تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة؛ عقد المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمي، ندوة "الشباب والتنوع الثقافي في عصر الذكاء الاصطناعي بالأعلى للثقافة".
أدار اللقاء الدكتور حسين حسني، المذيع بقناة الغد ونائب مقرر لجنة الشباب بالمجلس.
وشارك في اللقاء:
الدكتور أحمد سلامة، عميد المعهد العالي لعلوم الحاسب ونظم المعلومات بمدينة الثقافة والعلوم، ورئيس المجمع العالمي للأقطار العربية بجامعة نيو مكسيكو بالولايات المتحدة.
والإعلامي الدكتور محمد عبده بدوي، المذيع بالتلفزيون المصري.
والدكتور أشرف جلال، رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وعضو لجنة الإعلام بالمجلس.
والدكتور عمرو الورداني مدير الفتوى ومركز الإرشاد الزواجي بدار الإفتاء المصرية، وعضو لجنة ثقافة القانون والمواطنة بالمجلس.
بدأ الدكتور حسين حسني الجلسة بالتساؤل: ما هو التنوع الثقافي وما علاقته بالذكاء الاصطناعي؟ وما معنى أن تكون مثقفاً؟ وهل سيكون التنوع الثقافي في ظل عصر الذكاء الاصطناعي عادلاً؟ ولصالح من تميل الكفة؟
تحدث الدكتور أحمد سلامة حول أهمية دور الإنسان الذي يعد المقوم الأساسي للبناء، مؤكداً أننا في حاجة إلى عقول تبدع وتفكر، فالذكاء الاصطناعي له تعاريف كثيرة؛ أقلها كيفية جعل الآلة تفكر؛ أو تنهج نهج الإنسان، فالذكاء من صفات الإنسان، وهناك ذكاء إنساني وآخر صناعي، فالإنسان هو صانع الآلة، فكيف يمكن أن تفكر الآلة؟
في الثقافة والعلوم والتكنولوجيا المنطق الطبيعي كان مبنياً على قاعدة (صفر وواحد، أو أبيض وأسود)، وبعد ذلك تطور المنطق التقليدي ووصلنا إلى عصر الألوان، ومع احتواء الإنسان الواحد على متناقضات، بدأ الإنسان يقود ثورة إلكترونية جديدة.
ومن هنا فأي فكرة تزاحم الحقيقة أو تزاحمها الحقيقة فهي توجب شيئاً من اللايقين، واليقين درجته واحد أو صفر، وأول كتاب ظهر في تلك النظرية سنة 2014.
وأوضح سلامة أن العلم والتكنولوجيا حتى وقت قريب كانا يعتمدان على اليقين، وأما اليوم فالأمر قد اختلف، فقد جمعت تقنية الذكاء الاصطناعي بين اليقين واللايقين، كما أنشأت نظماً خبيرة في كل المجالات.
وتحدث الإعلامي الدكتور محمد عبده بدوي حول الصناعات الثقافية، وما تعكسه من حالة الثقافة في مصر، فالثقافة في أبسط تعريفاتها هي كل مركب نعيشه يوميّاً، ضارباً المثل بصناعة السجاد في بعض القرى المصرية، مؤكداً أن كل تلك الثقافات تعزز من هوية الفرد، فالتنوع الثقافي يثري الشخصية، وإذا سحبنا ذلك الكلام على شخصية مصر سنجدها شخصية متنوعة الأبعاد، فكيف يمكن للمذيع نقل تلك الشخصية إلى الناس؟
وضرب مثلاً ببرنامج "صباح الخير يا مصر" الذي يعكس التنوع الثقافي المصري، والذي يمثل قيمة مضافة للاقتصاد المصري، فهناك أمثلة كثيرة على الصناعات الثقافية سواء في الحرير أو السجاد أو سواهما.
مشيراً إلى دور وسائل الإعلامي وهدفها الأساسي الذي يتمثل في التعريف بنماذج الشخصيات المصرية، وتقديم ما هو إنساني وما هو مشترك، فليست الثقافة معلوماتٍ وأفكاراً، وإنما هناك قيم مهمة، على رأسها التسامح، فكلما كنت مطلعاً على التنوع الثقافي نجحت في التسامح أكثر.
لا يمكن لأي مجتمع يمتلك هذا التنوع الثقافي ولا يمتلك ثقافة الحوار، فقيمة الحوار في أن تسمع غيرك، ولا يعني الحوار تغيير القناعات، وإنما الإيمان بتعددية الآراء، وقبول الرأي المختلف، والإيمان بقيمة الإبداع، ومن ضمنها أصوات في الكتابة، وفي الشعر، وفي الحِرَف، فأن يكون هناك تنوع ثقافي يعني أن تكون هناك حالة من الإبداع.
وبدأ الدكتور أشرف جلال حديثه بالإشارة إلى مصطلحات جديدة، ومنها: الشريك الرقمي، والإنسانية الرقمية، موضحاً أن الأخبار الزائفة قد تتسبب في نتائج خطيرة، وكي يمكن الوصول إلى الحقيقة، فالبرامج التي تستطيع الكشف هي برامج مكلفة جداً.
مؤكداً أننا أمام ثورة حقيقية هي الثورة التكنولوجية، حتى إن رسالة الماجستير والدكتوراه يمكن إعدادها خلال أيام، كما أوضح أننا أمام إشكالية كبيرة، أو وباء إنساني جديد، وهو استدعاء المشاعر، على حد قول جوتيريش (الأمين العام للأمم المتحدة).
وأكد جلال أن التنوع الثقافي يعني قبول الآخر، حتى لو كان الآخر مختلفاً، وفي بلاد كثيرة يدرس الشباب الصدمة الثقافية قبل السفر إلى بلاد أخرى.
مؤكداً أننا بحاجة إلى أن يكون لدينا بصمة ثقافية، أولى خطواتها قبول التنوع الثقافي الذي ينتمي إليه الآخرون، ونحن بحاجة إلى الانفتاح على ثقافات عديدة.
كما أشار إلى أن القراءة والمعرفة والوعي من أهم عناصر التنوع الثقافي، وإعمال العقل والتفكير كذلك، موضحاً أن العلماء في مركز استشراق هولندي اكتشفوا أن السمع يسبق البصر، فوجدوا أن السمع في الأمام والبصر في الخلف، وهذا يؤكد الإعجاز العلمي في القرآن، أليس هذا من إعمال العقل؟
وجاءت مداخلة الدكتور عمرو الورداني بعنوان "الشباب بين التنوع والسيولة في عصر رقمنة الإنسان"، متسائلاً: هل نحن في سيولة ثقافية أم في تنوع ثقافي؟ فالتنوع يجعل الأشياء أكثر حضوراً، أما السيولة فتجعل الأشياء أكثر ضبابية، مجدداً التساؤل: هل هناك ما يسمى بالقهر الثقافي؟ هل بعد وصولنا إلى العولمة الثقافية أصبحنا أمام إنسان مرقمن؟
وأوضح الورداني أن الحاسب الآلي عندما ظهر كان يحاكي الإنسان، ولكننا خلال 3 سنوات من الآن سيحدث العكس، للأسف الشديد، فقد مررنا بمراحل تراجع الإنسان، ونحن الآن نمر بمرحلة رقمنة الإنسان، وهناك فارق بين رقمنة العمل ورقمنة الإنسان، فالإنسان معنى، وإذا خلا من معنى وتحول إلى كم فقد ضاع الإنسان.
وركز الورداني على نظرية النهايات الخمس، فعندما جاءت نظريات الحداثة وما بعد الحداثة والحداثة الثانية فقد أكدت النظرية النسبية، أي أنه ليس هناك شيء مطلق، فنحن في عصر تسييل كل شيء، ومن ذلك نسبية الحقائق، فكل شيء صار نسبيّاً، وعدم وجود مطلق في حياة الإنسان يعني فقدان إنسانيته.
مشيراً إلى وضع شباب مصر في عصر الذكاء الاصطناعي، فالشباب المصري لديه قدرة على التكيف، وهناك موارد مفتوحة على الإنترنت، ولكن هناك فجوة رقمية ما زالت موجودة، وبالتالي هناك نقص في المهارات المتقدمة، إضافة إلى تحديات لغة التكنولوجيا والتحديات التعليمية، والأخلاقية، متسائلاً عن مدى جاهزية الشباب المصري لعصر الرقمنة، ومدى إمكانية مواجهة تلك التحديات، ومدى قبول امحاء الهوية، وكيف يمكن للإنسان الحياة بلا قيم؟
مختتماً حديثه بمدى أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية، والانفتاح على التعلم من الحضارات، داعياً إلى الحفاظ على الأسرة، وعلى القيم الأسرية.