تحت رعاية الدكتورة إيناس عبد الدايم وزير الثقافة، عقد المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمي، مؤتمر اليوم الواحد تحت عنوان: "جمال عبد الناصر.. تحديات وإنجازات"، يوم الإثنين الموافق 28 سبتمبر الحالي، وانعقدت الجلسة البحثية الثالثة تحت عنوان "الاقتصاد الوطني.. التنمية والإنسان"، ورأس الجلسة الدكتور مجدي زعبل، منسق عام اللجنة القومية لمئوية جمال عبد الناصر، والذي اعتبر أن الإنجاز الأكبر للاحتفال بالمئوية هو وجود قطاع كبير من الشباب لأنهم امتداد المستقبل، وحضورهم يعني نجاح جيله في ربط الأجيال الجديدة بتاريخ مصر والرئيس جمال عبدالناصر على وجه الخصوص.
ويرى أن جوهر الناصرية ومشروع ناصر الأساسي هو الاستقلال الوطني، والتنمية المستقلة هي جوهر الاستقلال الاقتصادي، فكي نتحدث عن استقلال وطني لا بد من استقلال اقتصادي مبني على التنمية المستقلة، وأول مبادئها الاعتماد على النفس، فلا يوجد أمة في التاريخ استطاعت بناء تنمية وهي خاضعة للغير أو لصندوق النقد الدولي.
والمبدأ الثاني هو ما يسمى في الاقتصاد "القفزة الكبيرة"، ويليه أن التنمية المستقلة مركبة ولا تسعى لزيادة الدخل القومي وزيادة المدخرات الاقتصادية فقط، فهي اقتصادية واجتماعية وثقافية لتحقيق ما يسمى بالتنمية الشاملة، ولعبد الناصر شعارات قوية مثل "مرحلة التحول العظيم 52: 56".
وأضاف: حين نقرر تطبيق تلك المبادئ على تجربة عبدالناصر سنجد أن رصيد الاستثمار حين تولى رئاسة الجمهورية كان يساوي صفرًا، فطلب رصد وجرد كل رأس المال الأجنبي العامل في الاقتصاد وبنى على أساسه الخطة التي تم البدء في تنفيذها، وكان أول ما فكر فيه أن أنشأ جهاز الخدمات ومؤسسة الإنتاج القومي، ووضع فيها كل الأموال التي صادرها وقرر أن تبنى بها المؤسسات الخدمية وعلى رأسها التعليم والصحة.
وأعرب عن أمله أن نتمكن في المستقبل القريب ألا نقع في أخطاء الماضي، وديونه.
ثم تحدث الدكتور شريف جاد رئيس النشاط الثقافي بالمركز الثقافي الروسي عن مدى الحب والتقدير الذي يحتله ناصر في قلوب الناس، سواء المصريين أو العرب وحتى الغرب، وحكى بعض المواقف أثناء دراسته في موسكو وكيف كان يتعامل معه بعض أفراد الشعب الروسي بتقدير واحترام كرامةً لناصر وإعجابًا بشخصه، وقال إن ناصر قد استطاع بزعامته رغم سنه المبكرة أن يصنع أمة حقيقية، واعترف بأنه رغم كونه حفيدًا ليساري تعرض للاعتقال سبعة عشر عامًا، جزء منها في عهد عبدالناصر، فقد كان يقدر الرجل ويناصره ويرى أنه يبني أمة.
فقد استطاع عبدالناصر أن يخلق تعاونًا قويًّا بين مصر والاتحاد السوفييتي، وقد رأيت بعيني مصانع شيدت بالتعاون مع الاتحاد السوفييتي في حلوان، وبتتبع الأمر وجدت أن هناك 97 مشروعًا مشتركًا بين عبدالناصر والاتحاد السوفييتي كان أغلبها مشروعات عسكرية، ومن بينها مصانع ومحطات كهرباء ومطارات، وعلى رأسها مشروع الضبعة.
وأضاف أن من المؤسف عدم حرص كثير من المصريين على حب الوطن، كما أوصى بالاهتمام بالتعاون المصري الروسي، وأشاؤ إلى أنه على المستوى السياسي قد تم تأجيل عام مصر روسيا إلى 2021 بدلًا من 2020 بعد التأثر بجائحة كورونا عالميًّا وتوقف الحياة لعدة أشهر، ولن يكون عام مصر روسيا على المستوى الثقافي فقط، بل هو تعاون مشترك في جميع المجالات.
ثم تحدث الدكتور شريف قاسم عن تجربة ناصر في التنمية المستقلة وكيف يستلزم تحقيق الاستقلال الوطني قرارًا مستقلًّا اقتصاديًّا، والتنمية المستقلة لخصها عبدالناصر نفسه في قوله "من يملك قوت يومه يملك غده".
ويرى قاسم أن مقومات نجاح التنمية توفر إرادة التنمية، وتنقلها إلى تغيير الشعب، وأن ناصر كان لديه أهداف واضحة ومحددة وغير متناقضة.
وأشار إلى أن السد العالي لم يكن هو المشروع القومي، وإنما هو رمز لمشروعات التنمية المستقلة، وقد بلغ معدل تحقق التنمية المستقلة 6.5%، وهو أعلى معدل تنمية في تلك الحقبة الزمنية على مستوى العالم.
ثم تحدث المهندس صبري عشماوي عما فعله عبدالناصر، وكيف كان حافزًا لنا جميعًا للعمل من أجل مصر، وقال إن الفيضانات التي ضربت السودان هذا العام من أكثر ما يذكرنا بالسد العالي، كما ذكر أن كثرة الأمطار لم تؤثر بالسلب في مصر لأن كل نقطة ماء بعد السد يمكن استثمارها.
وختم الدكتور محمد عبدالشفيع عيسى الجلسة بتوصياته حول الدروس التنموية من التجربة الناصرية كمرشد للمستقبل، وكيف يتوقف تحقق التنمية على وجود إرادة سياسية قوية، والعمل على بناء قوة فاعلة للدولة والسعي إلى نموذج تنموي فاعل.