ديوان شعري يقوم على الشعر الجيّد، حيث تحققت فيه أركان التجربة الشعريّة من: فكر، ووجدان، وعقل، وصورة، وتخييل، وأبنية، وتراكيب، وخبرة حياتيّة، ورؤية للعصر، حتى ليمكن القول بإيجاز، إنه يحقق سمات الشعر الجيد وخصائصه، إذ ينأى عن المباشرة والتقريرية والخطابيّة، ويتخذ التخييل الشعري طريقًا إلى بناء فنّي قوامه التصوير، ونسيج لغوي أساسه خدمة التراكيب لحركة المعنى وإثرائه.
لا لحيل فنيّة، أو زخرفة لفظيّة، لنظفر من ثَمّ، بإثراء وجدان المتلقّي، والتفاعل مع ذائقته الأدبية، وليتحقق، ثانيًا، تواصل حميم بين ركني التجربة الأدبية بين المبدع والمتلقّي، وليصبح استقبال النص بمثابة الإبداع الثاني له، أو إعادة خلقه من جديد، ويكفي أي مبدع شرفًا أن يحرك الطرف الآخر، الأمر الذي تبلغ فيه التجربة الفنيّة تحقيقًا لنبض الدائرة المشتركة بين الطرفين، وتلك مهمة الفنون جميعها في أكمل صورها.
ها نحن أما شاعر يكشف ديوانه الحالي حقًّا عن خبرة بتجربة شعريّة سابقة له، بما يجعلنا نطمئن إلى درجة من النضج الفنّي مبشّرة واعدة، حين نراه في هذا الديوان يقدم لنا تجربة جديدة هي من الشعر الحق في مكان لائق.