عندما نذكر الوطن فإننا نتذكر ما عشناه، وما زلنا، أو أنه يعيش في الذاكرة، علاقات وأحداث ولحظات نجاح وإخفاق وبنايات ومساجد وكنائس وشوارع وميادين وغيطان وحدائق وشواطئ وأرصفة وشرفات ووسائل نقل ومقاهي وقراءات وملاعب وأفلام سينمائية ومسرحيات ومظاهرات وحلقات ذكر وموالد وزحام.
الوطن – بالإضافة إلى هذا كله، وربما فوق ذلك كله – وجوه، تجسد الكلمة بألف لام التعريف أو بدونها، وجوه أعرف أصحابها بالمعايشة أو بالمشاهدة أو بالقراءة، يضيفون إلى وجه الوطن بما يصعب إغفاله، وجه مصر يرتسم في الوجدان بشخصيات أسهمت في صياغة الملامح عبر توالي العصور.
نبض هذا الكتاب ذكريات، قيمة الشخصيات التي تناولها – في تصورى – أنها تضيف إلى ملامح هذا الوطن، ربما عين صاحية أو تجعيدة صنعها الأسى أو فم تعلوه ابتسامة، إنه محاولة لرسم ملامح شخصيات، عايشتها، حاورتها، تتلمذت عليها، أو ناقشت بعضَ ما طرحته من أفكار. إذا تذكرت الكثير مما يعنيه اسم مصر، فإنها تأتي في مقدمة ما أتذكره.
لم أقصد اختيارَ أسماء بعينها، بل حفّزني للكتابة عنها - دون تقديم أو تأخير - ما أتيح، بينها وبيني، من مساحة ذكريات.