تناول الكتاب عبر ثلاث أبواب كل باب يتكون من خمسة أبحاث فكرة الأسطورة، ابتداء، فكر خرافي ينتمي إلى عالم سحري، سابق على العالم العقلاني، لا تتوافر لها شروط الاستدلال المنطقي، ناهيك عن شروط المعرفة التجريبية كما نفهمها الآن، فهي أقرب إلى ميتافيزيقا شعرية تجسد حكمة الزمن البدائي وتقدم تصورات مجازية عنها في صور بلاغية، تلائم وعيًا كليًا مباشرة وبسيطًا،خصوصًا عندما تحكي عن تاريخ البدايات الكونية: المنشأ، الميلاد ، خلق العالم والإنسان أو تسرد تصورات عن النهايات، نهاية العالم ومصير الإنسان ، وفي كل الأحوال فإنها لا تطمع في وصف الحقيقة المجردة، ولا تطلب من متلقيها أعمال العقل فيها، بل فقط الإعتبار بها.
تكمن خطورة الإسلام السياسي في انطواءه على وعي اسطوري لكنه لا ينبع من فكر خرافي محصن، وإلها لهان التصدي له، بل يختلط بنسقين آخرين رئيسيين في الوعي البشري وهما الدين والأيدولوجية.
الدين بما ينطوي عليه من تجارب تاريخية تمتد في تراث الأسلاف تتوهم نمطًا من الحكم الفردوسي، جرى انتقائه من بين خبرات عديدة في ممارسة السلطة. والأيدولوجية كيقين مطلق يحاول اسباغ الشرعية على ذلك النمط وحده واستبعاد الأنماط الأخرى المناوئه له، بالتوقف على مسائلته وإهدار كل وعي تاريخي أو حس نقدي يسعى إلى تفكيكه