صور ونصوص مصرية فى "المرأة عبر العصور القديمة"
أقام المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة وحضور الدكتور حاتم ربيع ندوة بعنوان "المرأة عبر العصور القديمة"، نظمتها لجنة الآثار بالمجلس، ظهر أمس الثلاثاء ٢٠ مارس ٢٠١٨، بقاعة الندوات بمقر المجلس الأعلى للثقافة بساحة دار الأوبرا المصرية.
افتتحت الندوة مقررة لجنة الآثار الدكتورة علا العجيزى، مؤكدة على أهمية موضوع الندوة، التى تكمن فى عظم دور المرأة المصرية عبر مختلف العصور، وأشارت إلى تزامن الفعالية مع عيد الأم، التى تعد الركيزة الأساسية للمجتمعات كافة.
وقدم الدكتور ممدوح الدماطى، عرضًا مدعمًا بالصور والنصوص المصرية القديمة، حول موضوع "الأم ومكانتها فى مصر القديمة"، واستهل حديثه مستشهدًا بالبيت الشعرى الأشهر لشاعر النيل إبراهيم ناجى "الأم مدرسة إن أعددتها * أعدت شعبًا طيب الأعراق"، وأوضح أنه منذ بداية العهد الفرعونى، حظت الأم يمكانة كبيرة، فكانت تتشارك مع زوجها فى تربية أولادها خلال مراحل نموهم المختلفة، وأن المرأة المصرية القديمة كانت خير مثال للأم المثالية. وتابع الحديث بتناول بعض الحكم المصرية القديمة، مثل"علموا المرأة يتعلم الرجل.. فيتعلم الشعب" (الحكيم المصرى كاجمنى).
وتحدث الدكتور صبحى عاشور، الذى دار حديثه حول "المرأة المصرية فى العصرين البطلمى والرومانى" صور وتماثيل ونصوص، وأشار إلى اختلاط الحضارة اليونانية بالحضارة المصرية الفرعونية، فكان للمرأة المصرية حق إدارة وتملّك وبيع الممتلكات الخاصة، والتي تضمنت العبيد والأراضى والسلع المحمولة، والموظفين، والماشية، والأموال، كما ظهرت المرأة آنذاك كشريك بالتعاقدات مثل الزواج أوالطلاق، وتنفيذ الوصايا وتحرير العبيد والتبنى، ويضاف إلى ذلك حق المرأة بمقاضاة الرجال قانونيًا، وهو ما كان مختلفًا تمامًا عن وضع المرأة اليونانية في أثينا التى كانت بحاجة دائمة لرجل يمثلها في جميع إجراءات العقود القانونية، سواء كان هذا الرجل زوجها أو أبيها أو أخيها، وتابع الحديث حول المرأة المصرية فى الحضارة اليونانية، مشيرًا إلى لما انتزعته من حق يسند لها الحصول على الميراث من أبيها وزوجها، وأوضح أنه فى حالة وفاة الزوج ترث الزوجة ثلثى أملاكه، ويرث أبناؤهما الثلث الآخر، وفى حالة الطلاق تسترد الزوجة كل ممتلكاتها التى امتلكتها قبل الزواج ونقلتها إلى بيت الزوجية بالإضافة إلى الممتلكات المشتركة التى تم إثباتها في عقد الزواج، وفى عهد الدولة الرومانية، وعلى عكس ما كانت عليه مصر الفرعونية؛ فلم تتمكن المرأة من المساواة مع الرجل أمام القانون، وكانت تخضع لسلطة الرجل، إما والدها قبل الزواج أو زوجها، وبحلول القرن الأول الميلادى كان لدى النساء حرية أكبر بكثير لإدارة الشؤون التجارية والمالية الخاصة بهم، ولكن اختلف قدر الحرية والحقوق المتاحة لكل امرأة بشكل نسبى وفقًا لوضعها الاجتماعى والاقتصادى.
وأعلنت الدكتورة علا العجيزى التى أدارت النقاش؛ بدء الجلسة الثانية وتحدثت فى مطلعها الدكتورة ماجدة الشيخ، وتناولت "المرأة ودورها فى التجارة والأسواق فى ضوء تصاوير الرحالة والمستشرقين" وأوضحت أن المرأة المصرية فى العهد العثمانى كان لها ذمة مالية مستقلة عن كل رجالها: (الأب والزوج والأخ والابن)، كما كانت تقوم بمعاملاتها المادية وقت ما تشاء؛ فتولت نظارة الأوقاف رغم وجود الرجال كما كانت تضع الشروط المناسبة لها فى عقد الزواج والتى لا تخالف ما أقره الشرع، وأكدت على أن المرأة المصرية حظيت بحريتها بعكس ما يدعى الغرب دائمًا، أن الفضل يعود لهم فى خروج المرأة لميادين العمل والاحتكاك بالآخرين، بعد أن كانت حبيسة الحرملك العثمانى.
وفى الختام تحدث الدكتور على الطايش، أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، الذى دار حديثه حول "ملابس المرأة المصرية فى العصر العثمانى" وأشار إلى أن أزياء النساء فى العصر العثمانى تمثلت فى أغطية الرأس، والملابس الداخلية والخارجية والجوارب والأحذية والحلى والمجوهرات، وقد عَرفت النساء فى العصر العثمانى تغييرات جذرية لأزيائهن، حيث برزت الحشمة وفقًا لتعاليم الدين الإسلامى الذى اعتنقه العثمانيون والمصريون، وأوضح الدكتور على الطايش أن أهم التأثيرات الاجتماعية العثمانية فى الزى النسائى المصرى، تمثلت فى شيوع "التزيرة" واعتمادها كزيًا عامًا للخروج، حيث شاع استخدامها من قبل الطبقات الارستقراطية والوسطى وما دونها، وقد ارتدت السيدات من الطبقة العليا كثيرًا من قطع الملابس بعضها فوق بعض، مثل: (القميص والسروال أو الشنتيان واليلك والجبة والسبلة)، ثم تأتى الحبرة فوقها والبرقع، إضافة الى ما تلبسه فى قدميها من أحذية وغالباً ما تتكون من "المست" وفوقه "اليابوش" ثم المركوب أو "السرموزة"، وهذه هى مكونات مجموعة الخروج "التزيرة" التى صاحبتها أغطية الرؤوس، المُزينة بالأحجار الكريمة والذهب واللؤلؤ، وأحزمة الوسط المصنوعة من الكشمير المطرز بالذهب والفضة، وبوصول الفرنسيين لوحظ سعى الكثير من العائلات المصرية للتشبه بأزيائهم، خاصةً وأن بعض الجند الفرنسيين تزوجوا من تلك العائلات، فخلعت نساؤهن الحجاب، وتبرجن على طريقة الفرنسيات، مما أظهر "الفستان" الذى عرفه العالم لأول مرة منطلقًا من باريس.