هذا الكتاب الذي صدر عام 1925 للشاب الأزهري علي عبد الرازق قد أربك حساباتٍ وخططًا كثيرة كانت تُحاك لمصر، مثلما يحدث الآن، وهذا الكتاب الصغير الذي أطاح بأربعة وزراء دفعة واحدة، قد تجاوز أن يكون كتابًا، بل صار حدثًا ضخمًا تتناوله الجهات المختلفة، بداية من القصر الحاكم إلى الحاكم الإنجليزي، إلى مجلس الوزراء، إلى مشيخة وإدارة الأزهر، إلى مجموع الكُتَّاب والمفكرين والساسة الذين قلّبوا فيه وعدّلوا وكتبوا وسطّروا، وأخيرًا تم إخراج الشيخ علي عبد الرازق، بل طرده من بين العلماء، ولكن هذا لم يغير من الأمر شيئًا، بل زاد الكتاب انتشارًا وقراءة.
فهذا الكتاب ما هو إلا محاولة لاستعادة تراثنا الفكري الفاعل، والذي ما زال له حضوره القوي، رغم مرور عقود وعقود على صدوره.