في هذه المسرحيات المتنوِّعة في اختياراتها ودلالاتها ظلال كاتب يؤهِّل رؤيته إبداعيًّا حتى يجلي معانيها رمزيًّا للوصول إلى تقديم رؤيته للعالم بعيدًا عن كل نمطية، وبعيدًا عن أي استنساخ من سالف، أو راهن، وهي التجربة التي كان يبني هويَّتها من هويَّته المصرية/ العربية ككاتب ينظر إلى واقعه بعين ناقدة يريد بها أن يقدِّم فهمًا دراميًّا لما يعيشه في هذا الواقع، فظلَّ يمنحها شكلها مع كل نص مسرحي يكتبه، ويبدع معناها الدرامي مع كل نص ينجزه ليكون تاريخًا وواقعًا لتجربة تدخل ضمن كل تجاربه المتعددة في الكتابة المسرحية وكأنه يراهن على الالتحاق بالتجارب المسرحية الطليعية المصرية والعربية.
إن قصد الكاتب إبراهيم الحسيني من الكتابة المسرحية هو رصد الصورة الداخلية للواقع العربي بكل تفاصيلها، وبكل تخلُّفها الفكري، وبكل مظاهر انتشار الفكر الظلامي، وبكل فكر طليعي محاصر للنخبة فيها، ثم إعادة صياغة كل المعطيات الواقعية برموز تاريخية وجد فيها ملاذه كي يحمي كتابته من كل تفكُّك في رؤيته العربية حتى ينتمي بها إلى ما هو مختلف عن التجارب المسرحية المصرية، ويكون مؤتلفًا معها بالانتماء إلى المشروع القومي الواحد الذي هو إفصاح عن مضمون ما يكتبه حتى يكون كاتبًا مسرحيًّا ينتمي إلى مصر المتسائلة عن الحاضر وما بعد الحاضر.