تحت رعاية الأستاذة الدكتورة نيفين الكيلاني؛ وزيرة الثقافة، والأستاذ الدكتور هشام عزمي؛ الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، نظمت لجنة الجغرافيا والبيئة بالمجلس بالتعاون مع الجمعية الجغرافية المصرية بإشراف الأستاذ الدكتور عبدالمسيح سمعان؛ مقرر لجنة الجغرافيا والبيئة بالمجلس، والأستاذ الدكتور محمد السديمي؛ رئيس الجمعية الجغرافية المصرية أقام المجلس الأعلى للثقافة مؤتمر "البيئة من أجل السعادة".
وجاءت الجلسة الأولى بعنوان "البيئة والسعادة"، والتي تحدث فيها الدكتور عادل ياسين أستاذ العمارة بجامعة عين شمس، عن مفهوم السعادة في علوم الفلسفة والاجتماع، حيث قال إن الفلسفة ترى أن السعادة يمكن أن تفهم كغاية أخلاقية للحياة، أو كشكل من أشكال الصدفة، وقد يرادف مصطلح السعادة مصطلح الحظ في كثير من اللغات الأوروبية، ورغم وجود مفهوم السعادة عند فلاسفة آخرين قدماء، فقد ظل ينظر إليها على أنها نوع معين من التناغم والانسجام بين الرغبات والأهداف.
وفي مقابل هذه الأطروحات ذهب الفلاسفة إلى أن السعادة ممكنة إذا هذب المرء ذوقه، واستثمر إبداعات الإنسانية، وللسعادة متطلبات، منها: التمتع بالصحة الجيدة، الدخل الكافي، إضافة إلى توافر قدرة للفرد على إغفال بعض السلبيات التي تحيط به.
وأضاف ياسين أن السعادة في مصر مقترنة بالمتعة، ففي الزواج مثلًا هناك متعة، وإذا دام التفاهم والرضا أصبح هنا الزواج سعادة.
وأشار إلى أن 2012 هو عام بداية اهتمام المصريين بالسعادة، وعن الإحصائيات التي تمحورت حول السعادة فقد أشار إلى تجربة فنلندا، والتي تعد أسعد الدول لست سنوات على التوالي، كما أشار إلى تجربة نيوزيلندا وأستراليا والسويد كدول على رأس قائمة مؤشر السعادة في العالم.
ثم تحدث عن السعادة والبيئة، مشيرًا إلى أهمية الطبيعة، بما تحتوي من النباتات، وانتشار اللون الأخضر، فكلما أضفنا إلى الكتل الخرسانية مساحات خضراء شعرنا بالراحة والهدوء النفسي.
وعن عناصر قياس السعادة في بعض الأحيان يكون المال هو العنصر الأهم، في معظم الإحصائيات التي تمت في هذا الشأن، ولكن يرفض تلك النظرية، كما يرفض أن يكون المال هو السبب الأساسي للسعادة، فمن وجهة نظره الشخصية الصحة مثلًا أهم كثيرًا من المال، ثم يأتي الرضا كعامل رئيس في تحقيق الشعور بالسعادة.
وعن السعادة في علم النفس قال إن هناك الكثير من المراجع في شتى فروع علم النفس، ولا سيما علم النفس الإيحائي، وبه من الأبحاث الكثير مما وصل إليه العلم في مجال السعادة وتأثيرها الإيجابي، وكذلك تأثيرها في النشاطات الإنسانية عامة، وعلى كثير من الخصائص بوجه خاص مثل المجال العمراني.
ثم تحدث عن تقرير السعادة العالمي الأول في أول أبريل 2012، والذي كان عنوانه "السعادة والرفاه.. تحديد نموذج اقتصادي جديد"، وتتضمن تلك التقارير فكر كبار الخبراء في العديد من المجالات كالاقتصاد وعلم النفس، والتحاليل الاستقصائية والإحصاءات الوطنية إضافة إلى وصف كيف يتم قياس الرفاه، وكيف يمكن استخدامها على نحو فعال لتقييم التقدم المحرز في الأمم.
كما ينظم كل تقرير المسائل المتعلقة بالسعادة، بما في ذلك الأمراض العقلية والفوائد الموضوعية للسعادة، وأهمية الأخلاق والآثار المترتبة على السياسات والروابط، مع نهج منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي لقياس الرفاه الشخصي وتقرير التنمية البشرية.
وعن أنواع السعادة فقد أشار إلى أنها تنقسم إلى نوعين ريسيين يعتمدان على مستوى المؤثرات المحفزة لها، فهناك السعادة قصيرة المدى، وهي التي تستغل فترات وجيزة من الزمن، وهناك السعادة طويلة المدى، وهي عبارة عن سلسلة من بواعث ومحفزات السعادة قصيرة المدى، وهي عادةً في تجدد دائم، وتؤدي دورها في التجديد والتحفيز المستمر.
وعن متطلبات السعادة قال ياسين إنها تختلف باختلاف جوانب الحياة البشرية، فهناك السعادة التي يحصل عليها الفرد بتلبية الحاجات والجوانب المادية، وهناك سعادة بإشباع الجوانب المعنوية، ومن أبرز هذه المتطلبات: الاكتفاء المادي والحصول على الدخل الذي يلبي الحاجات الأساسية والضرورية للفرد، والتحلي بالصحة البدنية، ووضع الأهداف وتحديدها بحيث تكون أهدافًا واقعية قابلة للتحقق، وكذلك تحلي الفرد بالأنماط السلوكية السوية والسليمة بشكل عام، وقدرة الفرد على التغاضي والتجاهل للمثيرات السلبية.
وهناك عدة عوامل تصل بالشخص للسعادة، ومنها: الثقة بالنفس وتقدير الذات، والإحساس بإمكانية السيطرة والتحكم بحالة الحياة النفسية والذاتية للفرد، وكذلك الإنجاز والقيام بالأعمال الجيدة والمفيدة بشكل مستمر، إضافة إلى الاهتمام بالجانب الترفيهي الذي يدخل السرور والبهجة على النفس البشرية، وكذلك الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية الودودة والدافئة.