهدف من كل جولة، وكيف حققت كل دولة هذا الهدف من جانبها.
كأنَّكِ
دكّةُ بيتي
كأنَّكِ سجادة
زُخرفت بخيوطٍ من اللؤلؤِ
الساحليّ
على نمنماتِ الجدارِ
كأنَّكِ زغرودة
من فمٍ طيِّبِ المِسكِ
في عُرسِ جاري!!!
كأنّكِ جُمّيزة
فاضَ ظِل لها
واستطالَ
وظللَ كل بيوت بَكَت....
واكتست
بالسوادِ
احنا المحاكم اللي بتحاكم الشعوب وتدينها وتطخها
في عناوينها.
ما يهمناش اسمها ولا لونها ولا دينها دنشواي...؟
عافينها...
احنا اللي عاملينها.
شيكاغو....؟
فاكرينها...
احنا اللي صنعناها
احنا اللي فابركناها.
واحنا اللي عادلينها.
كفر الدوار...؟
خميس والبقري.
ناسيينها...
احنا اللي ناصبينها.
احنا اللي موتناها.
واحنا اللي دافنينها.
طرق على الباب لا يكف.. دقات قلبي تتصاعد.. ذهبت لأفتح الباب فلم أجد أحدًا ..
لا، قد يكون هناك وهم.. لكن من المفروض أنني على موعد.. ومهيأة لوصول الأصدقاء في أي لحظة.. مرّ الوقت ببطء.. تكررت الواقعة.. بدأ الخوف يتسرب إلى نفسي.. فقررت أن منه ومن شعور الانتظار، وقبل أن أشعر باقتراب خطوات، فتحت الباب على مصراعيه، فوجدت عامل النظفة يقوم بعمله.
صوت بكاء طفولي يجلجل في الشقة.. أنهض لأتأكد من إغلاق المذياع.. لكن البكاء يزيد.. أوصد النوافذ والأبواب.. يطنُّ الصوت في أذني.. أفتش بين الحجرات. أبحث في الأدراج والدواليب، أبعثر قطع الأثاث. أتأمل الجدران.. لا أجد ثمة أحدًا غيري.
سبق أن قرأت للروائي المصري عبد العزيز السماحي روايته السابقة "جريدة على ظهر قارب" وأعجبني فيها مفردات السرد الروائي والتمكن اللغوي والقدرة على صنع كون يخصه وحده، أما عن روايته الجديدة التي بين أيدينا والتي اختار لها السماحي عنوانًا موحيًا " صلوات العبيد" فاللغة فيها متمكنة جدًا كما أنها ليست لغة معاصرة مُقحمة على زمانهان والجو الروائي رُغم أنه خارج من عب التاريخ إلا أنه يقدم لنا حياتنا في صيروراتها التاريخية؛ فيبدو وكأن السماحي قد أخذ أبطاله من زمانهم البعيد ثم أتى بهم إلى حياتنا ليقول من خلالهم ما يريد أن يبوح به عن زمانه ومشكلاته وأفراحه وأتراحه وهمومه... هذا النص الروائي البديع يُعيد إلى العين والذهن الإحساس بالجمال والمتعة خلال قراءته وهما قيمتان نادرتان في الروايات الجديدة اليوم.
يوسف القعيد
أسعدتني جدًا قراءة هذه الرواية الجميلة للفنان الروائي عبد العزيز السماحي، إنها تأخذنا إلى عبق التاريخ وتحتفي بمفردات الحياة المصرية من بشر ومكان، سادة وعبيد، ويبدو احتفاؤها بهذه المفردات أشبه بتكوين لوحة تشكيلية بديعة أكثر منها سردًا متتاليًا رُغم أنها بالفعل كذلك، فهي تلخص ما خفي عن العقل والروح في زمن ما وتختصر كثيرًا من السرد الزائد وتجعلنا أمام بنّاء فاتن بموضوعه أيضًا. "صلوات العبيد" رواية جديرة بالقراءة والاحتفاء.
إبراهيم عبد المجيد
هذه الرواية كتبها روائي يقرض الشعر ويمارس الفن التشكيلي أيضًا، إنه يقول في إهدائه: "هذي الكلمات لن تضيع هباءً في فضاء الكون الواسع، وهذا الكتاب فيه مفاتِحُ القيد وجناحان لكل طائر منكسر" ، ولقد صدق في قوله... وهكذا على مدار الرواية الممتلئة بعبق التاريخ، يذوب السماحي تعاطفًا مع شعب مصر المسكين الذي أمضى معظم تاريخه يعاني الذل والهوان من استبداد حكامه الجبابرة، معبرًا بأدواته الشعرية وصوره التشكيلية عن هذا التعاطف بلغة بسيطة سَلِسة في صورٍ فنية بالغة الجمال.
سعيد سالم
يمثل هذا الكتاب قراءة جديدة في شعر البهاء زهير صاحب المكانية الأدبية المرموقة في القرن السابع الهجري؛ كما يقوم بإلقاء نظرة شمولية على إبداعه الشعري من حيث الشكل والمضمون حتى تتضح الصورة العامة لبناة القصيدة عند هذا الشاعر المصري المعروف.
على أن الشيء الذي يقدر بقاؤه مستحضرًا في أذهاننا، على نحو يقارب في موقعيته المسلمات، هو أن "النقد الأدبي" ليس كتلة منعزلة منغلقة على ذاتها، إذ هو نتاج معقد لمناخ فكري بعينه، ورهن سياقات حضارية واجتماعية وثقافية محددة، ينفعل بها الناقد كما تنفعل بها خطاباته التي تولد حاملة شحناتها، وهي مسلمة يمكن أن نتسع بها في جهة "المنهج النقدي" الذي يتبناه الناقد، فإنه، وإن يكن ذا حضور منبت عن الواقع الاجتماعي المحيط به، بحيث نخبره إدراكًا علميًّا منفكًا عن سياقه الزمني – يبدو عادة متساوقًا مع الصيحة العلمية الأكثر علوًّا في مرحلة بعينها، ومؤسسًا على النزعات الفلسفية السائدة فيها.
لم تكن علاقة يهود الأندلس فيما بينهم على وتيرة واحدة، فتارة يتواجد الحب والتعاون بينهم، وتارة أخرى تسود الصراعات، ومن الواضح أن الأندلس عرفت المذهب القرائي، إلا أنه لم يكن بانتشار المذهب الرباني، وكان يعتبر مذهبًا ضالاً، حتى من قبل المسلمين، ولقد سُمح لليهود بممارسة الشعائر الدينية بحريّة، مع منح الاستقلال القضائي في القضايا الشرعية، كما أعيدت إليهم أملاكهم المسلوبة وكان من أهم مظاهر هذه الحرية بناء المعابد، ولقد احتفل اليهود بالكثير من الأعياد، ومن أشهرها الاحتفال بيوم السبت، حتى أنه كان معروفًا بين المسلمين، وورد في أشعارهم، وكانت تُنشد في الكنيس اليهودي، في تلك الليلة قصائد دينية، أشهرها في هذه الفترة قصيدة دوناش هيلفي هيلفي بن لرباط المسماه (ترنيمة السبت).
تنوعت أنشطة اليهود وأعمالهم في الأندلس، وكان أهمها التجارة وخاصة تجارة الرقيق، كما عمل البعض في الغناء والموسيقى، مثل منصور اليهودي الذي استقبل زرياب عند قدومه إلى الأندلس، كما كان منهم النساخون وتجار الحرير، واعتاد اليهود في كل مدينة على تنظيم أنفسهم في جماعة لها رئيس، لُقب في القرون الأولى بلقب البرور، وربما كان يُطلق عليه مقداًا، أو نعمانًا، ويعاونه مجموعة من المستشارين.
يدور هذا الكتاب حول جدلية الرمزية والنثر، بوصفها قضية ترددت كثيرًا في كتب الأدب والنقد، وأهمية النزعة الرمزية في تشكل النص الروائي، ونحاول من خلال هذه الجدلية البحث عن مقياس موضوعي ليكون مرجعًا في تحديد إطار المصطلح في النثر كما تبدى في الشعر.
ولعل هذا الكتاب يكشف لنا حقيقة الرمزية وحقيقة صناعتها، التي مرّت بمراحل طويلة سبقت مرحلة وصولها إلينا في أعلى درجاتها؛ فإذا كانت الرمزية بطبيعتها ونزعتها المثالية أقرب إلى الشعر منها إلى النثر حيث كان من أهداف الرمزيين أن ينتشلوا الشعر من الصبغة النثرية التي تتجلى في الوضوح والمباشرة التقريريّة، فإن الرمزية التي قامت رسالتها الأولى على تخليص الشعر من الطابع النثري لم تلبث أن غزت النثر كما غزت الشعر، وكان غزوها للنثر – حتى في فرنسا التي نسب إليها هذا المذهب – مبكرًا جدًا.
يضم هذا الكتاب دراسات عن أعمال اثتى عشر فنانًا عالميًّا ممن احتفت بهم المدينة عبر معارض متحفية أقامتها لهم، زكنت قد رصدتها نقدًا في مقالات كتبتها على مدى ست سنوات تقريبًا (من 2006 إلى 2012) ، والفنانون، على التوالي، هم: المعماري الإيطالي رينزو بيانو، النحات السويسري البيرتو جياكوميتي، المصور الفرنسي فرنان ليجيه، المصور الأمريكي جان ميشيل باسكيا، النحات الروماني قنسطنطين برانكوزي، النحات الأمريكي ريتشارد سيرا، المصور الأمريكي جاسبر جونز، الفوتوغرافي الألماني أندرياس جورسكي، المصور الروسي واسيلي كاندينسكي، النحات الألماني يوزف بويز، فنان الكولاج الأمريكي جوزيف كورنيل، والمصور الألماني ميخائيل بوته. إلى جانب المرور السريع على أسناء وأعمال أكثر من عشرين فنانًا آخرين شاركوا في معارض جماعية. والأسناء المذكورة هنا، والأخرى غير المذكورة، تبين أن هذا الكتاب يرصد طبيعة الحراك الفني الكبير في هذه المدينة الصغيرة، ولا يستهدف وصفًا لطبيعة "الفن السويسري" عبر الفنانين المحليين لسبب بسيط، وهو أنه لا يوجد اليوم سيء اسمه الفن السويسري أو الفن الأمريكي أو الألماني ... إلخ.
كان توفيق الحكيم يسمي باريس "فترية العالم".
وقد سألته ذات يوم عن القصود بهذا التعبير الجميل فلم يشفِ غليلي كثيرًا وقال لي إن هناك أشياء لا ينبغي أن تتلقاهاكهدية لأنك لن تعرف قيمتها الحقيقية عند إذ فلا بد أن تكتشفها بنفسك، وتكابد عناء البحث والاكتشاف حتى إذا ما وقعت على ضالتك فلن تتركها أبدًا وبالأحرى لن تتركك هي أبدًا.
وخلال سنوات حياتي في باريس التي امتدت نحو ربع قرن كانت هذه العبارة تلاحقني عند اكتشاف جديد في عاصمة النور.
إن تعريف الفترينة هو هذا الصندوق الزجاجي الذي تُعرض لك فيه بكل الحرية كل ما أنتجته النفس البشرية لتختار بكل حرية.
إن القارئ الذي سيبحر مع توفيق الحكيم ومعي في باريس من خلال دفَّتيّ هذا الكتاب سوف يرى كيف حفرت هذه المدينة العجيبة في نفس توفيق الحكيم – وفي آن واحد – أخاديد من الحب والألم ودروس الحياة ونزعات تلاحقه ليل نهار للمقارنة مع الوطن إما للسخرية وإما لاستخلاص الدروس والعبر من أجل تطوير بلادنا
عامل كل من تصحبه أو يصحبك بما تعطيه رتبته: فعامل الله بالوفاء؛ لما عاهدته عليه من الإقرار بربوبيته عليك، وهو الصاحب بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . وعامل الآيات بالنظر فيها، وعامل ما تدركه الحواس منك بالاعتبار، وعامل الرسل بالقتداء بهم، وعامل الملائكة بالطهارة والذكر، وعامل الشيطان – إذا عرفت أنه شيطان من إنس وجان – بالمخالفة، وعامل الحفظة بحسن ما تملي عليهم، وعامل من هو أكبر منك بالتوقير، ومن هو أصغر منك بالرحمة، ومن هو كفؤك بالتجاوز والإنصاف والإيثار، وأن تطالب نفسك بحقه عليها، وترك حقك له.
وإياك أن تكون معنتًا، ولا متعنتًا، ولا منفرًا، ولا معسرًا، وكن ميسرًا، ومعلمًا، ومبشرًا.
محيي الدين بن عربي؛ الفتوحات المكية، ج.(12).
إن اتحاد الولاية بالعبقرية في شخصية ابن عربي، وامتزاج معظم العلوم المتباينة بالصور الأدبية المتنوعة في تراثه؛ كل ذلك جعل من طبيعة هذه الشخصية وطبيعة تراثه، ومحاور سبل أغوارهما شكلاً ومضمونًا؛ أمرًا بالغ الصعوبة.. وقد ظهرت منذ سنوات عدة، دراسة إحصائية لمؤلفات ابن عربي، تلك التي لم تحصى – بعد – إحصاءً نهائيًّا، واعتمدت هذه الدراسة على أسس علمية رصينة يرجع الفضل فيها إلى مؤلفها عثمان يحيي، الذي بذل فيها جهدًا علميًّا دقيقًا. وفي هذه الدراسة بلغت مصنفات ابن عربي بعد استبعاد المنحول منها، والمشكوك في صحة نسبته إليه؛ أكثر من أربعمائة مصنف، منها ما جاء في حجم رسائل قصيرة، ومنها ما اشتما على مئات الصفحات من أمثال صفحاتنا المعاصرة؛ كما هو الشأن في كتاب (الفتوحات) مثلاً.
المستشرق/ ميشيل شودكيفيتش
عامل كل من تصحبه أو يصحبك بما تعطيه رتبته: فعامل الله بالوفاء؛ لما عاهدته عليه من الإقرار بربوبيته عليك، وهو الصاحب بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . وعامل الآيات بالنظر فيها، وعامل ما تدركه الحواس منك بالاعتبار، وعامل الرسل بالقتداء بهم، وعامل الملائكة بالطهارة والذكر، وعامل الشيطان – إذا عرفت أنه شيطان من إنس وجان – بالمخالفة، وعامل الحفظة بحسن ما تملي عليهم، وعامل من هو أكبر منك بالتوقير، ومن هو أصغر منك بالرحمة، ومن هو كفؤك بالتجاوز والإنصاف والإيثار، وأن تطالب نفسك بحقه عليها، وترك حقك له.
وإياك أن تكون معنتًا، ولا متعنتًا، ولا منفرًا، ولا معسرًا، وكن ميسرًا، ومعلمًا، ومبشرًا.
محيي الدين بن عربي؛ الفتوحات المكية، ج.(12).
إن اتحاد الولاية بالعبقرية في شخصية ابن عربي، وامتزاج معظم العلوم المتباينة بالصور الأدبية المتنوعة في تراثه؛ كل ذلك جعل من طبيعة هذه الشخصية وطبيعة تراثه، ومحاور سبل أغوارهما شكلاً ومضمونًا؛ أمرًا بالغ الصعوبة.. وقد ظهرت منذ سنوات عدة، دراسة إحصائية لمؤلفات ابن عربي، تلك التي لم تحصى – بعد – إحصاءً نهائيًّا، واعتمدت هذه الدراسة على أسس علمية رصينة يرجع الفضل فيها إلى مؤلفها عثمان يحيي، الذي بذل فيها جهدًا علميًّا دقيقًا. وفي هذه الدراسة بلغت مصنفات ابن عربي بعد استبعاد المنحول منها، والمشكوك في صحة نسبته إليه؛ أكثر من أربعمائة مصنف، منها ما جاء في حجم رسائل قصيرة، ومنها ما اشتما على مئات الصفحات من أمثال صفحاتنا المعاصرة؛ كما هو الشأن في كتاب (الفتوحات) مثلاً.
المستشرق/ ميشيل شودكيفيتش
عامل كل من تصحبه أو يصحبك بما تعطيه رتبته: فعامل الله بالوفاء؛ لما عاهدته عليه من الإقرار بربوبيته عليك، وهو الصاحب بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . وعامل الآيات بالنظر فيها، وعامل ما تدركه الحواس منك بالاعتبار، وعامل الرسل بالقتداء بهم، وعامل الملائكة بالطهارة والذكر، وعامل الشيطان – إذا عرفت أنه شيطان من إنس وجان – بالمخالفة، وعامل الحفظة بحسن ما تملي عليهم، وعامل من هو أكبر منك بالتوقير، ومن هو أصغر منك بالرحمة، ومن هو كفؤك بالتجاوز والإنصاف والإيثار، وأن تطالب نفسك بحقه عليها، وترك حقك له.
وإياك أن تكون معنتًا، ولا متعنتًا، ولا منفرًا، ولا معسرًا، وكن ميسرًا، ومعلمًا، ومبشرًا.
محيي الدين بن عربي؛ الفتوحات المكية، ج.(12).
إن اتحاد الولاية بالعبقرية في شخصية ابن عربي، وامتزاج معظم العلوم المتباينة بالصور الأدبية المتنوعة في تراثه؛ كل ذلك جعل من طبيعة هذه الشخصية وطبيعة تراثه، ومحاور سبل أغوارهما شكلاً ومضمونًا؛ أمرًا بالغ الصعوبة.. وقد ظهرت منذ سنوات عدة، دراسة إحصائية لمؤلفات ابن عربي، تلك التي لم تحصى – بعد – إحصاءً نهائيًّا، واعتمدت هذه الدراسة على أسس علمية رصينة يرجع الفضل فيها إلى مؤلفها عثمان يحيي، الذي بذل فيها جهدًا علميًّا دقيقًا. وفي هذه الدراسة بلغت مصنفات ابن عربي بعد استبعاد المنحول منها، والمشكوك في صحة نسبته إليه؛ أكثر من أربعمائة مصنف، منها ما جاء في حجم رسائل قصيرة، ومنها ما اشتما على مئات الصفحات من أمثال صفحاتنا المعاصرة؛ كما هو الشأن في كتاب (الفتوحات) مثلاً.
المستشرق/ ميشيل شودكيفيتش
عامل كل من تصحبه أو يصحبك بما تعطيه رتبته: فعامل الله بالوفاء؛ لما عاهدته عليه من الإقرار بربوبيته عليك، وهو الصاحب بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . وعامل الآيات بالنظر فيها، وعامل ما تدركه الحواس منك بالاعتبار، وعامل الرسل بالقتداء بهم، وعامل الملائكة بالطهارة والذكر، وعامل الشيطان – إذا عرفت أنه شيطان من إنس وجان – بالمخالفة، وعامل الحفظة بحسن ما تملي عليهم، وعامل من هو أكبر منك بالتوقير، ومن هو أصغر منك بالرحمة، ومن هو كفؤك بالتجاوز والإنصاف والإيثار، وأن تطالب نفسك بحقه عليها، وترك حقك له.
وإياك أن تكون معنتًا، ولا متعنتًا، ولا منفرًا، ولا معسرًا، وكن ميسرًا، ومعلمًا، ومبشرًا.
محيي الدين بن عربي؛ الفتوحات المكية، ج.(12).
إن اتحاد الولاية بالعبقرية في شخصية ابن عربي، وامتزاج معظم العلوم المتباينة بالصور الأدبية المتنوعة في تراثه؛ كل ذلك جعل من طبيعة هذه الشخصية وطبيعة تراثه، ومحاور سبل أغوارهما شكلاً ومضمونًا؛ أمرًا بالغ الصعوبة.. وقد ظهرت منذ سنوات عدة، دراسة إحصائية لمؤلفات ابن عربي، تلك التي لم تحصى – بعد – إحصاءً نهائيًّا، واعتمدت هذه الدراسة على أسس علمية رصينة يرجع الفضل فيها إلى مؤلفها عثمان يحيي، الذي بذل فيها جهدًا علميًّا دقيقًا. وفي هذه الدراسة بلغت مصنفات ابن عربي بعد استبعاد المنحول منها، والمشكوك في صحة نسبته إليه؛ أكثر من أربعمائة مصنف، منها ما جاء في حجم رسائل قصيرة، ومنها ما اشتما على مئات الصفحات من أمثال صفحاتنا المعاصرة؛ كما هو الشأن في كتاب (الفتوحات) مثلاً.
المستشرق/ ميشيل شودكيفيتش
عامل كل من تصحبه أو يصحبك بما تعطيه رتبته: فعامل الله بالوفاء؛ لما عاهدته عليه من الإقرار بربوبيته عليك، وهو الصاحب بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . وعامل الآيات بالنظر فيها، وعامل ما تدركه الحواس منك بالاعتبار، وعامل الرسل بالقتداء بهم، وعامل الملائكة بالطهارة والذكر، وعامل الشيطان – إذا عرفت أنه شيطان من إنس وجان – بالمخالفة، وعامل الحفظة بحسن ما تملي عليهم، وعامل من هو أكبر منك بالتوقير، ومن هو أصغر منك بالرحمة، ومن هو كفؤك بالتجاوز والإنصاف والإيثار، وأن تطالب نفسك بحقه عليها، وترك حقك له.
وإياك أن تكون معنتًا، ولا متعنتًا، ولا منفرًا، ولا معسرًا، وكن ميسرًا، ومعلمًا، ومبشرًا.
محيي الدين بن عربي؛ الفتوحات المكية، ج.(12).
إن اتحاد الولاية بالعبقرية في شخصية ابن عربي، وامتزاج معظم العلوم المتباينة بالصور الأدبية المتنوعة في تراثه؛ كل ذلك جعل من طبيعة هذه الشخصية وطبيعة تراثه، ومحاور سبل أغوارهما شكلاً ومضمونًا؛ أمرًا بالغ الصعوبة.. وقد ظهرت منذ سنوات عدة، دراسة إحصائية لمؤلفات ابن عربي، تلك التي لم تحصى – بعد – إحصاءً نهائيًّا، واعتمدت هذه الدراسة على أسس علمية رصينة يرجع الفضل فيها إلى مؤلفها عثمان يحيي، الذي بذل فيها جهدًا علميًّا دقيقًا. وفي هذه الدراسة بلغت مصنفات ابن عربي بعد استبعاد المنحول منها، والمشكوك في صحة نسبته إليه؛ أكثر من أربعمائة مصنف، منها ما جاء في حجم رسائل قصيرة، ومنها ما اشتما على مئات الصفحات من أمثال صفحاتنا المعاصرة؛ كما هو الشأن في كتاب (الفتوحات) مثلاً.
المستشرق/ ميشيل شودكيفيتش
عامل كل من تصحبه أو يصحبك بما تعطيه رتبته: فعامل الله بالوفاء؛ لما عاهدته عليه من الإقرار بربوبيته عليك، وهو الصاحب بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . وعامل الآيات بالنظر فيها، وعامل ما تدركه الحواس منك بالاعتبار، وعامل الرسل بالقتداء بهم، وعامل الملائكة بالطهارة والذكر، وعامل الشيطان – إذا عرفت أنه شيطان من إنس وجان – بالمخالفة، وعامل الحفظة بحسن ما تملي عليهم، وعامل من هو أكبر منك بالتوقير، ومن هو أصغر منك بالرحمة، ومن هو كفؤك بالتجاوز والإنصاف والإيثار، وأن تطالب نفسك بحقه عليها، وترك حقك له.
وإياك أن تكون معنتًا، ولا متعنتًا، ولا منفرًا، ولا معسرًا، وكن ميسرًا، ومعلمًا، ومبشرًا.
محيي الدين بن عربي؛ الفتوحات المكية، ج.(12).
إن اتحاد الولاية بالعبقرية في شخصية ابن عربي، وامتزاج معظم العلوم المتباينة بالصور الأدبية المتنوعة في تراثه؛ كل ذلك جعل من طبيعة هذه الشخصية وطبيعة تراثه، ومحاور سبل أغوارهما شكلاً ومضمونًا؛ أمرًا بالغ الصعوبة.. وقد ظهرت منذ سنوات عدة، دراسة إحصائية لمؤلفات ابن عربي، تلك التي لم تحصى – بعد – إحصاءً نهائيًّا، واعتمدت هذه الدراسة على أسس علمية رصينة يرجع الفضل فيها إلى مؤلفها عثمان يحيي، الذي بذل فيها جهدًا علميًّا دقيقًا. وفي هذه الدراسة بلغت مصنفات ابن عربي بعد استبعاد المنحول منها، والمشكوك في صحة نسبته إليه؛ أكثر من أربعمائة مصنف، منها ما جاء في حجم رسائل قصيرة، ومنها ما اشتما على مئات الصفحات من أمثال صفحاتنا المعاصرة؛ كما هو الشأن في كتاب (الفتوحات) مثلاً.
المستشرق/ ميشيل شودكيفيتش
عامل كل من تصحبه أو يصحبك بما تعطيه رتبته: فعامل الله بالوفاء؛ لما عاهدته عليه من الإقرار بربوبيته عليك، وهو الصاحب بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . وعامل الآيات بالنظر فيها، وعامل ما تدركه الحواس منك بالاعتبار، وعامل الرسل بالقتداء بهم، وعامل الملائكة بالطهارة والذكر، وعامل الشيطان – إذا عرفت أنه شيطان من إنس وجان – بالمخالفة، وعامل الحفظة بحسن ما تملي عليهم، وعامل من هو أكبر منك بالتوقير، ومن هو أصغر منك بالرحمة، ومن هو كفؤك بالتجاوز والإنصاف والإيثار، وأن تطالب نفسك بحقه عليها، وترك حقك له.
وإياك أن تكون معنتًا، ولا متعنتًا، ولا منفرًا، ولا معسرًا، وكن ميسرًا، ومعلمًا، ومبشرًا.
محيي الدين بن عربي؛ الفتوحات المكية، ج.(12).
إن اتحاد الولاية بالعبقرية في شخصية ابن عربي، وامتزاج معظم العلوم المتباينة بالصور الأدبية المتنوعة في تراثه؛ كل ذلك جعل من طبيعة هذه الشخصية وطبيعة تراثه، ومحاور سبل أغوارهما شكلاً ومضمونًا؛ أمرًا بالغ الصعوبة.. وقد ظهرت منذ سنوات عدة، دراسة إحصائية لمؤلفات ابن عربي، تلك التي لم تحصى – بعد – إحصاءً نهائيًّا، واعتمدت هذه الدراسة على أسس علمية رصينة يرجع الفضل فيها إلى مؤلفها عثمان يحيي، الذي بذل فيها جهدًا علميًّا دقيقًا. وفي هذه الدراسة بلغت مصنفات ابن عربي بعد استبعاد المنحول منها، والمشكوك في صحة نسبته إليه؛ أكثر من أربعمائة مصنف، منها ما جاء في حجم رسائل قصيرة، ومنها ما اشتما على مئات الصفحات من أمثال صفحاتنا المعاصرة؛ كما هو الشأن في كتاب (الفتوحات) مثلاً.
المستشرق/ ميشيل شودكيفيتش
عامل كل من تصحبه أو يصحبك بما تعطيه رتبته: فعامل الله بالوفاء؛ لما عاهدته عليه من الإقرار بربوبيته عليك، وهو الصاحب بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . وعامل الآيات بالنظر فيها، وعامل ما تدركه الحواس منك بالاعتبار، وعامل الرسل بالقتداء بهم، وعامل الملائكة بالطهارة والذكر، وعامل الشيطان – إذا عرفت أنه شيطان من إنس وجان – بالمخالفة، وعامل الحفظة بحسن ما تملي عليهم، وعامل من هو أكبر منك بالتوقير، ومن هو أصغر منك بالرحمة، ومن هو كفؤك بالتجاوز والإنصاف والإيثار، وأن تطالب نفسك بحقه عليها، وترك حقك له.
وإياك أن تكون معنتًا، ولا متعنتًا، ولا منفرًا، ولا معسرًا، وكن ميسرًا، ومعلمًا، ومبشرًا.
محيي الدين بن عربي؛ الفتوحات المكية، ج.(12).
إن اتحاد الولاية بالعبقرية في شخصية ابن عربي، وامتزاج معظم العلوم المتباينة بالصور الأدبية المتنوعة في تراثه؛ كل ذلك جعل من طبيعة هذه الشخصية وطبيعة تراثه، ومحاور سبل أغوارهما شكلاً ومضمونًا؛ أمرًا بالغ الصعوبة.. وقد ظهرت منذ سنوات عدة، دراسة إحصائية لمؤلفات ابن عربي، تلك التي لم تحصى – بعد – إحصاءً نهائيًّا، واعتمدت هذه الدراسة على أسس علمية رصينة يرجع الفضل فيها إلى مؤلفها عثمان يحيي، الذي بذل فيها جهدًا علميًّا دقيقًا. وفي هذه الدراسة بلغت مصنفات ابن عربي بعد استبعاد المنحول منها، والمشكوك في صحة نسبته إليه؛ أكثر من أربعمائة مصنف، منها ما جاء في حجم رسائل قصيرة، ومنها ما اشتما على مئات الصفحات من أمثال صفحاتنا المعاصرة؛ كما هو الشأن في كتاب (الفتوحات) مثلاً.
المستشرق/ ميشيل شودكيفيتش
عامل كل من تصحبه أو يصحبك بما تعطيه رتبته: فعامل الله بالوفاء؛ لما عاهدته عليه من الإقرار بربوبيته عليك، وهو الصاحب بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . وعامل الآيات بالنظر فيها، وعامل ما تدركه الحواس منك بالاعتبار، وعامل الرسل بالقتداء بهم، وعامل الملائكة بالطهارة والذكر، وعامل الشيطان – إذا عرفت أنه شيطان من إنس وجان – بالمخالفة، وعامل الحفظة بحسن ما تملي عليهم، وعامل من هو أكبر منك بالتوقير، ومن هو أصغر منك بالرحمة، ومن هو كفؤك بالتجاوز والإنصاف والإيثار، وأن تطالب نفسك بحقه عليها، وترك حقك له.
وإياك أن تكون معنتًا، ولا متعنتًا، ولا منفرًا، ولا معسرًا، وكن ميسرًا، ومعلمًا، ومبشرًا.
محيي الدين بن عربي؛ الفتوحات المكية، ج.(12).
إن اتحاد الولاية بالعبقرية في شخصية ابن عربي، وامتزاج معظم العلوم المتباينة بالصور الأدبية المتنوعة في تراثه؛ كل ذلك جعل من طبيعة هذه الشخصية وطبيعة تراثه، ومحاور سبل أغوارهما شكلاً ومضمونًا؛ أمرًا بالغ الصعوبة.. وقد ظهرت منذ سنوات عدة، دراسة إحصائية لمؤلفات ابن عربي، تلك التي لم تحصى – بعد – إحصاءً نهائيًّا، واعتمدت هذه الدراسة على أسس علمية رصينة يرجع الفضل فيها إلى مؤلفها عثمان يحيي، الذي بذل فيها جهدًا علميًّا دقيقًا. وفي هذه الدراسة بلغت مصنفات ابن عربي بعد استبعاد المنحول منها، والمشكوك في صحة نسبته إليه؛ أكثر من أربعمائة مصنف، منها ما جاء في حجم رسائل قصيرة، ومنها ما اشتما على مئات الصفحات من أمثال صفحاتنا المعاصرة؛ كما هو الشأن في كتاب (الفتوحات) مثلاً.
المستشرق/ ميشيل شودكيفيتش
عامل كل من تصحبه أو يصحبك بما تعطيه رتبته: فعامل الله بالوفاء؛ لما عاهدته عليه من الإقرار بربوبيته عليك، وهو الصاحب بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . وعامل الآيات بالنظر فيها، وعامل ما تدركه الحواس منك بالاعتبار، وعامل الرسل بالقتداء بهم، وعامل الملائكة بالطهارة والذكر، وعامل الشيطان – إذا عرفت أنه شيطان من إنس وجان – بالمخالفة، وعامل الحفظة بحسن ما تملي عليهم، وعامل من هو أكبر منك بالتوقير، ومن هو أصغر منك بالرحمة، ومن هو كفؤك بالتجاوز والإنصاف والإيثار، وأن تطالب نفسك بحقه عليها، وترك حقك له.
وإياك أن تكون معنتًا، ولا متعنتًا، ولا منفرًا، ولا معسرًا، وكن ميسرًا، ومعلمًا، ومبشرًا.
محيي الدين بن عربي؛ الفتوحات المكية، ج.(12).
إن اتحاد الولاية بالعبقرية في شخصية ابن عربي، وامتزاج معظم العلوم المتباينة بالصور الأدبية المتنوعة في تراثه؛ كل ذلك جعل من طبيعة هذه الشخصية وطبيعة تراثه، ومحاور سبل أغوارهما شكلاً ومضمونًا؛ أمرًا بالغ الصعوبة.. وقد ظهرت منذ سنوات عدة، دراسة إحصائية لمؤلفات ابن عربي، تلك التي لم تحصى – بعد – إحصاءً نهائيًّا، واعتمدت هذه الدراسة على أسس علمية رصينة يرجع الفضل فيها إلى مؤلفها عثمان يحيي، الذي بذل فيها جهدًا علميًّا دقيقًا. وفي هذه الدراسة بلغت مصنفات ابن عربي بعد استبعاد المنحول منها، والمشكوك في صحة نسبته إليه؛ أكثر من أربعمائة مصنف، منها ما جاء في حجم رسائل قصيرة، ومنها ما اشتما على مئات الصفحات من أمثال صفحاتنا المعاصرة؛ كما هو الشأن في كتاب (الفتوحات) مثلاً.
المستشرق/ ميشيل شودكيفيتش
عامل كل من تصحبه أو يصحبك بما تعطيه رتبته: فعامل الله بالوفاء؛ لما عاهدته عليه من الإقرار بربوبيته عليك، وهو الصاحب بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . وعامل الآيات بالنظر فيها، وعامل ما تدركه الحواس منك بالاعتبار، وعامل الرسل بالقتداء بهم، وعامل الملائكة بالطهارة والذكر، وعامل الشيطان – إذا عرفت أنه شيطان من إنس وجان – بالمخالفة، وعامل الحفظة بحسن ما تملي عليهم، وعامل من هو أكبر منك بالتوقير، ومن هو أصغر منك بالرحمة، ومن هو كفؤك بالتجاوز والإنصاف والإيثار، وأن تطالب نفسك بحقه عليها، وترك حقك له.
وإياك أن تكون معنتًا، ولا متعنتًا، ولا منفرًا، ولا معسرًا، وكن ميسرًا، ومعلمًا، ومبشرًا.
محيي الدين بن عربي؛ الفتوحات المكية، ج.(12).
إن اتحاد الولاية بالعبقرية في شخصية ابن عربي، وامتزاج معظم العلوم المتباينة بالصور الأدبية المتنوعة في تراثه؛ كل ذلك جعل من طبيعة هذه الشخصية وطبيعة تراثه، ومحاور سبل أغوارهما شكلاً ومضمونًا؛ أمرًا بالغ الصعوبة.. وقد ظهرت منذ سنوات عدة، دراسة إحصائية لمؤلفات ابن عربي، تلك التي لم تحصى – بعد – إحصاءً نهائيًّا، واعتمدت هذه الدراسة على أسس علمية رصينة يرجع الفضل فيها إلى مؤلفها عثمان يحيي، الذي بذل فيها جهدًا علميًّا دقيقًا. وفي هذه الدراسة بلغت مصنفات ابن عربي بعد استبعاد المنحول منها، والمشكوك في صحة نسبته إليه؛ أكثر من أربعمائة مصنف، منها ما جاء في حجم رسائل قصيرة، ومنها ما اشتما على مئات الصفحات من أمثال صفحاتنا المعاصرة؛ كما هو الشأن في كتاب (الفتوحات) مثلاً.
المستشرق/ ميشيل شودكيفيتش
يتناول هذا الكتاب فترة زمنية ترتبط بتخصصى في مجال التاريخ والحضارة اليونانية الرومانية، وبمادة تاريخ العرب قبل الإسلام التي أقوم بتدريسها في كلية الآثاروالإرشاد السياحي، جامعة العلوم والتكنولوجيا، مدينة السادس من أكتوبر.
حياة حافلة كرّسها الدكتور على الراعي للفن والناس والوطن، أثمرت إنتاجًا فكريًّا راقيًا ووفيرًا ضم في جنباته تناولاً للفنون بشتى تجلياتها ولا سيما المسرح؛ فهو يقدم لنا نظرية المسرح وتاريخه وأهم أعلامه في الثقافتين العربية والغربية، فضلاً عن إبراز التفاعل بين المسرح والسياق الاجتماعي الذي يحيط به.
إلى جانب ذلك اهتم الدكتور علي الراعي بالإنتاج الأدبي في الرواية والقصة القصيرة والشعر، وأدى دورًا بارزًا في اكتشاف المواهب الشابة وتقديمها للقارئ، ولإساح مجال لها في الحقل الأدبي.
إن صدور الأعمال الكاملة للدكتور الراعي يتيح للقرائ أن يُلم بإسهاماته في كل هذه المجالات، عبر مؤلفات نُشرت على مدى أكثر من نصف قرن.
ظل نجيب محفوظ مشغولاً بقضايا الوجود الكبرى الأبدية تقريبًا، بجانب انشغاله بهموم زمنه القائم ومجتمعه الذي تلاحقه، عبر، التاريخ، التغيرات تلو التغيرات. ظلت أسئلة الحياة والموت، وآثار الزمن الناهشة، وأبعاد علاقة الفرد بالجماعة، والحلم بعدالة غائبة مأمولة، وتصورات المصير الإنساني كله...
عرفت المفكر والناقد الكبير بدر الدين أبو غازي عن قرب وقت أن كنت أشرف برئاسة المركز القومي للفنون التشكيلية في بداية الثمانينيات من القرن الماضي.
عرفته ذا معرفة موسوعية ونظرة متفحصة متعمقة عندما يعرض لعمل فني بالتحليل والتفسير. تعلمت منه الكثير عندما كنت ألجأ إليه سائلاً في بداية عهدي بالعمل الإداري.. وكان نعم الناصح والمرشد الأمين.
فقد ساعدني على اجتياز مشكلاتٍ كثيرة واجهتني، كان لا يبخل بعلومة ولا يضيق بسؤال ولا ينأى عن مشورة وبحب شديد وبابتسامته المعهودة التي لا أذكر أنني أبدًا ما رأيته مرة دون هذه الابتسامة الحانية كان يجيبني على أية تساؤلات كنت أطرحها عليه – وما كان أكثرها – دون ضجر أو ملل.
تتمثل دينامية الثقافة الشعبية بصفة عامة في ثلاثة أبعاد متداخلة ومتكاملة وتحدد في الوقت ذاته الخصائص والمقومات الأساسية المميزة لهذه الثقافة، وهذه الأبعاد الثلاثة، وهي:
قدرة الثقافة الشعبية العربية على تجاوز حدود الزمان والمكان.
اتساع مساحة حرية الإبداع في تناول هذه الثقافة وعرضها أو الاستشهاد بها في الحياة اليومية.
تعدد مجالات التفسير والتأويل مما يُلقي عليها كثيرًا من الأضواء، ويكشف عن الجوانب التي قد تخفي على المرء في الأحوال العادية.
تمر المجتمعات العربية المعاصرة بمرحلة دقيقة من التحولات تتغير بمقتضاها الموروثات الشعبية، مما يفرض على الباحثين التوجه إلى تناول هذا التغيير بالرصد والتحليل والتقييم.
تتمثل دينامية الثقافة الشعبية بصفة عامة في ثلاثة أبعاد متداخلة ومتكاملة وتحدد في الوقت ذاته الخصائص والمقومات الأساسية المميزة لهذه الثقافة، وهذه الأبعاد الثلاثة، وهي:
قدرة الثقافة الشعبية العربية على تجاوز حدود الزمان والمكان.
اتساع مساحة حرية الإبداع في تناول هذه الثقافة وعرضها أو الاستشهاد بها في الحياة اليومية.
تعدد مجالات التفسير والتأويل مما يُلقي عليها كثيرًا من الأضواء، ويكشف عن الجوانب التي قد تخفي على المرء في الأحوال العادية.
تمر المجتمعات العربية المعاصرة بمرحلة دقيقة من التحولات تتغير بمقتضاها الموروثات الشعبية، مما يفرض على الباحثين التوجه إلى تناول هذا التغيير بالرصد والتحليل والتقييم.
حياة حافلة كرَّسها الدكتور علي الراعي للفن والناس والوطن، أثمرت إنتاجًا فكريًّا راقيًا ووفيرًا ضم في جنباته تناولاً للفنون بشتى تجلياتها ولا سيما المسرح؛ فهو يقدم لنا نظرية المسرح وتاريخه وأهم أعلامه في الثقافتين العربية والغربية، فضلاً عن إبراز التفاعل بين المسرح والسياق الاجتماعي الذي يحيط به.
إلى جانب ذلك اهتم الدكتور علي الراعي بالإنتاج الأدبي في الرواية والقصة القصيرة والشعر، وأدى دورًا بارزًا في اكتشاف المواهب الشابة وتقديمها للقارئ، وإفساح مجال لها في الحقل الأدبي.
إن صدور الأعمال الكاملة للدكتور علي الراعي يتيح للقارئ أن يُلم بإسهاماته في كل هذه المجالات، عبر مؤلفاتٍ نُشرت على مدى أكثر من نصف قرن.
يتناول هذا الكتاب المسرح في الأقاليم – دراسة وثائقية نقدية من البدايات إلى عام 1970، والذي كتبه المخرج المسرحي (إيميل جرجس)، وهو واحد من المخرجين الرواد، الذين عملوا في هذا المجال لسنوات طويلة، فاكتسبوا خبرة إدارية وفنية سوف نراها منعكسة على هذا الكتاب، الذي يُعد إضافة جديدة وثرية، نحن في أشد الحاجة إليها في ظل غياب دور الجهات المعنية بتوفير المعلومات وتوثيقها، ولعل تلك الخطوة الجادة التي خطتها الإدارة العامة للمسرح – منذ سنوات – للقيام بهذا الدور الغائب، تُعد دافعًا لكل القطاعات المهتمة بالمسرح – في بلادنا – لكي تنتهج نفس النهج، بل ونرجوها أن تنتهجه، وتقوم بدورها، حتى نستطيع أن نقدم لأجيالنا القادمة أوراقًا مفيدة، تتحدث عن أنشطة حدثت، وانتهت منذ سنوات، وتُعد ركيزة أساسية وتوثيقًا مهمًا لأي باحث يريد أن يُقدم بحثًا يفيد المهتمين بفن المسرح.
هذا الكتاب هو ثمرة جهود كل من شاركوا في أعمال المؤتمر الدولي لقسم الفلسفة بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة، والذي أُقيم بكلية الآداب – جامعة القاهرة والمجلس الأعلى للثقافة في شهر أبريل 2017.
والبحوث الواردة في هذا الكتاب تغطي مساحة واسعة من مجالات "فلسفة التأويل" ساهم فيها أساتذة كثيرون من داخل مصر وخارجها؛ وهي بحوث نافعة ليس فحسب بالنسبة للمشتغلين بالفلسفة، وإنما للمشتغلين بالدراسات الإنسانية وشئون الفكر بوجهٍ عام.
يتناول هذا الجزء الموقف الحرج في مصر بعد التقدم العلمي المتسارع في هذا المجال، ويناقش المعوقات التي تواجه بناءَ مشروع حضاري للتبرع ونقل الأعضاء وزراعتها في مصر، ويبسط مناقشات مستفيضة لأخلاقيات التبرع وتوزيع الأعضاء وتخصيصها من الأحياء والأموات.
كما يتناول الآليات المطلوبة لإنشاء مؤسسة قومية مستقلة لزراعة الأعضاء؛ وذلك لإنقاذ حياة ملايين المرضى؛ كي تلحق مصرُ بركب التقدم في هذا المجال.
أخيرًا يقدم المؤلف مقترحاتٍ لتغيراتٍ أساسية وضرورية في قانون عام 2010 أو إحلاله بقانون واضح يعترف بالموت بأسبابٍ مخيَّة.
يتناول هذا الجزء عرضًا تفصيليًّا للتقدم الطبي الشامل عبر العصور في مجال زراعة الأعضاء في القرن العشرين حتى يومنا هذا.
يوضح الكتاب الحاجة التي برزت بعد نقل أول قلب بشري وزرعه إلى تشريع عالمي موحد للموت، عبر لجان عالمية وقانونية وطبية وأخلاقية ودينية ومجتمعية، مما أنتج التعريف الجديد المضاف إلى الموت بأسباب عصبية مخية، وإقرار القانون العالمي الموحد للموت، ودفع ذلك إلى نشأة المؤسسات الطبية الكبيرة وتطورها، وإنشاء اللجنة الموحدة لشبكة التشارك في الأعضاء عبر الولايات المتحدة ومثيلاتها في بقية تجمعات دول العالم المتقدم في أوربا وكندا وأستراليا، ويقدم نتائج التقدم وإحصاءاته وإنجازاته الكبيرة في إنقاذ الملايين من مرضى فشل الأعضاء.
انطلق الدكتور أحمد زايد – في مشروعه العلمي – من دراسته حول الحركة النقدية في علم الاجتماع، والنخبة في الريف المصري، ثم تابع التطورات الحديثة حول هذا العلم، كما كتب عن الاستهلاك والجسد والمجال العام ورأس المال الاجتماعي ونقد الحداثة والمجتمع المدني وخطاب الحياة اليومية والخطاب الديني والعنف، ومنها موضوعات تضمنت طرحًا علميًّا مبتكرًا على المستويين النظري والمنهجي، وذلك بالإضافة إلى ذخيرة مهمة من المترجمات في علم الاجتماع المعاصر.
أماني الطويل – أيمن شبانة – أحمد بهجت – إيمان عبد العظيم – خليل منون – سعيد ندا – سحر محمد إبراهيم – محمد حجاج – نيللي كمال – هنادي سلطان – ولاء صابر.
الشعر هو دم الشاعر وخلاياه آخذين شكل الحروف .. هكذا أرى، وعندي أنّ "الذات" هي "بانوراما" الكونية والملكوتية، وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم اللأكبر، والشاعر الذي يستطيع أن يحيط بأقطار نفسه.. وأن تجسد حروفُهُ خفايا وخبايا ذاته.. وأن ترسم كلماته "بورتريه" روحه.. وأن يوشّم على ساعد صِدْقِه نبض عمره ووقائع ضميره وملامح خصوصيته: لهو شاعر له الأبد صديقًا.. والخلود رفيقًا.
يبدو المجاز وكأنه الحكاية الإطار، دون أيإطار سوى إطار المجاز ذاته، تمامًا مثلما هو في الحكاية الإطار. المجاز إذًا قوة جبارة، طاقة قادرة على القتل وقتل القتل. كما يبدو أيضًا أن للمجاز ارتباطه الحميم بالليل، وكأن النهار يقتله أو على الأقل يقمعه، هذا ما يشي به عنوان "الليالي"، وما يصرّح ويشي به خطاب ابن دريد وابن وهب عن التقية، عن التخفي، فضلاً عن نصوص أخرى كثيرة تحكي عن المجاز والليل، وكأن المجاز زمن للحضور في الغياب، في الليالي الليل زمن للبوح، لانطلاق الرغبات، أم الصباح فزمن لموت الكلام وموت الحكي، زمن للحقائق الشمسية، لا للمجازات.
لكن دعونا نسأل: هل كل مجاز يحوي حكايته الإطار، يحمل شمسه ويخفيها؟ إنها إشكالية أخرى من إشكاليات المجاز، ربما كانت هي الدافع اللا واعي وراء الرغبة في قتل المجاز، الرغبة في النهار، في الشمس والإطار، إلا أن اللافت أن الحكاية الإطار ذاتها لها أكثر من إطار: إطار شاه زمان، وإطار شهريار، وإطار العفريت وعروسه، فالإطار لم يكن قط واحدًا، حتى داخل الحكاية الواحدة، وما من إطار سوى تحوّل الحكي، إذ مهما بدا متماثلاً، فثمة دومًا اختلاف.
إذا كان عبد القادر القط قد اهتم في مقالاته التي يتضمنها هذا الإصدار بالمثقف العام "المشاهد" حين اتسع مجال البث الإبداعي عبر الشاشات التليفزيونية، وظهر المسلسل التليفزيوني الذي استقطب ملايين المشاهدين في أرجاء الوطن العربي من مختلف المستويات الثقافية، وأثّر تأثيرًا واضحًا من خلال المزيج الفني الذي يتضمنه انطلاقًا من الموسيقى والأغاني إلى الأحداث والحوار إلى لحظات انبهار الأنفاس التي تتوقف مع نهاية حلقة، وتتلهف لمتابعة تاليتها، وهي أنماط من التقنيات تستلهم أنماطًا أدبية وفنية، وتحتاج إلى إقدام ناقد حيوي يفتح باب الحوار العلمي الهادئ حولها، وقد سجل عبد القادر القط مجال الريادة في هذا الاتجاه، وفتح الباب أمام عشرات النقاد لإثراء الحوار.
في تلك الليلة اختلفت الأمور، اعوجّ نصاب حياتك أو ربما استقام، فما عدت تستطيع إطلاق الأحكام، هذا فقط ما حدث: اختلفت الأمور، وتبدلت المقاييس..
هو الكتاب الفائز بالمركز الأول في مجال شعر العامية في مسابقة المواهب الأدبية التي تصدرها الإدارة المركزية للئون الأدبية والمسابقات، وهي مسابقة سنوية للشباب تحت سن 35 عامًا في المجالات الأدبية المختلفة.
والكتاب الذي تقرأه الآن وتتصفح أوراقه عمل فني مبدع في مجال شعر العامية، حيث يتميز بسلاسة العبارات وعمق المعنى، في عرض شعري يصنع موسيقاه الخاصة.
هو الكتاب الفائز بالمركز الأول في مجال أدب الطفل في مسابقة المواهب الأدبية التي تصدرها الإدارة المركزية للشئون الأدبية والمسابقات، وهي مسابقة سنوية للشباب تحت سن 35 عامًا في المجالات الأدبية المختلفة. وتتميز المرحلة العمرية بين 5 – 9 سنوات بالخيال الخصب، والقدرة على إيجاد عوالم جديدة، كما تتميز تلك المرحلة بالقدرة على اختيار القدوة وتحديد أهداف وأحلام يسعى الطفل إلى تحقيقها.
تتميز هذه المجموعة بلغة عربية واضحة سلسة وسهلة الفهم على الطفل، تعيده إلى أحضان هويته العربية.
سوف تبقى الجدران والصور القديمة...
لن يسرق الوقت شيئًا...
بينما الحاضر منضغطًا في شغاف القلب...
ونور الفجر يأتي بعد ليل ليمنحنا الحياة...
أثّر ظهور النظريات العلمية والفلسفية الحديثة على الاتجاهات الفنية في القرن العشرين، فلم تعد تهتم بالحفاظ على الشكل من الناحية الأكاديمية المتعارف عليها؛ فاستحدثت أشكالاً مختلفة للعمل الفني وأسلوب عرضه، وباتت تعبر عن المركزية الثقافية الغربية في العصر الحديث، كما تدعو إلى ثورة في الاتصالات لتحول العالم إلى قرية واحدة فيما يُعرف بالعولمة – التي تقف في مواجهة المحلية – والتي تختلف فنونها في الشكل والمضمون مع هُوية المجتمعات الأخرى العقائدية والاجتماعية والسياسية والثقافية، فاستمر الجدل والخلاف حول قضايا الشكل والمضمون وعلاقتها بالتراثي والمعاصر والموروث والوافد وثنائية الأنا والآخر، والمحلية والعولمة حتى الآن.
"مكتوب بماء الورد" أحدث ديوان لعزة بدر، فيه تواصل رحلتها الشعرية بلغة مرهفة تعبر عن الذات، وتبحث عن كنزها من الكلمات، عن المعنى العميق في لحظات السكون، وبين السطور، وفي الهوامش المسكونة بالبياض.
قصائدها تتفق بحبٍ عارم للحياة، ورغبة لا تنتهي في معانقة الوجود.
تعاني المكتبة العربية على اتساعها من نقصٍ كبيرٍ ففي مرجعيات علمية حول "الحوكمة وما تعانيه من حكم رشيد" رغم ضرورتها من لتحقيق التنمية المستدامة وما تشمله من عناصر أساسية في إدارة أي كيان في العالم بدءًا من الأسرة حتى الأمم المتحدة.
وتأتي أهمية هذا الكتاب ليس فقط في تقديم تعريفٍ شامل ومتكامل للحوكمة وعناصرها ومجالات تطبيقها على المستويين الوطني والعالمي، وإنما لكونه أول مرجع عربي في هذا الخصوص، ويقدم الكتاب دليلاً للحوكمة المؤسسية يرشد جميع المؤسسات أيًّا كانت إلى وضع تطبيق نظام حوكمة جيدة، كما يبين علاقة الحوكمة بالتنمية المستدامة وبالديمقراطية ، ومدى أهمية الحوكمة في السياستين النقدية والمالية، ويبرز الجهود المبذولة دوليًّا حول الحوكمة على المستويين الوطني والعالمي، ويسلط الضوء على رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030 ويقدم توصيات ومقترحات لدور الحوكمة في تحقيقها.
ومع التغيرات السريعة في الاقتصاد العالمي وزيادة التجمعات الاقتصادية، بات ضروريًّا أهمية إدارة الأنظمة الاقتصادية والسياسية العالمية بصورة رشيدة مما يستوجب اتّباع الديمقراطية والحوكمة العالمية، هذا أمر حتمي لاستقرار العالم وتحقيق أمنه وسلامته ولتظلله سيادة العدالة.
ومن المأمول فيه أن يكون هذا المرجع مصدرًا دافعًا لتبني الحوكمة لكي تنعم المؤسسات والدول والأفراد بنظم سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئيّة وعادلة وكافية قادرة على المنافسة وحافظة للحقوق والحريات والأمن والسلام الدوليين.
على امتداد أربعين عامًا كان اهتمامي بقضايا الشعر والشعراء – كقارئ – لبعض ما يُنشر عن الشعر وشعرائه، محبًا للشعر قديمه وحديثه، مواكبًا لبيئة شعرية مصدرها الحياة – وقتئذٍ – وكنت في باكورة الصبا والشباب مع نفر من المتعلمين من شباب القرية نتطارح بالأبيات الشعرية لكبار شعراء العربية، وكنا معتزين بذلك، ونعتبره نوعًا من المبارزة الثقافية القائمة على سعة الثقافة من خلال حفظ الشعر، ومن الطبيعي – والأمر كذلك – أن ينتصر في المبارزة الشعرية مَنْ يحفظ قدرًا أكبر من القصائد خاصة لو كانت لشعراء العربية الخالدين.
ومع مرور الأيام والسنين أصبحتُ متذوقًا للشعر وفنونه، وازداد هذا الاهتمام بالشعر والشعراء بحكم طبيعة عملي الأدبي والنقدي حتى تكونت لديّ خبرة معرفية عن الشعر والشعراء كانت هي الزاد الحقيقي لصفحات هذا الكتاب التي تطمح صفخاته في تحقيق هدف واحد هو تسليط الضوء على الشعر وأهله، وأن تشير صفحاته إلى أن هناك اهتمامًا حقيقيًّا بالشعر والشعراء مصدره وجود مبدعيه قديمًا وحديثًا، مصريين أو عرب، وقد توقفت عند البعض منهم وقفات إجلالٍ وتقدير أو عند البعض الآخر وقفات نقدٍ وتقييم؛ آملاً في تسليط الضوء على الشعر كأساسٍ لثقافتنا العربية من خلال هذا الكتاب.
هدفنا من هذه الدراسة تقديم عرض تاريخي حول النهضة الأدبية والمعرفية – بصفة عامة – والتي غرست بذورها في عصر الدولة الأموية وأينعت وازدهرت ثمارها إبان العصر العباسي الأول والثاني، إضافة إلى ما تبين لنا تاريخيًّا أن العديد من رواد تلك النهضة كانوا من بين الموالي ذوي الأصول الفارسية، أولئك الأدباء والعلماء الذين يكفيهم شرفًا ورفعة وارتفاع قدرٍ وسموٍ ومنزلةٍ ما ورد في حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والذي رواه أحمد ومسلم وجاء فيه قوله: "لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجل أو رجال من هؤلاء ووضع يده الشريفه على سلمان الفارسي"، وسلمان هو الذي شبق لسيد الخلق – صلى الله عليه وسلم – أن قال عنه "سلمان منا آل البيت"، كما نقصد - كذلك – أن يكون في اهتمامنا وعرضنا للجهود العلمية المضنية التي بذلها أولئك الرواد الأول، وسعيهم المحمود في طلب العلم والمعارف الإنسانية المختلفة أن نقدم لأجيالنا الحالية نبراسًا وقدوة طيبه؛ حثًّا لهم على الجد والاجتهاد والسعي المخلص الدءوب نحو طلب العلم والمعرفة في كافة مصادرها.
ذلك أن للعلم مقامًا عظيمًا في شريعتنا الغراء، فأهل العلم هم ورثة الأنبياء، وفضل العالم على العابد كما بين السماء والأرض.
هناك أنماط متنوعة من رأس المال في المجتمعات، تعتبر رصيدًا تمتلكه وأساسًا ترتكن إليه، منها ما هو مادي ونقدي وبشري وثقافي وديني واجتماعي، تتميز جميعًا بعلاقات تداخل واعتماد متبادل، وعادة ما يكون الفصل بيتها نتيجة اختلاف الحقول المعرفية والرغبة في مزيد من التحليل والدراسة.
وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن هذا المفهوم – رغم أنه نشأ في كنف علم الاجتماع – فإنه رحل إلى أنساق معرفية أخرى، وصار عنوانًا للبينية في العلوم الاجتماعية.
هذا الكتاب يتناول رأس المال الاجتماعي social capital وهو مصطلح ينطوي على ما يمتلكه المجتمع من علاقات بين أفراده، باعتبارها رصيدًا ينبغي التوسع فيه، ويشكل ارتفاع منسوب رأس المال الاجتماعي أحد عناصر القوة الناعمة لأي مجتمع؛ نظرًا إلى أنه يجسد العلاقات التي تقوم على التعاون والثقة والاحترام المتبادل والتضامن بين أعضائه، ويعبر عن جوهر المواطنة في المشاركة الفاعلة والهندسة السياسية التي تستند إلى العقلانية والبناء الاجتماعي الذي يحرص فيه الأفراد على الاعتماد المتبادل.
هذا الكتاب الذي أقدمه للقارئ العربي يُعرض للنازية في الأدب العبري الحديث، وتعتبر النازية (1933 – 1945) من أخطر ما تعرض له العالم في القرن العشرين؛ حيث كانت السبب المباشر الذي أدى إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها حوالي ستين مليونًا.
وبطبيعة الحال لم يكن اليهود بعيدين عن "النازية" بحكم انتشارهم في في جميع دول العالم بصفة عامة وفي أوربا بصفة خاصة، فراحوا يعبرون عنها في تاريخهم وأدبهم وفكرهم، بل اعتبروها حلقة من سلسلة الصراعات التاريخية المستمرة بينهم وبين الأغيار.
ويعتبر اليهود "النازية" وإقامة إسرائيل من أهم الأحداث التي عايشها اليهود في القرن العشرين، والحقيقة أن العرب بصفة عامة – ومصر بصفة خاصة – لم يكونوا طرفًا في الصراع مع النازية، بل إن مصر عانت – وما زالت – تعاني من آثار الحرب العالمية الثانية، ومنطقة العلمين خير شاهد على ذلك.
وكعادة الأدب العبري الحديث الذي نشأ وجبل عليها أنه لم يكن بعيدًا عن تلك الأحداث، فعبر عنها في أجناسه الأدبية كافة، سواء أكان هذا قبل إقامة إسرائيل أم بعدها.
تتطور اللغة تبعًا للزمان والمكان، ويُتوسَّع في استعمال كلماتها، وهذا ما يحرص مؤلف الكتاب على إيضاحه من خلال رحلة في كتاب ابن بري "غلط الضعفاء من الفقهاء" وهو مجموعة من أخطاء الفقهاء في استعمال الألفاظ من الأقطار المختلفة، ويتضمن تصحيح ألفاظ مما يستعمله الفقهاء استعمالاً مخالاً للغة.
يعرِّف الكتاب ابن بري ومخطوطه ونسبه، ووظيفته في تصفح ديوان الإنشاء وتحقيقه، ونقل ابن منظور عنه في معجم "لسان العرب" كما تحدث عن شيوخ ابن بري وتلاميذه ومصنفاته، وقلَّتها، محقِّقًا في صحة نسبة هذا الكتاب إلى ابن بري، مع بيان طريقته في التأليف.
وإذ يعرض الكتاب المسائل التي أوردها ابن بري في كتابه، فإنه يوضح ما اعتمد فيه على سابقيه، وما انفرد به، مع الاستشهاد بمصادر لغوية أخرى.
الترجمة تنقل ثمار المعرفة الإنسانية من لغة إلى لغة أخرى، ومن ثقافة إلى ثقافة مختلفة، فهي في المقام الأول فعل ثقافي إيجابي حفز الهمم ودَفَعَ العقول إلى الإبداع على كل المستويات خصوصًا على مدار القرنين الأخيرين، وقد اتضح تأثير ذلك في مجالات العلوم والفنون والآداب، وتتضح أهمية الموضوع من طرحه تصورات ودراسات تتناول تقييم عملية الترجمة في مجال المسرح؛ ليتأكد الدور الذي أدَّته الترجمة جليًّا في إرساء قيم النهضة المسرحية بمصر.
محاولة متميزة للخروج من نمط القص الكلاسيكي والمألوف الذي شاع في بدايات المؤلف وبدايات الكثيرين من أبناء جيله؛ فسريعًا ما ادركوا أن المشكلة في القصة القصيرة أكثر من أن تكون محض رسالة، فهناك الشكل وتقنياته التي ينشغل به المتلقي والناقل، ولقد كتب المؤلف الدراما وأجادها، وها هو يوظفها في هذه المجموعة التي تبدو بعض نماذجها كأنها مسرحية ذات فصل واحد.
المؤلف أفاد – كبعض أبناء جيله – من الفنون الحديثة والمعاصرة، واكتسب بالمران خبرة تشكيل المشهد السينمائي والدرامي والتشكيلي والموسيقى، وقد أضفى كل هذا عصرية على النصوص، ودفع بها إلى مشارف واقعية جمالية دون غموض وارتباك.
عرف المؤلف أن القارئ المعاصر مشغول بقضايا الوطن، فشغل بها، واستثمرها ووظفها، ونجد صدى ذلك حاضرًا هناك، وكما أن التجريب وقور ورزين وينبو عن الغامض والزاعق والمرتبك؛ فإن تناول المؤلف لما نسيمه القضايا الخلافية في الشارع المصري وقور ومنحاز للوطن.
أ.د السيد فضل
تدور أحداث الرواية حول المرأة المقهورة التي تُساق – رُغم عنها – إلى الزواج من رجلٍ ثري غير راغبة فيه، فقام جدار بارد شارك في صنعة الأب المتسلط والأسرة السلبية، إنها كما تقول الرواية: "زوجة أغلقت غرفة قلبها وألقت بأحلامها عند عتبات البيت، وأدركت أن القانون الساري هذه الأيام أن يتنحى الحب ويظهر المال".
ولقد رصدت الرواية الملابسات والمواقف من مودة وشجار، ووفاق وخلاف، وقلق وخوف..
وقامت الشخصية بالدور الفاعل عبر آليات الحوار، وتعدد الأصوات، ولغة السرد، والقدرة على التصوير في لغة شاعرة.
لقد تعاونت ثنائية الأصوات مع تعدد لغة السرد في استبطان داخل اللمرأة المغلوبة على أمرها، وقدرتها على المواجهة ومغالبة الموقف.
مسرحية شعرية
تتناول هذه المسرحية الشعرية حياة العالم العربي العبقري داود بن عمر الأنطاكي (950هـ – 1008هـ) صاحب كتاب تذكرة أولى الألباب والجامع للعجب العجاب، الذي اشتهر ملخصه بين الناس بعنوان تذكرة داود. هو من أعظم الصيادلة في تاريخ البشرية، جمع في كتاب ثلاثة آلاف نوع من الدواء، منهما ثلاثمائة دواء من اكتشافه، تضم كثيرًا من الأدوية المركبة، وتم تدريس كتابه في اوروبا زمنًا طويلاً، وكان طبيبًا بارعًا لدرجة أنه صار رئيسًا لأطباء مصر والشام في عصره، وألف ستة وعشرين كتابًا.. والعجيب أنه كان ضريرًا. كانت حياته مفعمة بالمواقف الدرامية، وكان داود الأنطاكي مثلاً إنسانيًّا راقيًا للإصرار على النجاح والسعي إلى التفوق بالرغم من ظروفه الصعبة. تنحاز هذه المسرحية إلى الحوار الشعري القصير، والتصاعد الدرامي المشوق، والبناء الفني للشخصيات مع استخدام ما يتناسب معها من التقنيات الحديثة للمسرح.
صاحب هذا الديوان شاعر كبير له عدد من الدواوين التي تتراوح بين الشعر الموزون.. وقصيدة النثر.. وهو في الحالين يؤكد شاعريته وتمكنه من فنه الجميل، وفي هذا الديوان يقدم لنا تنويعات لقدرته الإبداعية في أشكالها المختلفة.
اختارت الكاتبة عالم السينما مسرحًا لعملها، من خلال مخرج كبير يصنع فيلمه الخاص، ويحرك الشخوص وفق إرادته، ويراقب الصراع الدائر بين الشخصيات، التي تجسد أدوارها في الحياة، وبين الفيلم الذي يبدو مرتجلاً، لكن المخرج لم يترك تفصيلة واحدة، إلا روتب لها.
عزمي عبد الوهاب
ويُحسب للمؤلفة جرأتها على اختيار تقنية السرد بالضمير الأول؛ الذكوري، وكذلك تخليها عن أسماء أبطالها، مما أسهم بإحالة أحداث الفيلم المزمع تصويره/ الرواية إلى رمزٍ للحياة نفسها بكل تعقيداتها وتشابكاتها وعوائقها التي تجعل البشر دائمًا مثل قطع شطرنج تحركها يد المخرج القدير.
سهير المصادفة.
عن الكتب رحلة نقدية في محيطات النقد الأدبي الشائقة والشائكة تجول فيها الناقد في دهاليز المناهج النقدية: المنهج البنيوي الشكلي، والبنيوي التكويني، والمنهج السيميولوجي، زالمنهج النفسي بحثًا عن منهج نقدي يكون الأقرب لكشف مكنونات النص الروائي وفك معميَّاته، وبروح محايدة وبقلب المبدع الذي يرفض السيمترية الجافة في التعامل مع المرتكزات وإجراءات المنهج النقدي، تجول بنا الناقد في جنائن هذه المناهج وأبرز رواد كل منهج، وأشهر الدراسات العربية التي انتهجت هذه المناهج ليبلور لنا في الفصل الأخير منهجًا لقراءة النص الروائي، مستفيدًا من مرتكزات هذه المناهج، فتأخذ ما تراه صالحًا منها، في صورة توفيقية، تهدف إلى قراءة النص بصورة كلية، قراءة إنتاجية فاعلة تعيد صياغة النص وتشارك في صنعه، وتقف على تقنيات النص مع تفعيل جماليات هذه التقنيات الفنية، وعلاقتها الديناميكية ببعض، لتصبح قراءة النص إعادة صياغته وإبداعه من جديد، وطبق رؤيته النظرية على نماذج روائية قام بقراءتها... وهذا سر جمال الدراسة.
استثمار الكتب والمعلومات في مقدمة عوامل المفاضلة بين الأمم والمجتمعات. ولمراجعات الكتب دور أصيل في نظام الذين يمارسون نشاطهم في كتابة مراجعة الكتب، قناعتهم بالوظيفة العلمية والتعليمية والمهنية والإعلامية لهذه الفئة من الأعمال العلمية. وكاتبو مراجعات الكتب لا يقرأ لنفسه فقط، وإما يحض الآخرين على القراءة، وييسر لهم الاختيار، وذلك للتعريف بالكتب ودوافع تأليفها، ومحتواها، ومستواها العلمي والقرائي، فضلاً عن احتمالات الإفادة منها. وبين دفتي هذا الكتاب حصيلة قراءات امتدت لما يقارب أربعة عقود، في مجال حديث نسبيًا، اتخذ من سلاح العصر وكل عصر، وهو مجال المكتبات وعلم المعلومات، موضوعًا لاهتمامه. ويضم هذا الكتاب مجموعة من مراجعات الكتب، تشمل معظم قطاعات مجالات المكتبات وعلم المكتبات، كما اتبعت في صياغتها أساليب متنوعة تلائم طبيعة كل فئة من الكتب، التي تشمل الكتاب التمهيدي، والكتاب المدرسي، والكتاب التجميعي، وأعمال اللقاءات والمؤتمرات؛ كما أن منها المؤلف والمترجم إلى العربية.
تتسم كتابات الدكتور حامد أبو أحمد في مجملها بالكثير من المواقف المنهجية التي تنحاز إلى جانب الفكر بصورة واحدة، وفي الوقت نفسه تحافظ على توازنها الفني الذي اعتمد عليه منذ أعماله الأولى، سواء في مجال الترجمات أم في مجال التأليف، فهو دائمًا يؤصل للفكرة الفنية، والظاهرة الثقافية بمنظورها الفكري الذي ينطلق منه، وتتعمق في أسسه وآلياته، والتي تتصل بقضايا الإنسان وحريته وآفاقه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهو بذلك يتعدى دور الناقد الأدبي.
بنت الشاطئ هي: عائشة محمد على عبد الرحمن
المعروفة ببنت الشاطئ عائشة بين عامي (1913م – 1998م) هي مفكرة وكاتبة مصرية، وأستاذة جامعية وباحثة، وهي أول امرأة حاضرت بالأزهر الشريف، وكانت من أوليات من اشتغلن بالصحافة في مصر – بجريدة الأهرام – عملت بدرجة أستاذ دكتور بعدد من الجامعات العربية، في مصر والمغرب والجزائر بين تسع دول عربية؛ ومن أبرز مؤلفاتها: "التفسير البياني للقرآن الكريم" و"الإسرائيليات في الغزو الفكري" و"القرآن وقضايا الإنسان" و"قراءة في وثائق البهائية" و"تراجم سيدات بيت النبوة"، فضلاً عن العديد من الكتب والأبحاث، وأيضًا تحقيق الكثير النصوص والوثائق والمخطوطات.
وهي أول امرأة عربية نالت جائزة الملك فيصل في الآداب والدراسات الإسلامية.
هذا الكتاب يطرح فكرة التهميش التي ظهرت في الأدب منذ القديم، وتجلت عند كاتب من كتاب الستينيات وهو خيري شلبي، وكيف أثرت هذه الفكرة على جميع العناصر المكونة لرواياته من مكان وزمان ولغة وشخصيات.
ولقد ظهرت فكرة التهميش في روايات خيري شلبي، بل وسيطرت على كل العناصر الروائية لرواياته، فلقد اهتم بالكتابة عن تلك الفئات الفقيرة المهمشة التي كانت تعيش في الحقيقة بجانبه، بل كان واحدًا منهم عاش في المقابر وامتهن مهنًا بسيطة جدًّا، عاش فقيرًا مهمشًا كتلك الفئات، فكان هو الأجدر على تمثيلها في رواياته.
وقد تناول هذا الكتاب مفهوم "التهميش من منظور الدراسات الاجتماعية والنفسية". وكذلك أبعاد العامشية، وتعريف الهامشية النفسية، وسمات الإنسان المهمش.
ثم طرح فكرة "التهميش هند كتاب الستينيات" يتناول فيها المشهد السياسي والاجتماعي لفترة الستينيات، وتأثير تلك الفترة على الأدب.
أيضًا تناول "الشخصية المهمشة في روايات خيري شلبي" ثم طرح "التهميش المكاني في روايات خيري شلبي". بما فيه من أهمية المكان في تشكيل العالم الروائي، وكيفية تأثير المكان في تحديد معالم الإنسان الجسدية والنفسية، وكذلك تحديد رؤية الإنسان للعالم، ثم يتعرض الفصل للمكان عند خيري شلبي، وكيف أن هذا المكان عند خيري شلبي دائمًا ما يظهر كم المعاناة والظلم الذي تتعرض له الطبقات الفقيرة والمهمشة، فالمكان عند خيري شلبي دائمًا بسيط مهمش؛ ليعكس تهميش ساكنيه. وتناول الفصل روايات (موال البيات والنوم – ووكالة عطية – والثلاثية – وصالح هيصة – والأوباش).
هذا الكتاب عبارى عن استعراض موجز ومركز من خلال الانتقاء لأبرز وأهم الفرضيات والمسائل الشائكة ذات التأثير المهم في واقع الحال والممتد مستقبلاً، ولعل هدفنا من الانتقاء هو اختيار الفرضية ذات الأهمية النسبية. والدور الذي يمكن أن تلعبه في التأثير على الطرفي – العربي والصيني – حاليًا ومستقبلاً. نستعرض هذه الفرضيات ونحن نودع قرنًا مضى وألفية انتهت. ونستقبل قرنًا جديدًا وألفية ثالثة قادمة، وسوف نجد ان هذه الفرضيات والمسائل المختارة تتضافر وتتشابك مع بعضها البعض لتحقق نظرة شاملة ثاقبة لمعطيات الواقع وهمومه، متخذين من ذلك ركيزة وسندًا لاستشراف صورة المستقبل، ووضع سيناريوهات التعامل الملائمة مع هذا المستقبل لخدمة المجتمع العربي والقضايا العربية وتحقيق الاستفادة المرجوة من آليات التفاعل الحضاري الحديثة؛ تدعيمًا وتقويمًا لأواصر العلاقات والمصالح المشتركة بين العرب والصين في مطلع القرن الحادي والعشرين.
يعالج هذا الكتاب الذي بين أيدينا علاقات الصين الأفريقية في الفترة (1956م - 1976م) من خلال نظرة الصين إلى الدول الأفريقية ونظرة الدول الأفريقية إلى الصين، وكيف تبادل الطرفان الدعم والمساندة في إطار الحرب الباردة، ويتطرق الكتاب إلى مراحل اهتمام الصين بالقارة الأفريقية ومواقف الدول الأفريقية من الوجود الصيني على أراضيها، إضافة إلى صور الدعم الصيني وكيفية إدارته والتعامل معه من كلا الطرفين.
ولا يغفل الكتاب عن توضيح أهمية الدور الذي لعبته حركات التحرر الأفريقية في دعم ومساندة الاستقرار للدول الأفريقية في ظل الصراع الدولي على القارة الأفريقية عقب استقلال العديد من تلك الدول في مطلع ستينيات القرن العشرين، وكيف كانت علاقات هذه الدول الوليدة مع حكومة بكين وكيف ساندت كل منهما الأخرى في حراكها الدولى ومدى استفادة الصين ن علاقاتها ودعمها للدول الأفريقية.
ظلت الأزمات الناجمة عن وجود أقليات في المجتمعات الإنسانية مدخلاً رئيسًا لإضعاف تلك المجتمعات عبر تزايد قابليتها للتفكيك بالدخول في سلاسل مستمرة من الصراعات اليومية، وذلك في ظل توافر مسببات ذلك بدعاوى دينية وعرقية. وهو ما يمثل تهديدًا للأمن المجتمعي عبر اختراقات ثقافوية وتقاليدية تزيد من فجوات الدمج المجتمعي وتدفع نحو تهديد وحدة واستقرار الدول.
ومن هنا تنبع أهمية الموضوع الذي يتناوله هذا الكتاب من كونه أول عمل بحثى يقترب تفصيلاً من تجربة الأقليات الدينية في مصر عبر دراسة مساراتها وأزماتها ونشاطها في المجتمع، خاصة وأن ظاهرة الأقليات لا تزال تمثل تهديدًا للأمن القومي نتيجة ما يستجلبه وجودها من ضغوط خارجية على الداخل لتحقيق مكاسب سياسية وفئوية ما يؤثر على الاستقرار ويتوجب منا فهمه للتعرف على كيفية مواجهته.
تعرضت في بعض كتاباتي السابقة لآراء المستشرقين الذين ذهبوا إلى أن الفلسفة الإسلامية تخلو من الأصالة، وأنها ليست سوى نسخ مشوهة من مذاهب أخرى يونانية. ورأيت أن من المؤسف أننا صدقنا هذه الآراء، ولا سيما أن بعض أصحابها حاضروا في الجامعة المصرية إبان نشأتها، وكان لهم تلاميذ أصبحت لهم مكانة فكرية عالية مثل طه حسين ومصطفى عبد الرازق وعلى عبد الرازق. ومن ثم راجت لدينا أفكار مضللة مفادها أن أصالة الفكر الإسلامي ينبغي ألا تلتمس لدى الفلاسفة المسلمين مثل الفارابي وابن سينا وابن رشد، بل ينبغي أن تطلب في علم الكلام، أو التصوف، أو علم أصول الفقه وصار التركيز في أقسام الفسلفة في الجامعات المصرية ينصب على هذه العلوم الأخيرة أو بعضها.
وأذكر في هذا الصدد – وبناء على تجربتي الخاصة كطالب للفلسفة – أن دراسة التصوف ظلت مقررة علينا طيلة سنوات الدراسة الأربع، في حين أننا لم ندرس كتابًا واحدًا لفيلسوف مسلم واحد، ولم يخصص درس لشرح نص من هذه النصوص. وكنا عند التخرج لا نعرف من آراء الفلاسفة المسلمين إلا نتفًا وعروضًا موجزة في مصادر ثانوية. ذلك ما شاهدته في الخمسينيات من القرن الماضي، ولا أدرى ما إذا كان هذا البرنامج المعيب ما زال قائمًا، أو ما إذا كانت له آثار باقية.
خلال السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين، وفي طيات الجدل حول الإصلاح السياسي في الوطن العربي الذي انبعث بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ظهر من جديد جدل الثقافة العربية، فبسبب اليأس من إنجاز هذا التحول، عوَّل البعض من جديد على ضرورة التوسل إلى الإصلاح السياسي بالإصلاح الاقتصادي، بمعنى نشر الثقافة الحديثة، وفي القلب منها الثقافة الديمقراطية. تجلى جدل الثقافة في الاستقطاب بين أنصار الإصلاح من أعلى وأنصار التغيير من أسفل. يرى الأوائل أن العلة في السياسة؛ ولذلك يجعلونها الحلقة الأولى للإصلاح، ويرى الأواخر – إما لشكهم في ملائمة ثقافة الناس للتحول الديمقراطي أو ليأسهم من إقدام النظم الحاكمة عن التنازل طوعًا عن حكمها المطلق – ضرورة أن توطن الثقافة الديمقراطية أولاً بوصفها مقدمة لا بد منها للإصلاح السياسي.
وحيث إن هذا التناول يعتبر – في رأي المؤلف – انحرافًا بقضية التحول الديمقراطي عن مسارها الصحيح، ويعد زجًّا غير علمي بالثقافة في قضية هي سياسية بالأساس، فقد خط المؤلف هذا الكتاب ليُثبت بالرجوع إلى النظريات الاجتماعية وإلى الحالات التاريخية أن قدر الثقافة هو أن تكون بنية تابعة ومشروطة بالنظم والبنى الاجتماعية الأخرى، وأن الطلقة الأولى الطالقة للإصلاح – حتى الثقافي – هي التحول السياسي ذاته في نظرية أسماها "حاكمية البنية السياسية لمجمل التطور الاجتماعي".
تعددت أفكار المجموعة القصصية، والتزمت بإبراز المعاناة الإنسانية للمهمشين في الحياة، والتعبير برهافة عن آلامهم، وقد صيغت بطريقة جذابة تُحرك الفكر، وتثير التأمل لدى القارئ.
هشام علوان
حاول القاص أن يُقدم فكرة جيدة، ونجح في المعالجة الفنية مع الطموح لإنتاج نصوص متميزة فيها بصمة كاتبها.
السيد نجم
"وسوسة شيطان" ديوان بالعامية المصرية، من شعر التفعيلة، يضم العديد من القصائد الجيدة التي تؤكد تمكن الشاعروامتلاكه لأدواته، وهذا ما يعكسه أسلوب الشاعر وصوره الشعرية المتلاحقة في العديد من هذه القصائد، التي تتسم بالطابع الإنساني.
سعيد شحاته
الشاعر يحتفي بالمجازات بأنواعها احتفاءً ظاهرًا. تتعدد مستويات الدلالة بتعدد المجازات الشعرية.
التناسق الدلالي والانسجام اللغوي جزءان لا يتجزآن من بناءٍ محكم لرؤية فنية شفافة.
محمد زيدان.
ديوان "مفيش دوا للعاشقين" قصائد منشعر العامية المصرية، وتتنوع قضاياه التي يتناولها ما بين الذاتية والوطنية، وإن غلبت قضايا الذات على معظم القصائد، ما يمثل ميزة نسبية للديوان.
يسري حسان
اللغة في الديوان مجازية، وفي الوقت نفسه إشارية يلعب الراوي على الأدوار المتعددة التي تُقدم في كل حركة مزيدًا من المستويات المعنوية.
استطاعت وزارة الثقافة خلال السنوات الأخيرة أن تتواصل مع الجوهري والعميق في ثقافتنا وإبداعنا المصري، فلم تعد فاعلياتها الثقافية مجرد احتفاء وقتي ينتهي فورًا؛ بل أصبحت فعلا إبداعيًّا موازيًا في التخطيط والتنفيذ، وذلك بالسعي نحو استجلاء الروح التي تحرك ثقافتنا المصرية، تلك الروح التي تمتد جذورها لآلاف السنين من عمر البشر، لكنها لا تعانى شيخوخة أبدًا؛ لأنها تستمد من تلك العراقة التجربة التاريخية وعيًا متصلاً بالواقع الحاضر؛ ليكون نقطة قفز إلى مستقبل رحب تستحقه أمتنا.
يعد مؤتمر (مصر المبدعة) والكتاب الذي يحوى دراسات ست دورات عقدت خلاله، نموذجًا لهذا الفعل الثقافي الحي والمتفاعل مع واقعنا بقوة، حيث يتواصل مع شباب المبدعين والنقاد تواصلاً بناءً يكتشفهم، ويناقشهم، ويضعهم تحت الضوء في حالة من التواصل الحميم والجاد، التي تستشرف آفاقًا مستقبلية نتطلع إليها جميعًا، وهو ما نسعى لأن يستمر ويتوسع ويتعمق ويتطور يومًا بعد الآخر.
أ.د. إيناس عبد الدايم – وزير الثقافة
كان لأمي ثلاثة أسلحة أساسية تهتم بضرورة وجود أحدها في المنزل؛ العسل، الثوم، وحبة البركة. هذه الخيارات الثلاثة نادرًا ما كانت تتوفر مجتمعة في منزلنا، ببساطة لأن أمي كانت تدخر من مصروف البيت لشرائها، ودائمًا ما تكون لنا احتياجات أخرى تحتاج لأن تقتطع أجزاء أخرى من مصروف البيت فتحرمها من شراء أسلحتها الثلاثة معًا.
كان طقس أمي الصباحي يقتضي أن تمر علينا أنا وأخوتي وأبي وتعطي لنا السلاح المتوفر لديها.
وعندما أبدينا حالة عامة من الاستياء بهذا الطقس الصباحي، الذي يثير بطوننا قبل ذهابنا إلى المدرسة، تحول الطقس من طقس صباحي لطقس مسائي. لم تكن أي من هذه الخيارات تروق لي، حاولت التأقلم عليها فلم أفلح، فكنت أرغم نفسي أو تحديدًا أرغم براعم لساني وحاستي التذوق والشم وأمعاء بطني على أن تتحمل هذا الطقس وتجعله يمر بسلام.
إن قضية الصحراء الغربية التي شغلت المنطقة وأثرت على مستقبلها لمدة طويلة من الزمن، أثرت في مشاريعها التنموية وأوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وجعلت الفرقة بين الإخوة طيلة هذه الفترة الزمنية التي تزيد على خمسة عقود من الزمن؛ حيث حرب الاستنزاف بين (المغرب وموريتانيا) من جهة و(الجزائر وجبهة البوليساريو) من جهة أخرى، كأطراف مباشرة في الصراع.
كما أن هناك أطرافًا غير مباشرة عربية وأفريقية وأجنبية، فالصحراء الغربية هي صحراء عربية تحررت من الاستعمار الأسباني بعد اتفاقية مدريد الثلاثية المبرمة بين (أسبانيا – المغرب – موريتانيا) عام 1975م، وانسحبت أسبانيا عام 1976م، وفي نفس اليوم أعلنت جبهة البوليساريو (الجمهورية الصحراوية).
ومنذ ذلك التاريخ – وحتى اليوم – لم تحل هذه المشكلة المعقدة التي استنزفت ثروات يصعب تقديرها من أطراف النزاع، وسالت دماء يصعب تعويضها والقطيعة بين الإخوة في المنطقة مستمرة، كما عطلت الكثير من المشاريع التي تخدم المنطقة، أهمها الاتحاد المغاربي الذي يضم كلا من (المغرب – الجزائر – ليبيا – تونس – موريتانيا) وقد عجزت المنظمات الدولية عن إيجاد حل للمشكلة سواءالأمم المتحدة أو منظمة الوحدة الأفريقية.
نأمل أن ينتبه أصحاب العقول لحلها.
هل يكون حديث في الرواية العربية دون البدء بنجيب محفوظ؟
في عامه التسعيني يتوجه إليه صاحب هذا الكتاب بالتحية، ويعرض إنجازه الروائي في (مقطوعاته) الأربع، من الفرعونيات "الأولى إلى الأحلام" التي ما يزال يضيف إليها، من الأستاذ المؤسس إلى شباب الرواية المصرية، يعرض الكاتب "خمسة عشر عملاً روائيًّا لروائيين وروائيات جدد"، ويحاول أن يرى ما تتميز به. وما بينها من نقاط الاتفاق والاختلاف. ولا يكون النقد نقدًا ما لم يكن متصديًا وجسورًا يمارس حقه في الرفض والقبول، دون مبالات بما يحيط بعض الأسماء والأعمال من هالات. ومن مصر إلى العالم العربي؛ يعرض الكاتب رواية القهر السياسي في المشرق، ثم ينظر من نافذة مشرعة إلى الواقع الفلسطيني بين انتفاضتين: إحداهما انطلقت من نهايات ثمانينيات القرن الماضي، والثانية ما زالت تنتفض في الجسد الفلسطيني.
هذا الكتاب دعوة لنزهة قصيرة في بستان الرواية العربية بما فيه من ورود وأشواك.