ماذا كان محمد مندور؟ لماذا يلح على ذاكرتنا النقديّة والأدبيّة إلحاحًا يعيده إلى الأذهان المرة تلو الأخرى؟ ذلك هو السؤال الذي يدفعنا إليه أو يدفعه إلينا؛ فنبصر – تارة – تفسيراته الثاقبة لثقافتنا الشرقيّة وإنتاجنا الفكري الذي يطرح تساؤلاته المتكررة على تراثنا القديم والحديث على السواء. ونلمح – تارة أخرى – كَرَّاته المتواصلة على التراث اليوناني محاولاً أن يُلقي الضوء على الوشائج الخفيّة التي تربطنا بمنابعه وروافده المتباينة، فكأنه في التفاته إلى الشرق يلتفت إلى الغرب، وفي التفاته إلى الغرب يكشف عن وجه الشرق الخفي الذي يتوارى خلفه.