المشترك الثقافي بين الأديان (حالة مصر)
المجلس الأعلى للثقافة
تحت رعاية الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة؛ والدكتور هشام عزمي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، نظمت لجنة مواجهة التطرف والإرهاب ومقررتها المستشارة تهاني الجبالي، ندوة بعنوان "المشترك الثقافي بين الأديان.. حالة مصر"؛ وذلك في تمام الثانية عشرة من ظهر يوم الثلاثاء الموافق 13 أكتوبر الحالي؛ بقاعة المجلس الأعلى للثقافة، بمشاركة الأستاذ أحمد الجمال، والدكتور أحمد زايد، والدكتورة زبيدة عطا، والأستاذ هاني عزيز، والدكتورة هدى زكريا، وأدارت الندوة المستشارة تهاني الجبالي.
وقد تحدث الكاتب الصحفي أحمد الجمال عن العلاقة بين الأديان المختلفة في مصر، قائلًا إن الأديان حمالة أوجه، وفي كل فترة يتم الجدل وتظهر آراء متضادة، فالأديان تتحرك في زمان ومكان، فيمكن للدين الواحد أن يكون واقعه في بلد غير الآخر في نفس الزمن، وهناك من يرى أن الإسلام في الدول غير الناطقة بالعربية متزنًا، ربما لأن أهل تلك الدول لم ينشغلوا بالنص، مثلما يخدث في بلادنا.
وفي مصر وجدت فكرة التضافر أو الضفيرة، فكل الأنشطة ضفائر، والمحروسة قد ضفرت أشياء لا تخطر على البال معًا (إيزيس مع العذراء مع أم هاشم).
والشخصيات الثلاث لقبت بـ"الطاهرة"، ورغم أن "أم هاشم" تزوجت فقد لقبت بالطاهرة كذلك، ما يعني أن الطاهرة لا تعني البتولية، وإنما تعني الصبر على المحن.
وأبدعت المحروسة أيضًا "الخمسة وخميسة"، وفي ظني أن الخمسة تعني الأسر المقدسة التي زارت مصر (إبراهيم وأسرته، يعقوب وأسرته، موسى، السيد المسيح وأمه ويوسف النجار، آل البيت)، والخميسة هي رقم (5).
وتحدث الدكتور أحمد زايد عن الدين بوصفه مطلقًا والمجتمع بوصفه نسبيًّا، فالدين تحيط به مجموعة من الرموز والطقوس التي يمارسها من يؤمنون بهذا الدين، موضحًا أن علم الاجتماع يرى أنه لا يوجد مجتمع غير ديني، فكل المجتمعات أقامت علاقة ما مع الدين بوصفه مطلقًا، منطلقًا مما أسماه الأسس الحداثية لفهم العلاقة بين الأديان، فإحدى مشكلاتنا في مجتمعاتنا العربية أننا نحارب التطرف برجال الدين، فكيف نحارب النسبي بالمطلق؟
ويعبر عن المنطلق الذي يتحدث من خلاله قائلاً: "إنني قد أنطلق من "روسو" وكتابه عن دين الفطرة، أو من أرسطو، أو من هيجل الذي يفهم الوجود على أنه سعي نحو الجمال، أو كانط الذي يتحدث عن ملكة الحب وما بها من ذائقة جمالية.
وأما الدكتورة هدى زكريا فقد تحدثت عن الثقافة الشعبية وملخَّصها المقولة الدارجة "موسى نبي وعيسى نبي ومحمد نبي وكل من له نبي يصلي عليه"، كما تحدثت عن نشأتها في أسرة متصوفة ترى أن الصلة الروحانية لا تفرق بين مسلم ومسيحي، فهذا الشعب استضاء بحب الأديان مقولة سعد زغلول "المصرية تغلب كل شيء" ردًّا على أنه شكل البرلمان بمسلمين ومسيحيين ويهود".
وقالت الدكتورة زبيدة عطا إن الثقافات ليست كيانات جامدة، وهناك عوامل رئيسة تشكل كل ثقافة متمثلة في التعدد والتنوع والتقبل بين الأنا والآخر، وعلى العلاقات بين الدول.
وقد امتزجت كل الحضارات فكوَّنت شخصية المصري، وكذلك الثقافة ودخول مفردات وعادات قديمة وامتزاجها في مصر، وفي مصر القديمة ارتبط الشخص بالأرض.
وضرب الأستاذ هاني عزيز نموذجًا يؤكد أن مصر نموذج لا يختلف عليه اثنان، وليس هناك فارق بين مسلم ومسيحي، وضرب مثلًا بالإمام محمد متولي الشعراوي والبابا شنودة، وكيف كانا نموذجًا حيًّا للتسامح، كما أشار إلى أهمية تتبع مسار العائلة المقدسة وكذلك مسار آل البيت.
وختمت المستشارة تهاني الجبالي الندوة موضحة أن الهوية الرئيسة هي هوية قومية وليس هوية دينية، وأن مصر مرهون بها مستقبل البشرية، بلا تزيُّد، في تلك المرحلة الفارقة، مصر بتاريخها وكينونتها مهيأة أن تصبح قلعة الدفاع عن الإنسانية في تلك المرحلة.