كان توفيق الحكيم يسمي باريس "فترية العالم".
وقد سألته ذات يوم عن القصود بهذا التعبير الجميل فلم يشفِ غليلي كثيرًا وقال لي إن هناك أشياء لا ينبغي أن تتلقاهاكهدية لأنك لن تعرف قيمتها الحقيقية عند إذ فلا بد أن تكتشفها بنفسك، وتكابد عناء البحث والاكتشاف حتى إذا ما وقعت على ضالتك فلن تتركها أبدًا وبالأحرى لن تتركك هي أبدًا.
وخلال سنوات حياتي في باريس التي امتدت نحو ربع قرن كانت هذه العبارة تلاحقني عند اكتشاف جديد في عاصمة النور.
إن تعريف الفترينة هو هذا الصندوق الزجاجي الذي تُعرض لك فيه بكل الحرية كل ما أنتجته النفس البشرية لتختار بكل حرية.
إن القارئ الذي سيبحر مع توفيق الحكيم ومعي في باريس من خلال دفَّتيّ هذا الكتاب سوف يرى كيف حفرت هذه المدينة العجيبة في نفس توفيق الحكيم – وفي آن واحد – أخاديد من الحب والألم ودروس الحياة ونزعات تلاحقه ليل نهار للمقارنة مع الوطن إما للسخرية وإما لاستخلاص الدروس والعبر من أجل تطوير بلادنا