التراث المخطوط والذكاء الاصطناعى
ندوة حول التراث المخطوط والذكاء الاصطناعى بالأعلى للثقافة
عقد المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمي، ندوة بعنوان: (التراث العربى المخطوط وتطبيقات الذكاء الاصطناعى)، ونظمتها لجنة الكتاب والنشر بالمجلس عصر اليوم الأربعاء الموافق العاشر من شهر مايو الجارى، بقاعة المجلس الأعلى للثقافة، وأدار النقاش الدكتور رؤوف عبد الحفيظ هلال؛ أستاذ المعلومات بقسم المكتبات والمعلومات بكلية الآداب جامعة عين شمس، وتحدث فيها: الدكتور شريف كامل شاهين؛ عميد كلية التربية الخاصة بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، والدكتور مؤمن النشرتى؛ مدرس تقنية المعلومات بقسم المكتبات والمعلومات بكلية الآداب جامعة القاهرة.
تحدث الدكتور شريف كامل شاهين موضحًا أن التراث العربى المخطوط يشكل جزءًا مهمًا من تاريخ الحضارة العربية والإسلامية، ويمثل مصدرًا ثمينًا للمعرفة والثقافة. ومع تطور التكنولوجيا وظهور تطبيقات الذكاء الاصطناعى؛ فإن هذا التراث يحظى بفرصة جديدة للاستفادة منه والحفاظ عليه، وأكد أن تطبيقات الذكاء الاصطناعى تمكننا من تحويل المخطوطات العربية إلى نصوص رقمية يمكن الوصول إليها بسهولة، مما يساعد على الحفاظ على هذا التراث الثمين، كما يمكننا باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى ترجمة المخطوطات العربية إلى لغات أخرى عدة، مما يساعد على نشر المعرفة العربية فى جميع أنحاء العالم، علاوة على ذلك، تساعد تلك التطبيقات فى فهم المحتوى العربى المخطوط بشكل أفضل؛ حيث يمكن استخدام تقنيات التعلم الآلى لتحليل الخطوط ونمط الكتابة في المخطوطات العربية، مما يساعد على فهم النصوص بشكل أفضل وتحديد معانى الكلمات المستخدمة فيها، وليس هذا فقط؛ فإن تطبيقات الذكاء الاصطناعى تساعدنا كذلك فى الكشف عن المزيد من التراث العربى المخطوط، وتحويله إلى نصوص رقمية.
وباستخدام تلك التقنيات صار ممكنًا للمستخدمين الوصول إلى ما يعج به هذا التراث العريق من معلومات بسهولة والتفاعل معها. وأشار إلى أن التراث الثقافى ينقسم إلى عدة فروع، وهى: التراث اللامادى الذى تنتمى إليه التقاليد الشعبية وأشكال التعبير الشفهى والفنون المسرحية والعروض الجماعية، والممارسات الاجتماعية والطقوس، والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون، والحرف التقليدية والمهارات المرتبطة بها، فيما يضم التراث المادى عنصرين أساسيين وهما: الآثار الثابتة والآثار المنقولة؛ حيث تشير الآثار الثابتة إلى الأثار التى لا يمكن نقلها أو نقل جزء منها بسهولة، وتشمل المبانى والتماثيل والأعمدة والمعابد والقصور والحصون والجدران والأبراج وغيرها، وتعد الآثار الثابتة عادة جزءًا من المواقع الأثرية التى يتم الحفاظ عليها لإظهار ثقافات وحضارات تاريخية، أما الآثار المنقولة فتشمل كل ما يمكن نقله أو نقل جزء منه بسهولة مثل: الأدوات والمجوهرات والتحف الفنية والمخطوطات والأرشيفات والقطع المتحفية والمسكوكات النقدية والخرائط والأشياء اليومية مثل الأوانى والأثاث وغيرها، ويتم الحفاظ على الآثار المنقولة بتوثيقها وحمايتها وعرضها فى المتاحف والمعارض لحفظ تاريخ وثقافات البشر وإظهاره، وتابع موضحًا أن المخطوطات تُعد نتاج لفكر الأفراد، أما الأرشيفات فهى نتاج عمل المؤسسات والرابط المكان والزمان، وأكد ضرورة وجود توأمة تجمعهما تحت مظلة التراث الوثائقى “Documentary Heritage”، وتابع الدكتور مؤمن النشرتى حديثه الذى عززه بعرض لبعض المعلومات، وأشار إلى أن ما يود قوله يتلخص فى عدة عناصر أبرزها يدور حول الثورة الصناعية الرابعة والخامسة، والعالم من حولنا، والتراث الثقافى بين المادى المنقول الوثائقى والتراث الثقافى غير المادى، والذكاء الاصطناعى من حيث الماهية والتطور والتطبيقات ذات العلاقة بالتراث العربى المخطوط، والهرم المدرج لإتاحة التراث بين الوصف والتعريف وإتاحة النص، و"تكويد" النصوص من التسجيلات الببليوجرافية إلى النص الفائق للمخطوطات، ويُعنى بتكويد النصوص تحويلها من صيغتها الأولى إلى صيغة محددة ومعينة، والتى تمثل الحروف والأرقام والرموز بصورة قياسية وموحدة، تسمح بعرض النص بشكل صحيح ودقيق على جميع الأجهزة والبرامج المختلفة، مثل تقنية “Unicode” المستخدمة فى تكويد النصوص العربية؛ حيث تعيد الحروف والأرقام والرموز فى اللغة العربية الفصحى قيم رقمية معينة، تسمح بعرضها بشكل صحيح على الإنترنت أو على الحواسيب والأجهزة الذكية، كما أشار إلى الذكاء الاصطناعى وما له من ظلال مُلقاه على التراث المخطوط، وتقنية التمييز البصرى للحروف المطبوعة والمخطوطة “OCR”، التى تُستخدم فى تحويل صور النصوص المطبوعة أو المكتوبة بخط اليد إلى نص قابل للتحرير بواسطة الحاسوب، ويتم استخدام هذه التقنية عادة فى مجالات مثل: المكتبات الرقمية ومسح الوثائق وإدارة الملفات، وتعتمد هذه التقنية على القدرة على تمييز الأحرف والأرقام والرموز من خلال تحليل الصورة ومقارنتها بمجموعة من الأحرف المعروفة مسبقًا، وتعتبر تقنية مهمة جدًا فى العصر الحديث؛ حيث يتم استخدامها على نطاق واسع فى العديد من التطبيقات، بما فى ذلك التعرف على الرموز البريدية والتعرف على الأحرف فى الكتب والمجلات الرقمية وغيرها من التطبيقات.
وفى مختتم كلمته استعرض عدة أبحاث وأطروحات علمية تدور حول تطبيقات الذكاء الاصطناعى، وما قدمته من سبل للحفاظ على التراث العربى المخطوط وإثراء المعرفة والثقافة العربية، ولا شك أن استمرار تطور هذه التقنيات، يكسر قيود التطلع إلى المزيد من الابتكارات والإنجازات فى مجال حفظ التراث الثقافى والتاريخى لدى الشعوب.
وأشار إلى أن تقنية الذكاء الاصطناعى أثبتت حضورها فى عدة مشروعات تراثية قائمة بالفعل فى مصر؛ حيث يتم استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى وتحليل البيانات لإنشاء قواعد بيانات شاملة ومتكاملة عن الموروث الثقافى والتاريخى لمصر القديمة والحديثة، ويعد استخدام التكنولوجيا الحديثة فى مجال حفظ التراث الثقافى والتاريخى فى مصر مثالًا بارزًا على كيفية تطوير هذا الموروث وتوثيقه بشكل أكثر دقة وموثوقية، وذلك لضمان استمرار تعلم الأجيال القادمة من تاريخ مصر الثرى وحضارتها العريقة. فيما أكد الدكتور مؤمن النشرتى أهمية استخدام التقنيات الحديثة للذكاء الاصطناعى فى فهم المخطوطات العربية وتحليلها، كونه يساعد على حفظها وبالتالى الحفاظ على تراثنا الثقافى، كما أنه يمكن من خلالها استخلاص معلومات قيمة ومفيدة من هذه المخطوطات بطريقة سريعة وفعالة؛ فعلى سبيل المثال، توفر تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى هذا الإطار تقنية التحويل النصى الضوئى“OCR”، الخاصة بتحويل نسخ ورقية من المخطوطات العربية إلى نسخ رقمية تستخدم لتحليلها بشكل آلى، ويضاف إلى ذلك أن تقنيات الذكاء الاصطناعى تُستخدم فى فهم النصوص والتحليل اللغوى والمواضيعى للمخطوطات العربية، وهذا يساعد فى فهم معانى النصوص وتحليلها بشكل أكبر دقة وتفصيل، كما يمكن استخدام التقنيات الحديثة لتطوير تطبيقات لتسهيل الوصول إلى هذه المخطوطات وإستخدامها بطريقة سهلة ومفيدة، مثل تطبيقات الترجمة الآلية أو التطبيقات التى توفر وصولًا سهلًا إلى نسخ رقمية من المخطوطات، وبشكل عام، فإن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى فى فهم المخطوطات العربية، بما يساهم فى الحفاظ على التراث الثقافى والتأكد من عدم تلف أو ضياع المخطوطات، فضلًا عن المساعدة فى استخراج معلومات جديدة وقيمة من المخطوطات. وفى مختتم حديثه أكد أن حضارات الأمم تقاس بما تمتلكه من تاريخ عميق، تتجلى مظاهره فيما خلقت من آثار حياتية، وما أضافته من نتاج فكرى، وأكد أنه يمكن تصنيف مراحل دراسة المخطوطات الأساسية إلى ثلاث مراحل رئيسية، الخطوة الأولى تكمن فى التعرف على المخطوطة، وتشمل تحديد معلومات أساسية عنها مثل اللغة والزمن والمكان الذى كُتب فيه، والخطوة الثانية هى الحصول على النص الكامل، وتتضمن جمع كل أجزاء المخطوطة المتاحة للحصول على نص كامل، وأخيرًا يتم تحليل النص وفهم معانيه، وتحديد الفواصل بين الكلمات والجمل، وتحليل النحو والصرف وفقًا لقواعد اللغة التى كتبت بها المخطوطة.