المائدة المستديرة الثانية من فعاليات ملتقى الشعر العربي الخامس
شعر إبراهيم ناجي
في إطار ملتقى القاهرة الدولي الخامس للشعر العربي: "الشعر وثقافة العصر"، (دورة إبراهيم ناجي وبدر شاكر السياب)، الذي ينظمه المجلس الأعلى للثقافة برعاية الدكتورة إيناس عبد الدايم وزير الثقافة ورئيس المجلس الأعلى للثقافة، والدكتور هشام عزمي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، عقدت ظهر اليوم الثالث للملتقى المائدة المستديرة الثانية بمقر المجلس الأعلى للثقافة تحت عنوان: "شعر إبراهيم ناجي"، والتي شهدت مشاركة لنخبة كبيرة من الشعراء والنقاد المصريين والعرب، وهم: نبيل حداد من الأردن، ومن مصر شارك كل من: أحمد حسن وأحمد سويلم وأسامة البحيري وحسين القباحي، وأدار المائدة الشاعر أحمد درويش.
افتتح المائدة الدكتور أحمد درويش أستاذ النقد العربي بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، فقال إننا نحتفي بمرور 121 عامًا على ميلاد ناجي الذي ترك بصمة كبيرة في تاريخ الشعر العربي (وكما قال شوقي، فمن الشعراء من يطيل عمر لغته)، وكان ناجي أحد هؤلاء عندما جدد المنابع، وكان صادقًا في أدائه، فناجي يثير قضايا كثيرة، فهو طبيب قادم من مجال العلم، وهو شاعر يطرق أبواب شعراء الشرق والغرب.
واختار الشاعر أحمد سويلم الديوان الأول للشاعر ليتحدث عنه، فقال إن بعض الشعراء ينكرون ديوانهم الأول قائلاً: "أتصور أن الديوان الأول للشاعر له إعزاز خاص، وعليه سأتحدث عن الديوان الأول لإبراهيم ناجي "وراء الغمام"- 1934، وصدَّره أحمد زكي أبو شادي بقصيدة يحييه فيها، وصدَّر الأستاذ أحمد الصاوي الديوان مشيدًا به، لكن الدكتور طه حسين حكم على شعر ناجي، وأخذ يوازن بينه وبين علي محمود طه، مما أشعر ناجي بالأسى وجعله يفكر في اعتزال الشعر والشعراء، ولم تهدأ نفسه حتى كتب ردًّا على الدكتور طه حسين، ثم عاد بعدها إلى الشعر.
كدنا نخسر شاعرًا مُجيدًا، لكن ذائقته الشعرية أنقذته وحفظت شعره.
وقال ناجي في مقدمة ديوانه الثاني "ليالي القاهرة": "الشعر عندي هو النافذة التي أطل منها على الحياة"، فقد عاش ناجي محرومًا من الحب وعبَّر عن ذلك في شعره أصدق تعبير حين قال:
يا رياحاً، ليس يهدا عصفها نضب الزيتُ ومصباحي انطفا
وأنا أقتات من وهمٍ عفا وأفي العمر لناسٍ ما وفى
كم تقلَّبت على خنجره لا الهوى مال، ولا الجفنُ غفا
وإذا القلبُ - على غفرانِهِ كلَّما غار به النصلُ عفا
وتحدَّث الشاعر أسامة البحيري عن بيت الشعر الذي يشغله لناجي، ويقول فيه:
أي سرٍّ فيك إني لست أدري كلُّ ما فيك من الأسرار يُغري
فخلود شعر ناجي يسترعي الانتباه، فما قيل عنه طيلة حياته عن شعره كان كفيلاً بإخمال ذكره، ولكنه نشر مقالاً بعنوان "لماذا هجرت الأدب" لما صادفه من هجوم ونقد من النقاد ولا سيما بمقارنته بعلي محمود طه رفيق عمره، ورغم هجران شعره في حياته حتى قبيل وفاته لم تعنِ له سوى قصيدتين إلى أن قيَّض الله لناجي رامي وأم كلثوم، فاختار أبياتًا من مطولته "الأطلال"، وتلك القصيدة هي التي حفظت للطرب العربي قدره، فمن أهم مائة أغنية في القرن العشرين كله لم تظهر من الغناء العربي كله إلا قصيدة أم كلثوم إياها في مسرح الأولمبيا في فرنسا.
وعقَّب درويش أن الشعر الجيد هو الذي يتحمَّل النكران والهجوم والنقد، ويتألَّق بعد هذا في رائعة كالأطلال.
واختلف الشاعر حسين القباحي مع سابقيه في رأيهم عن ناجي، متسائلاً إلى أي مدى كان ناجي مخلصًا للشعر؟ وإلى أي مدى كان ندًّا للحركة النقدية التي واجهها في شعره؟
فقد لجأ ناجي للهروب، وهذا لا ينبغي للشاعر الحق، فهو من وجهة نظري متوسط القيمة ومتوسط الأداء.
وتساءل الدكتور أحمد درويش هل القلة أو الكثرة مقياس للحكم على مستوى الشاعر؟
وتحدَّث الدكتور نبيل حداد انطلاقًا من شهرة أغنية "الأطلال"، فلعلَّها تكون نعمة على صاحبها لكنها كانت نقمة على شعر إبراهيم ناجي، فربما كانت شهرة قصيدة واحدة وبالاً على باقي شعره علمًا بأن شعر ناجي رأس مدرسة أبوللو وليس أحمد زكي أبو شادي وليس علي محمود طه.
وتحدَّث الناقد أحمد حسن عن شعرية ناجي، والتأمل في تجربة ناجي وكيف كان له كبير الأثر في شعراء التفعيلة.
وفتح مدير الندوة باب الحوار المتبادل بين أبطال المائدة والجمهور، وقد طرح الجمهور عددًا من الأسئلة، واختتمت فعاليات المائدة بقصيدة للشاعر السوري موسى حوامدة بعنوان "غريبة عني حلب" استجابة لطلب الدكتور نبيل حداد.