عندما أظلمت القاعة للمرة الثانية وانفتحت الستارة المخمليّة رأينا مشاهد لطائرات حربيّة أسرع من الصوت تُلقي شحناتها المتفجرة على جبال خالية وأطلال مدن وأكواخ متفرقة مسكونة بأناس تعساء غالبيتهم أطفال ونساء وشيوخ كبار أو شباب تنقصهم الحيويّة والقدرة على الفرار، وربما لأن القذائف كانت متسارعة بشكل خاطف كانت الأبدان تتحول إلى أشلاء مبعثرة، كان الدم ينزف ويلطخ الشاشة البيضاء ويوشك أن يلطخ وجوهنا التي تتأمل بأسى وعجز لأن الدانات المتفجرة لم يكن يصدر عنها أي صوت، وبمثل ما كانت الدبابات الضخمة تدمر البيوت وتقتحم الأبدان الساكنة داخلها كانت البنادق الآلية في أيدي جيوش تتلصص بحثًا عن بدن متحرك أو خيال لتصوب إليه الطلقات.