"فن الواو" هو فن شعرى جنوبى، ليس شبيهًا بأسلوب شعر العامية وتكوينه، ومن خلال ما تضمنه هذا الكتاب من نصوص، نلاحظ أنه كاد يكون لغة تحاور يومية، يصف هؤلاء الجنوبيين، ويذكر عاداتهم وتقاليدهم، فضلاً عن استقلاله بخصائص محدّدة، كالميلِ إلى التجريد وعدم الثرثرة والبعد عن الترهل وإقحام الألفاظ المحشورة حشرًا دون وظيفة فنية، فهو فن ذو طبيعة خاصة، تضرب جذوره في أعماق التربة المصرية، وقد وصل إلينا عبر أزمنة سحيقة؛ لذا فإن أسلوبه تفوح منه رائحة التراث، بطعمه ولونه؛ لأن الذين ابتدعوه اشتقوا صُوَرَهم الشعرية من بيئاتهم المحلية؛ ليعطي للناس الذي يأخذه منهم من تعبير ومضمون، بمعنى أن يردُّ إليهم بضاعتهم لدرجة أن جمهور المتلقين، قد يبادرون بقفلة التقفية، قبل أن ينطق بها القوال، وهو من الفنون القولية التى راجت وانتشرت، وأحبّها الناس، وقد قيض الله لهذا الفن من حفظوه فى صدورهم، إذ لم يكن فى القديم - وسيلة أخرى للحفظ أو التدوين.