يقدم هذا الكتاب، وبعد مضي خمسين عاما على حرب أكتوبر 1973 شهادات وتفاصيل الحرب المجيدة ترويها لنا ذاكرة أبطالها الذين خاضوها ببسالة واقتدار، ويروون لنا خلال سطوره كواليس ما قبل الحرب وكيف كان الإعداد المحكم في مختلف وأدق جوانبها وحقيقة ما حدث
خلال حرب الاستنزاف 1970 والتي جاءت بعد النكسة.
يسجلون هنا شهاداتهم والمواقف البطولية والعديد من التحديات وجملة الصعوبات التي
واجهتهم، المدنية والعسكرية على حد السواء، وكيف تغلبوا عليها بمنتهى الشجاعة والتفاني. ومن المؤكد أن حرب السادس من أكتوبر برهنت على أن الجندي والقائد وكل من شارك لا يقبلون إلا بالحد الأقصى للجودة والانضباط والتحلي بالعقيدة القتالية في أزهى صورها
وبكافة المراحل القتالية لكونها تحمل عزة ورفعة وشرف الوطن. لقد أجمع الأبطال في هذا الكتاب أن الحرب الشاملة التي اتبعناها بنجاح في أكتوبر تعني أن
الاستعمال الشامل والأمثل لكل أسلحة القوات المسلحة هجومية ودفاعية ، برية وبحرية وجوية مشاة ومدفعية ومدرعات ، صواريخ وقذائف وقنابل ، نظامية وفدائية .. يمثل ملحمة حقيقية زخرفت صناعة التاريخ وصنعت أبعادًا جديدة لفنون الحرب الحديثة، تعتمد في أساسها على التنسيق الدقيق جدا والمحكم بعناية وتكامل فيما بينها، فلم تكن صوت النيران على الجبهة سوى معزوفة سيمفونية نارية متعددة الحركات .. موحدة الإيقاع ومحققة الهدف بفاعلية مستخدمة كل إمكانيات قواتنا رغم محدوديتها، بل إنها ضاعفت من قدراتها، مما جعلنا
نفخر بها ونحتفل باليوبيل الذهبي لهذا العبور العظيم .