تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة، وبأمانة الدكتور هشام عزمي وبحضوره أقام المجلس الأعلى للثقافة مائدة مستديرة بعنوان: "فلسطين في القلب"، وذلك في إطار سلسلة من الفعاليات الثقافية التي تنظمها وزارة الثقافة المصرية بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
أدار المائدة الدكتور هشام عزمي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، وشارك بها نخبة من المتخصصين في مجالات الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية؛ من بينهم: الدكتور جمال الشاعر مقرر لجنة الإعلام، والدكتور سعيد المصري مقرر لجنة تطوير الإدارة الثقافية وتشريعاتها، والدكتورة عزة بدر نائب مقرر لجنة السرد القصصي والروائي، والدكتور محمد خليف مقرر لجنة الثقافة الرقمية والبنية المعلوماتية الثقافية، والدكتور محمد شبانة مقرر لجنة التراث الثقافي غير المادي، والدكتورة منى الحديدي مقررة لجنة الشباب، والدكتور هابي حسني مقرر لجنة الفنون التشكيلية والعمارة.
وصاحب فعاليات المائدة معرض ببهو المجلس لإصدارات المجلس الأعلى للثقافة مع تخفيض 50% على موسوعة مصر والقضية الفلسطينية.
افتتح الدكتور هشام عزمي اللقاء بالحديث حول اختيار ذلك اليوم "التاسع والعشرين من نوفمبر يومًا وطنيًّا للتضامن مع الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اختارت هذا اليوم عام 1977، وهو اليوم نفسه، وياللمفارقة، الذي صدر فيه قبلها ببضعة عقود، وعد بلفور، الذي يقضي بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وكأنها قد أدركت أنها ارتكبت ذنبًا عظيمًا تكفر عنه بقرار اختيار اليوم نفسه للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وأكد عزمي أن ما بعد 7 أكتوبر يختلف تمام الاختلاف عما كان قبله، إذ تم إحياء القضية الفلسطينية من جديد بعد عدة سنوات من الانزواء، حتى صارت هناك انتفاضة على مستوى الرأي العام العالمي شرقًا وغربًا. لافتًا الانتباه أن عددًا من الدول انكشفت رؤيتها المناقضة لما تزعم أنها تكفله من ديمقراطية وحرية، ودول اختلف موقفها بعد نشوب الأزمة نتيجة ضغط الرأي العام، فمن الصعب على أي دولة تتبنى الدفاع عن حقوق الإنسان أن تنادي بنفس مواقفها السابقة بعد انكشاف القناع، بالطبع سيكون هذا مضحكًا لأن أول من ينادي بتلك الحقوق هو نفسه أول من ضربها في مقتل.
وقد أشاد عزمي بالموقف الباهر لشباب الأجيال الصاعدة شرقًا وغربًا، على الرغم من ظن البعض أن القضية الفلسطينية قد توارت إلى الأبد.
وقال الدكتور جمال الشاعر إن مما يثلج الصدر رغم المآسي والذابح والوحشية التي يسجلها التاريخ بالصوت والصورة ضد إسرائيل أن أكثر شعار متداول حاليًّا على مستوى العالم هو "الحرية لفلسطين free free Palestine".
وطرح الشاعر سؤالًا مهمًّا يقول: ماذا نستطيع كمثقفين تقديمه؟ ضاربًا المثل بشارل ديجول الذي وقف في وجه الاعتداء الفرنسي على الجزائر.
وأضاف الشاعر أن المكان جزء من الإعلام، فلم لا ينظم المجلس الأعلى للثقافة زيارة للمثقفين المصريين إلى غزة حين تعود الأمور إلا الاستقرار؟
وأشار الدكتور سعيد المصري إلى عنوان المائدة قائلًا: استوقفني عنوان اللقاء "فلسطين في القلب"، وهذا شيء عظيم، لكننا نريد لها أن تكون في العقل كذلك، ونحن في ربوع المجلس الأعلى للثقافة بحاجة إلى أن نتحدث حديث العقل، فلدينا مشكلة في الذاكرة الجمعية، فقد نسينا أن المدن الإسرائيلية شيدت على مقابر جماعية للفلسطينيين، ومع ذلك لا أحد يشير إلى ذلك، كما أننا بحاجة إلى تغيير الصورة الذهنية عن القضية الفلسطينية، كما أن علينا أن نتساءل: ماذا حدث؟
وأعلن المصري استغرابه لبعض الشخصيات المشهورة على مستوى العالم التي كشفت عن وجهها القبيح، ومنهم على وجه التحديد عالم الاجتماع الألماني "يورغن هابرماس" الذي كان مرشحًا لجائزة زايد، واعتذر عن قبولها تحت ضغط أولئك الذين ينادون بإعلاء قيم العدالة الاجتماعية، موجهين التساؤل إلى هابرماس: كيف لمفكر يتحدث عن الديمقراطية أن يقبل أمورًا لا تتوافق مع هذه الديمقراطية؟
وقد وقع هابرماس (هو وآخرون) بيانًا يدين فيه حماس قائلًا إنها ارتكبت مجزرة تاريخية لا تقل عن الهولوكوست، مشيرًا إلى أن وجود اليهود حق علينا نحن، وعلى المقيمين بألمانيا أن يعرفوا ويراجعوا أنفسهم ويمتنعوا عن إدانة إسرائيل بالإبادة الجماعية لأن هذا تشهير بإسرائيل وتشويه لسمعتها.
واقترح المصري أن يجمع أرشيف للفلسطينيين والقضية الفلسطينية عن الأدب والشعر والأعمال والفنون التي تناولت أدب الشتات، وأن يكون هناك رواج لكل ذلك لنضمن أن تظل القضية حاضرة بيننا.
وأشارت الدكتورة عز بدر إلى الصمود الفلسطيني، قائلة إن الشعب الفلسطيني استطاع أن يغير نظرة العالم لأنه يقول: الحمد لله؛ وألقت كلمة سردية عن موقف شعوب العالم من القضية الفلسطينية.
وبدأ الدكتور محمد خليف حديثه قائلًا إن أباه قد حكى لهم عن كثير من جرائم الحرب التي ارتكبها الإسرائيليون في سيناء أثناء الحرب وبعد احتلالها، وقد كان أحد الجنود الذين شاركوا في حرب 1967.
داعيًا للتعامل مع العالم الرقمي كمنصة لإطلاق الصواريخ، ولكن كيف نتعامل مع احتلال الغرب الداعم لإسرائيل كل المنصات؟
مشيرًا إلى أننا بحاجة أكبر إلى منصات مصرية وعربية دون التركيز على فلسطين فقط، بل أن ينشأ مرصد توثيقي للصراع العربي الإسرائيلي من دولة لأخرى، ويكون بلغة تخاطب العقل؛ اللغة التي يفهمها الغرب، ولا بد أن يكون ذلك بجهد منظم ويترجم إلى كل لغات العالم، مع ضرورة الدعوة إلى الحفاظ على الهوية وحماية التراث العربي والفلسطيني من خلال فريق عمل متخصص.
وتساءل الدكتور محمد شبانة: هل تحتاج هذه القضية كل هذا الثمن الباهظ كل فترة لتعود إلى دائرة الضوء؟
مضيرًا أن هذه المأساة قد أسقطت ورقة التوت الأخيرة عن أكاذيب الغرب، فقد كادت تلك القضية أن تتوارى بالفعل عن عقول الأجيال الصاعدة.