إن الحضارة العربية الإسلاميّة – على مر عصورها التاريخيّة عامة، وفي عصر سلاطين المماليك 148هـ – 923هـ / 1250 – 1517م خاصة – حافلة بكثير من المعطيات الدالة على مدى ما وصل إليه أبناء هذه الحضارة من رقي وازدهار، والدارس لكتب التراث المملوكي تستوقفه كثير من الحقائق الدالة على هذا الرقي في شتى ميادين النظم الإداريّة، والحربيّة، والاقتصاديّة؛ بل وفي المجالات الثقافيّة والاجتماعيّة.
ففي العصر المملوكي بشقيه، شهدت المجتمعات في مصر بوجه عام، وفي مجتمعات بلاد الشام والحجاز بوجه خاص، ازدهار فنون اللهو والطرب والغناء، نتيجة للرواج الاقتصادي الذي عمّ تلك البلاد معظم ذلك العصر، فضلا عن أن هذا العصر أثمر فنًّا جديدًا لم تعرفه الثقافة العربية الإسلاميّة من قبل، ألا وهو فن النقد الاجتماعي والدعوة إلى الإصلاح الديني والاقتصادي.