تنبه القائمون على الثقافة المصرية في الخمسينيات إلى أهمية جمع وتوثيق تراث المسرح الغنائي في مصر في عشرينيات القرن العشرين، لوجود رغبة واضحة آنذاك في إعادة تقديمه برؤية جديدة، ومن ثَمَّ فقد شُكِّلت لجنة فنية من كبار الموسيقيين لجمع ما بقى من تراث المسرح الغنائي ممثلاً في المدونات الموسيقية والنصوص الأدبية، وقد استمر عملُ اللجنة أربعة عقود تغير خلالها أعضاؤها في محاولة لجمع تراث كلّ من سلامة حجازى و داود حسنی و کامل الخلعي وسيد درویش.
وعلى الرغم من الجهد الكبير الذي تم فى جمع وتدوين هذا التراث المهم، لم تنته هذه اللجان من عملها وتوقفت أكثر من مرة دون أن يظهر عملها إلى النور، وبقى محفوظًا لدى المجلس الأعلى للثقافة دون نشره أو الاستفادة منه علميا أو فنيًّا ورغبةً من وزارة الثقافة فى استكمال أعمال اللجان السابقة وإتاحة هذا التراث شكلت لجنة من أساتذة علوم الموسيقى لفحص الوثائق والمدونات والنظر في كيفية الاستفادة منه.
وقد رأت اللجنة ضرورة نشر هذا التراث النادر ممثلاً فيما وصل إليها من وثائق ومستندات وإتاحته للدارسين والفنانين والباحثين كخطوة جادة نحو توثيق تراث المسرح الغنائي بشكل علمي، ولا شك أن هذا الجهد ليس مكتملاً بالقدر الكافي أو المُرضى لعدم توافر كل الوثائق بشكل كامل، غير أن الباب يظل مفتوحًا لمزيد من الجهود المرجوة والمسئولة انطلاقًا من الإيمان العميق بقيمة ما قدمه الرواد من جهود مثمنة وإبداعات عظيمة.