الأعلى للثقافة يحتفى بالدكتور محمود نحلة
الأعلى للثقافة يحتفى بالدكتور محمود نحلة
أقام المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمى، ندوة لمناقشة كتاب: (آفاق جديدة فى البحث اللغوى المعاصر)، للدكتور محمود نحلة، ونظمتها لجنة الدراسات الأدبية والنقدية واللغوية بالمجلس الأعلى للثقافة، وذلك عصر أمس الأربعاء 3 من شهر مايو الجارى فى قاعة المجلس الأعلى للثقافة، وأدار الندوة: الناقد الأدبى الدكتور أحمد درويش؛ أستاذ النقد الأدبى والأدب المقارن والبلاغة بجامعة القاهرة، بحضور مؤلف الكتاب الدكتور محمود نحلة؛ أستاذ العلوم اللغوية بجامعة الإسكندرية، وشارك كل من: الدكتورة سحر شريف؛ أستاذة اللغة العربية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، والناقدة الأدبية الدكتورة فاطمة الصعيدى؛ الأستاذة بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة حلوان، والدكتور محمد العبد؛ عالم اللغويات الكبير، والدكتور مدحت عيسى مدير مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، والدكتورة نجوى صابر؛ الأستاذة بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية.
تناولت الدكتورة سحر شريف موضوع الاتجاه التواصلى فى تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وهو البحث المنشور فى كتاب الدكتور محمود نحلة، وأوضحت أنه ذكر الاتجاه التقليدى الذى لا يحفل إلا للغة المكتوبة، ويتخذ من نماذج القواعد النحوية التى وضعت فى الأصل للغات نموذجًا يحتذى به، وبين أن هذا الاتجاه لا يفيد الدارس؛ لأنه لا يستطيع استخدام اللغة فى تجلياتها الحية حديثًا واستماعًا، والاتجاه الثانى هو اتجاهٌ بنوى سلوكى يُعنى بظاهر اللغة ونظامها التركيبى؛ فيجعل اللغة المنطوقة أكبر همه، أما الاتجاه الثالث؛ فهو الاتجاه التواصلى الذى يُعنى بتنمية القدرة التواصلية للدارس، من خلال تعلم اللغة فى إطارها الاجتماعى والثقافى، والاهتمام بتعليم اللغة لتحقيق التواصل المباشر حديثًا واستماعًا، وتحقيق التواصل غير المباشر قراءةً وكتابةً من خلال مواد تعليمية أصيلة، تقوم على استخدام اللغة فى مواقف اجتماعية وثقافية حية.
ثم تحدثت الدكتورة نجوى صابر الأستاذة بقسم اللغة العربية بجامعة الإسكندرية، وقرينة المحتفى به الدكتور محمود نحلة، مؤكدة أن أكثر ما يلفتها فيما يكتب الدكتور محمود نحلة هو الجدة، الجدة فى اختيار موضوعات فى الأغلب لم يسبقه إليها أحد من قبل، وبكل تأكيد الجدة فيما يتناوله فى هذه الموضوعات سواءٌ أكانت جديدة أم تحدث فيها قبله آحادٌ من الناس أو عشرات؛ فهو لا يتحرك لكتابة بحثٍ علمى إلا إذا وجد فجوةً بحثية لم يملأها أحد من قبله، وتابعت مشيرة إلى أحد أبحاث الدكتور نحلة واصفة إياه بالموضوع الرائد، يثير فيها الشجن والحيرة والألم، وعنوانه: (تشخيص الوضع الراهن للغة العربية: عناصر البقاء ونذر الفناء)، وتابعت حول هذا الموضوع مؤكدة أن الدكتور محمود نحلة قد قام بالتشخيص لهذا الموضوع وقامت هى من خلال القوى الناعمة مثل الشعر والمسرح والغناء، بمحولاتٍ عملية جادة للتمكين للغة العربية فى نفوس أبنائها؛ لدعم عناصر القوة وإضعاف عناصر الضعف ما استطاعت إلى ذلك سبيلًا، من خلال ما قدمته ومازالت تقدمه من ليالى اللغة العربية، التى شهدها القاصى والدانى فى مسرح مكتبة الإسكندرية ودار الأوبرا بالإسكندرية، كما ستعقد ليالى اللغة العربية قريبًا بدار الأوبرا المصرية فى القاهرة، وفى مختتم كلمتها أكدت أن تشخيص الدكتور محمود نحلة لم يذهب سدًا؛ فقد حركه فى كتابة هذا البحث ما تردد فى الآونة التى سبقت كتابته من صيحاتٍ عالية، هى أشبه بصيحات الاستغاثة أو النداء الأخير، منذرة بخطرٍ ماحق مما تعرض له اللغة العربية فى هذا العصر، إن لم تتداركه همة أهلها فسوف يفضى بها إلى موتٍ محقق.
أوضح الدكتور محمود نحلة أنه حاول فى كتابه: (آفاق جديدة فى البحث اللغوى المعاصر) أن يستشرف آفاقًا جديدة فى البحث اللغوى المعاصر؛ تتجاوز الأنماط الشائعة منه مجالًا ومنهجًا، بالبعد عما تغرق فيـه مـن الجزئيات التى أصبحت تسدّ علينا كل منافذ الرؤية الشاملة، والبحث عن آفاق من التنظير أوسع وأرحب، وأكثر قدرة على التجديد والتطوير، ومواكبة العصر الذى نعيش فيه، وذلك هو الجامع بينها على اختلاف الموضوعات التى تناولها، وهذه الأبحاث ليست منبتة الصلة عن التراث اللغوى العربى، بل تقف منه على أرض ثابتة مفضِلة أن تقرأه قراءة معاصرة تفيد من اتجاهات الدرس الحديث، ومناهجه وطرائقه فى رصد الظواهر اللغوية، ومعالجتها على نحوٍ مضبوط، يُمَكنها من الكشف عن ملامح نظريات عربية الوجه واللسان موازيــة لنظريات غربية معاصرة، أو عن ظواهر لم يعرض لها علماء العربية القدماء، ومن صدر عن منهجهم من المحدثين، أو عرضوا لها ولكن لم يوفرها حقها من البحث الكاشف لها والمحيط بها؛ تجديدًا للنظر فى هذا التراث اللغوى القديم وكشفًا عن كنوزه المخبوءة، وبيانا لعناصر القوة فيه، وإصلاحًا لما قد يكون فيه من جوانب النقص والقصور، وهى لا تقتصر على التراث النحوى، بل تفيد من التراث اللغوى العربى كله الموزع بين كتب النحو واللغة والبلاغة والفقه وأصول الفقه والقراءات، والتفسير والمعجمات بما هو تراث لغوى واحد، ومن هذه الأبحاث ما يعرض الجوانب من الدرس لم يعن بها الدارسون العرب العناية الواجبة كالتصنيف النوعى للغات ومكان العربية فيه، وما فى اللغة العربية منها ووظائف اللغة، وفى مختتم كلمته تمنى الدكتور محمود نحلة تكون هذه الأبحاث بمثابة الحافز الحقيقى للباحثين، وأن تدفعهم إلى ارتياد آفاق جديدة من البحث اللغوى المعاصر، أو أن تلقى بحجر فى ماء البحث اللغوى الراكد.
كما شهدت الندوة تكريم المجلس الأعلى للثقافة للدكتور محمود نحلة، اعترافًا بما قدمه من جهود ومنجزات بارزة فى مجال اللغة العربية، وقد منح درع المجلس الأعلى للثقافة، وسلمه له رئيس الإدارة المركزية للشعب واللجان الثقافية الأستاذ وائل حسين شلبى.