99 دلف المفكر العلامة عباس محمود العقاد من بوابة الأدب إلى كثير من مجالات المعرفة والثقافة فلم يقتصر اهتمامه على الأدب واللغة والفلسفة والتاريخ وعلم النفس وعلم الاجتماع والتصوف وتراجم العباقرة والنابغين فقط، بل تجاوزها إلى المشاركة في الحياة السياسية وتحرير الصحف، وكان للعقاد اهتمامٌ واسعٌ المدى بالفنون الجميلة التي لم يكن يراها من ضروريات الحياة الإنسانية فقط بل ضرورية جدا" بحسب تعبيره، وكان له عناية خاصة بالفنون التشكيلية (التصوير والنحت على وجه الخصوص) وتذوق الموسيقى والغناء، ولكن كل من كتبوا عن العقاد اجتذبتهم حين تصدوا للكتابة عنه جوانب هي الأبرز في عالمه الأدبي والفكري وفي حياته فكتبوا عنه شاعرًا وناقدًا ومؤرخا وفيلسوفًا (أو متفلسفًا) وزعيمًا سياسيًّا وكتبوا عن معاركه الفكرية والأدبية والسياسية مع أعلام عصره وعن بعض جوانب من حياته الخاصة لا سيما العاطفية منها ولكن يظل العقاد أشبه ما يكون بجبل الجليد لا يبدو منه فوق سطح البحر إلا جزءٌ صغيرٌ بينما يبقى الجزء الأكبر من الجبل غاطسًا في الأعماق لا يُرى وينتظر من لديه القدرة على الغوص ليكشف عما يتيسر له الكشف عنه.