*** دور الثقافة وبناء المجتمعات ... أولى جلسات مؤتمر الجمعيات الثقافية "بالأعلى للثقافة"
عقب افتتاح فعاليات الدورة الثالثة لمؤتمر الجمعيات الثقافية التى حملت عنوان "الجمعيات الثقافية وسؤال التنوير"، والمقامة فى الفترة من 6 حتى 8 نوفمبر الجارى بالمجلس الأعلى للثقافة، عقدت الجلسة الأولى تحت عنوان "دور الثقافة فى بناء المجتمعات"، بحضور الدكتور حاتم ربيع رئيس المجلس الأعلى للثقافة، والشاعر أشرف عامر، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، وأدارها الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق، وشارك فيها كل من: الدكتور سعيد توفيق الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، والدكتور عبد الناصر حسن رئيس دار الكتب والوثائق القومية الأسبق، بالإضافة لللفنان التشكيلى والناقد الفنى محمد كمال، وسط حضور كوكبة من الأدباء والمثقفين والإعلاميين.
بدأ الجلسة الدكتور شاكر عبد الحميد الذى أكد على الأهمية الكبرى للثقافة والإبداع، مشيرًا إلى أن السمة الإبداعية تتواجد فى كل المجتمعات، ولكننا نحتاج لمناقشة ورصد هذا بالتفصيل، مما سيرصد لنا أى المجالات التى يزيد بها الإبداع لدينا عن من سواها.
ثم جاءت كلمة الدكتور سعيد توفيق الذى أكد على أن الثقافة ترتبط بالمجتمع والحضارة، موضحًا أن الألمان يستخدمون لفظة "kultur" للدلالة على الثقافة والحضارة، وهو ما يؤكد إرتباطهما الوثيق، وأكمل حديثه مشيرًا إلى أنه من الضرورى أن نعى أننا لا نصنع الحضارة الآن، ونستمر عوضًا عن ذلك فى ترديد أننا أصحاب حضارة تمتد لأكثر من سبعة آلاف عام، وهو ما يجب أن نكف عنه إذا أردنا أن نصنع حضارة فى الوقت الحاضر.
وأوضح الدكتور سعيد توفيق أن هناك عدة شروط تاريخية وسياسية بتوافرها تنتج الحضارات، وهو ما يضعنا أمام السؤال الهام؛ لماذا لا نبدع؟! من أهم ما يكبت الإبداع لدينا هو أن مفهوم الكثيرين للدين أصبح تسوده روح معادية للفن، أما الشرط السياسى فهو أول الشروط أهمية وأوضح أنه يعنى بذلك ضرورة توافر إرادة سياسية حقيقية وقوية، تنبع من إيمان عميق بأهمية الثقافة وخطورة فقدانها، واختتم حديثه ضاربًا المثل بحقبة الستينيات التى شهدت تقدمًا ثقافيًّا ملموسًا فى أصعدة عديدة، وأنهى حديثه منوهًا لأن سبيلنا الوحيد يتمثل فى الاشتغال على التعليم والثقافة ودعمهما على كافة الأصعدة.
فيما أوضح الدكتور عبد الناصر حسن أن الثقافة فى وجهة نظره ليس لها تعريف محدد، فكل من المثقفين لديه أكثر من رؤية حول هذا المفهوم، ولكن تطل هناك محددات لمفهوم الثقافة، ثم تساءل ما هو المقصد من قول أن فولان مثقف؟! الثقافة تعنى الاستقامة أو التقويم، ونجد فى المعجم كلمة ثقف تعنى قوَّم الشىء أو جعله مستقيمًا، وأشار إلى أن معنى الثقافة بختلف باختلاف المجتمع أو الزمن، كما أن الثقافة ترتبط بالمعرفة، لذلك نجد أن العالمين بالشؤون المعرفية، هم من الطبقة المثقفة، التى لطالما حظيت بالاحترام فى عيون المجتمع، ثم اختتم حديثه بتساؤله عن دور المثقف فى هذه المرحلة؟! وأيضًا، هل هؤلاء المدعوين بالمثقفين يمثلوا الآن مصابيح المجتمع؟ أم سيظل المثقف عاجزًا عن ملاحقة ما يجرى حوله فى مجتمعه من تطورات؟!!
ثم ذهبت الكلمة للفنان محمد كمال، الذى أكد على استحالة بقاء مجتمع ما بدون ثقافة، وأوضح أنه يؤمن بدور المثقف ومسؤوليته فى تغيير وتصحيح مسار أمته ومجتمعه، مشيرًا إلى أننا وصلنا لحالة "الحجاب العقلى"، وهى ما تعد البيئة المثالية لنمو الإرهاب الخبيث، أو ما لقبه بثعبان التطرّف، الذى ينشأ داخل المدارس، ولا شك أننا إذا قمنا باقتلاع هذا الثعبان الخبيث من جذوره، بالتأكيد لن نحتاج لهذا الكم من الطلقات التى نواجه بها الإرهاب، وفى نهاية حديثه شدد على أن أطفالنا فى غاية الاحتياج لإقامة الحوار، كما أنهم لأبعد مدى يستطيعون إثبات قدراتهم الإبداعية الكبيرة الناتجة عن كونهم سلالة العظماء الذين أبدعوا الحضارة حين لم تعرفها البشرية جمعاء، وهو ما كرس له الفنان محمد كمال جهوده منذ سنين عديدة بواسطة عقده للورش الفنية والمحاضرات والأنشطة المختلفة لأطفال مصر فى كافة محافظاتها وربوعها من خلال مشروع "جنة الإبداع"، الذى قام فى ختام الجلسة بعرض مجموعة من الصور له مع الأطفال خلال تنفيذ مراحل مشروع "جنة الأطفال" المتلاحقة، تبرز أهميته ومدى فاعليته.